أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الثانى - صـ 993

جلسة 18 من أكتوبر 2003

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، وجيه أديب، حمدى أبو الخير ورفعت طلبه نواب رئيس المحكمة.

(134)
الطعن رقم 52083 لسنة 72 قضائية

(1) إعدام. محكمة النقض "سلطتها". نقض "الطعن بالنقض. ميعاده".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(2) اختصاص "الاختصاص المحلى".
الاختصاص فى المسائل الجنائية. يتحدد بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه هذه الأماكن قسائم متساوية لا تفاضل بينها. المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
العبرة فى الاختصاص المكانى إنما يكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة.
(3) اختصاص "الاختصاص المكانى". نيابة عامة. بطلان. إجراءات "إجراءات التحقيق".
الأعمال الإجرائية تجرى على حكم الظاهر. عدم بطلانها من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع.
الأعمال الإجرائية الصادرة من الشرطة والنيابة بناءً على اختصاص انعقد لها بحسب الظاهر. صحيحة. عدم بطلانها ولو استبان انتفاء الاختصاص من بعد.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". بطلان. أمر الإحالة.
بطلان الإجراء طبقًا للمادة 336 إجراءات لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه ولا يتعلق بما سبقه من إجراءات تمت صحيحة ولا يؤثر فى قرار النيابة بإحالة الواقعة. أثر ذلك؟
1 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة انتهت فى مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوما المبين بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
2 - لما كان نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه" وهذه الأماكن قسائم متساوية فى القانون لا تفاضل بينها، كما أن العبرة فى الاختصاص المكانى إنما يكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة.
3 - من المقرر أن الأصل فى الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر ولا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر واقع، ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة - أن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار بقصد ارتكاب جنحة سرقة المنسوبة للطاعنين أن المكان الذى وقعت فيه جريمتهم والأماكن التى يقيمون فيها والتى قبض عليهم فيها هى جميعها تدخل فى نطاق دائرة محافظة.....، إلا أن الأعمال الإجرائية التى صدرت من الشرطة ومن نيابة.... قد بنيت على اختصاص انعقد لها بحسب الظاهر - حال اتخاذها بحكم العثور على جثة المجنى عليها فى دائرة اختصاصها. ومن ثم توافرت لها مقومات صحتها فلا يدركها البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وأن تراخى كشفه وظهوره إلى أن تم الدفع بعدم الاختصاص وقت المحاكمة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مكان وقوع الجريمة ومحال إقامة الطاعنين وضبطهم هو مدينة... التى تدخل فى اختصاص محكمة جنايات... ومن ثم تكون هذه المحكمة هى صاحبة الاختصاص بنظر الدعوى، وإذ كان الحكم قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والبطلان.
4 - لما كان البطلان المشار إليه طبقا للمادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات تمت صحيحة، كما أنه لا يؤثر فى قرار النيابة بإحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات، ولا يمكن أن يترتب على مثل هذا البطلان إعادة القضية إلى النيابة بل يكون لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح الإجراء الباطل طبقا للمادة 335 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بإحالة القضية إلى المحكمة المختصة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عمدًا مع سبق الإصرار المجنى عليها.... ذلك بأن استدرجوها لشقة المتهم الثالث وما أن تمكنوا منها حتى قاموا بكم فاهها وتوثيقها بالحبال فأحدثوا بها الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمة أخرى بأنه فى ذات الزمان والمكان سرقوا المصوغات الذهبية المبينة بالأوراق والمملوكة لذات المجنى عليها.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات....لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت فى..... بإجماع الآراء بإرسـال أوراق الدعوى بالنسبة للمتهمين جميعا عدا الرابع إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى الشرعى وحددت جلسة... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء عملا بالمـواد 230، 231، 314 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 1 من القانون نفسه. أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى والثالث بالإعدام شنقًا. ثانيًا: بمعاقبة المتهم الرابع بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. ثالثًا: وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين جميعًا بأن يؤدوا للمدعى بالحق المدنى بالتضامن فيما بينهم مبلغ وقدره ألفان وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض فى....إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمـة

أولا: - عن عرض النيابة العامة للقضية:
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة انتهت فى مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم..... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ثانيا: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم:
من حيث إن مما ينعاه الطاعنين على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والبطلان ذلك بأن الدفاع عنهم دفع بعدم اختصاص محكمة جنايات بنها - مكانيًا - بنظر الدعوى إلا أن الحكم اطرح ذلك الدفع بما لا يصلح قانونًا مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه رد على الدفع المبدى من الطاعنين بعدم اختصاص محكمة جنايات بنها - مكانيًا - بنظر الدعوى بقوله "الركن المادى للجريمة يتكون من جملة الأفعال المكونة لها حسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها وأنه يعتبر فاعلاً فى الجريمة كل من يدخل من الجناة فى ارتكابها بأى عمل من الأعمال المكونة لها. ولما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق ومما قرر به شاهد الإثبات واعتراف المتهم الأول بالتحقيقات أنه وفقًا للخطة الإجرامية التى اتفق عليها مع باقى المتهمين لقتل المجنى عليها وسرقة مصاغها الذهبية أن يتولى هو والمتهم الثالث نقل جثة المجنى عليها إلى مكان بعيد عن مكان ارتكابهم الواقعة تخلصا منها وحتى لا ينكشف أمرهم فقام المتهمين جميعا بنقل جثة المجنى عليها فى سيارة والد المتهم الثالث سالف الذكر وانطلق بها وإلى جواره المتهم الأول إلى منطقة نائية بدائرة قسم شرطة الخصوص وألقيا بجثة المجنى عليها بطريق ترعة..... حيث أبلغ أحد المواطنين صباح يوم الحادث قسم شرطة... بالعثور على جثة المجنى عليها ومن ثم يكون أحد أفعال الركن المادى لجريمة قتل المتهمين للمجنى عليها عمدًا مع سبق الإصرار لسرقة مصاغها الذهبية وهو ختام أفعال هذه الجريمة قد وقع بدائرة قسم شرطة... ومن ثم تكون الجريمة المسندة إلى المتهمين قد وقعت فى أحد أفعالها والذى يدخل فى ارتكابها وفقًا للخطة التى رسمها المتهمون وتوزيع أدوار تنفيذها بينهم بدائرة قسم الشرطة الأخير ومن ثم ينعقد الاختصاص المكانى لضابط الواقعة باعتباره رئيسًا لمباحث القسم بالتحرى والكشف عن مرتكبى هذه الجريمة وينعقد بالتالى الاختصاص لنيابة.... والتى عثر فى دائرتها على جثة المجنى عليها والذى أتى بها فى مكان ضبطها المتهمين الأول والثالث بالسيارة الأجرة قيادة الأخير على النحو السالف بيانه ومن ثم فإن كافة الإجراءات القانونية التى اتخذتها النيابة الأخيرة فى شأن ضبط المتهمين واستجوابهم بتحقيقاتها وحبسهم على ذمتها صحيح اختصاصها المحلى إعمالاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية والتى عقدت الاختصاص المحلى ضمن ما عقدت بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة ومن ثم ينعقد الاختصاص المحلى والحال كذلك لهذه المحكمة بوصفها المختصة قانونا بنظر جنايات قسم شرطة.... وهو الأمر الذى يتعين معه رفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوى". لما كان ذلك، وكان نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه "يتعين الاختصاص بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه" وهذه الأماكن قسائم متساوية فى القانون لا تفاضل بينها، كما أن العبرة فى الاختصاص المكانى إنما يكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة، ومن ثم فإنه وإن كان قد تم إلقاء جثة المجنى عليها فى منطقة..... التابعة لنيابة.....، وتم العثور عليها فيها ومن ثم تكون كافة الأعمال الإجرائية التى باشرتها سلطة الاستدلال فى شأن تحريها عن الواقعة ومرتكبيها، التى باشرتها نيابة الخانكة بشأن ضبط المتهمين واستجوابهم بتحقيقاتها. حيث اعترف أولهم بارتكابه هو والباقين للجريمة - وقيامها بحبسهم هى جميعها إجراءات صحيحة تتفق وصحيح القانون لما هو مقرر من أن الأصل فى الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر ولا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر واقع، ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق والمفردات المضمومة - أن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار بقصد ارتكاب جنحة سرقة المنسوبة للطاعنين أن المكان الذى وقعت فيه جريمتهم والأماكن التى يقيمون فيها والتى قبض عليهم فيها هى جميعها تدخل فى نطاق دائرة محافظة.....، إلا أن الأعمال الإجرائية التى صدرت من الشرطة ومن نيابة.... قد بنيت على اختصاص انعقد لها بحسب الظاهر - حال اتخاذها بحكم العثور على جثة المجنى عليها فى دائرة اختصاصها. ومن ثم توافرت لها مقومات صحتها فلا يدركها البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وأن تراخى كشفه وظهوره إلى أن تم الدفع بعدم الاختصاص وقت المحاكمة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مكان وقوع الجريمة ومحال إقامة الطاعنين وضبطهم هو مدينة... التى تدخل فى اختصاص محكمة جنايات.... ومن ثم تكون هذه المحكمة هى صاحبة الاختصاص بنظر الدعوى، وإذ كان الحكم قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والبطلان، وكان البطلان المشار إليه طبقا للمادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات تمت صحيحة، كما أنه لا يؤثر فى قرار النيابة بإحالة الواقعة إلى محكمة الجنايات، ولا يمكن أن يترتب على مثل هذا البطلان إعادة القضية إلى النيابة بل يكون لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح الإجراء الباطل طبقًا للمادة 335 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بإحالة القضية إلى المحكمة المختصة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات... المختصة بنظرها، دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين.