أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 393

جلسة 6 من مارس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوى، أحمد عبد القوى أيوب نائبى رئيس المحكمة، أحمد مصطفى ولاشين إبراهيم.

(41)
الطعن رقم 23631 لسنة 69 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعى.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش". قانون "تطبيقه".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعى. يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذًا بالأدلة التى أوردها الحكم.
عدم جواز الاعتداد بالتعليمات فى مجال تطبيق القانون.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها فى تقدير فى أقوال الشهود". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله. لا يعيب الحكم. حد ذلك؟
(4) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
عدم تقيد القاضى الجنائى بنصاب معين فى الشهادة. حقه فى تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له. لا ينال من سلامة أقواله.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(5) مواد مخدرة. قصد جنائى. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة فى الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن فى تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على الاتجار فى المواد المخدرة. مادام أن الحكم أوقع عليه عقوبة حيازة وإحراز المخدر مجردًا من القصود.
(6) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تحديد الضابط مكان العثور على المخدر بملابس الطاعن. لا يعيب الحكم. مادامت المحكمة قد اقتنعت بإحرازه للمخدر المضبوط.
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فإن مجادلة الطاعن فى ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
2 - لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن القبض والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعًا موضوعيًا يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذًا فيها بالأدلة السائغة التى أوردتها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات فى مقام تطبيق القانون فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول.
3 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد، أو تضاربه فى أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه.
4 - من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق. كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل فى الدعوى وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذى حصله حكمها فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التى دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الاتجار، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فى تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على اتجار الطاعن فى المواد المخدرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص غير مقبول.
6 - لما كانت المحكمة قد اقتنعت بيقين جازم أن الطاعن هو صاحب المخدر المضبوط وأنه كان محرزًا له وأوردت على ثبوت الواقعة فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه فإن عدم تحديد الضابط لمكان عثوره على المخدر فى ملابس الطاعن لا يغير من تلك الحقيقة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا "هيروين" فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالته إلى محكمة..... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد من القصود قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان القبض والتفتيش لتمامهما قبل صدور الإذن بدلالة عدم إثبات الضابط مأموريته بدفتر أحوال القسم إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يسوغ به إطراحهما ولا يصلح ردًا عليهما، كما عول على أقوال الضابط شاهد الضبط رغم عدم معقوليتها وتناقضها وانفراده دون مرافقيه بالشهادة وعدم تدليله على اتجار الطاعن فى المواد المخدرة وقوله بضبط المخدر فى طيات ملابس الطاعن دون أن يحدد مكان إخفائه لها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذى أجرى التفتيش ومن تقرير التحليل وقد عرض للدفع بعدم جدية التحريات التى صدر بمقتضاها إذن النيابة العامة بالتفتيش وأطرحه فى قوله "فإنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فإنه لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو أمر متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان الثابت من مطالعة محضر التحريات أنه قد تضمن اسم المتهم وشهرته وأنه يقيم.... وأنه يحرز مخدر الهيروين مع شخصه وهذه كلها بيانات محددة تحديدًا وافيًا وخالية من التجهيل مما يدل دلالة واضحة على جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بضبط المتهم وتفتيشه وهو ما اقتنعت به المحكمة ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس متعينًا رفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فإن مجادلة الطاعن فى ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وأطرحه بقوله: "أنه جاء مرسلاً ولا يوجد دليل يقينى عليه لأن الثابت بالأوراق أن الضابط حرر محضر التحريات يوم..... الساعة 1 مساء وتحصل على إذن النيابة العامة فى ذات اليوم الساعة 7 مساء ونفذ الإذن بتاريخ.... الساعة 7 مساء وهى كلها إجراءات متناسقة ومتتالية تطمئن إليها المحكمة وإلى أن الإذن صدر قبل إجراءات الضبط والتفتيش ومن ثم لا يستقيم هذا الدفع مع الواقع أو القانون ويكون جديرا بالالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن القبض والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعًا موضوعيًا يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذًا فيها بالأدلة السائغة التى أوردتها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات فى مقام تطبيق القانون فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد، أو تضاربه فى أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق. كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل فى الدعوى وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة على النحو الذى حصله حكمها فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر مجردة من القصود - التى دين الطاعن بها - عقوبتها أخف من عقوبة جريمة الحيازة أو الإحراز مع توافر قصد الاتجار، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فى تعييبه لأقوال ضابط الواقعة بشأن عدم تدليله على اتجار الطاعن فى المواد المخدرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اقتنعت بيقين جازم أن الطاعن هو صاحب المخدر المضبوط وأنه كان محرزًا له وأوردت على ثبوت الواقعة فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه فإن عدم تحديد الضابط لمكان عثوره على المخدر فى ملابس الطاعن لا يغير من تلك الحقيقة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.