مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 70

(6)
جلسة 26 من أكتوبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، والسيد أحمد محمد الحسيني، وحسن عبد الحميد البرعى، وعبد الحليم أبو الفضل أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4166 لسنة 44 قضائية. عليا:

إصلاح زراعي - الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - إزالة التعدي على أراضيها - اختصاص وزير الزراعة أو من يفوضه.
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتبع وزير الزراعة وهو رئيس مجلس إدارتها؛ ومن ثم فإن الوزير المختص بإزالة التعديات على الأرض المملوكة للهيئة هو وزير الزراعة أو من يفوضه - أثر ذلك: المحافظ لا يختص بإزالة هذه التعديات؛ ومن ثم لا يجوز له أن يفوض مساعديه أو رؤساء الوحدات المحلية في ممارسة هذا الاختصاص - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 5/ 4/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائية عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4166 لسنة 44 قضائية عليا في الحكم الصادر في الدعوى رقم 4 لسنة 49 قضائية بجلسة 23/ 2/ 1998 من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية - الدائرة الأولى - والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
واختتم الطاعنان بصفتيهما تقرير الطعن - للأسباب الواردة فيه - بطلب تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانيًا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بمحضر الإعلان.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في موضوع الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة - فحص) بجلسة 12/ 1/ 2004 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 26/ 4/ 2004 للاطلاع وإخطار المطعون ضده، وبالجلسة المحددة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى (الدائرة السادسة - فحص) للاختصاص.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون الطعن الماثل بعدة جلسات، وبجلسة 15/ 3/ 2005 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 4/ 5/ 2005، ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة والجلسات التالية، ثم قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 26/ 10/ 2005، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 1/ 10/ 1994 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية عريضة الدعوى رقم 4 لسنة 49 قضائية طالبًا في ختامها الحكم:
أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 53 لسنة 1994 الصادر من الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو المطامير المتضمن إزالة التعديات الواقعة من الطالب والمتمثلة في إزالة المبنى وذلك لحين الفصل في الموضوع.
ثانيًا: في الموضوع بإلغاء القرار رقم 53 لسنة 1994 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثًا: إلزام الإدارة بالمصروفات.
وذلك على سند من القول بأنه يضع يده على مساحة 16س 7 ط 6ف منذ أكثر من خمسة عشر عامًا بعزبة ثابت وهدان بكوم الفرج مركز أبو المطامير وأثبتت المعاينة أنه القائم بزراعة هذه المساحة ودفع مقدم الثمن إلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو المطامير رقم 53 لسنة 1994 بإزالة ما نُسب إليه من تعديه وآخرين باستصلاح واستزراع مساحة 108 أفدنة بور من أرض الإصلاح الزراعي بالناحية المذكورة، فأقام إشكالاً في تنفيذ هذا القرار أمام محكمة أبو المطامير وقيد برقم 58 لسنة 1994 مدني أبو المطامير ولما كانت الجهة الإدارية في سبيلها إلى تنفيذ القرار المطعون فيه مما يؤدى إلى أضرار شديدة بالمطعون ضده؛ حيث إنه تم الوعد بالتعاقد بينه وبين الإصلاح الزراعي وأن الأرض زراعية وليست بورًا.
واختتم المطعون ضده صحيفة دعواه بطلب الحكم بطلباته آنفة الذكر.
ونظرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدعوى بعدة جلسات على النحو الثابت بمحضرها، وبجلسة 25/ 1/ 1996 حكمت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بعدم جواز نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لسبق الفصل فيه في الدعوى رقم 233 لسنة 49 قضائية المقامة من المطعون ضده وآخرين وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 23/ 3/ 2005 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية - الدائرة الأولى - بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن منطقة أبو المطامير للإصلاح الزراعي أخطرت الوحدة المحلية لمركز أبو المطامير بتاريخ 15/ 4/ 1994 بتعدي بعض المواطنين - ومن بينهم المطعون ضده - على مساحة من الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي بكوم الفرج مركز أبو المطامير استيلاء محمود ثابت وهدان، وعلى إثر ذلك أصدرت الوحدة المحلية القرار المطعون فيه رقم 53 لسنة 1994 بإزالة هذه التعديات، فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر معيبًا بعيب عدم الاختصاص، حيث ينعقد الاختصاص بإزالة التعدي على الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي لوزير الزراعة أو من يفوضه ولا يعد كتاب منطقة الإصلاح الزراعي بأبو المطامير للوحدة المحلية بمركز ومدينة أبو المطامير تفويضًا لها في ذلك الاختصاص، إذ إن المنطقة المذكورة ليست مختصة أصلاً بإصداره، ومن ثم فلا تملك التفويض فيه بمراعاة أن المختص قانونًا بإصداره طبقًا لنص المادة (970) من القانون المدني هو وزير الزراعة باعتباره الوزير المختص بالنسبة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفًا لأحكام القانون فيما تضمنه من إزالة تعدى المطعون ضده على أملاك الإصلاح الزراعي لصدوره مشوبًا بعيب عدم الاختصاص، جديرًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلقَ قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد بادرت بإقامة الطعن الماثل عليه وذلك على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره فضلاً عن مخالفته للمبادئ المستقرة للمحكمة الإدارية العليا في هذا الصدد ذلك أن المادة (970) من القانون المدني قد حظرت التعدي على الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة، كما حظرت تملك هذه الأموال بالتقادم أو كسب أي حق عيني عليها. كما خولت المادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 للمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، وله أن يفوض رؤساء الوحدات المحلية في ذلك وفقًا لحكم المادة (31) من القانون المشار إليه. ولما كانت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هي من الهيئات العامة وأموالها من الأموال العامة المملوكة للدولة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من مختص، إذ إن محافظ البحيرة قد فوض رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو المطامير بإزالة التعديات على أملاك الدولة الخاصة بموجب قراره رقم 1045 لسنة 1979، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر من المختص بإصداره ويكون بذلك بمنأى عن عيب عدم المشروعية، ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير ذلك مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن مشروعية القرار المطعون فيه فإن المادة (970) من القانون الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 معدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 والقانون رقم 55 لسنة 1970 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 8/ 1970 تنص على أنه "في جميع الأحوال لا تكتسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاثٍ وثلاثين سنة.
ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام التابعة لأيهما، والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريًا".
وتنص المادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن "...... للمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قد أسبغ حمايته على أملاك الدولة العامة والخاصة وحظر تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم أو التعدي عليها، وخول الوزير المختص أو المحافظ المختص أو من يفوضه أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية هذه الأملاك وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري.
ومن حيث إن المادة (12) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي تنص على أن "تنشأن هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزارة الإصلاح الزراعي وإصلاح الأراضي...وتتولى الهيئة عمليات الاستيلاء والتوزيع وإدارة الأراضي المستولى عليها....
ويتولى إدارة الهيئة مجلس إدارة يشكل بقرار من رئيس الجمهورية.......".
ولما كانت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتبع حاليًا وزير الزراعة وهو رئيس مجلس إدارتها فإن الوزير المختص بإزالة التعديات على الأراضي المملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي هو وزير الزراعة أو من يفوضه. ولما كان الثابت من الأوراق أنه لم يصدر تفويض من وزير الزراعة إلى المحافظ المختص بإزالة التعديات على الأراضي المستولى عليها من قبل الإصلاح الزراعي فإن محافظ البحيرة يكون غير مختص بذلك. ومن ثم لا يجوز له أن يفوض مساعديه أو رؤساء الوحدات المحلية في ممارس هذا الاختصاص.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده وآخرين قد قاموا بالتعدي على مساحة 16س 7 ط 6 ف بكوم الفرج مركز أبو المطامير محافظة البحيرة ضمن المساحة المستولى عليها قبل الخاضع محمود ثابت وهدان وأن منطقة أبو المطامير للإصلاح الزراعي أخطرت الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو المطامير بتاريخ 5/ 4/ 1994 بتعدي بعض المواطنين - ومن بينهم المطعون ضده - فأصدر رئيس الوحدة المحلية القرار المطعون عليه بإزالة التعدى على الأراضي المملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر معيبًا بعيب عدم الاختصاص؛ حيث ينعقد الاختصاص بإزالة هذا التعدي لوزير الزراعة بصفته الوزير المختص أو من يفوضه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه رفض هذا الطعن، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.