أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 55 - صـ 784

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على حسين جمجوم، يوسف عبد الحليم الهته، محمد زكى خميس وحامد عبد الوهاب علام نواب رئيس المحكمة.

(144)
الطعن رقم 2964 لسنة 62 القضائية

(1 - 4) إيجار "القواعد العامة فى الإيجار: خصائص عقد الإيجار، انعقاد عقد الإيجار" "تشريعات إيجار الأماكن: ما يخرج عن نطاق سريانها: الأماكن التى تشغل بسبب العمل". حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال".
(1) المساكن التى تشغل بسبب العمل. عدم سريان الامتداد القانونى على عقود استئجارها ولو لم تكن ملحقة بالمرافق أو المنشآت.
(2) عقد الإيجار. عقد رضائى. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة فى حدود ما فرضه القانون من قيود. مؤداه.
(3) عقود الإيجار التى تبرمها المجالس المحلية للمدن والمراكز للمساكن المملوكة للدولة. انعقادها بتمام التصديق عليها من المجلس المحلى للمحافظة واعتمادها وفقًا للقانون. المواد 28، 33/ هـ، 51/ 8 ق 43 لسنة 1979.
(4) ثبوت صفة العامل للمطعون ضده الأول وتقدمه بطلب استئجار العين محل النزاع بصفته الشخصية بالمخالفة لنصوص القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الحكم المحلى ولائحته التنفيذية. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بصفته بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول رغم وجود عقد إيجار آخر له ما زال قائمًا مع الجمعية التى يعمل بها. خطأ وفساد فى الاستدلال.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن النص فى المادة الثانية من القانون 49 لسنة 1977 يدل على أن المناط فى عدم سريان أحكام الباب الأول فى شأن إيجار الأماكن من هذا القانون وطبقًا للنص سالف الذكر هو ثبوت أن تكون السكنى مردها رابطة العمل بين مالك العين أو القائم عليها وبين المرخص له بالسكن فيها بسبب هذه الرابطة وذلك سواء كان المسكن ملحقًا بالمرافق والمنشآت أو غير ملحق بها ما دام أن شغله كان بسبب العمل.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن عقد الإيجار عقدًا رضائيًا يخضع فى قيامه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة - فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ فى حدودها دون مجاوزة لنطاقها - مما يقتضى إيجابًا يعبر به المؤجر على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد يلتزم فيه بأن يمكَّن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ويقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المناط فى انعقاد عقود الإيجار التى تبرمها الوحدات المحلية عن الأموال المملوكة للدولة وعلى ما يبين من نصوص المواد 28، 33/ هـ، 51/ 8 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلى وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 بإصدار اللائحة التنفيذية لذات القانون هو بتمام التصديق عليها من الوحدة المحلية واعتمادها وفقًا للقانون.
4 - إذ كان الواقع فى الدعوى أن المجلس المحلى أقام مساكن لإسكان بعض المواطنين من محافظة السويس بقصد تخفيف أزمة الإسكان، خصص منها عددًا من الوحدات للعاملين المنقولين حديثًا إلى الجهات الحكومية والشركات بمدينة السويس بقصد التيسير عليهم وتوفير قدر من الطمأنينة والراحة لهم حتى يتمكنوا من أداء عملهم على الوجه المطلوب ولم يكن القصد من إنشائها الاستغلال المجرد بتأجيرها لأى شخص دون أى قيد أو اعتبار للأجرة المحددة قانونًا، وقد وضع شروطًا وقواعد لتوزيع تلك المساكن وإجراءات، منها أن يتقدم من يرغب فى الانتفاع بمسكن بطلب يتم فحصه للتأكد من انطباق الشروط والقواعد عليه، وعندما زاد عدد المتقدمين عن عدد الوحدات المخصصة لكل فئة أجريت قرعة بينهم واشترط المجلس أن يتم التعاقد باسم الجهة التى يعمل فيها من خصص له المسكن وأن تفوضه الجهة فى سداد مقابل الانتفاع ومن ثم فإن ما اتخذه المجلس من إجراءات انتهت بتخصيص مسكن للمطعون ضده الأول لانطباق الشروط التى وضعها عليه لا ينعقد بها عقد ينشئ التزامًا على الطاعن ولا تنتج أثرًا ولا ترتب عليه التزامًا إذ لم يصدر منه إيجاب بالتأجير له ولا تعدو أن تكون دراسات تسبق الإيجاب ولا تؤدى إلى انعقاد العقد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين خلص إلى أن المطعون ضده الأول تقدم بطلب لاستئجار عين النزاع بصفته الشخصية وأجريت قرعة فاز بها ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعن بتحرير عقد للمطعون ضده الأول طبقًا لحالة الشقة موضوع النزاع - تمليك أو إيجار - رغم وجود عقد إيجار أخر ما زال قائمًا مع الجهة التى يعمل بها وكانت صفة العامل مأخوذة فى الاعتبار عند إبرام هذا العقد، فإنه يكون قد أهدر ما تطلبه القانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية من أوضاع وإجراءات لا يتم عقد الإيجار بدونها مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم... لسنة 1984 إيجارات السويس الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثانى بطلب الحكم بإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار له أو عقد تمليك عن الشقة عين النزاع وقال بيانًا لها إنه تقدم بطلب إلى محافظة السويس للحصول على مسكن باعتباره منقولاً حديثًا إلى شركة الحديد والصلب بالسويس وبعد أن أجريت قرعه علنية بين المتقدمين خصصت له شقة سكنية، إلا أن المحافظة تعاقدت مع جهة عمله على إجارتها، فأقام الدعوى، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيرًا وقدم تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 11 قضائية الإسماعيلية "مأمورية السويس"، وبتاريخ 10/ 3/ 1992 قضت المحكمة بإلغاء الحكم وبإلزام الطاعن بتحرير عقد بينه وبين المطعون ضده الأول عن الشقة المبينة بالصحيفة طبقًا لحالتها - تمليك أو إيجار - طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعُرض الطعن على المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إنه أقام قضاءه على سند من أن المطعون ضده الأول تقدم إلى محافظة السويس لاستئجار الشقة بصفته الشخصية وبعد إجراء قرعة علنية خصصت له عين النزاع ومن ثم تكون قد قامت علاقة تعاقدية بينهما، فى حين أن المجلس المحلى قد وضع قواعدًا وشروطًا لتوزيع الوحدات السكنية اشترطت أن يتم التعاقد مع جهة العمل بالنسبة للعاملين المنقولين حديثًا إلى الجهات الكائنة بمحافظة السويس ونظرًا لزيادة عدد المتقدمين عن عدد الوحدات السكنية المخصصة أجريت قرعة بينهم وأن تقديم المطعون ضده الأول طلبًا باسمه وما تلاه من إجراءات هى للتأكد من انطباق الشروط التى وضعها المجلس المحلى عليه ومنها أنه وأسرته ليس لهم مسكن آخر بالسويس، وهى إجراءات غير ملزمة لإبرام عقد إيجار معه ولا تنتج أثرًا إذ لم يتم إيجاب وقبول بينهما وبالتالى لم ينعقد العقد خلافًا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن النص فى المادة الثانية من القانون 49 لسنة 1977 على أن "لا تسرى أحكام هذا الباب على ( أ ) المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت وغيرها من المساكن التى تشغل بسبب العمل" - سواء أكانت العين مملوكة لرب العمل أو كان مستأجرًا لها - يدل على أن المناط فى عدم سريان أحكام الباب الأول فى شأن إيجار الأماكن من هذا القانون وطبقًا للنص سالف الذكر هو ثبوت أن تكون السكنى مردها رابطة العمل بين مالك العين أو القائم عليها وبين المرخص له بالسكن فيها بسبب هذه الرابطة وذلك سواء كان المسكن ملحقًا بالمرافق والمنشآت أو غير ملحق بها ما دام أن شغله كان بسبب العمل، ولما كان عقد الإيجار عقدًا رضائيًا يخضع فى قيامه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة - فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ فى حدودها دون مجاوزة لنطاقها - مما يقتضى إيجابًا يعبر به المؤجر على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد يلتزم فيه بأن يمكَّن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ويقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير، وكان المناط فى انعقاد عقود الإيجار التى تبرمها الوحدات المحلية عن الأموال المملوكة للدولة وعلى ما يبين من نصوص المواد 28، 33/ ﻫ، 51/ 8 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلى وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 بإصدار اللائحة التنفيذية لذات القانون هو بتمام التصديق عليها من الوحدة المحلية واعتمادها وفقًا للقانون، وكان الواقع فى الدعوى أن المجلس المحلى أقام مساكن لإسكان بعض المواطنين من محافظة السويس بقصد تخفيف أزمة الإسكان، خصص منها عددًا من الوحدات للعاملين المنقولين حديثًا إلى الجهات الحكومية والشركات بمدينة السويس بقصد التيسير عليهم وتوفير قدر من الطمأنينة والراحة لهم حتى يتمكنوا من أداء عملهم على الوجه المطلوب ولم يكن القصد من إنشائها الاستغلال المجرد بتأجيرها لأى شخص دون أى قيد أو اعتبار للأجرة المحددة قانونًا، وقد وضع شروطًا وقواعدًا لتوزيع تلك المساكن وإجراءات، منها أن يتقدم من يرغب فى الانتفاع بمسكن بطلب يتم فحصه للتأكد من انطباق الشروط والقواعد عليه، وعندما زاد عدد المتقدمين عن عدد الوحدات المخصصة لكل فئة أجريت قرعة بينهم واشترط المجلس أن يتم التعاقد باسم الجهة التى يعمل فيها من خصص له المسكن وأن تفوضه الجهة فى سداد مقابل الانتفاع ومن ثم فإن ما اتخذه المجلس من إجراءات انتهت بتخصيص مسكن للمطعون ضده الأول لانطباق الشروط التى وضعها عليه لا ينعقد بها عقد ينشئ التزامًا على الطاعن ولا تنتج أثرًا ولا ترتب عليه التزامًا إذ لم يصدر منه إيجاب بالتأجير له ولا تعدو أن تكون دراسات تسبق الإيجاب ولا تؤدى إلى انعقاد العقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين خلص إلى أن المطعون ضده الأول تقدم بطلب لاستئجار عين النزاع بصفته الشخصية وأجريت قرعة فاز بها ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعن بتحرير عقد للمطعون ضده الأول طبقًا لحالة الشقة موضوع النزاع - تمليك أو إيجار - رغم وجود عقد إيجار آخر ما زال قائمًا مع الجهة التى يعمل بها وكانت صفة العامل مأخوذةً فى الاعتبار عند إبرام هذا العقد، فإنه يكون قد أهدر ما تطلبه القانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية من أوضاع وإجراءات لا يتم عقد الإيجار بدونها مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم، وإذ كان الثابت أن الطاعن أبرم عقدًا مؤرخًا 6/ 1/ 1982 مع شركة الحديد والصلب التى يعمل بها المطعون ضده الأول عن عين النزاع ما زال قائمًا ومنتجًا لآثاره وقد فوض الأخير فى سداد مقابل انتفاعه بذلك المسكن، وكان شغله له بسبب عمله ومن ثم تكون دعواه بطلب الحكم بإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار له أو عقد تمليك عن الشقة محل النزاع على غير سند من القانون مما يتعين معه تأييد الحكم المستأنف.