أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 930

جلسة 5 من أكتوبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجى، أنس عمارة، عادل الحناوى نواب رئيس المحكمة وهانى عبد الجابر.

(123)
الطعن رقم 16061 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
شهود الواقعة. وجوب استجابة المحكمة لطلب سماعهم ولو لم يكونوا ضمن شهود الإثبات المعلنين من قبل النيابة العامة. علة ذلك؟
(2) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
حق الدفاع فى طلب سماع الشاهد. على المحكمة إجابته لأنه سابق فى وجوده وترتيبه وأثره على مداولة القاضى وحكمه.
طلب الطاعن فى ختام مرافعته استدعاء شهود الواقعة. طلب جازم. تلتزم المحكمة بإجابته إذا ما اتجهت للقضاء بغير البراءة.
1 - من المقرر أنه يتعين على المحكمة إذا تمسك الطاعن أو المدافع عنه بسماع أحد شهود الواقعة أن تسمعه ولو لم يكن ضمن شهود الإثبات المعلنين من قبل النيابة العامة وهو يكون كذلك إذا كان وجوده غير مجحود أو كانت تفرضه الظروف بحيث لا يكون ثمة مظنة فى اجتلابه أو اختلاق وجوده وإلا كان الإعراض عن سماعه حكمًا مسبقًا على شهادته ولأن المحكمة هى الملاذ الأخير الذى يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على وجهها الصحيح دون التقيد فى ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تبينه أو تسقطه من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها وإلا انتفت الجدية فى المحاكمة وانغلق باب الدفاع فى وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء.
2 - لما كان حق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه فى التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود بل مما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارًا لوجه الحقيقة فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدى ما تراه فى شهادته وذلك لاحتمال أن تجئ الشهادة التى تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى ولا تصح مصادرة الدفاع فى حق سماع شاهد الواقعة بأى دعوى أن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفًا بما قد يدور فى وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته ولأن حق الدفاع سابق فى وجوده وترتيبه وأثره على مداولة القاضى وحكمه لأن وجدان القاضى قد يتأثر - بغير رغبة من نفسه - بما يبدو أنه اطرحه فى تقديره عند الموازنة بين الأدلة إثباتًا ونفيًا. لما كان ذلك، وكان طلب الدفاع سالف البيان طلبًا جازمًا تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنتهِ إلى القضاء بالبراءة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستجب إلى هذا الطلب يكون مشوبًا بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة فى الدعوى الجنائية والدعويين المدنيتين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه أولاً: تسبب خطأ فى إصابة..... بالإصابات المبينة بالتقرير الطبى وكان ذلك ناشئًا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح المعمول بها بأن قاد سيارة دون أن يتبصر مساره عكس الاتجاه فاصطدم بسيارة المجنى عليها سالفة البيان. ثانيًا: نكل عن مساعدة المجنى عليها وقت الحادثة لم يبلغ أقرب رجل شرطة أو مرور رغم إمكانه من ذلك. ثالثًا: قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. رابعًا: أتلف بإهماله السيارة المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجنى عليها سالفة الذكر. وطلبت عقابه بالمادتين 244/ 1، 3، 378/ 6 والمواد 1، 3، 4، 63/ 1، 67، 74/ 1، 77 من القانون 66 لسنة 1973 المعدل واللائحة التنفيذية وادعت..... مدنيًا قبله بمبلغ... جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح..... قضت حضوريًا عملاً بمواد الاتهام بتغريمه... جنيه وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ.... جنيه على سبيل التعويض المؤقت ورفض الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم قبل المدعية بالحقوق المدنية. استأنف ومحكمة..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبتغريمه... جنيهًا والتأييد فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ/ .... بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة الخطأ والنكول عن مساعدة المجنى عليها وعدم إبلاغ الشرطة وقيادة سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر والإتلاف بإهمال قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أن المدافع عنه تمسك أمام درجتى التقاضى بسماع أقوال شاهدى الواقعة أمين الشرطة.... محرر تقرير المعاينة و..... إلا أن المحكمة التفت عنه إيراد له وردًا عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة محاضر الجلسات أن المدافع عن الطاعن طلب أمام محكمة أول درجة بجلسة.... سماع أقوال كلاً من أمين الشرطة.... محرر تقرير المعاينة وشاهد الإثبات..... وتمسك بذلك فى ختام مرافعته بجلسة.... والتى صدر فيها الحكم الابتدائى بالإدانة دون أن تجيبه المحكمة إلى طلبه ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية أصر على التمسك بسماع أقوال الشاهدين المار ذكرهما وبالرغم من ذلك أصدرت حكمها ملتفتة عن طلبه مغفلة الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين على المحكمة إذا تمسك الطاعن أو المدافع عنه بسماع أحد شهود الواقعة أن تسمعه ولو لم يكن ضمن شهود الإثبات المعلنين من قبل النيابة العامة وهو يكون كذلك إذا كان وجوده غير مجحود أو كانت تفرضه الظروف بحيث لا يكون ثمة مظنة فى اجتلابه أو اختلاق وجوده وإلا كان الإعراض عن سماعه حكمًا مسبقًا على شهادته ولأن المحكمة هى الملاذ الأخير الذى يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على وجهها الصحيح دون التقيد فى ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تبينه أو تسقطه من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها وإلا انتفت الجدية فى المحاكمة وانغلق باب الدفاع فى وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء. لما كان ذلك، وكان حق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه فى التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود بل مما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارًا لوجه الحقيقة فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدى ما تراه فى شهادته وذلك لاحتمال أن تجئ الشهادة التى تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، ولا تصح مصادرة الدفاع فى حق سماع شاهد الواقعة بأى دعوى ذلك أن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفًا بما قد يدور فى وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته ولأن حق الدفاع سابق فى وجوده وترتيبه وأثره على مداولة القاضى وحكمه لأن وجدان القاضى قد يتأثر - بغير رغبة من نفسه - بما يبدو له أنه أطرحه فى تقديره عند الموازنة بين الأدلة إثباتًا ونفيًا. لما كان ذلك، وكان طلب الدفاع سالف البيان طلبًا جازمًا تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستجب إلى هذا الطلب يكون مشوبًا بالإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة فى الدعوى الجنائية والدعويين المدنيتين بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.