مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 126

(14)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور علي منصور - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سيد سلطان - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3968 لسنة 48 قضائية. عليا:

إدارات قانونية - التعيين بطريق النقل أمر جوازي لجهة الإدارة.
المواد (14) و(15) و(16) من قانون الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1973، والمادتان (1) و(2) من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978.
التعيين بطريق النقل في الوظائف الخالية بالإدارات القانونية أمر جوازي لجهة الإدارة تترخص فيه بسلطة تقديرية في ضوء الاعتبارات التي تتكفل بوزنها وتقدير مناسباتها بحسب ما تراه أدنى إلى تحقيق المصلحة العامة، فلم يجعل المشرع التعيين بطريق النقل أمرًا واجبًا على جهة الإدارة إجراؤه على سبيل الحتم والإلزام، ومن ثم فلا يعتبر من قبيل التسويات - أساس ذلك: التسوية لا تعدو أن تكون إجراءً تنفيذيًا للقانون أو اللائحة، ويستمد العامل حقه مباشرة من القانون أو القاعدة التنظيمية التي تقرر هذا الحق، ولا تتمتع جهة الإدارة بسلطة تقديرية فيها - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 2/ 2002 أودع الأستاذ/ حمودة حسن زيدان (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3968 لسنة 48 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - بالإسماعيلية - الدائرة الثانية - شرقية - بجلسة 23/ 12/ 2001 في الدعوى رقم 3904 لسنة 6 ق القاضي بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا على النحو الوارد بالأسباب، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بتسوية حالته بنقله من الدرجة القانونية كمحامٍ بالجامعة أسوة بحالة الزميل وتطبيقًا لصحيح القانون، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن على الوجه المقرر قانونًا.
وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً لرفعه بعد الميعاد وإلزام الطاعن مصروفاته، وبقبول الطلب الاحتياطي شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر هذا الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون، وقررت إصدار الحكم بجلسة 29/ 5/ 2005، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن الماثل تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن بتاريخ 26/ 9/ 1998 أقام الدعوى رقم 2468 لسنة 3 ق أمام المحكمة الإدارية بالإسماعيلية بطلب الحكم بأحقيته في تسوية حالته كمحامٍ بدرجته الوظيفية والمالية المستحقة أسوة بزميلته....... وزميله......... مع نقله إلى الإدارة القانونية وما يترتب على ذلك من آثار.
وبيانًا لدعواه قرر الطاعن أنه حاصل على ليسانس الحقوق عام 1982 ومقيد بالجدول العام بنقابة المحامين من 24/ 2/ 1983 وابتدائي من 20/ 6/ 1985، وظل يمارس أعمال المحاماة من مكتب خاص إلى أن عين بجامعة الزقازيق عن طريق القوى العاملة من 1/ 5/ 1987 بوظيفة بمجموعة التنمية الإدارية، وقد صدر القرار رقم 823 في 24/ 9/ 1987 بنقل السيدة/......... - بالدرجة الثالثة تنمية إدارية - إلى الإدارة العامة للشئون القانونية. كما صدر القرار رقم 881 لسنة 1997 بإعادة تعيين زميله السيد/.......... على وظيفة محامٍ بإدارة المستشفيات الجامعية - وأنه تظلم من هذين القرارين، وطالب بتسوية حالته بنقله إلى الإدارة العامة للشئون القانونية أسوة بزميليه المذكورين وآخرها الطلب المؤرخ 2/ 9/ 1997 بعد تأكده من وجود درجات شاغرة إلا أنه تم رفض طلبه، وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية للاختصاص، وقيدت بجدولها برقم 3904 لسنة 6 ق.
