أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 499

جلسة 24 من مارس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحى حجاب، جاب الله محمد جاب الله، عاصم الغايش ويحيى محمود نواب رئيس المحكمة.

(57)
الطعن رقم 13264 لسنة 69 القضائية

(1) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى. مادام سائغًا.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟
المنازعة فى صورة الواقعة التى اطمأنت إليها المحكمة من أقوال شاهد الإثبات. غير مقبولة.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن يكون انبساط سلطان الجانى على المادة المخدرة كيما يكون حائزًا لها ولو أحرزها ماديًا غيره. تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً. غير لازم. متى أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة" "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها. موضوعى. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد ضمنًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
مثال.
(6) حكم "التوقيع عليه". نقض "المصلحة فى الطعن".
عدم جدوى نعى الطاعنة على الحكم بأن التوقيع عليه غير مقروء. متى كانت لا تمارى أن التوقيع قد صدر عن رئيس الجلسة التى قضت به.
(7) مواد مخدرة. قصد جنائى. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون" "نظر الطعن والفصل فيه".
عقوبة إحراز مخدر الهيروين مجردًا من القصود. الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه. أساس ذلك؟
عدم التزام الحكم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها. خطأ فى تطبيق القانون يوجب تصحيحه.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع الذى أبداه المدافع عن الطاعنة ببطلان إذن القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه فى قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن لابتنائه على تحريات غير جدية فهو غير سديد..... إلخ". وهو رد كاف وسائغ لاطراح ذلك الدفع لما هو مقرر من أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بأدلة منتجة لا تنازع الطاعنة فى أن لها أصلها الثابت فى الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابطى الواقعة وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة فى شأن صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة لا يكون له محل.
4 - لما كان لا يشترط لاعتبار الجانى حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ما يكفى للتدليل على قيامه.
5 - لما كان الدفع بشيوع التهمة من الدفوع الموضوعية التى لا تستوجب ردًا على استقلال مادام الرد يستفاد ضمنًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن وأطرحته فى منطق سائغ بقولها: " ... كما تطمئن المحكمة إلى سيطرة المتهمة سيطرة مادية على الشقة سكنها خاصة وقد قررت بالتحقيقات بأن زوجها موجود بالقاهرة لدى زوجته الأخرى وأن ولديها مقيدى الحرية فى قضايا مخدرات". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته كافيًا فى الدلالة على حيازة الطاعنة للمواد المخدرة المضبوطة، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لما كانت الطاعنة لا تمارى فى أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الجلسة التى قضت به، فإن نعيها عليه بعدم قراءته يكون غير ذى وجه.
7 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استبعدت قصد الاتجار واعتبرت الطاعنة محرزة للجوهر المخدر - الهيروين - مجردًا من القصود الخاصة وعاقبتها، بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدلة بالقانون رقم 122 لسنة1989، بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه فى حين أن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التى دينت بها الطاعنة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 38 هى الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضدها بتغريمها مائة ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبتى الأشغال الشاقة لمدة ست سنوات والمصادرة المقضى بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها حازت بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا "هيروين" فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، وأحالتها إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبتها طبقًا للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 36، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 المعدل والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمها خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من القصود.
فطعن كل من المحكوم عليها والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليها:
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك بأن المدافع عنها تمسك بجلسة المحاكمة ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض عليها وتفتيشها لعدم جدية التحريات للخطأ فى تحديد محل إقامتها كما تمسك دفاع الطاعنة بعدم معقولية تصوير الضابط للواقعة وبأن للواقعة صورة أخرى تغاير تلك التى اعتنقها الحكم، بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذه الدفوع بما لا يسوغ اطراحها به، كما لم يعرض الحكم إيرادًا وردًا لدفاع الطاعنة بشيوع التهمة وبعدم سيطرتها على مكان الضبط، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه خلا من توقيع مقروء لرئيس الهيئة التى أصدرته، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة مستمدة من أقوال شاهدى الإثبات ومن تقرير التحليل الكيماوى وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع الذى أبداه المدافع عن الطاعنة ببطلان إذن القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه فى قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن لابتنائه على تحريات غير جدية فهو غير سديد إذ أن الثابت من أوراق الدعوى أن التحريات قد دلت على أن سكن المتهمة فى 19 شارع خالد بن الوليد كفر العرب ملك أحمد عبد الله بالدور الثالث وهو ما صدر الإذن بتفتيشه وهو ذات السكن الذى أدلى كل من الشاهدين بأوصافه بتحقيقات النيابة العامة وهو فى ذات الوقت تتطابق أوصافه ومحله بما جاء بمعاينة النيابة العامة لمكان الضبط وكروكى المعاينة مما يقطع بأن الشقة المأذون بتفتيشها هى ذاتها ما تم تفتيشها بالفعل وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتكون من ثم تلك التحريات جدية لاكتمال عناصرها وتقتنع المحكمة بما اطمأنت إليه النيابة العامة فى هذا الصدد ويكون من ثم سائغًا للنيابة أن تصدر بناء على هذه التحريات الإذن بالقبض على المتهمة وتفتيش مسكنها وفق صحيح القانون". وهو رد كاف وسائغ لاطراح ذلك الدفع لما هو مقرر من أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بأدلة منتجة لا تنازع الطاعنة فى أن لها أصلها الثابت فى الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابطى الواقعة وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة فى شأن صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجانى حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ما يكفى للتدليل على قيامه، وكان الدفع بشيوع التهمة من الدفوع الموضوعية التى لا تستوجب ردًا على استقلال مادام الرد يستفاد ضمنًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن واطرحته فى منطق سائغ بقولها: "..... كما تطمئن المحكمة إلى سيطرة المتهمة سيطرة مادية على الشقة سكنها خاصة وقد قررت بالتحقيقات بأن زوجها موجود بالقاهرة لدى زوجته الأخرى وأن ولديها مقيدى الحرية فى قضايا مخدرات".
لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته كافيًا فى الدلالة على حيازة الطاعنة للمواد المخدرة المضبوطة، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تمارى فى أن التوقيع على الحكم المطعون فيه قد صدر عن رئيس الجلسة التى قضت به، فإن نعيها عليه بعدم قراءته يكون غير ذى وجه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون فى غير محله متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: - الطعن المقدم من النيابة العامة: -
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها بجريمة حيازة جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه نزل بعقوبة الغرامة عن الحد المقرر لها بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استبعدت قصد الاتجار واعتبرت الطاعنة محرزة للجوهر المخدر - الهيروين - مجردًا من القصود الخاصة وعاقبتها، بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدلة بالقانون رقم 122 لسنة1989، بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه فى حين أن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التى دينت بها الطاعنة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 38 هى الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضدها بتغريمها مائة ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبتى الأشغال الشاقة لمدة ست سنوات والمصادرة المقضى بهما.