مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 230

(30)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد البهنساوى محمد، والسيد أحمد محمد الحسيني، وحسن عبد الحميد البرعي، وعبد الحليم أحمد القاضي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 13737، 13740 لسنة 49 قضائية. عليا:

وقف خيري - حظر تملك الأوقاف الخيرية أو كسب حق عيني عليها بالتقادم - تحصيل مقابل انتفاع من واضعي اليد لا يصحح الغصب.
المشرع حظر تملك الأموال الخاصة المملوكة للأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، كما حظر التعدي عليها بأية صورة وفي حالة حصول التعدي يكون لوزير الأوقاف أو من ينيبه حق إزالته إداريًا - المسلم به أن اقتضاء هيئة الأوقاف المصرية لمقابل انتفاع من واضعي اليد على أملاكها لا يجعل من وضع يدهم عملاً مشروعًا - أساس ذلك - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 11/ 8/ 2003 أودع الأستاذ/ إسماعيل محمد محمود المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 13737 لسنة 49 ق. عليا في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية الصادر في الدعوى رقم 243 لسنة 6 ق والذي قضى في منطوقه بقبول تدخل....... خصمًا منضمًا للجهة الإدارية وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام هيئة الأوقاف المصرية المصروفات. وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه وللأسباب التي أوردها به تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 12/ 8/ 2033 أودع الأستاذ/ عبد التواب عبد المعبود بيومي المحامي لدى محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا بصفته نائبًا عن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية تقريرًا بالطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد بجدولها برقم 13740 لسنة 49 ق. عليا في ذات حكم محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية المطعون فيه بالطعن رقم 13737 لسنة 49ق عليا سالف الذكر، وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن ولما أورده به من أسباب تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم رقم (1) مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت في كل منهما الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم الأول في الطعنين مصروفاتهما عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعنين أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت ضم الطعن رقم 13740 لسنة 49 ق. عليا إلى الطعن رقم 13737 لسنة 49 ق. عليا ليصدر فيهما حكم واحد وذلك لوحدة الموضوع، ثم قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، حيث تم تداول الطعنين بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 12/ 10/ 2005 إصدار الحكم فيهما بجلسة 30/ 11/ 2005 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات لمن يشاء من الطرفين خلال ثلاثة أسابيع وخلال هذا الأجل تبادل الأطراف المستندات والمذكرات، بعدهم تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعنين في الطعنين يطلبان الحكم بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم (الأول) مصروفات الطعنين عن درجتي التقاضي.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية فمن ثم يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعنين فإن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم رقم (1) في الطعنين كانوا قد أقاموا ضد الطاعنين في الطعنين الدعوى رقم 243 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية وطلبوا في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية رقم 448 لسنة 2000 مع إلزام الجهة الإداري المصروفات، وذلك على سند من القول أن المطعون ضده بصفته المذكورة وكذا مدير منطقة الأوقاف بالشرقية كانا قد أصدرا القرار رقم 448 لسنة 2000 بإزالة التعدي الواقع من ورثة المرحوم/ ...... (المطعون ضدهم الأول) وأي متعدين آخرين على الأرض البالغ مساحتها 20 س 13 ط 17 ف بحوض روضة العباسة بناحية العباسة مركز أبو حماد شرقية والمملوكة لهيئة الأوقاف المصرية، وينعى المدعون على هذا القرار أنه صدر مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون لأن أرض النزاع كانت أرض رمال بور قام باستصلاحها مورثهم وأنشأ بها آبارًا ارتوازية ومراوي وبناء مبانٍ لخدمة أغراض الزراعة على مساحة 630 مترًا مربعًا منها وقام بزراعة باقي المساحة منذ عام 1988 وفي عام 1988 أصدر رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية القرار رقم 1863 ببيع أملاك الهيئة الواقعة بمحافظتي الشرقية والإسماعيلية لواضعي اليد بالممارسة على أساس سعر الفدان ستة آلاف جنيه وعليه فقد تقدمت المدعية الأولى بطلب لشراء المساحة وضع يدها بما عليها من مبانٍ وقامت منطقة أوقاف الشرقية بعمل استمارة حصر وتقديم الثمن على أساس سعر الفدان ستة آلاف جنيه، ثم حصلت الجهة الإدارية منها مقابل انتفاعها بتلك المساحة عن المدة السابقة على عام 1995، وكذلك مقدم ثمن شراء المساحة سالفة الذكر بواقع 30% من إجمالي الثمن وإزاء تقاعس الهيئة المدعى عليها عن إشهار العقد طبقًا للحالات المماثلة أقامت المدعية الأولى الدعوى رقم 21111 لسنة 1999 مدني كلى الزقازيق، ثم اتضح بعد ذلك أن أحد الأصدقاء المقربين لرئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة ويدعى..... قد تقدم لشراء المساحة المبيعة، وعليه أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة سالفة الذكر قراره بطرح المساحة للبيع بالمزاد العلني فطعنت المدعية الأولى على هذا القرار أمام محكمة الأمور المستعجلة بالزقازيق الدعوى رقم 29 لسنة 2000 لوقف البيع بالمزاد العلني لحين الفصل في الدعوى 2411م لسنة 1999 مدني كلى الزقازيق، إلا أنه تم إجراء المزايدة مع متزايد وحيد وهو المواطن....... شقيق صديق رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، وأنه لما كانت المساحة سالفة الذكر وما عليها من مبانٍ والتي هي موضوع القرار المطعون فيه ضمن مساحة تم استصلاحها من قبل مورث المدعين وتم ربطها على المدعية الأولى مع سداد مقابل الانتفاع بها، كما سددت مقدم شرائها الأمر الذي يجعل القرار الصادر بإزالة وضع يدها عن تلك المساحة قد صدر لأغراض شخصية فضلاً عن أن وضع يدها عليها له سنده القانوني، بعد موافقة الهيئة المدعى عليها على بيع هذه المساحة لها باعتبارها واضعة اليد عليها وأنها قد قامت بسداد مقدم شرائها، الأمر الذي يجعل قرار الإزالة المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون الأمر الذي حدا بالمدعين إلى إقامة تلك الدعوى للحكم لهم بطلباتهم التي أوردوها بعريضتها.
وبعد أن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى بشقيها أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بجلستها المنعقدة بتاريخ 15/ 6/ 2003 حكمها المطعون فيه والذي قضى بقبول تدخل...... خصمًا متدخلاً إلى جانب الجهة الإدارية المدعى عليها، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة هذا القضاء بعد أن استعرضت نص المادة (970) من القانون المدني المستبدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1970 على أساس أن المدعين يضعون أيديهم على الأرض محل التداعي منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا قاموا باستصلاحها وإقامة سكن وحظائر مورثة وغرسوا بها الأشجار وأنهم تقدموا بسداد نسبة 30% من مجمل ثمنها إلى الهيئة المدعى عليها على أساس سعر الفدان ستة آلاف جنيه وفقًا لما حددته الهيئة فضلاً عن سدادهم جزءًا من مقابل انتفاعهم بتلك المساحة، وأن المدعين يضعون أيديهم عليها بموافقة الهيئة المدعى عليها قبل 1995، وعليه فلا يسوغ معه لتلك الهيئة استخدام سلطتها المقررة بالمادة (970) مدني لإزالة وضع يد المدعين بحسبانهم متعدين وذلك لأن وضع يدهم على تلك الأرض لم يتم بطريق الغصب أو التعدي، مما يجعل القرار المطعون فيه مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء، وعليه فقد خلصت المحكمة إلى إصدار حكمها المطعون فيه سالف الذكر.
ونظرًا لأن الخصم المتدخل (الطاعن في الطعن رقم 13737 لسنة 49 ق ع) لم يرتضِ هذا القضاء فقد طعن عليه بالطعن الماثل ناعيًا عليه مخالفته للقانون لأن قرار الإزالة المطعون فيه صدر من الهيئة مالكة الأرض جاء صحيحًا وذلك لأن يد المطعون ضدهم (ورثة......) يد غاصبة لأنهم لم يحصلوا على أي عقد من عقود الانتفاع، أو التصرف ولم يدخلوا المزاد الذي أجرته هيئة الأوقاف المصرية، وبالتالي لم يكتسبوا أي مركز قانوني أو أي حق عليها، أضف إلى ذلك فإن للهيئة الحق في بيع أملاكها الموقوفة بالمزاد أو الممارسة حسب الأحوال المنصوص عليها في قانون إنشائها وبالتالي فلا سلطان عليها في استعمال حقها المقرر قانونًا، أما ربط أرض النزاع باسم المطعون ضدهم فذلك حتى تحصل الهيئة المالكة على مقابل انتفاع المطعون ضدهم بتلك المساحة ولا يعد ذلك إيجارًا أو تمليكًا أو تنازلاً عن تلك الأرض الموقوفة وقفًا خيريًا للغير ولا يكتسب هذا الغير حقًا على تلك الأرض إلا إذا كان قد دخل المزاد ورسا عليه بيعها، وأن هيئة الأوقاف المصرية غير ملزمة ببيع هذه الأرض لشخص معين خاصة في حالة البيع لتلك المساحة بالمزاد إلا لمن رسا عليه بيع تلك المساحة بالمزاد وطالما قد استوفى بيعها بالمزاد الشكل القانوني ولم يطعن عليه أحد بما فيهم المطعون ضدهم الأول، وأن قول المطعون ضدهم المذكورين بأن الهيئة سبق وأن وافقت على بيع أرض التداعي بسعر معين (ستة آلاف جنيه) ثم عدلت عنه فهو قول غير صحيح لأن الهيئة مقيدة عند قيامها ببيع أي مساحة من أملاكها بالتقدير الذي تعده اللجنة العليا والتي قدرت سعر الفدان بخمسة عشر ألف جنيه الأمر الذي يجعل زعم المطعون ضدهم الأول بأن سعر الفدان من أرض النزاع هو (ستة آلاف جنيه) غير سديد، وأضاف الطاعن أنه لما كان قد رسا عليه بيع تلك المساحة بالمزاد العلني فإن هيئة الأوقاف المصرية تصبح ملزمة بتسليمها إليه خاصة وأنه قد رفع ضد هذه الهيئة دعوى لإلزامها بتسليمها وصدر له حكم نهائي باستلامها وبالتالي تكون الهيئة ملزمة بمنع تعرض الغير له في حيازة تلك المساحة وتمكينه - باعتبار أنه هو من رسا عليه بيعها بالمزاد - من استلامها ووضع يده عليها وذلك برفع يد الغير على أرض التداعي وبالتالي يكون قرارها المطعن فيه بإزالة وضع المطعون ضدهم أيديهم على تلك المساحة باعتبارها يدًا متعدية قد صدر مطابقًا للقانون مما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تقضى برفض دعوى المطعون ضدهم التي أقاموها لإلغاء قرار الإزالة المطعون فيه، وإذ قضت تلك المحكمة بإلغاء هذا القرار فإنها تكون قد خالفت القانون مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها.
