أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 869

جلسة 28 من سبتمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجى، أنس عمارة، ممدوح يوسف نواب رئيس المحكمة وهانى عبد الجابر.

(118)
الطعن رقم 13743 لسنة 64 القضائية

إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
تشكك المحكمة فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم. كفايته. سند البراءة.
تعرض حكم البراءة لدلالة ما دون بدفتر الأحوال. غير لازم. متى كان قوامه الشك فى صحة واقعة الضبط برمتها.
من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك فى صحة الواقعة المسندة كما صورها شاهدا الإثبات كى تقضى بالبراءة مادامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب، إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى مبلغ اطمئنانها فى تقدير الأدلة وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التى ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى فى مجموعها إلى ما رتب عليها من شك فى صحة الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده كما صورها شاهدا الإثبات. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه فى الدليل المستمد من دلالة ما أثبت بدفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات، مردودًا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم فى جملته على الشك فى صحة واقعة الضبط برمتها على نحو ما رواه الضابطان، فلم تعد بالحكم حاجة إلى مناقشة الدليل المستمد مما أثبت بدفتر الأحوال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار نباتًا مخدرًا وبذوره "قنب هندى" فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة.... ببراءته مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز نبات مخدر "قنب هندى" بقصد الاتجار، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يعرض لدلالة دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات الذى ثبت به قيام الشاهدين بمأمورية سرية ثم عودتهما بعد انتهاء المأمورية وضبط المتهم، مما ينبئ بأن المحكمة لم تحط بظروف الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التى استندت إليها سلطة الاتهام، والتى تنحصر فى أقوال ضابط قسم مكافحة المخدرات وضابط إدارة البحث الجنائى الذى رافقه وقت الضبط وفى تقرير التحليل، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة وخلص إلى أنها محاطة بالشك لأسباب عددها فى قوله: "أولاً: - إن الثابت من مطالعة محضر التحريات عماد الدعوى أن محرره أثبت أن سن المتهم 26 عامًا تحديدًا وهذا لا يتأتى إلا من الاطلاع على تحقيق شخصية المتحرى عنه بدليل أن المحكمة طابقت تحقيق شخصية المتهم تبين لها أنه فعلاً عمره وهذا أمر يشكك المحكمة فى صحة التحرى ومن ثم يضحى إذن النيابة لا سند له. ثانيًا: - التلاحق الزمنى السريع الذى ألم بالواقعة فمحضر التحريات حرر بتاريخ.... الساعة 12.45م، وأن إذن النيابة العامة بذات التاريخ الساعة 1.30م، وأن الضبط كان ما يبدو من مطالعة محضر التحقيق الساعة 2.30م بذات التاريخ، وفى شهادة الضابط الآخر كان الساعة 2م، كما أن الثابت من الأوراق أن محضر الضبط حرر بذات التاريخ الساعة 2.10م وصوب بعد ذلك الساعة 3.10م هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الشك يحيط بساعة الضبط مما لا تطمئن معه المحكمة لإجراءات الضبط ذاتها وذلك لكون التحرى والإذن والضبط كل هذه الإجراءات تمت فى أقل من ساعتين من الزمن الأمر الذى يجعل كل هذه الإجراءات مشوبة بالبطلان وبالتالى يبطل كل دليل يستمد منها. ثالثًا: إن الثابت من الأوراق أن المتهم عندما سئل بالتحقيقات قرر أنه ضبط حوالى الساعة 12.15 ظهرًا فى حين أن إذن النيابة العامة بالضبط كان فى الساعة 1.30م من ذات اليوم أى أن الضبط تم قبل الإذن، بما يعنى معه بطلان ذلك الضبط والتفتيش وما أسفر عنه وما تلاه من إجراءات والمحكمة تطمئن لذلك الدفاع وتأخذ به لأن الأوراق جاءت خالية مما يدحضه بل جاءت مؤيدة له على نحو ما سلف بيانه. رابعًا: - أنه على فرض صحة شهادة ضابط الواقعة من أن ضبط المتهم كان فى الساعة 2.30م أو الساعة 2م وأن الإذن من النيابة العامة بذلك الضبط صدر الساعة 1.30م فهل يعقل أن تحرر النيابة العامة الإذن بسراى النيابة فى هذا الوقت ثم يحصل عليه المأذون به بالتفتيش ثم يعد عدته ويصطحب معه من يصطحب من رجال الشرطة ويسير حتى مكان الضبط ثم يقوم بالضبط فعلاً فى ظرف نصف ساعة أو ساعة من الزمان أن هذا لا يعقل ولا تطمئن إليه المحكمة ويخالجها الشك فيه - لما كان ما تقدم جميعه وكانت المحكمة لا تطمئن لصحة إجراءات الدعوى برمتها كما أنها من ثم لا تطمئن لشهادة من أجرى تلك الإجراءات وأن بطلان قد ألم بها بما لازمه أن الاتهام قد جاء ولا دليل عليه بما يتعين معه تبرئة ساحة المتهم مما نسب إليه عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك فى صحة الواقعة المسندة كما صورها شاهدى الإثبات كى تقضى بالبراءة مادامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب، إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى مبلغ اطمئنانها فى تقدير الأدلة وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التى ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى فى مجموعها إلى ما رتب عليها من شك فى صحة الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده كما صورها شاهدى الإثبات. لما كان ذلـك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه فى الدليل المستمد من دلالة ما أثبت بدفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات، مردودًا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم فى جملته على الشك فى صحة واقعة الضبط برمتها على نحو ما رواه الضابطين، فلم تعد بالحكم حاجة إلى مناقشة الدليل المستمد مما أثبت بدفتر الأحوال. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.