مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 191

(24)
جلسة 24 من ديسمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، و. د محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الجيد مسعد العوامى - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعون أرقام 3034، 3566، 7429 لسنة 48 قضائية. عليا:

أ) دعوى - إشكالات التنفيذ - الاستشكال بوقف تنفيذ الحكم مبناه وقائع لاحقة على صدور الحكم المستشكل فيه.
يتعين لقبول الاستشكال أن ينشأ سببه بعد صدور الحكم المستشكل فيه، أي ينصرف إلى وقائع لاحقة للحكم استجدت بعد صدوره وليست سابقة عليه وإلا أصبح الاستشكال طعنًا في الحكم بغير الطريق الذي رسمه المشرع، وبالتالي فلا يجوز من خلال الاستشكال العودة إلى ما سبق أن فصل فيه الحكم لما في ذلك من مساس بحجية الحكم.
ب) دعوى - الحكم في الدعوى - صدور حكم ضد خصم متوفى - انعدام الحكم إذا كان المتوفى الذي صدر الحكم في مواجهته خصمًا حقيقيًا.
يشترط لانعدام الحكم في حالة صدوره ضد خصم متوفى أن يكون هذا الخصم خصمًا حقيقًا في الدعوى، أي الخصم الذي يوجه طلباتها أو توجه إليه سواء أكان خصمًا أصليًا أو متدخلاً فيها أو مختصمًا فيها بعد إقامتها، فالخصم الحقيقي هو الذي يقيم الدعوى أو تقام عليه أو يقبل تدخله فيها ولو انضماميًا أو يقبل اختصامه، أما من يختصم في الدعوى لمجرد صدور الحكم في مواجهته فلا يعتبر طرفًا أصليًا في الخصومة ولا يعتبر خصمًا حقيقيًا فيها ولا تكون له مصلحة قانونية في أن يحكم فيها لصالح خصم أو آخر، وبالتالي يعتبر خصمًا ثانويًا، ولا يترتب على وفاته انقطاع سير الخصومة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 24/ 1/ 2002 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الأول وقيد بجدولها تحت رقم 3034 لسنة 48 ق. عليا استشكالاً في حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - الصادر بجلسة 19/ 1/ 2002 في الطعون أرقام 5830 لسنة 42 ق. عليا و1844 لسنة 43 ق. عليا و1958 لسنة 43 ق. عليا، والذي قضى أولاً: بقبول الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في الشق العاجل في الدعوى رقم 2884 لسنة 50 ق. وبقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ثانيًا: بعدم قبول الطعنين رقمي 1844 و1958 لسنة 43 ق. عليا لزوال شرط المصلحة.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في استشكاله - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه الصادر في الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا والصادر من المحكمة الإدارة العليا بجلسة 19/ 1/ 2002 لحين الفصل في الشق الموضوعي أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية دائرة البحيرة في الدعوى رقم 2884 لسنة 50 ق.
وفي يوم الأحد الموافق 10/ 2/ 2002 أودع وكيل الطاعن المذكور قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الثاني وقيد بجدولها تحت رقم 356 لسنة 48 ق. عليا في حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع ببطلان وانعدام الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا للفصل فيه مجددًا أمام دائرة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 27/ 4/ 2002 أودع وكيل الطاعن المذكور قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الثالث وقيد بجدولها تحت رقم 7429 لسنة 48 ق. عليا في حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول التماس إعادة النظر في الحكم الملتمس فيه شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس فيه، والحكم مجددًا برفض الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 2884 لسنة 50 ق، الصادر بجلسة 25/ 7/ 1996 مع إلزام الملتمس ضدهم بالمصروفات.
وجرى إعلان تقارير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة ثلاثة تقارير، ارتأت فيها: الحكم بعدم قبول الإشكال في الطعن الأول، وبعدم قبول الطعن الثاني، وبعدم جواز التماس إعادة النظر في الطعن الثالث، وإلزام الطاعن مصروفات الطعون الثلاثة.
