مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 102

(10)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. حمدي محمد أمين الوكيل، محمد الشيخ علي أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور علي منصور - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد جميل - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4529 لسنة 48 قضائية. عليا:

سلك دبلوماسي وقنصلي ومكاتب إعلامية بالخارج - جواز نقل العاملين بها قبل انقضاء الحد الأقصى لمدة عملهم بالخارج.
المادة الثالثة من لائحة العاملين بمكاتب الإعلام بالخارج، الصادرة بقرار وزير الإعلام رقم 103 لسنة 1982، والمادتان (6) و(13) من ذات اللائحة، والمادة (26) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982.
لائحة العاملين بمكاتب الإعلام بالخارج قد حددت كيفية تشكيل هيئة المكتب الإعلامي بالخارج بحيث يضم هذا التشكيل ملحقًا إداريًا لا تقل درجته عن الدرجة الرابعة، وأن يكون الحد الأقصى لمدة عمله بالخارج ثلاث سنوات، وقد أحالت هذه اللائحة إلى أحكام قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي لتسرى على العاملين بالمكاتب الإعلامية بالخارج وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللائحة - المشرع في قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي أجاز لجهة الإدارة نقل العامل قبل انقضاء هذه المدة، إذا اقتضت ذلك مصلحة العمل، وفقًا لحكم المادة (26) من القانون المذكور - إعمال هذه القواعد في مجال النشاط الإعلامي بالخارج يضحى أكثر دقة، إذ لا يتصور أن يفرض على الجهة الإدارية بقاء أحد العاملين في مجال النشاط الإعلامي في موقعه بالخارج إذا استبان لها أن ثمة اعتبارات ملحة تدعو إلى تغيير هذا الموقع لدواعي المصلحة العامة، فلا يمكن غل يدها عن اتخاذ ما تراه كفيلاً لمواجهة الاعتبارات والأوضاع المرتبطة بالنشاط ما دام قرارها قد خلا من شائبة الانحراف بالسلطة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 6/ 3/ 2002 أودع الأستاذ/ محمد البنا نائبًا عن الأستاذ/ أحمد ناصر (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة التاسعة - بجلسة 7/ 1/ 2002 في الدعوى رقم 4844 لسنة 54 ق الذي قضى أولاً: بالنسبة للطلب الأول باعتبار الخصومة منتهية ثانيًا: بالنسبة لطلب التعويض بقبوله شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام المدعى والجهة الإدارية مناصفةً بمصروفات الطلبين.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بطلبات الطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على الوجه الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد نظرت المحكمة الطعن فحصًا وموضوعًا على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 2/ 2000 أقام الطاعن الدعوى رقم 4844 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري - الدائرة التاسعة طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 421 لسنة 1999 بإنهاء إلحاقه بالمكتب الإعلامي بالرباط، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف منحة الأشهر الثلاثة المقررة قانونًا للنقل الفجائي، وتعويضه عن الأضرار التي أصابته من جراء القرار الطعين لعدم استكمال مدة السنوات الثلاث المقررة لشغل تلك الوظيفة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى (الطاعن) - شرحًا لدعواه - أنه بتاريخ 19/ 8/ 1997 صدر القرار رقم 238 لسنة 1997 بإلحاقه بوظيفة ملحق إداري بالمكتب الإعلامي بالرباط، وقد تسلم عمله بتاريخ 17/ 12/ 1997، وأثناء تواجده بالقاهرة لقضاء إجازته السنوية أصيب بنزيف حاد والتهاب بالكبد، وتم عرضه على القومسيون الطبي الذي أوصى بمنحه إجازة مرضية لمدة 60 يومًا بأجر كامل جددت لمدد أخرى تنتهي في 14/ 3/ 2000 وذلك لإصابته بتليف كبدي واستسقاء بالبطن، وقد فوجئ أثناء مرضه بصدور القرار رقم 421 لسنة 1999 بتاريخ 6/ 12/ 1999 بإنهاء إلحاقه بالعمل بالخارج اعتبارًا من 1/ 11/ 1999، وقد علم بهذا القرار في 18/ 12/ 1999، وتظلم منه بذات التاريخ إلا أن جهة الإدارة لم ترد على تظلمه. ونعى المدعى (الطاعن) على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على الوجه الموضح تفصيلاً بصحيفة دعواه، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
وبجلسة 5/ 2/ 2001 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في باقي الطلبات.
