أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 814

جلسة 29 من يوليه سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، سلامة أحمد عبد المجيد، فؤاد حسن ومحمد سامى إبراهيم نواب رئيس المحكمة.

(109)
الطعن رقم 22737 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "سقوط الطعن".
عدم تقدم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه. أثره: سقوط الطعن.
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب ألا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام. عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير أقوال الشهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
(5) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة التعويل على تحريات الرقابة الإدارية. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. مادامت مطروحة على بساط البحث.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود لم يطلب سماعهم. غير مقبول.
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحه أو ضمنًا.
مثال.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى مادام سائغًا.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(8) ثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع. مفاده: اطراحها.
(9) دفوع "الدفع بنفى التهمة".
نفى التهمة. دفاع موضوعى. لا يستوجب ردا صريحا استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
(10) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
للمحكمة الالتفات عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(12) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات موضوعى.
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى التقارير. ما دامت قد أخذت بها. علة ذلك؟
(13) حكم "مالا يعيبه فى نطاق التدليل".
استناد الحكم إلى وجود اتهامات إدارية سابقة للطاعن كقرينة معززة ومؤدية لما ارتكز إليه من أدلة أخرى. لا يعيبه.
(14) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". خطأ.
الخطأ المادى فى أرقام القضايا الإدارية التى سبق اتهام الطاعن فيها. لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم. ولا أثر له فى النتيجة التى انتهى إليها.
(15) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى. لا يستوجب ردا صريحا استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
(16) إجراءات "إجراءات التحقيق". أمر بألا وجه. أمر حفظ. إثبات "قوة الأمر المقضى". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه فيها"
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الذى يحوز الحجية التى تمنع من العودة إلى الدعوى العمومية. هو الذى تصدره سلطة التحقيق بعد اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق. لا يصح افتراضه أو أخذه بالظن.
قرار هيئة الفحص والتحقيق بحفظ ملف إقرار الذمة المالية. أمر حفظ. غير ملزم. لها حق الرجوع فيه. علة ذلك؟
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع القانونى ظاهر البطلان.
1 - لما كان الطاعن الأول..... وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
2 - لما كان من المقرر أنه ينبغى ألا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده فى التطبيق القانونى على واقعة الدعوى إلا أن المقرر أيضًا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافيًا فى تفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإنه ينتفى عنه قالة الإجمال والإبهام.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
4 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، فإن ما يثيره الطاعنات فى هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة المعقودة فى.... أن محامى الطاعنات حضرها كما حضر الطاعن الأول ومعه محاميه وترافعا بعد سماع شهادة بعض الشهود فى جلسات سابقة وطلبا الحكم ببراءة الطاعن الأول ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع الشهود لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا، ومن ثم فإن النعى على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق... وكانت المحكمة قد بينت فى حكمها واقعة الدعوى على الصورة التى استقرت فى وجدانها والتى حاصلها أن أموال وأملاك الطاعن الأول هى جميع ما ضبط لديه وما كشفت عنه المستندات المضبوطة والتى تمثل زيادة طارئة فى ثروته عجز عن إثبات مصدر مشروع لها، وأن قيمة الكسب غير المشروع الذى حصل عليه واستفادت منه الطاعنات هى مجموع المبالغ النقدية المصرية والأجنبية والأموال العقارية والمنقولة التى أثبتها الحكم وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية دفاع ومستندات الطاعن الأول فـى هذا الشأن، فان ما تثيره الطاعنات فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
8 - لما كان من المقرر فى أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها وأن إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنًا إطراحها لها اطمئنانًا إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها، وكان الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها ولم يعول على أى دليل مستمد من تقارير لجنة الخبراء الخماسية، ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إليها - بفرض إيداعها متضمنة ما زعمته الطاعنات - طالما أنها لم تكن بذى أثر فى تكوين عقيدة المحكمة، مما يضحى معه منعى الطاعنات فى هذا الشأن غير سديد.
9 - لما كان نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردًا صريحًا مادام الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
10 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها المحكمة فإن النعى على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعنات القائم على نفى التهمة والتفاته عما قدمته من مستندات رسمية تأييدًا لذلك يكون فى غير محله.
11 - لما كان ما تثيره الطاعنات من منازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
12 - لما كان الأصل أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها فى ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بندب خبير أخر فى الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه فإن ما تنعاه الطاعنات فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن الأول من اتهامات إدارية سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التى اعتمد عليها فى قضائه مادام أنه لم يتخذ من القضايا الإدارية التى سبق اتهام الطاعن فيها دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة قبله.
