أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 842

جلسة 20 من سبتمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، وجيه أديب نائبى رئيس المحكمة، النجار توفيق وحمدى ياسين.

(112)
الطعن رقم 355 لسنة 64 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بالوفاة". محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وفاة الطاعن بعد التقرير بالطعن وإيداع الأسباب فى الميعاد. أثره: وجوب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب ألا يكون الحكم مشوبا بإجمال أو إبهام: متى يكون كذلك؟
(3) الإخلال عمدى فى تنفيذ عقد مقاولة. جريمة "أركانها". قصد جنائى.
جريمة الإخلال العمدى فى تنفيذ عقد مقاولة. جريمة عمدية. مناط تحققها بركنيها المادى والمعنوى؟
(4) عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". ارتباط. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إغفال الحكم بيان الواقعة وإيرادها فى عبارات عامة مجملة. قصور.
اعتبار الحكم الجريمتين المسندتين إلى الطاعن مرتبطتين وتوقيع عقوبة الجريمة الأشد. مفاده؟
(5) نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظر الطعن والحكم فيه".
كون الطعن للمرة الثانية. وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كان البين أنه بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه فى الميعاد قد توفى الطاعن الأول - كالثابت من شهادة الوفاة المرفقة. لما كان ذلك، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة المتهم" فإنه يكون من المتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن الأول.
2 - من المقرر أن الحكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وكان من المقرر أنه ينبغى ألا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده فى التطبيق القانونى على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم.
3 - من المقرر أن جريمة الإخلال بالالتزام التعاقدى المنصوص عليها فى المادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات يتوافر ركنها المادى بالامتناع عن التنفيذ كليًا أو جزئيًا أو تنفيذ الالتزام على نحو يخالف نصوص العقد أو قواعد القانون التى تحكمه أو اعتبارات حسن النية التى يلتزم بها المتعاقد وأن يترتب على ذلك ضرر جسيم. كما أن هذه الجريمة هى جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد مع علمه بذلك.
4 - من المقرر أنه يشترط لصحة الحكم بالإدانة فى تلك الجريمة أن يبين الحكم نصوص العقد والالتزامات المتولدة عنه والتى يلتزم المتعاقد بتنفيذها على نحو مفصل وسلوك الطاعن فى التنفيذ وتعمده الإخلال به وجسامة الضرر المترتب على هذا الإخلال. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن جريمة الإخلال عمدًا بالتزام تعاقدى - على النحو السالف بيانه - وقد وضع فى عبارات عامة مجملة لا يبين منها تفاصيل العقد الذى ارتبط به الطاعن الأول مع هندسة الرى المجنى عليها والمواصفات الفنية للأعمال التى تعاقد على تنفيذها والأصول والأسس التى يتعين التنفيذ عليها حتى يتبين مدى مخالفة الطاعن لهذه المواصفات وتلك الأصول والأسس، كما أن الحكم لم يدلل البتة على توافر الضرر الجسيم، فضلاً عن أن ما قاله فى استظهار القصد الجنائى غير كاف للتدليل على أن الطاعن قد عمد إلى الإخلال بعقد المقاولة، ومن ثم فإنه لا يكون قد بين الواقعة المستوجبة للعقوبة - بركنيها المادى والمعنوى - بيانًا كافيًا مما يصمه بالقصور الذى يعيبه ويوجب نقضه.
5 - لما كان الطعن مقدما لثانى مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين فى قضية الجناية المتهمان:- أخلا عمدًا بالالتزامات المفروضة بموجب عقد مقاولة ارتبط به المتهم الأول مع إحدى جهات الحكومة... وقام بتنفيذه المتهم الثانى وذلك بأن خالف الأصول الفنية والهندسية على النحو المبين بالتحقيقات. (ب) المتهم الثانى:- تسبب بخطئه فى موت كلاً من الطفلين.... و..... وكان ذلك ناشئًا عن إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين وإخلاله الجسيم بما تفرضه عليه أصول مهنته بأن قام بتنفيذ عملية إحلال وتجديد الكوبرى المنوه عنه بالأوراق والمخالفة للأصول الفنية على النحو الوارد بالوصف الأول فانهارت دروة الكوبرى على المجنى عليهما فأحدثت بهما الإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة والتى نتج عنها وفاتهما. وأحالتهما إلى محكمة جنايات... لمحاكمتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت والدتا المجنى عليهما قبل المتهمين مدنيًا بمبلغ على سبيل التضامن والتعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا فى... عملاً بالمادتين 116 مكرر/ ج، 119/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليهما وتغريمهما بمبلغ.... جنيهًا ثانيًا:- بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات.... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة الإعادة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 116 مكررا/ ج، 119/ أ، 238 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون نفسه بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن مدة ثلاث سنوات عما هو منسوب لكل منهما وتغريمهما مبلغ.... جنيهًا وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة فطعن الأستاذ/ ....المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية".... إلخ.