وعُين لنظر الطعون الثلاثة أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 18/ 4/ 2005 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعون الثلاثة إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) للاختصاص ولنظره بإحدى جلسات شهر يونيه سنة 2005، وتم التأجيل لجلسة 1/ 10/ 2005 حيث قررت المحكمة ضم الطعون ليصدر فيها حكم واحد والحكم بجلسة 10/ 12/ 2005 وفيها تقرر إعادة الطعن للمرافعة لتغيير التشكيل، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - الصادر بهيئة مغايرة بجلسة 19/ 1/ 2002 قد أحاط بوقائع هذا النزاع، وتخلص في أن الطاعن يملك صيدلية الأمانة بدمنهور شارع عرابي، ويمتلك المطعون ضده...... صيدلية تبعد عن صيدلية الطاعن بأكثر من مائة متر، ونظرًا لوجود تصدع في المبنى الذي توجد به صيدلية المطعون ضده أصدرت الجهة الإدارية قرارًا بإزالة المبنى، وتم هدم العقار، فتقدم بطلب إلى مديرية الشئون الصحية لنقل صيدليته إلى عقار ملاصق لصيدلية الطاعن الذي تظلم إلى الجهة الإدارية التي رفضت تظلمه استنادًا إلى أن النقل تم إعمالاً لأحكام المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، فأقام الدعوى رقم 2884 لسنة 50 ق أمام محكمة القضاء الإداري التي قضت بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبالجلسة سالفة الذكر قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، استنادًا إلى استفادة الطاعن في الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا من الاستثناء المنصوص عليه في المادة (14/ 3) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة التي تجيز نقل الصيدلية من العقار الذي تم هدمه إلى مكان آخر مع إعفائه من شرط المسافة باعتبار أن المكان الذي خصص للصيدلية في العقار الجديد الذي تم بناؤه محل العقار المتهدم ليس في متناول صاحب الصيدلية.
ومن حيث إن مبنى الاستشكال في الحكم بالطعن رقم 3034 لسنة 48 ق. عليا أن الطاعن اكتشف أن المحل الذي استأجره المستشكل ضده في نفس مكان صيدليته قبل نقلها وتم الترخيص بالفعل لصيدليته باسم مستعار لصالح المستشكل ضده، وأن العقار الذي نقلت إليه الصيدلية مخالف لشروط الترخيص.
ومن حيث إن مبنى الطعن ببطلان الحكم المطعون فيه بالطعن رقم 3566 لسنة 48 ق. عليا أن المطعون ضده الثاني (ملك العقار) في الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. ع الصادر فيه الحكم قد توفى إلى رحمة الله في 22/ 7/ 2001 أثناء نظر الطعن ولم يتم تصحيح شكل الطعن، باختصام ورثته وصدر الحكم في مواجهته وهو ميت، في حين أن الخصومة تنقطع بوفاة أحد الخصوم ومن ثم يكون الحكم منعدمًا.
ومن حيث إن مبنى الطعن بالتماس إعادة النظر بالطعن رقم 7429 لسنة 48 ق. عليا أن الملتمس ضده قدم إلى المحكمة الإدارية العليا شهادة صادرة من الوحدة المحلية ثابتًا فيها أن مساحة المحلات في العقار المستجد ملك المرحوم/ ......... أقل من 15مترًا مربعًا واعتمد الحكم عليها في عدم صلاحية المحل بأن يكون صيدلية وهذه الشهادة مزورة ودليل ذلك الشهادة المقدمة من الوحدة المحلية الثابت فيها أن مساحة المحل المستجد هي أكثر من 26 مترًا مربعًا.