وبجلسة 23/ 12/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه قاضيًا في منطوقه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها، وذلك على النحو الوارد بالأسباب، وإلزام المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بشكل الدعوى بأن المدعى يطلب الحكم بتسوية حالته بنقله من المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية إلى المجموعة النوعية لوظائف القانون أسوة بزميلته.......، وزميله........، وأن هذه الدعوى من قبيل التسويات التي لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء، ومن ثم تكون مقبولة شكلاً، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى أقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت المادتين (8)، (11) من القانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه لا يجوز النقل من مجموعة نوعية إلى مجموعة نوعية أخرى ، فقد حظرت المادة (11) النقل من المجموعات النوعية واعتبرت كل مجموعة وحدة واحدة متميزة في مجال التعيين والترقية والنقل، والثابت بالأوراق أن المدعي حاصل على ليسانس الحقوق سنة 1982، وعين بجامعة الزقازيق في 1/ 5/ 1987 بوظيفة موجه إداري ثان بإدارة التوجيه الإداري وتم تسكينه على هذه الوظيفة اعتبارًا من 20/ 8/ 1987 ورضي بذلك ولم يطعن عليه في حينه واستمر في العمل في المجموعة النوعية التي سكن عليها إلى أن رقي للوظيفة الأعلى في ذات المجموعة النوعية وهي الدرجة الثانية، وذلك اعتبارًا من 1/ 1/ 1999، الأمر الذي يكون معه طلبه بنقله من المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية إلى المجموعة النوعية لوظائف القانون مخالفًا لصريح نص المادة (11) الذي حظر النقل بين المجموعات النوعية واعتبر كل مجموعة وحدة واحدة متميزة في مجال التعيين والترقية والنقل، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون للخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع لأسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف المادة (9) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978، الذي يقضى بنقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الوظائف المعتمدة والمعادلة لوظائفهم في تاريخ اعتماد مشروع ترتيب الوظائف، وذلك بقرار من السلطة المختصة بعد العرض على لجنة شئون العاملين إذا اتفقت درجة الوظيفة المعادلة طبقًا لتقييمها مع درجة شاغل الوظيفة وتوافرت فيه شروط شغلها وأن الجهة الإدارية لدى تعيينه لم تسكنه على الوظيفة المناسبة لمؤهله وقيده بنقابة المحامين وتم تسكينه على مجموعة التنمية الإدارية، وتظلم من قرار التسكين بتظلمه المؤرخ 29/ 9/ 1987 قبل تحصن قرار تسكينه المؤرخ 20/ 8/ 1987، كما ردت الجهة الإدارية بكتابها المؤرخ 29/ 9/ 1997 على طلب النقل بأن السيد أمين عام الجامعة قرر أنه لا يجوز الالتحاق بالشئون القانونية إلا عن طريق إعلان ومسابقة، وأن الجهة الإدارية قامت بنقل الزميلة.......... - إلى الإدارة القانونية بوظيفة محام بالقرار رقم 823 بتاريخ 24/ 9/ 1987، كما قامت بإعادة تعيين الزميل/ .............. بوظيفة محامٍ، على الرغم من أن كلاً منهما كان مسكنًا على المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية وقد تخطته الجهة الإدارية في النقل إلى وظيفة محام بالإدارة القانونية بالجامعة أسوة بحالة المثل طبقًا لمبدأ حالة المثل المستقر عليه بالقضاء الإداري.
ومن حيث إن البين من مطالعة قانون الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1973 أنه نظم طرق شغل الوظائف الفنية في الإدارات القانونية الخاضعة لهذا القانون فنصت المادة (14) على أنه "مع مراعاة ما هو منصوص عليه في المادة التالية يكون التعيين في وظائف الإدارات القانونية في درجة محام ثالث فما يعلوها بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة.........". وتنص المادة (15) على أنه "يجوز أن يعين رأسًا في الوظائف الخاضعة لأحكام هذا القانون من غير الخاضعين لأحكامه في حدود ربع الوظائف الخالية........". وتنص المادة (16) على أن تعتبر وظائف مديري وأعضاء الإدارات القانونية في المؤسسة العامة أو الهيئة العامة مع الوظائف الفنية بالإدارات القانونية في الوحدات التابعة لها وحدة واحدة في التعيين والترقية......". كما صدر قرار وزير العدل رقم 181 لسنة 1978 بلائحة قواعد تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام تنفيذًا لحكم الفقرة ثانيًا من المادة (8) من القانون المشار إليه ناصًا في المادة (1) منه على أن يعمل في شأن تعيين وترقية وندب وإعارة مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام - فيما لم يرد به نص في القانون رقم 47 لسنة 1973 وفي هذه اللائحة بأحكام التشريعات السارية بشأن، العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام على حسب الأحوال ونصت المادة (2) منه في عجزها على أنه "ويشترط فضلاً عن ذلك فيمن يعين في إحدى الوظائف الفنية بالإدارات القانونية نقلاً من إحدى الإدارات الأخرى الخاضعة لنظام العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام أن يكون حاصلاً على تقرير بتقدير كفايته بدرجة ممتاز في السنة الأخيرة السابقة على النقل أو بتقريرين بدرجة جيد على الأقل في السنتين السابقتين". وحددت المادة (6/2) من هذا القرار أقدمية المعين نقلاً بأن نصت على أنه "2 - إذا كان التعيين نقلاً من إحدى وظائف الإدارات القانونية أو الإدارات الأخرى الخاضعة لنظام العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام تحسب أقدمية المعين في الفئة الوظيفية التي عين بها في الإدارة القانونية من تاريخ حصوله على الفئة المعادلة لها في الجهة المنقول منها على ألا يسبق زملاءه في الإدارة القانونية".
