أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 524

جلسة 7 من إبريل سنة 2003

برئاسة المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

(62)
الطعن رقم 9566 لسنة 72 القضائية

(1) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب". عقوبة "الإعفاء منها". موانع العقاب "الإعفاء من العقوبة".
الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة طبقًا للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. مناطه؟
رفض الحكم إعفاء الطاعن من العقاب لعدم صدق أقواله وعدم صحة ما أخبر به من معلومات وعدم التدليل على ذلك رغم استناده إليها فى إدانة آخر بجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار. قصور يستوجب نقضه.
مثال لتسبيب معيب فى الرد على الدفع بإعفاء الطاعن من العقاب لإبلاغه عن الواقعة.
(2) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر النقض للمحكوم عليه الذى صدر الحكم غيابيًا بالنسبة له من محكمة الجنايات.
1 - حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها فى حق المتهمين الأول والثالث، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقًا للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه فى قوله "وحيث إنه عن الدفع بإعفاء المتهم الأول..... من العقاب طبقًا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فإن نص تلك المادة قد جرى على أنه "..... الخ". لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا وجديًا فى معاونة السلطات للتوصل إلى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها فى المواد 33، 34، 35 من القانون - المار ذكره - باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجزى عنها بالإعفاء وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب وإطراحه - على السياق المتقدم - لا يعد كافيًا للرد على ذلك الدفع ومسوغًا لاطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط المتهم الثالث.... وكذا من يدعى (.....) كان راجعًا إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عنهما حتى تستقيم قالة الحكم فى هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لم تسهم إسهامًا إيجابيًا فى معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقى مرتكبى الجريمة وتحمل عليها النتيجة التى انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب، كما أن ما خلص إليه الحكم فى هذا الصدد من عدم إسهام أقوال الطاعن إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا فى معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقى مرتكبى الجريمة لا يتلاءم واستناده إلى تلك الأقوال فى إدانة المتهم الثالث بجريمة حيازة الجوهر المخدر بقصد الاتجار. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور.
2 - النقض والإعادة بالنسبة إلى الطاعن وحده دون المحكوم عليه الثالث الذى صدر الحكم غيابيًا له من محكمة الجنايات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من.... بأنهم حازوا بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر (البانجو) فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 29، 33/ 1 بند ج، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة كل من... بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة مائة ألف جنيه لكل منهما ومصادرة المخدر المضبوط.
ثانيا: ببراءة... مما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك أنه أطرح الدفع بإعفائه من العقاب طبقًا للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تأسيسًا على أن ما أدلى به من أقوال لم يسهم إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا على معاونة السلطات فى ضبط باقى المتهمين وهو ما لا يسوغ إطراحه إذ إن قوله جاء مرسلاً عاريًا من الدليل فى حق المتهم الثانى ومن انتفاء موجب الإعفاء من العقاب لنص المادة أنفة البيان رغم أن الحكم عول على تلك الأقوال فى مقام التدليل على ثبوت الجريمة فى حق المتهم الثالث كما استند فى رفض الدفع إلى أقوال الطاعن رغم تناقضها بشأن تحديد شخصية من سلمه المخدر المضبوط مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها فى حق المتهمين الأول والثالث، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقًا للفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه فى قوله "وحيث إنه عن الدفع بإعفاء المتهم الأول..... من العقاب طبقًا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فإن نص تلك المادة قد جرى على أنه (يعفى من العقوبات المقررة فى المواد 33، 34،35 كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط الجناة) وقد استقر القضاء على أن أمر تقدير الإعفاء أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله وأن الدفع بالإعفاء من العقاب هو من الدفوع الجوهرية التى ينبغى على المحكمة أن تناقشه فى حكمها فتقسطه حقه إيرادًا وردًا. كما استقر القضاء على أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 48 سالفة البيان أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا فى معاونة السلطات العامة للتوصل إلى مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة وأنه لا يكفى أن يصدر من الجانى فى حق آخرين قول عار من الدليل وإلا لأفسح المجال لإلصاق الاتهامات بهم بغية الإفادة من الإعفاء وأنه إذا لم يكن للتبليغ فائدة ولم يتحقق صدقه بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجرى عنها الإعفاء وهى تمكين السلطات العامة من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الأخيرة كما استقر القضاء أيضا على أن تناقض المتهم فى تحديد شخص من تسلم منه المخدر لا تخوله الإفادة بموجب الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من قانون المخدرات وأن عجز السلطات عن القبض على سائر الجناة لتقصيرها فى تعقبهم أو لتمكنهم من الفرار لا أثر له على الإعفاء من العقاب متى تحققت موجباته. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قد تناقض فى تحديد شخص من تسلم منه المخدر المضبوط بحوزته فبينما يقرر أمام شهود الإثبات من الثانى إلى الرابع فور ضبط المخدر بحوزته عند مواجهتهم له به أنه تسلمه ممن يدعى... - المتهم الثالث - إذ به يقرر أمام النيابة العامة عند استجوابه فى تحقيقاتها أن المتهم الثانى... والثالث... هما اللذان سلماه ذلك المخدر المضبوط ونفى علمه بأن ما كان يحمله بحوزته بالسيارة نباتات مخدرة وزعم على غير الحقيقة أنه كان يعتقد أنها نباتات طبية لمزرعة من يدعى (....) وأنه كان ينقلها بغير مقابل وأنه لم يحضر واقعة تفتيش سيارته وضبط المخدر بها كما نفى صحة ما قرره شهود الإثبات الثلاثة من الثانى إلى الرابع بشأن إقراره أمامهم لدى مواجهتهم له بالمخدر المضبوط أنه أقر بحيازته له بقصد النقل والاتجار، وبجلسة المحاكمة فى.... ينفى المتهم الأول صلته بالمخدر المضبوط بحوزته ويقرر أنه كان مجرد ناقل له وبجلسة... ينكر المتهم الأول ما أسند إليه وبجلسة.... يعترف المتهم الأول بأن المتهمين الثانى والثالث هما اللذين سلماه المخدر المضبوط ووضعاه بحقيبة السيارة (الشنطة) على مرأى ومسمع منه وأنه يعلم تماما أنه نبات الحشيش المخدر (البانجو) وبذلك فإن المتهم الأول تناقض فى تحديد شخص من سلمه المخدر ولم يستقر على رأى واحد فى هذا الشأن وأخذ يراوغ فتارة ينكر صلته بالمخدر المضبوط وتارة أخرى يعترف بتلك الصلة ويأتى بأقوال عارية من الدليل فى حق المتهم الثانى/ .... ويلصق به الاتهام بغية الإفادة من الإعفاء ولم يؤيده فى تلك المزاعم سوى تحريات الشاهد الثالث المقدم... وأقوال الأخير بشأن تلك التحريات والتى لا تطمئن إليها المحكمة فى شأن ما نسب إلى المتهم الثانى من دور فى هذه الدعوى هذا فضلاً عن أنه لم يتم ضبط باقى الجناة وهم المتهم الثالث/ ... وكذلك الجانى المجهول المدعو (...) الذى كان المتهم الأول يزعم توصيل المخدر إليه وكان ينتظره فى المكان المتفق عليه ولم يدل المتهم الأول بأى بيانات عن ذلك الجانى المجهول حتى يمكن للسلطات العامة المختصة من القبض عليه باعتباره شريكًا له فى جرمه - كما أن الثابت من مطالعة تحقيقات النيابة العامة فى هذه الجناية أن تلك التحقيقات بدأت الساعة الحادية عشرة من صباح يوم..... وبالتالى فإن استجواب المتهم الأول بمعرفة النيابة العامة وما أدلى به المتهم الأول من خلال استجوابه ذاك والزج باسم المتهم الثانى ضمن من سلمه المخدر المضبوط يكون بالقطع لاحقًا للساعة..... من صباح.... فإذا كان ذلك وكان الثابت من مطالعة الصورة الرسمية من محضر ضبط الجناية رقم.... لسنة..... أن محضر التحريات الخاص بها محرر بتاريخ.... الساعة... صباحًا وأن إذن النيابة العامة صادر بذات التاريخ الساعة الرابعة صباحًا وأن محضر ضبط تلك الجناية محرر بذات التاريخ الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا الأمر الذى يقطع بجلاء ووضوح أن ضبط المتهم الثانى على ذمة تلك الجناية كان سابقًا فى زمانه على زمان استجواب المتهم الأول فى الجناية الماثلة والزج باسم المتهم الثانى والقول بأنه والمتهم الثالث هما اللذان سلماه المخدر المضبوط وبالتالى فإن ضبط المتهم الثانى وبطريق اللزوم العقلى لم يكن وليد إبلاغ أو تبليغ أو اعتراف من المتهم الأول بل كان سابقًا على ذلك كله ومن جماع ما تقدم وترتيبًا عليه تخلص المحكمة إلى أن المتهم الأول لم يسهم بأقواله إسهاما إيجابيًا ومنتجًا فى معاونة السلطات العامة إلى باقى مرتكبى الجريمة وأن ما صدر منه فى حق المتهم الثانى إنما هو مجرد قول مرسل عار من الدليل ومن ثم فقد انتفت مقومات إعفاء المتهم الأول من العقاب طبقًا لنص المادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ويتعين لذلك رفض الدفع المبدى من محامى المتهم الأول بالإعفاء من العقاب). لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا وجديًا فى معاونة السلطات للتوصل إلى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها فى المواد 33، 34،35 من القانون - المار ذكره - باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجزى عنها بالإعفاء وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب وإطراحه - على السياق المتقدم - لا يعد كافيًا للرد على ذلك الدفع ومسوغًا لإطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط المتهم الثالث... وكذا من يدعى (....) كان راجعًا إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عنهما حتى تستقيم قالة الحكم فى هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لم تسهم إسهامًا إيجابيًا فى معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقى مرتكبى الجريمة وتحمل عليها النتيجة التى انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب، كما أن ما خلص إليه الحكم فى هذا الصدد من عدم إسهام أقوال الطاعن إسهامًا إيجابيًا ومنتجًا فى معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقى مرتكبى الجريمة لا يتلاءم واستناده إلى تلك الأقوال فى إدانة المتهم الثالث بجريمة حيازة الجوهر المخدر بقصد الاتجار. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور فى التسبيب الذى يوجب نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن وحده دون المحكوم عليه الثالث الذى صدر الحكم غيابيًا له من محكمة الجنايات.