ومن حيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لقبول الاستشكال أن ينشأ سببه بعد صدور الحكم المستشكل فيه، أي ينصرف على وقائع لاحقة للحكم استجدت بعد صدوره وليست سابقة عليه، وإلا أصبح الاستشكال طعنًا في الحكم بغير الطريق الذي رسمه المشرع، وبالتالي فلا يجوز من خلال الاستشكال العودة إلى ما سبق أن فصل فيه الحكم لما في ذلك من مساس بحجية الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد فصل نهائيًا في أن المطعون ضده لم يتمكن من حيازة المكان الذي خصص للصيدلية في العقار الجديد، ومن ثم فإن الوقائع التي يقرها الطاعن قد جاءت عارية من الدليل، وكان متعينًا إثارتها أمام المحكمة وقبل صدور الحكم، وإذ لم تنشأن تلك الوقائع بعد صدور الحكم ولا تعد عقبة في سبيل تنفيذ الحكم المستشكل فيه، ومن ثم يتعين بالحكم بعدم قبول الاستشكال وإلزام المستشكل المصروفات.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا بأي طريق من طرق الطعن باعتبارها أعلى محكمة طعن في القضاء الإداري فلا يجوز أن يعقب على أحكامها إلا إذا انتفت عن أحكامها صفة الأحكام القضائية، وأنه إذا اقتصر الطعن على مناقشة الأدلة التي استند إليها الحكم وعلى موضوع الطعن من حيث تأويل القانون وتطبيقه فإن ذلك لا يعتبر عيبًا جسيمًا في الحكم، كما أنه إذا قام الطعن على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت الخطأ في تفسير القانون وتأويله، أو متى صدر الحكم على خلاف حكم آخر حائز لقوة الأمر المقضى به، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارًا للعدالة بما يفقد الحكم وظيفته ولا يعيبه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام، وتطبيقًا لذلك فإن ما أورده الطاعن من صدور الحكم ضد خصم متوفى يستتبع انعدامه، إنما هو قول غير سديد ذلك أنه يشترط لانعدم الحكم في هذه الحالة أن يكون الخصم المتوفى خصمًا حقيقيًا في الدعوى، أي الخصم الذي يوجه طلباتها أو توجه إليه سواء أكان خصمًا أصليًا أو متدخلاً فيها أو مختصمًا فيها بعد إقامتها، فالخصم الحقيقي هو الذي يقيم الدعوى أو تقام عليه أو يقبل تدخله فيها ولو انضماميًا أو يقبل اختصامه، أما من يختصم في الدعوى لمجرد صدور الحكم في مواجهته فلا يعتبر طرفًا أصليًا في الخصومة ولا يعتبر خصمًا حقيقيًا فيها ولا تكون له مصلحة قانونية في أن يحكم فيها لصالح خصم أو آخر، وبالتالي يعتبر خصمًا ثانويًا ولا يترتب على وفاته انقطاع سير الخصومة.
ولما كان الثابت أن المطعون ضده الذي توفى أثناء نظر الطعن الصادر فيه الحكم المطعون فيه هو مجرد مالك للعقار الذي تقرر هدمه لوجود تصدع به وكانت توجد به الصيدلية، فإن اختصامه كان لمجرد صدور الحكم في مواجهته وبالتالي فلا يعتبر خصمًا حقيقيًا في الطعن ولا يترتب على وفاته أثناء نظر الطعن الحكم بانقطاع سير الخصومة، الأمر الذي يترتب عليه رفض الطعن في هذا الشق.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أحكام المحكمة الإدارية العليا لا تقبل الطعن بطريق التماس إعادة النظر استنادًا إلى مفهوم المخالفة لنص المادة (51) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي تقصر الطعن بطريق التماس إعادة النظر على أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والتأديبية، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز نظر الالتماس مع إلزام الملتمس المصروفات، ولما كان الثابت أن الطاعن يلتمس إعادة النظر في حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 5830 لسنة 42 ق. عليا، ومن ثم يكون الطعن الماثل غير جائز قانونًا ويتعين الحكم بعدم جواز نظره.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بعدم قبول الطعن أرقام 3034 و3566 و7429 لسنة 48 ق. عليا وألزمت الطاعن المصروفات.