وبجلسة 11/ 1/ 2002 قضت المحكمة في الشق الموضوعي من الدعوى أولاً: بالنسبة إلى الطلب الأول: باعتبار الخصومة منهية. ثانيًا: بالنسبة إلى طلب التعويض بقبوله شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام المدعي والجهة الإدارة مناصفة بمصروفات الطلبين.
وقد شيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب صرف منحة الأشهر الثلاثة المقررة للنقل الفجائي على أساس أن وزير الإعلام قد وافق بتاريخ 30/ 4/ 2000 - أثناء السير في الدعوى - على صرف تلك المنحة، ومن ثم تصبح الخصومة بالنسبة لهذا الطلب غير ذات موضوع، وانتهت المحكمة إلى اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لهذا الطلب، وألزمت الهيئة المدعى عليها مصروفاته.
وبالنسبة لطلب التعويض فقد أسست المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت أحكام المواد (3)، (6) ، (13) من لائحة العاملين بمكاتب الإعلام بالخارج الصادرة بقرار وزير الإعلام رقم 103 لسنة 1982، والمادة (26) من القانون رقم 45 لسنة 1982 بشأن نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي - على أن المدعى - نظرًا لظروفه المرضية - قد حصل على إجازات مرضية وعادية لفترات مختلفة مما كان له أثره السلبي على حسن سير العمل وانتظامه، ومراعاةً لمصلحة العمل فقد أصدرت الجهة الإدارية القرار المطعون فيه بإنهاء إلحاق المدعي بالوظيفة المشار إليها اعتبارًا من 1/ 11/ 1999، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر صحيحًا متفقًا مع أحكام القانون، بما يترتب عليه تخلف ركن الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة، ويكون طلب التعويض غير قائم على سند صحيح خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند أن النتيجة التي استخلصها الحكم المطعون فيه والتي استند إليها لتبرير القرار الطعين وهي أن المرض الذي أصيب به الطاعن وحال دون قيامه بأدائه العمل وحصوله على إجازات مرضية لفترات مختلفة كان له أثره السلبي على حسن سير العمل وانتظامه، وتلك النتيجة جاءت على نحو يخالف صحيح الواقع الذي يشهد بأن جهة الإدارة أصدرت قرارها المطعون فيه ولم يكن قد مضى على مرض الطاعن سوى شهر وأربعة عشر يومًا فقط وهى فترة غير كافية لإمكان القول بأن مصلحة العمل قد تأثرت بمرض الطاعن، كما أنه لا يسند جهة الإدارة عند إصدارها للقرار المطعون فيه ما تذرعت به واستندت إليه من أن قرارها صدر بدافع تحقيق المصلحة العامة؛ ذلك لأن رعاية مصلحة العامل المريض والتقيد بما سنه المشرع ونظمه من أحكام ترضى العامل المريض تحقق - أيضًا - المصلحة العامة.
وأضاف الطاعن في تقرير طعنه أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن جميع أوجه دفاع الطاعن ولم يعقب عليها مما ينطوي على إخلال جسيم بحق الدفاع وخاصة ما أبداه من أن جهة الإدارة كان يتعين عليها صرف كامل أجره خلال فترة مرضه بذات الأجر الذي كان يتقاضاه أثناء إلحاقه بالعمل كملحق إداري بمدينة الرباط. كما أن المحكمة قد التفتت عما تكبده الطاعن من أضرار جسيمة أصابته من جراء القرار المطعون فيه، كما التفتت المحكمة عما هو مقرر للطاعن من الحق في استكمال مدة إلحاقه بالعمل بالخارج.
