أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 411

جلسة 12 من مارس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة، عثمان متولى، مصطفى حسان نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد الحليم.

(44)
الطعن رقم 5369 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "الصفة فى الطعن".
التقرير بالطعن بالنقض بتوكيل صادر من وكيل المحكوم عليه دون تقديم التوكيل الصادر من الأخير. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة"
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم.
تعديل التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى. يوجب تنبيه المتهم إليه. المادة 308 إجراءات .
(3) الإخلال العمدى فى تنفيذ الالتزمات التعاقدية والغش فى تنفيذها. غش. وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
تغيير المحكمة التهمة المسندة للطاعن من الإخلال العمد والغش فى تنفيذ عقد مقاولة إلى الخطأ الذى ترتب عليه خطأ جسيم. تعديل للتهمة نفسها يوجب لفت نظر الدفاع إليه. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع.
(4) نقض "أثر الطعن".
اتصال وجه الطعن بالطاعن الذى لم يقبل طعنه شكلاً. يوجب نقض الحكم بالنسبة له. علة ذلك؟
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه غيابيًا.
1 - من حيث إن المحامى... قرر بالطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه... لما كان ذلك، وكان البين من التوكيل الذى تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالأوراق - أنه صادر من وكيل المحكوم عليه المذكور إلى المحامى الذى قرر بالطعن، وكان التوكيل الصادر من المحكوم عليه لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما إذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره فى ذلك من عدمه. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض فى المواد الجنائية حقًا شخصيًا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه فى مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله هذا الحق أو كان ينوب عنه فى ذلك قانونًا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه سالف الذكر (الطاعن الثانى).
2 - من المقرر إنه وإن كان لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على واقعة الدعوى، إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى والاستعانة فى ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التى أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضى من المحكمة أن تلتزم فى هذا الصدد بمراعاة الضمانات التى نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما توجبه من تنبيه المتهم إلى التغيير فى التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك.
3 - إذ كان التغيير الذى أجرته المحكمة من تهمة الاشتراك فى جريمة الإخلال والغش فى تنفيذ عقود مقاولة إلى الخطأ الذى ترتب عليه ضرر جسيم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى الطاعنين فى أمر الإحالة وإنما هو تعديل فى التهمة ذاتها لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى وما كان يقتضى ذلك من لفت نظر الدفاع إليه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوبًا بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة.
4 - النقض والاعادة بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع بغير حاجة لبحث باقى أسباب طعنيهما، وللطاعن الأول دونما حاجة للنظر فى أسباب طعنه لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وكذلك الطاعن الثانى الذى قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال الوجه الذى بنى عليه النقض به. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد صدر غيابيًا بالنسبة إلى المحكوم عليه... فلا يمتد إليه أثر النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من أولاً: المتهم الأول: - أخل عمدًا بتنفيذ الالتزامات التى تفرضها عليه عقد مقاولة ارتبط به مع إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة إخلالاً ترتب عليه ضررًا جسيمًا بأموالها وارتكب غشًا فى تنفيذ هذا العقد وذلك بأن أخل بالتزاماته التى يفرضها عليه العقود المبرمة بينه وبين شركة..... لتصدير الحاصلات الزراعية المملوكة للدولة فى.... من ... سنة... و..... من..... سنة..... و ... من ... سنة..... لإنشاء عنبر الصادر وورشة النجارة ووحدة الإدارة ووحدة المرافق والمظلات الخرسانية بمحطة فرز وتجهيز الموالح بمدينة.... وإصلاح ما استبان من عيوب إنشائية فيها فلم يلتزم فى إنشائها بالأصول الفنية المقررة بالعقود سالفة البيان وكراسة الشروط والمواصفات والرسوم الهندسية الملحقة بها وغش فى كميات ونوعيات الأسمنت والحديد الواجبة فنيًا بمقتضاها ولم ينفذ الإصلاحات المتفق عليها فى العقد الأخير بما اقتضى صدور قرار بإزالتها وتسبب بذلك فى إلحاق أضرار جسيمة بالشركة سالفة الذكر بلغت جملتها..... جنيه . ثانيا: المتهمون من الثانى إلى الأخير: - ( أ ) سهلوا للغير الاستيلاء بغير حق على أموال عامة وذلك بأن اعتمدوا المستخلصات الخاصة بتنفيذ عملية إنشاء المظلات بالمحطة سالفة البيان محل العقد المؤرخ... من.... سنة... والمتضمن تنفيذه أعمالاً غير حقيقية بمبالغ جملتها... جنيه فسهلوا له بذلك الاستيلاء على هذا المبلغ دون حق. (ب): - اشتركوا مع المتهم الأول فى ارتكاب جناية الإخلال بالتزاماته التى تفرضها عليه العقود التى ارتبط بها مع شركة.... لتصدير الحاصلات الزراعية سالفة البيان وغش فى تنفيذها وذلك بطريقى الاتفاق والمساعدة بأن اتفقوا معه على تنفيذها على غير المقرر عملاً بالأصول الهندسية المقررة والغش فى مواصفات المواد الداخلة فى هذا التنفيذ وساعدوه على ذلك فلم يلزموه باتباع المقرر فى شأنها عملاً بالإشراف المقرر لهم على تنفيذه لتلك