مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 198

(25)
جلسة 24 من ديسمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، و. د محمد كمال الدين منير أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الجيد مسعد العوامى - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 13173 لسنة 49 قضائية. عليا:

استثمار - ضمانات وحوافز الاستثمار - الفصل الخاص بالإعفاءات الضريبية الوارد بقانون حوافز وضمانات الاستثمار هو سند الإعفاء المقرر للمشروعات الخاضعة لهذا القانون - أثر ذلك.
إن المستفاد من الفصل الأول من الباب الثالث من القانون رقم 8 لسنة 1997 في شأن ضمانات وحوافز الاستثمار - وهذا الفصل خاص بالإعفاءات الضريبية (المواد من 16 حتى 27)، وهذا الفصل وهذا القانون هما سند الإعفاء المقرر للمشروعات الخاضعة لهذا القانون، وهذه المواد هي الفيصل في تحديد الإعفاء المقرر قانونًا ومدى هذا الإعفاء وحدوده، وذلك في إطار المبدأ العام المقرر بأن الإعفاء من الضريبة أو الرسم استثناء من الأصل وهو خضوع الجميع للضرائب والرسوم، ويتعين ألا يتوسع في تفسير هذا الاستثمار، والبادي من النصوص الواردة في الفصل الأول المذكور أن المشرع قد لجأ إلى تحديد نطاق الإعفاء من حيث النشاط ونوع الضريبة المعفى منها ومدة الإعفاء، وعليه يتعين الالتزام بما ورد بالنص المقرر للإعفاء وعدم تجاوز صراحته، وبالرجوع إلى نص المادة (20) من القانون سالف الذكر يبين أنها نصت صراحة على الإعفاء من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر المقررة على عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود القرض والرهن المرتبطة بأعمالها وذلك لمدة ثلاث سنوات. كما تعفى من الضريبة والرسوم المشار إليها عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت، وهى عبارة تدل دلالة واضحة على أن المشرع قصد إعفاء عقود تسجيل نوع معين من الأراضي، وهى تلك اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت، وذلك من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر المقررة على هذه العقود، ويتعين التزام صراحة النصوص لعدم امتداد الإعفاء إلى غير تلك العقود المحددة بالنص، ولا يشمل غيرها من العقود وإلا تجاوز الأمر حدود صراحة النص وقصد المشرع من الإعفاء لتلك المشروعات - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 31/ 7/ 2003 أودع الأستاذ/ على أحمد عمر نفادى نائبًا عن الأستاذ/ مجدي حسين حسبو - المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 13173 لسنة 49 ق. ع في الحكم المشار إليه، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - إلغاء الحكم والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعفاء عقد تسجيل قطعة الأرض المبينة بالطلب رقم 14 لسنة 2002 مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 3/ 2005، وبجلسة 6/ 6/ 2005 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 24/ 9/ 2005، حيث قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة:
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15/ 4/ 2002 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعفائه من رسوم تسجيل عقد شراء الأرض المقدم عنها الطلب رقم 12 لسنة 2002 شهر عقاري الموسكى.
وقال - شرحًا للدعوى - إن الشركة التي يمثلها شركة مساهمة مصرية تخضع لأحكام القانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار والقانون رقم 95 لسنة 1995 بشأن التأجير التمويلي وهى مسجلة بسجل المؤجرين التمويليين برقم 170 بتاريخ 11/ 2/ 2002، وقد تم إشهار وقيد الشركة بالسجل التجاري بالقاهرة وأصبح لها كيان وشخصية اعتبارية، وعندما بدأت الشركة في مزاولة نشاطها في التأجير التمويلي قامت بشراء العقار رقم 7 الكائن بشارع جامع البنات وحارة أم حسين بك رقم 2 أ شياخة درب سعادة قسم الدرب الأحمر بالقاهرة وهو حاليًا برقم 393 شارع بورسعيد ومساحته 4449م2 وحدود هذا العقار مبينة بالعقد المسجل برقم 52180 لسنة 1996 توثيق القاهرة. وقد استصدر المدعى لهذا العقار قرار إزالة من محافظ القاهرة ليقيم عليها عقارًا لاستثماره طبقًا لأحكام قانون التأجير التمويلي، وتقدم بطلب شهر عقاري إلى مكتب الموسكى لتسجيل عقد شراء الأرض وقيد الطلب برقم 12 لسنة 2002 شهر عقاري الموسكي وعند تحرير المشروع النهائي لعقد التسجيل طلبت مأمورية الشهر العقاري منه خطابًا من هيئة الاستثمار بإعفاء العقد المراد شهره من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر طبقًا لحكم الفقرة الثانية من المادة (20) من القانون رقم 8 لسنة 1997 المشار إليه، وعندما توجه إلى هيئة الاستثمار للحصول على الخطاب المذكور رفضت الهيئة إعطاءه هذا الخطاب، كما امتنعت مصلحة الشهر العقاري عن إعفاء المدعي من رسوم الشهر.
