أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 618

جلسة 3 من مايو سنة 2003

برئاسة المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، وجيه أديب، محمد عبد العال نواب رئيس المحكمة والنجار توفيق.

(75)
الطعن رقم 15516 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب إيراد الأدلة التى استندت إليها المحكمة وبيان مؤداها.
مجرد الاكتفاء بالإشارة إلى شهادة الشاهد وما تضمنه كتاب مصلحة الأحوال المدنية من أن البطاقة موضوع الجريمة ليست من ضمن البطاقات التى تستعملها المصلحة دون إيراد مضمون هذين الدليلين ووجه الاستدلال بهما على ثبوت التهمة. قصور.
(2) اشتراك. إثبات "بوجه عام". تزوير "أوراق رسمية". فاعل أصلى.
مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بذلك أو وجود مصلحة للمتهم فى تزويرها. لا يكفى لإثبات إسهامه فى التزوير كفاعل أو شريك أو علمه بذلك. حد ذلك؟
(3) اشتراك. إثبات "قرائن". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات الاشتراك بالقرائن. جائز. شرط ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح استخلاص محكمة الموضوع للاشتراك بما يتفق مع المنطق والقانون. حد ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه فى نطاق التدليل".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. إقامة الحكم قضاءه على الظن والاحتمال. قصور.
1 - من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى الحكم بيانا كافيا، فلا يكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله بها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالإشارة إلى ما شهد به أمين سجل مدنى..... من أن البطاقة موضوع الاتهام هى لشخص آخر سوى المتهم وأن التوقيعات المنسوبة للموظفين الثابتة عليها غير صحيحة، وكذا الإشارة إلى ما تضمنه كتاب مصلحة الأحوال المدنية من أن البطاقة موضوع الجريمة ليست من ضمن البطاقات التى تستعملها المصلحة، دون أن يورد مضمون تلك البطاقة كما لم يعرض للأسانيد التى أقيمت عليها شهادة أمين سجل مدنى..... وكتاب مصلحة الأحوال المدنية، وهو ما لا يكفى فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذين الدليلين اللذين استنبط منهما معتقده فى الدعوى.
2 - مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بها أو وجود مصلحة للمتهم فى تزويرها لا يكفى بمجرده فى ثبوت إسهامه فى تزويرها كفاعل أو شريك أو علمه بالتزوير ما لم تقم أدلة على أنه هو الذى أجرى التزوير بنفسه أو بواسطة غيره ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك وخلت الأدلة التى استند إليها الحكم من نسبة الأمر إليه.
3 - وكان مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استنادًا إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغًا ولا يتجافى مع المنطق والقانون، فإذا كانت الأسباب التى اعتمد عليها الحكم فى إدانة الطاعن والعناصر التى استخلص منها وجود الاشتراك لا تؤدى إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون.
4 - من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة وكان ما أثبته الحكم فى سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة، فإنه لا يكفى لإثبات ارتكاب الطاعن ما أسند إليه من اتهام - على السياق المتقدم - مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى "بطاقة عائلية مرقمة..... وطبع عليها رقم.... " المنسوب صدورها لسجل مدنى.... وذلك بأن اتفق والمجهول على اصطناعها وساعده بامداده بالبيانات اللازمة وصورته الشمسية فملأ المجهول بياناتها ووضع الصورة عليها وذيلها بتوقيعات نسبها زورا لموظفى السجل المدنى..... حتى صار المحرر على غرار المحررات الصحيحة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2) استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتزويره خلال شهرى..... سنة..... بأن قدمه للموظفين المختصين بفندق..... على النحو المثبت بدفاتره والمبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت زوجة المتهم مدنيا قبله بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت عملا بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 211، 212، 214 عقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من القانون نفسه بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث سنوات وبرفض الدعوى المدنية فطعن الأستاذ/ ..... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الاشتراك فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى واستعماله قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأن أسباب الحكم شابها الإجمال والإبهام والغموض فلم يستظهر أركان الجريمة وعلم الطاعن بالتزوير واستدل على صحة إسناد التهمة إلى الطاعن مما شهد به أمين سجل مدنى ..... ومن إفادة مصلحة الأحوال المدنية رغم أن ذلك لا يصلح دليلا لإدانته لأن أيا منهما لم يجزم بأن الطاعن هو الذى قام بالاشتراك مع مجهول فى تزوير البطاقة موضوع الاتهام وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى خلص إلى القضاء بإدانة الطاعن عن جريمتى الاشتراك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع مجهول فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى واستعماله متساندا فى ذلك إلى شهادة.... أمين سجل مدنى .... وكتاب مصلحة الأحوال المدنية وأوردهما فى قوله "وحيث إن الواقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صحتها وصحة إسنادها إلى المتهم مما شهد به أمين سجل مدنى.... من أن البطاقة العائلية رقم..... المنسوب صدورها لسجل مدنى ..... هى لشخص آخر سوى المتهم كما أن التوقيعات المنسوبة للموظفين عليها غير صحيحة وما أفادت به مصلحة الأحوال المدنية من أن البطاقة العائلية المزورة ليست من ضمن البطاقات التى تستعملها المصلحة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى الحكم بيانا كافيا، فلا يكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله بها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالإشارة إلى ما شهد به أمين سجل مدنى..... من أن البطاقة موضوع الاتهام هى لشخص آخر سوى المتهم وأن التوقيعات المنسوبة للموظفين الثابتة عليها غير صحيحة، وكذا الإشارة إلى ما تضمنه كتاب مصلحة الأحوال المدنية من أن البطاقة موضوع الجريمة ليست من ضمن البطاقات التى تستعملها المصلحة، دون أن يورد مضمون تلك البطاقة كما لم يعرض للأسانيد التى أقيمت عليها شهادة أمين سجل مدنى..... وكتاب مصلحة الأحوال المدنية، وهو ما لا يكفى فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذين الدليلين اللذين استنبط منهما معتقده فى الدعوى، هذا فضلا عن أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بها أو وجود مصلحة للمتهم فى تزويرها لا يكفى بمجرده فى ثبوت إسهامه فى تزويرها كفاعل أو شريك أو علمه بالتزوير ما لم تقم أدلة على أنه هو الذى أجرى التزوير بنفسه أو بواسطة غيره ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك وخلت الأدلة التى استند إليها الحكم من نسبة الأمر إليه، وكانت أقوال شاهد الإثبات - أمين سجل مدنى..... - وإفادة مصلحة الأحوال المدنية على ما حصله الحكم فى مدوناته لم يرد بهما أن الطاعن هو الذى ارتكب التزوير، وكان مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استنادا إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغا ولا يتجافى مع المنطق والقانون، فإذا كانت الأسباب التى اعتمد عليها الحكم فى إدانة الطاعن والعناصر التى استخلص منها وجود الاشتراك لا تؤدى إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون، وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وكان ما أثبته الحكم فى سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة، فإنه لا يكفى لإثبات ارتكاب الطاعن ما أسند إليه من اتهام - على السياق المتقدم - مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.