مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 111

(11)
جلسة 17 من نوفمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن علي غربي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده، ومحمد الأدهم محمد حبيب ومحمد لطفي عبد الباقي جودة، وعبد العزيز أحمد حسن محروس - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد ماهر عافية - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغنى جوده - أمين السر

الطعن رقم 3027 لسنة 44 قضائية. عليا:

موظف - تأديب - حدود مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية.
مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية لا تنصرف إلى تحميله كل المخالفات التي تقع في الأعمال التنفيذية التي تتم بمعرفة العاملين تحت رئاسته وخاصة فيما يقع منهم من تراخٍ في التنفيذ، أو التنفيذ على وجه لا يتفق والتعليمات - أساس ذلك: أن الرئيس الإداري ليس مطلوبًا منه أن يحل محل كل عامل تحت رئاسته في أدائه لواجبات وظيفته لتعارض ذلك مع طبيعة تنظيم العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكامل - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 25/ 2/ 1998 أودعت هيئ قضايا الدولة بصفتها نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه، والقاضي منطوقه بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن - ولما ورد به من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بتأييد القرار رقم 465 لسنة 96 فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم ثلاثين يومًا من راتبه، ورفض الطعن التأديبي رقم 733 لسنة 25 ق، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني التزمت فيه الرأي. وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 2/ 1/ 2002 أمام الدائرة السابعة عليا فحص وبها نظر وفيها طلب الحاضر عن المطعون ضده أجلاً للمستندات والمذكرات.
وبتاريخ 20/ 1/ 2001 قدم وكيل المطعون ضده مذكرة دفاع.
وبجلسة 13/ 4/ 2002 قررت المحكمة إحالة الطعن للدائرة السابعة عليا موضوع، وقد تحدد لنظره جلسة 16/ 6/ 2002، وبها نظر وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 1/ 2/ 2004 قررت المحكمة إحالة الطعن للدائرة الثامنة عليا موضوع للاختصاص، وقد تحدد لنظره جلسة 13/ 1/ 2005، وبها نظر وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 13/ 10/ 2005 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن: فإن عناصر المنازعة تخلص في أن "المطعون ضده" الطاعن في الطعن التأديبي رقم 733 لسنة 25 ق، سبق أن أقام طعنه المشار إليه طالبًا الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الأمر التنفيذي رقم 465 لسنة 96 الصادر في 1/ 7/ 1996 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثين يومًا من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
على سند من القول بأنه يعمل طبيبًا بالوحدة الصحية بمنشأة سلطان مركز منوف، وقد فوجئ بصدور الأمر التنفيذي رقم 263 في 2/ 4/ 1996 متضمنًا مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه لما نسب إليه من:
"أ" بوصفه رئيس الوحدة الصحية بمنشأة سلطان حرر شهادة طبية للمواطن....... ضمنها خلوه من الأمراض الباطنة والمعدية وخلوه من العاهات الخلقية حال حظر التعليمات صدورها عن الوحدة وعدم تقدم صاحبها بطلب رسمي مدموغ حال عدم سداده الرسوم المقررة وحال عدم إجراء التحاليل الطبية اللازمة.
"ب" أهمل في الإشراف على الثانية حال إغفالها التوريد والتسجيل لمقابل تحاليل فصائل الدم بواقع 155 قرشًا لكل حالة بعدد (45) حالة بيد أن الجهاز المركزي للمحاسبات اعتراض على الجزاء، وقد صدر القرار رقم 465 لسنة 1996 بتاريخ 1/ 7/ 1996 متضمنًا مجازاته بخصم ثلاثين يومًا من راتبه بدلاً من عشرة أيام، وقد نعى الطاعن على قرار الجزاء مخالفته للقانون، استنادًا إلى صدوره بعد سقوط حق الجهاز المركزي للمحاسبات في الاعتراض.
وبجلسة 27/ 12/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه. وشيدت قضاءها على سند من أن ما ذكره الطاعن بصحيفة الطعن للتدليل على مخالفة القرار المطعون فيه للقانون تأخذ به المحكمة في ضوء عدم تقديم جهة الإدارة سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع حتى يمكن للمحكمة أن تراقب مدى صحة السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل ينحصر في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أن المطعون ضده خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدِ عمله المنوط به بدقة وأمانة وخالف التعليمات المنظمة للعمل، الأمر الذي يشكل في حقه مخالفة تأديبية مما يستوجب مساءلته ومجازاته تأديبيًا، وأن القرينة التي قام عليها الحكم المطعون فيه من عدم تقديم المستندات قابلة لإثبات العكس إذ سوف تقدم المستندات بمرحلة الطعن.