ومن حيث إن التعيين بطريق النقل في الوظائف الخالية بالإدارات القانونية أمر جوازي لجهة الإدارة تترخص فيه بسلطة تقديرية في ضوء الاعتبارات التي تتكفل بوزنها وتقدير مناسباتها بحسب ما تراه أدنى إلى تحقيق المصلحة العامة، فلم يجعل المشرع التعيين بطريق النقل أمرًا واجبًا، على جهة الإدارة إجراؤه على سبيل الحتم والإلزام، ومن ثم فلا يعتبر من قبيل التسويات، فالتسوية لا تعدو أن تكون إجراءً تنفيذيًا للقانون أو اللائحة، ويستمد العامل حقه مباشرة من القانون أو القاعدة التنظيمية التي تقرر هذا الحق، ولا تتمتع جهة الإدارة بسلطة تقديرية فيها.
ومن حيث إن التسكين على الوظائف بما يتفق مع المؤهلات والخبرات وسائر الأوضاع الوظيفية طبقًا لأحكام قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978، إنما يتم إعمالاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الذي عهد إلى الوحدات المخاطبة بأحكامه وضع جداول الوظائف يرفق به بطاقات وصف مختلف وظائفها وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وتصنيفها وترتيبها في إحدى المجموعات النوعية وتقييمها بإحدى الدرجات المحددة بالجدول المرفق بذلك القانون على ضوء المعايير الصادر بها قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 وتتولى السلطة المختصة نقل العاملين على الوظائف الواردة بجداول التوصيف والتقييم المعتمدة وتسكينهم على الوظائف التي تتفق مع مؤهلاتهم وخبراتهم وسائر أوضاعهم الوظيفية، وفقًا لقواعد التسكين التي تضمنها القرار الأخير، كل أولئك يتم بعد اعتماد جدول توصيف وتقييم الوظائف مباشرة بحيث يقتضى الأمر تسكين العاملين الموجودين بالخدمة وقت اعتماد هذه الجداول، فهؤلاء تعد القرارات الصادرة بوضعهم على الوظيفة والدرجة قرارات تسكين منشئة لمراكز قانونية لهم، أما من يتم تعيينه لأول مرة بعد اعتماد هذه الجداول والانتهاء من تسكين العاملين عليها، فلا يعتبر الأمر تسكينًا بالنسبة له إذ هو تعيين على وظيفة موصفة ومقيمة ومربوطة بإحدى الدرجات، وفقًا للأساس الموضوعي للوظائف، الذي اعتنقه القانون رقم 47 لسنة 1978.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم فإن طلب الطاعن نقله من وظيفته بالمجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية إلى إحدى الوظائف الفنية بالإدارات القانونية لا يعد من دعاوى التسويات، وإنما يخضع لقواعد دعوى الإلغاء ويتقيد الطعن في القرارات الصادرة بنقل زملائه إلى الإدارة القانونية ورفض نقله أسوة بهم بميعاد دعوى الإلغاء، ولما كانت زميلة الطاعن السيدة/............ - قد نقلت إلى الإدارة القانونية بالقرار رقم 823 بتاريخ 24/ 9/ 1987، كما نقل زميله السيد/ ........... - إلى الإدارة القانونية بالقرار رقم 881 لسنة 1997، كما رفض طلبه بالنقل بالكتاب المؤرخ 29/ 9/ 1997، وإذ لم يقم دعواه بإلغاء أي من هذه القرارات إلا بتاريخ 26/ 9/ 1998 بعد فوات مواعيد الطعن بالإلغاء، مما يجعل دعواه غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر، فإنه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون، خليقًا بإلغائه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وألزمت الطاعن المصروفات.