الأعمال فوقعت جريمة الإخلال فى التنفيذ والغش منه المسندة إليهم بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثًا: المتهم الأول: - اشترك مع المتهمين من الثانى إلى الأخير فى ارتكاب جناية تسهيل الاستيلاء المسندة إليهم والمبينة بالبند أولاً بطريقى الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معهم على اعتماد المستخلصات المقدمة منه عن تنفيذ عملية إنشاء المظلات سالفة البيان وساعدهم على ارتكابها بتقديم هذه المستخلصات بحسابات تجاوزت قيمة الأعمال المنفذة فعلاً بمبالغ جملتها.... جنيه لاعتمادها وصرف قيمتها فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا.... لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت شركة..... مدنيًا قبل المتهمين بمبلغ... جنية على سبيل التعويض المدنى المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت غيابيًا للثانى وحضوريًا للباقين عملاً بالمادتين 116 مكررًا ( أ ) و 116 مكررًا ج/ 1، 4 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه... جنيه وببراءته من التهمة الثانية وبحبس كل من الثانى والثالث ثلاثة أشهر مع الشغل وببراءته من التهمة الأولى وبتغريم كل من الرابع والخامس.... جنيه وبعدم قبول الدعوى المدنية باعتبار أن التهمة المسندة للمتهمين عدا الأول التسبب خطأ فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعملون بها فطعن كل من المحكوم عليهما الأول والخامس والأستاذ/ ..... المحامى، والأستاذ/ .... المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما الثالث والرابع فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحامى قرر بالطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه... لما كان ذلك، وكان البيِّن من التوكيل الذى تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالأوراق - إنه صادر من وكيل المحكوم عليه المذكور إلى المحامى الذى قرر بالطعن، وكان التوكيل الصادر من المحكوم عليه لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما إذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره فى ذلك من عدمه. لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض فى المواد الجنائية حقًا شخصيًا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه فى مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله هذا الحق أو كان ينوب عنه فى ذلك قانونًا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه سالف الذكر (الطاعن الثانى).
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه إنه أخل بحقهما فى الدفاع، ذلك بأن دانتهما المحكمة بجريمة التسبب خطأ فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعملان بها بدلاً من تهمة اشتراكهما مع المحكوم عليه الأول فى جريمة الإخلال العمدى والغش فى تنفيذ عقود مقاولة - التى وجهتها إليهما النيابة العامة والتى جرت المرافعة على أساسها - دون أن تنبه المحكمة الدفاع إلى هذا التعديل، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البيِّن من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى على الطاعنين بوصف أنهما وآخرين 1 - سهلوا للغير الاستيلاء بغير حق على أموال عامة. 2 - اشتركوا مع المتهم الأول "الطاعن الأول" فى ارتكاب جناية الإخلال بالتزاماته التى تفرضها عليه العقود التى ارتبط بها مع شركة... لتصدير الحاصلات الزراعية والغش فى تنفيذها، وقد انتهى الحكم إلى إدانة الطاعنين بوصف أنهما وآخران بصفتهم موظفين عموميين تسببوا بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح شركة... لتصدير الحاصلات الزراعية التى يعملون بها وكان ذلك ناشئًا عن إهمالهم فى أداء وظائفهم والإخلال بواجباتها فى الإشراف ومتابعة أعمال المقاول "المحكوم عليه" الأول مما مكنه من الإخلال بالتزاماته التى يفرضها عليه عقدا المقاولة المؤرخ أولهما..... وثانيهما..... وإلحاق ضرر جسيم بأموال تلك الجهة الأمر المنطبق على المادة 116/ 1 ( أ ) من قانون العقوبات، ثم خلصت المحكمة إلى إدانة الطاعنين بهذا الوصف وبراءتهما من تهمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة، دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساس الوصف الذى خلصت إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر إنه وإن كان لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على واقعة الدعوى، إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانونى والاستعانة فى ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التى أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضى من المحكمة أن تلتزم فى هذا الصدد بمراعاة الضمانات التى نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما توجبه من تنبيه المتهم إلى التغيير فى التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، وإذ كان التغيير الذى أجرته المحكمة من تهمة الاشتراك فى جريمة الإخلال والغش فى تنفيذ عقود مقاولة إلى الخطأ الذى ترتب عليه ضرر جسيم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى الطاعنين فى أمر الإحالة وإنما هو تعديل فى التهمة ذاتها لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى وما كان يقتضى ذلك من لفت نظر الدفاع إليه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوبًا بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع بغير حاجة لبحث باقى أسباب طعنيهما، وللطاعن الأول دونما حاجة للنظر فى أسباب طعنه لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وكذلك الطاعن الثانى الذى قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال الوجه الذى بنى عليه النقض به. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد صدر غيابيًا بالنسبة إلى المحكوم عليه"... "فلا يمتد إليه أثر النقض.