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة أودعت أثناء تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة ملف التحقيق الذي أجرى من المطعون ضده والمستندات اللازمة للفصل في الطعن والذي صدر بشأنه القرار المطعون عليه، ومن ثم تضحى قرينة النكول التي بني الحكم المطعون فيه عليها قضاءه قد سقطت، وأصبح العن مهيأ للفصل في موضوعه وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد نسب إليه أثناء تأديته لأعمال وظيفته وبصفته طبيب ورئيس الوحدة الصحية بمنشأة سلطان مركز منوف وخلال شهر ديسمبر سنة 1994.
1 - حرر شهادة طبية للمواطن/........... ضمنها خلوه من الأمراض الباطنية والمعدية وخلوه من العاهات الخلقية حال حظر التعليمات صدورها عن الوحدة وحال عدم تقديم صاحبها بطلب رسمي مدموغ وعدم سداده الرسوم المقررة وعدم إجراء التحاليل الطبية اللازمة على النحو الموضح بالأوراق.
2 - أهمل في الإشراف على الثانية/........ الكاتبة بالوحدة الصحية بمنشأة سلطان حال إغفالها التوريد والتسجيل لمقابل تحاليل فصائل الدم بواقع (155) قرشًا لكل حالة بعدد (45) حالة على النحو الموضح بالأوراق.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة أوراق التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية بشبين الكوم - القسم الثاني - بالقضية رقم 267 لسنة 1996 أن المخالفة الأولى المنسوبة للمطعون ضده ثابتة في حقه من واقع اعترافه الثابت بالتحقيقات ومما قررته/............. الكاتبة بالوحدة الصحية بمنشأة سلطان التابعة لإدارة منوف الطبية وكذلك ما شهدت به............ مفتش مالي وإداري بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية.
ومن ثم فإن واقعة قيام المطعون ضده بتحرير شهادة طبية للمواطن/............. بخلوه من الأمراض ليستعملها في استخراج رخصة بدون تحصيل أي رسوم لمصلحة الوحدة الصحية مقابل استخراجها علمًا بأن التعليمات تحظر إصدار مثل هذه الشهادات عن طريق الوحدة الصحية، وقد أفادت جهة الإدارة بوجود تعليمات من مديرية الشئون الصحية موزعة على الإدارات الصحية متضمنة تحديد الجهات المختصة بإصدار مثل هذه الشهادات والرسوم المقررة لاستخراج هذه الشهادات، فإن هذه الواقعة ثابتة في حقه ثبوتًا يقينيًا، مما يتعين مجازاته عنها تأديبيًا لمخالفته للقانون.
أما فيما يتعلق بالمخالفات الثانية وهى إهماله في الإشراف على الكاتبة بالوحدة الصحية/.............. حال إغفالها التوريد والتسجيل لمقابل تحاليل فصائل الدم بواقع (155) قرشًا لكل حالة بعدد (45) حالة.
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية لا تنصرف إلى تحميله كل المخالفات التي تقع في الأعمال التنفيذية التي تتم بمعرفة العاملين تحت رئاسته وخاصة فيما يقع منهم من تراخٍ في التنفيذ أو التنفيذ على وجه لا يتفق والتعليمات لأن الرئيس الإداري ليس مطلوبًا منه أن يحل محل كل عامل تحت رئاسته في أدائه لواجبات وظيفته لتعارض ذلك مع طبيعة تنظيم العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكامل.
ومن حيث إنه لما كان المطعون ضده يعمل طبيبًا بشريًا ورئيسًا للوحدة الصحية بمنشأة سلطان؛ فإن إشرافه على العمل الإداري بالوحدة يكون في حدود ما يعرض عليه منها، وإذ لم يثبت أن إغفال الكاتبة توريد وتسجيل مقابل تحاليل فصائل الدم بواقع (155) قرشًا لكل حالة قد بلغ علم المطعون ضده فإن مسئولية ذلك تقع على كاتبة الوحدة الصحية وحدها دون أن تتعداها إلى المطعون ضده، الأمر الذي ينفى وصف المخالفة في حقه، وتكون المخالفة الثانية غير ثابتة في حقه.
ولما كان ذلك كذلك وكان قرار مجازاة المطعون ضده بخصم أجر ثلاثين يومًا من راتبه قائمًا على أساس ارتكابه المخالفتين سالفتي الذكر وكانت المخالفة الأولى فقط هي الثانية في حقه فإنها لا تكفى لحمل قرار مجازاته محمل الصحة، فمن ثم يكون قرار مجازاته قد صدر استنادًا إلى غير كامل سببه بما يصمه بعيب مخالفة القانون، ويتعين الحكم بإلغائه وبمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة أيام من راتبه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ما تقدم، فإنه يكون قد جانبه الصواب متعين الإلغاء والقضاء بتعديل قرار الجزاء المطعون فيه ليكون بمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة أيام من راتبه بدلاً من خصم شهر من راتبه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، وبتعديل قرار الجزاء المطعون فيه ليكون بمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة أيام من راتبه بدلاً من خصم شهر من راتبه.