14 - لما كان خطأ الحكم المطعون فيه فى ذكر أرقام القضايا الإدارية التى سبق اتهام الطاعن الأول فيها - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون خطأ ماديًا لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له فى النتيجة التى انتهى إليها، فإن منعى الطاعنات فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
15 - لما كان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردًا صريحًا من الحكم بل يكفى أن يكون الرد مستفادًا من الأدلة التى عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن ما تنعاه الطاعنات فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
16 - لما كان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الذى يحوز الحجية التى تمنع من العودة إلى الدعوى العمومية هو الذى تصدره سلطة التحقيق بعد اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق، وأنه إن جاز أن يستفاد هذا الأمر استنتاجًا من تصرف أو إجراء أخر يدل عليه، إلا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن. لما كان ذلك، وكانت الطاعنات لا تدعين بأسباب طعنهن إن قرارات هيئة الفحص والتحقيق بحفظ ملفات إقرارات الذمة المالية للطاعنين الأول والثالثة كانت مسبوقة بأى إجراء من إجراءات التحقيق، فإن هذه القرارات لا تعدو أن تكون أوامر بالحفظ غير ملزمة لجهة التحقيق بل لها حق الرجوع فيها بلا قيد أو شرط بالنظر إلى طبيعتها الإدارية، ومن ثم فإن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامتها يعد دفعًا قانونيًا ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هى التفتت عنه ولم ترد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن الأول بأنه: بصفته رئيسًا لإحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لإحدى هيئات القطاع العام "..." حصل لنفسه ولزوجته/ ..... وكريمتيه البالغتين.... على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها مما أدى إلى زيادة طارئة فى ثروته قيمتها.... ومن صور هذا الاستغلال اتهامه فى القضايا أرقام..... سنة..... إدارية عليا... لسنة.... نيابة إدارية لشركات الإسكان لارتكابه مخالفات مالية فى مناقصات وفى توريد قطع غيار وصرف مبالغ مالية بدون وجه حق وقد جاءت الزيادة المشار إليها فى ثروته بالقدر سالف البيان لا تتناسب مع موارده المالية وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها. وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت إدخال كل من زوجة المتهم... وابنتيه... ووالدة زوجته... خصومًا فى الدعوى ليصدر الحكم فى مواجهتهن قضت حضوريًا فى.... سنة.... عملاً بالمواد 1/ 4، 2، 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع ولائحته التنفيذية بمعاقبة.... بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ.... جنيهًا مصريًا وإلزامه وفى مواجهة زوجته.... وابنتيه.... ووالدة زوجته.... برد مثل هذا المبلغ.
فطعن الأستاذ/ ..... نيابة عن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: - من حيث إن الطاعن الأول... وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
ثانيًا: - عن الطعن المقدم من الطاعنات من الثانية إلى الخامسة:- حيث إن ما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن الأول بجريمة الكسب غير المشروع وألزمه فى مواجهة الطاعنات برد مثل مبلغ الغرامة المقضى بها عليه قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى الإسناد ذلك بأنه جاء مبهمًا ومجهلاً فى أسبابه فلم يستظهر أركان الجريمة التى دان الطاعن الأول بها وعول على أقوال شهود الإثبات رغم كذبها ودون أن تعنى المحكمة بسماعهم واستند إلى أقوال وتحريات عضو الرقابة الإدارية فى تحديد عناصر ثروة الطاعنين وإيراداتها وهى لا تصلح سندًا لذلك. وأقام قضاءه على أن كل ثروة الطاعن الأول وأفراد أسرته متحصلة من كسب غير مشروع واستبعد بما لا يسوغ من إيراداته ثمن بيع حصته فى محجر كان يمتلكه وأرباحه من عمله بالمضاربة فى الخارج وقضى بتغريمه مثل ثروته وألزمه بالرد فى مواجهة الطاعنات دون خصم أية مبالغ كإيراد مشروع، ولم يعرض لتقارير لجنة الخبراء الخماسية المنتدبة من قبل المحكمة والتى انتهت إلى عدم وجود شبهة كسب غير مشروع فى حق الطاعن الأول رغم تمسك الطاعنين بدلالتها على نفى التهمة والتفت عن دفاعهم القائم على مشروعية مصدر الأموال المضبوطة وعن المستندات الرسمية التى قدموها إثباتًا لذلك وعول على تقارير لجنة الخبراء مع أنها لا تؤدى إلى النتيجة التى خلص إليها ولم تعن المحكمة بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء أو ندب خبراء آخرين لأدائها. واستند الحكم إلى ما نسب إلى الطاعن الأول من اتهامات فى عدد من القضايا الإدارية على الرغم من عدم اطلاع المحكمة عليها وخطأ الحكم فى بيان أرقامها ولم يفطن إلى ما ساقه الطاعنون فى دفاعهم من شواهد وقرائن عديدة فى الدعوى تشير إلى تلفيق الاتهام وأخيرًا فقد أغفل الحكم الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور قرارات من هيئة الفحص والتحقيق بحفظ ملفات إقرارات الذمة المالية للطاعنين الأول والثالثة بما يعد فى حقيقته أمرًا بعدم وجود وجه لإقامتها وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إنه فى خلال الفترة من..... حتى..... حصل المتهم..... لنفسه ولزوجته.... وابنتيه... و..... ووالدة