ومن حيث إنه ولئن كانت محكمة أول درجة قد أغفلت الحكم في طلب إلغاء القرار المطعون فيه عند تصديها للشق الموضوعي من الدعوى، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري يعيد طرح المنازعة برمتها على المحكمة الإدارية العليا بكافة عناصرها والطلبات المبداة فيها، وتنزل في شأنها حكم القانون، حيث يتعين التعرض لكافة جوانب المنازعة التي كانت مطروحة أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه عن طلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء إلحاق الطاعن بالمكتب الإعلامي بمدينة الرباط اعتبارًا من 1/ 11/ 1999، فإنه بمطالعة أحكام لائحة العاملين بمكاتب الإعلام بالخارج الصادرة بقرار وزير الإعلام رقم 103 لسنة 1982 يبين أن المادة الثالثة منها تنص على أن "تتكون هيئة مكتب الإعلام بالخارج من الفئات الآتية كلها أو بعضها: 1 - رئيس لا تقل درجته عن الدرجة الأولى......... 2 - ملحق إداري لا تقل درجته عن الدرجة الرابعة......... ".
وتنص المادة (6) من ذات اللائحة على أن "يكون الحد الأقصى للعمل بمكاتب الإعلام بالخارج على النحو التالي:
أ - 4 سنوات بالنسبة لرؤساء المكاتب والمستشارين والملحقين الإعلاميين.
ب - سنتان لعامل اللاسلكي والأمن.
ج - 3 سنوات بالنسبة لباقي الوظائف بالمكاتب الإعلامية".
وتنص المادة (13) من اللائحة المشار إليها على أن "تسري أحكام القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي والتعديلات التي تطرأ والقرارات والتعليمات الصادرة من وزارة الخارجية بشأن المعاملة المالية والمزايا المقررة للعاملين بالسلك الدبلوماسي، وكذا فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة".
وتنص المادة (36) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982 على أن "مع عدم الإخلال بحكم المادة السابقة، تتم تنقلات بقية أعضاء السلك بين الديوان العام والبعثات التمثيلية في الخارج بحيث لا تزيد مدة خدمة العضو في الخارج على أربع سنوات متصلة في المرة الواحدة يجرى النقل بعدها إلى الديوان العام ويجوز نقلهم من بعثة لأخرى أو إلى الديوان العام قبل انقضاء هذه المدة إذا اقتضت ذلك مصلحة العمل...".
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن لائحة العاملين بمكاتب الإعلام بالخارج قد حددت كيفية تشكيل هيئة المكتب الإعلامي بالخارج بحيث بضم هذا التشكيل ملحقًا إداريًا لا تقل درجته عن الدرجة الرابعة وأن يكون الحد الأقصى لمدة عمله بالخارج ثلاث سنوات، وقد أحالت هذه اللائحة إلى أحكام قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي لتسرى على العاملين بالمكاتب الإعلامية بالخارج وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللائحة.
ومن حيث إنه ولئن كان الحد الأقصى للعمل بالمكاتب الإعلامية بالخارج بالنسبة لوظيفة ملحق إداري هو ثلاث سنوات وفقًا لأحكام اللائحة سالفة الذكر، إلا أن المشرع في قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي قد أجاز لجهة الإدارة نقل العامل قبل انقضاء هذه المدة إذا اقتضت ذلك مصلحة العمل وفقًا لحكم المادة (26) من القانون المذكور.
ومن حيث إنه من المسلم به أن نقل العامل من مكان إلى آخر أو من وظيفة إلى أخرى مناطه كأصل عام تحقيق المصلحة العامة وما تتطلبه من حماية حسن سير العمل وانتظامه، وبهذه المثابة فإن ممارسة الإدارة لهذا الاختصاص تتوافر كلما دعت اعتبارات المصلحة العامة إلى وجوب التدخل لإجرائه، ذلك أن الموظف لا ينهض له أصل حق في التمسك في البقاء في موقع معين قد تستوجب اعتبارات المصلحة العامة إخلاءه منه أو نقله إلى موضع آخر، باعتبار أن مركز العامل هو مركز لائحي تنظيمي وليس مركزًا تعاقديًا، ولا رقابة للقضاء الإداري على جهة الإدارة ما دام أن قرارها بنقل العامل قد خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، فإن إعمال هذه القواعد في مجال النشاط الإعلامي بالخارج يضحى أكثر دقة، إذ لا يتصور أن يفرض على الجهة الإدارية بقاء أحد العاملين بها في مجال النشاط الإعلامي بالخارج في موقعه بالخارج إذا استبان لها أن ثمة اعتبارات ملحة تدعو إلى تغيير هذا الموقع لدواعي المصلحة العامة، فلا يمكن غل يدها عن اتخاذ ما تراه كفيلاً لمواجهة الاعتبارات والأوضاع المرتبطة بالنشاط ما دام قرارها قد خلا من شائبة الانحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أنه قد صدر قرار وزير الإعلام رقم 238 لسنة 1997، بتاريخ 19/ 8/ 1997 بإلحاق الطاعن بالمكتب الإعلامي بالرباط بوظيفة ملحق إداري اعتبارًا من تاريخ استلامه العمل الحاصل في 17/ 12/ 1997، ونظرًا للظروف المرضية التي ألمت به فقد حصل على إجازات مرضية اعتبارًا من 16/ 9/ 1999؛ وذلك لإصابته بتليف في الكبد وتضخم في الطحال واستسقاء بالبطن ودوالي مريء، وفقًا لقرار اللجنة الطبية العامة - فرع شمال الصعيد - المحرر بتاريخ 20/ 9/ 1999.
ولما كانت الحالة الصحية للطاعن وحصوله على إجازات مرضية عديدة قد حالت بينه وبين أداء عمله بانتظام مما كان له بلا شك تأثير سلبي على سير العمل بالمكتب الإعلامي بالرباط بحسبان أن قوة العمل محدودة في هذا المكتب وفقًا للتشكيل المقرر والسالف بيانه، فقد صدر قرار وزير الإعلام المطعون فيه رقم 421 لسنة 1999 بتاريخ 6/ 12/ 1999 بإنهاء إلحاق الطاعن بمكتب الرباط وإعادته للعمل بالقاهرة، ومن ثم يكون هذا القرار قد توخى مصلحة العمل وحسن سير المرفق وانتظامه، ويكون لذلك قد استقام على سببه المبرر له في الواقع والقانون، غير منحرف بقصده عن المصلحة العامة، مما يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه.
ومن حيث إنه عن طلب صرف منحة النقل المفاجئ، فإنه من المقرر أن مهمة المحاكم إنما تقتصر على الفصل فيما يثار أمامها من خصومات مناط استمرارها بقاء النزاع فيها، وإن الخصومة تنتهي وتنقضي في النزاع القائم أمام المحكمة متى استجاب الخصم لطلبات خصمه التي أقام بها دعواه ابتغاء القضاء له بها، الأمر الذي تضحى معه آنذاك الدعوى المطروحة غير ذات موضوع، ويتعين على المحكمة والحال كذلك أن تقضى بانتهاء الخصومة في الدعوى، إذ ليس لها في ضوء ذلك أن تتعرض لموضوع الدعوى أو تتصدى له، متى أصبح النزاع منتهيًا.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك، وكان الثابت من الأوراق أن وزير الإعلام قد وافق بتاريخ 30/ 4/ 2000 وأثناء نظر الدعوى على صرف منحة الأشهر الثلاثة المقررة للنقل المفاجئ ومن ثم تضحى الخصومة بالنسبة لهذا الطلب غير ذات موضوع، مما يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لهذا الطلب.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض، فإن مسئولية جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية غير المشروعة منوطة بتوافر ثلاثة أركان: الخطأ: بأن يكون القرار قد أصابه وجه أو أكثر من أوجه عدم المشروعية، وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإذا انتفى ركن من هذه الأركان الثلاثة انهارت مسئولية جهة الإدارة.
ومن حيث إنه كانت المحكمة قد انتهت في قضائها إلى صحة القرار المطعون فيه، وقيامه على سببه المبرر له في الواقع والقانون حسبما سلف البيان، ومن ثم لا يكون ثمة خطأ يمكن نسبته إلى جهة الإدارة، ويكون طلب التعويض غير قائم على سند من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة - على خلاف في الأسباب - فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون جديرًا بالرفض.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.