وبجلسة 22/ 7/ 2003 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الإعفاء المشار إليه من النص لا يشمل عقود تسجيل الأراضي التي ستقام عليها مشروعات الشركة في مجال مباشرتها لنشاطها ولو كان المشرع يقصد أن يمتد الإعفاء المذكور لعقود تسجيل الأراضي التي تقوم عليها مشروعات الشركة لنص على ذلك صراحة، هذا بالإضافة إلى أن الإعفاء من الضريبة والرسوم المذكورة هو استثناء من أصل عام هو تحصيل تلك الضريبة والرسوم، ومن ثم لا يجوز التوسع في تفسير الإعفاء ومده إلى عقود لم تتجه إليها إرادة المشرع ولا يتحملها صريح نص المادة (20) سالفة الذكر، ولما كان الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض المطلوب إعفاء عقد تسجيلها من رسوم التوثيق من الشهر لا تتعلق بتأسيس وقيام الشركة المدعية، وإنما تتعلق بمزاولة نشاطها وإقامة مشروعاتها في مجال التأجير التمويلي، الأمر الذي لا يتوافر بالنسبة لها مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة المشار إليها، ومتى كان الأمر على هذا النحو فإن قرار الجهة الإدارية المطعون فيه بعدم إعفاء عقد تسجيل الأرض المقدم عنها الطلب رقم 12 لسنة 2002 شهر عقاري الموسكي من رسوم التوثيق، يكون قد جاء متفقًا مع صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء برفض طلب إلغائه، ولا ينال من سلامة القرار المطعون فيه ما أثاره المدعي من أن الهيئة المدعى عليها قد أعفت عقود تسجيل بعض الأراضي التي سيقام عليها مشروعات سكنية في حالات مماثلة، فإنه فضلاً عن أن الأوراق لم تكشف عن وجود شيء من ذلك، فإن المقرر أن الخطأ (بفرض حدوثه) لا يعد سندًا قانونيًا للقياس عليه وإنما يتم الالتزام بالتطبيق لحكم القانون وعلى نحو ما تقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ذلك أن الحكم يقرر في أسبابه أن الإعفاء يكون على عقود تسجيل الأراضي التي تبرمها الشركة حال تأسيسها وإقامة منشآتها مما يدخل في أصول الشركة ومنها الأرض التي هي محل طلب الإعفاء إلا أن الأرض التي اشترتها الشركة الطاعنة لإقامة مشروعها في التأجير التمويلي عليها وهو إقامة العقار التي تباشر عليه الشركة نشاطها طبقًا للقانون رقم 95 لسنة 1995 وطبقًا لصريح نص المادة (20) سالفة الذكر فالإعفاء يشمل العقار المشار إليه اتساقًا مع غاية التشريع في رفع الأعباء المالية لإقامة المشروعات، كما يتضح من القانون رقم 8 لسنة 1997 وما سبقه من قوانين الاستثمار أن الإعفاء مقصور على نشاط الشركات الخاصة بالمجالات المحددة في المادة الأولى من القانون الأخير ومن بين هذه المجالات التأجير التمويلي والذي يقوم على إنشاء عقارات يتم التصرف فيها بنظام التأجير التمويلي الذي بينه القانون رقم 95 لسنة 1995 وهذه الغاية من القانون الأخير يتحقق بها دفع العجلة الاقتصادية بزيادة المشروعات الإنتاجية في الدولة، ولا اختلاف في أن تحقيق الغاية من التأجير التمويلي في العقارات طبقًا للمادة (2) من القانون الأخير تستلزم شراء الأراضي لإقامة العقارات عليها التي تستغل بنظام التأجير التمويلي وهو ما يستلزمه نشاط الشركة، والإعفاء يتسع ليشمل بجانب المقر الإداري المصانع والمزارع والمخازن والعقارات وغيرها والمعنى الأقرب لغاية المشرع هو جملة الأصول الثابتة والخاصة بالمشروع التي يتحصل عليها المؤسسون بغية دفع المشروع قدمًا، وإذ امتنعت الهيئة عن إصدار خطاب إلى مأمورية الشهر العقاري لسريان الإعفاء فإن امتناعها يشكل قرارًا سلبيًا متعين الإلغاء.