زوجته..... على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها - مديرًا للإنتاج بالشركة..... ثم مديرًا عامًا للمصانع ثم رئيسًا لقطاع المصانع ثم نائبًا لرئيس مجلس الإدارة ثم رئيسًا لمجلس الإدارة وأخيرًا مستشارًا منتدبًا بهيئة.... وما أسبغته عليه هذه الوظائف من إمكانيات أتاحت له فرص هذا الاستغلال، وقد ترتب على ذلك زيادة طارئة فى ثروتهم بلغت قيمتها الإجمالية..... جنيهًا مصريًا ثبت أنها لا تتناسب مع مواردهم. كما عجز المتهم عن إثبات مصدر مشروع لها. وأورد الحكم على ثبوت الوقائع على هذا النحو فى حق الطاعنات أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ينبغى ألا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده فى التطبيق القانونى على واقعة الدعوى إلا أن المقرر أيضًا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافيًا فى تفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإنه ينتفى عنه قالة الإجمال والإبهام. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعول فى تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، فإن ما يثيره الطاعنات فى هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة المعقودة فى..... من..... سنة... أن محامى الطاعنات حضرها كما حضر الطاعن الأول ومعه محاميه وترافعا بعد سماع شهادة بعض الشهود فى جلسات سابقة وطلبا الحكم ببراءة الطاعن الأول ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع الشهود لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا، ومن ثم فإن النعى على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق00 وكانت المحكمة قد بينت فى حكمها واقعة الدعوى على الصورة التى استقرت فى وجدانها والتى حاصلها أن أموال وأملاك الطاعن الأول هى جميع ما ضبط لديه وما كشفت عنه المستندات المضبوطة والتى تمثل زيادة طارئة فى ثروته عجز عن إثبات مصدر مشروع لها، وأن قيمة الكسب غير المشروع الذى حصل عليه واستفادت منه الطاعنات هى مجموع المبالغ النقدية المصرية والأجنبية والأموال العقارية والمنقولة التى أثبتها الحكم وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية دفاع ومستندات الطاعن الأول فى هذا الشأن، فإن ما تثيره الطاعنات فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر فى أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها وأن إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنًا إطراحها لها اطمئنانًا إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها، وكان الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها ولم يعول على أى دليل مستمد من تقارير لجنة الخبراء الخماسية، ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إليها - بفرض إيداعها متضمنة ما زعمته الطاعنات - طالما أنها لم تكن بذى أثر فى تكوين عقيدة المحكمة، مما يضحى معه منعى الطاعنات فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها المحكمة فإن النعى على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعنات القائم على نفى التهمة والتفاته عما قدمنه من مستندات رسمية تأييدًا لذلك يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنات من منازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها فى ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بندب خبير أخر فى الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه فإن ما تنعاه الطاعنات فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن الأول من اتهامات إدارية سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التى اعتمد عليها فى قضائه مادام أنه لم يتخذ من القضايا الإدارية التى سبق اتهام الطاعن فيها دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة قبله. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم المطعون فيه فى ذكر أرقام القضايا الإدارية التى سبق اتهام الطاعن الأول فيها - بفرض صحته لا يعدو أن يكون خطأ ماديًا لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له فى النتيجة التى انتهى إليها، فإن منعى الطاعنات فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردًا صريحًا من الحكم بل يكفى أن يكون الرد مستفادًا من الأدلة التى عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، فإن ما تنعاه الطاعنات فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الذى يحوز الحجية التى تمنع من العودة إلى الدعوى العمومية هو الذى تصدره سلطة التحقيق بعد اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق، وأنه إن جاز أن يستفاد هذا الأمر استنتاجًا من تصرف أو إجراء أخر يدل عليه، إلا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن. لما كان ذلك، وكانت الطاعنات لا تدعين بأسباب طعنهن إن قرارات هيئة الفحص والتحقيق بحفظ ملفات إقرارات الذمة المالية للطاعنين الأول والثالثة كانت مسبوقة بأى إجراء من إجراءات التحقيق، فإن هذه القرارات لا تعدو أن تكون أوامر بالحفظ غير ملزمة لجهة التحقيق بل لها حق الرجوع فيها بلا قيد أو شرط بالنظر إلى طبيعتها الإدارية، ومن ثم فإن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامتها يعد دفعًا قانونيًا ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هى التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.