المحكمة

حيث إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أنه بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه فى الميعاد قد توفى الطاعن الأول - كالثابت من شهادة الوفاة المرفقة. لما كان ذلك، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة المتهم "فإنه يكون من المتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن الأول.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الإخلال العمدى بتنفيذ الالتزامات التى يفرضها عقد مقاولة مع جهة حكومية والقتل الخطأ قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة، ولم يستظهر ركن الضرر الجسيم. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "أنه بتاريخ.... أسندت إدارة هندسة رى.... إلى المتهم.... مقاول المبانى والإنشاءات عملية إقامة.... على بحر..... بناحية.... بموجب عقد تضمن الاشتراطات الخاصة لإنشاء فتحة الرى المشار إليها بالنسبة للإسمنت والحديد والرمل والزلط التى تستخدم فى هذه العملية ومواصفات الأساس والبيارة والقبب والبلوطات بقيمة مبلغ الحساب الختامى لها..... جنيهًا طبقًا لما ثبت بكتاب الإدارة العامة لرى..... المؤرخ....، وقد أسند ذلك المتهم الإشراف الهندسى والتنفيذى لهذه العملية للمتهم..... وبدأ العمل فى إقامتها فى.... وانتهى فى.... وبتاريخ.... انهار حائطها الغربى وسقط فى المياه فأصاب المجنى عليهما الطفلين.... و.... اللذين كانا يقومان بالاستحمام بالمياه فى تلك الأثناء وثبت من التقرير الهندسى أن انهيار الحائط نجم عن عدم وجود أساسات له ولقلة الاسمنت فى الخرسانة المصنوع منها وعدم جودة باقى المواد المصنوع منها مما أدى أيضًا لشروخ فى الحائط الشرقى واعوجاج به". وبعد أن حصل الحكم واقعة الدعوى على النحو المتقدم وأشار إلى الأدلة التى استند إليها فى قضائه وأورد مضمونها تحدث عن القصد الجنائى بقوله "أنه ثبت لدى المحكمة من الظروف والإمارات الخارجية توافر القصد الخاص للإخلال بذلك العقد لدى كل منهما من واقع عدم استخدامهما المواد المطابقة للمواصفات الفنية اللازمة لإقامة البناء على نحو سليم وعدم إقامة أساس للبناء وعدم خلط المواد التى أقيم بها البناء خلطًا سليمًا وعدم صب البناء بطريقة سوية، وتأسيسًا على ما تقدم فإن النية الخاصة التى يستلزمها توافر القصد الجنائى لجريمة الإخلال العمدى بعقد المقاولة موضوع الدعوى قد توافرت فى حق كل منهما وبالتالى اكتملت أركان الجريمة فى حق كل منهما". لما كان ذلك، وكان قضاء النقض مستقرًا على أن الحكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وكان من المقرر أنه ينبغى ألا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده فى التطبيق القانونى على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم. وكانت جريمة الإخلال بالالتزام التعاقدى المنصوص عليها فى المادة 116 مكررا ج من قانون العقوبات يتوافر ركنها المادى بالامتناع عن التنفيذ كليًا أو جزئيًا أو تنفيذ الالتزام على نحو يخالف نصوص العقد أو قواعد القانون التى تحكمه أو اعتبارات حسن النية التى يلتزم بها المتعاقد وأن يترتب على ذلك ضرر جسيم. كما أن هذه الجريمة هى جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد مع علمه بذلك، ومن ثم فإنه يشترط لصحة الحكم بالإدانة فى تلك الجريمة أن يبين الحكم نصوص العقد والالتزامات المتولدة عنه والتى يلتزم المتعاقد بتنفيذها على نحو مفصل وسلوك الطاعن فى التنفيذ وتعمده الإخلال به وجسامة الضرر المترتب على هذا الإخلال. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن جريمة الإخلال عمدًا بالتزام تعاقدى - على النحو السالف بيانه - وقد وضع فى عبارات عامة مجملة لا يبين منها تفاصيل العقد الذى ارتبط به الطاعن الأول مع هندسة الرى المجنى عليها والمواصفات الفنية للأعمال التى تعاقد على تنفيذها والأصول والأسس التى يتعين التنفيذ عليها حتى يتبين مدى مخالفة الطاعن لهذه المواصفات وتلك الأصول والأسس، كما أن الحكم لم يدلل البتة على توافر الضرر الجسيم، فضلاً عن أن ما قاله فى استظهار القصد الجنائى غير كاف للتدليل على أن الطاعن قد عمد إلى الإخلال بعقد المقاولة، ومن ثم فإنه لا يكون قد بين الواقعة المستوجبة للعقوبة - بركنيها المادى والمعنوى - بيانًا كافيًا مما يصمه بالقصور الذى يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للتهمتين المسندتين إلى الطاعن لأن الحكم اعتبرهما جريمتين مرتبطتين وقضى بالعقوبة المقررة لجريمة الإخلال عمدًا بالتزام تعاقدى باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن. ولما كان الطعن مقدما لثانى مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.