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على جميع الشركات والمنشآت أيًا كان النظام القانوني الخاضعة له، التي تنشأ بعد تاريخ العمل به، لمزاولة نشاطها في أي من المجالات الآتية..... التأجير التمويلي.....". وتنص المادة (20) من ذات القانون على أن "تعفى من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود القرض والرهن المرتبطة بأعمالها وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ قيدها في السجل التجاري ولو كان سابقًا على العمل بهذا القانون. كما تعفى من الضريبة والرسوم المشار إليها عقود تسجيل الأرض اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت وتنص المادة الثانية من القانون 95 لسنة 1995 في شأن التأجير التمويلي على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يعد تأجيرًا تمويليًا ما يلي: 1 - ...... 2 - كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى المستأجر عقارات أو منشآت يقيمها المؤجر على نفقته بقصد تأجيرها للمستأجر وذلك بالشروط والمواصفات والقيمة الإيجارية التي يحددها العقد 3 - .......... وتنص المادة الخامسة من ذات القانون على أن "للمستأجر الحق في اختيار شراء المال المؤجر أو بعضه في الموعد وبالثمن المحدد في العقد على أن يراعى في تحديد الثمن مبالغ الأجرة التي أداها".
ومن حيث إن المستفاد من الفصل الأول من الباب الثالث من القانون رقم 8 لسنة 1997 في شأن ضمانات وحوافز الاستثمار - وهذا الفصل خاص بالإعفاءات الضريبية (المواد من 16 حتى 27) - وهذا الفصل وهذا القانون هما سند الإعفاء المقرر للمشروعات الخاضعة لهذا القانون، وهذه المواد هي الفيصل في تحديد الإعفاء المقرر قانونًا ومدى هذا الإعفاء وحدوده وذلك في إطار المبدأ العام المقرر بأن الإعفاء من الضريبة أو الرسم استثناء من الأصل، وهو خضوع الجميع للضرائب والرسوم، ويتعين ألا يتوسع في تفسير هذا الاستثناء. والبادي من النصوص الواردة في الفصل الأولى المذكور أن المشرع قد لجأ إلى تحديد نطاق الإعفاء من حيث النشاط ونوع الضريبة المعفى منها ومدة الإعفاء، ومن ثم يتعين الالتزام بما ورد بالنص المقرر للإعفاء وعدم تجاوز صراحته، وبالرجوع إلى نص المادة (20) من القانون سالفة الذكر يبين أنها نصت صراحة على الإعفاء من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر المقررة على عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود القرض والرهن المرتبطة بأعمالها وذلك لمدة ثلاث سنوات......... كما تعفى من الضريبة والرسوم المشار إليها عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت وهى عبارة تدل دلالة واضحة على أن المشرع قصد إعفاء عقود تسجيل نوع معين من الأراضي وهى تلك اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت وذلك من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر المقررة على هذه العقود. ويتعين التزام صراحة النصوص لعدم امتداد الإعفاء إلى غير تلك العقود المحددة بالنص ولا يشمل غيرها من العقود وإلا تجاوز الأمُر حدود صراحة النص وقصد المشرع من الإعفاء لتلك المشروعات.
ومن حيث إن البادي من الأوراق ومن العبارات الواردة بصحيفة الدعوى أن قطعة الأرض المطلوب إعفاؤها إنما تتعلق بمزاولة الشركة لنشاطها في مجال التأجير التمويلي وترغب الشركة الطاعنة في إعفاء عقد تسجيل قطعة الأرض المشار إليها من رسوم التوثيق والشهر وهذا العقد لا يفيد من الإعفاء المقرر في المادة (20) من القانون رقم 8 لسنة 1997 المشار إليه، ومن ثم وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم إعفاء العقد المشار إليه من رسوم التوثيق والشهر فيكون متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس، جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.