كما أنه نظرًا لأن حكم محكمة أول درجة سالف الإشارة إليه لم يلقَ قبولاً لدى هيئة الأوقاف المصرية فقد طعنت عليه بالطعن رقم 13740 لسنة 49 ق. عليا، ناعية عليه اتسامه بمخالفة القانون وبطلانه لأنه بُني على تقرير لهيئة مفوضي الدولة لا يتسم بالحيدة إذ إن هذا التقرير قد انتهى إلى اقتراح الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه لأن المدعين (المطعون ضدهم الأول) أقاموا الدعوى رقم 1879 لسنة 2000م مدني كلى الزقازيق طعنًا بالبطلان على إجراءات بيع أرض النزاع بالمزاد العلني وقضت تلك المحكمة ببطلانها بجلسة 31/ 2/ 2002، في الوقت الذي حجزت فيه الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل لإعداد التقرير بالرأي القانوني فيها بجلسة 22/ 1/ 2002 أي أن حكم عدم الاعتداد بإجراءات المزاد صدر بعد حجز الدعوى المشار إليها دون التصريح لطرفي النزاع بتقديم مستندات وقد فوجئ الطاعن باستناد تقرير مفوض الدولة إلى حكم بطلان المزاد سالف الذكر الأمر الذي يقطع بأن حكم عدم الاعتداد بإجراءات المزاد قد تم دسه في ملف الدعوى دون أن يعلم الطاعن بذلك ورغم ذلك صدر الحكم المطعون فيه بالطعن الراهن استنادًا إلى ما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة سالف الذكر مما يشوب هذا الحكم بالبطلان وأضاف الطاعن أنه لو سلمنا جدلاً بصحة واقعة إيداع حكم بطلان إجراء المزاد فإن الهيئة الطاعنة قد طعنت على هذا الحكم ضمن دعاوى أخرى منضمة بالاستئناف أرقام 550، 652، 720، 866 لسنة 45 ق استئناف عالي المنصورة مأمورية استئناف الزقازيق وصدر الحكم فيها بجلسة 10/ 9/ 2002 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المدني ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية ومن ثم ينهار السند الذي عول عليه الحكم المطعون فيه، مما يجعل هذا الحكم مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء. وأضافت الهيئة الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للقانون وأخطأ في تطبيقه عندما أورد في حيثياته من أن وضع يد المدعية وباقي ورثة المرحوم/..... (المطعون ضدهم الأول) حسب الثابت من الأوراق قد تم بموافقة الهيئة المدعى عليها (الطاعنة) قبل عام 1995 وكانت الهيئة المذكورة تحصل من واضعي اليد مقابل انتفاعهم بأرض النزاع ذلك أن اقتضاء الجهة لمقابل انتفاع من واضعي اليد على أملاكها لا يجعل من واقعة التعدي على هذه الأملاك ووضع اليد عليها عملاً مشروعًا، فقيام الدولة باقتضاء هذا المقابل من المتعدين على أملاكها هو إجراء متبع من الدولة لقاء انتفاع هؤلاء المتعدين بأرض الدولة وكذا أملاك هيئة الأوقاف المصرية وهذا المقابل هو حق للدولة لا يمكن النزول عنه ولا ينطوي تقاضى هذا المقابل على مضي الإقرار أو تصحيح واقعة الغصب والتعدي بجعله عملاً مشروعًا أو إنشاء علاقة تأجيرية عقدية ممتدة أو مستمرة يحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم وجود مثل هذا الاتفاق والذي لا يمكن أن يفترض من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع من المتعدين على أملاكها بسبب بقاء هذا التعدي إلى أن يزول، فتحصيل هذا المقابل الغرض منه حصر نطاق الضرر الواقع بسبب التعدي والمحافظة على حق الدولة من الناحية المالية بالنسبة إلى ما تحقق من تعدٍ بالفعل إلى أن يزول هذا التعدي، ولا يمكن أن يكون المقصود بهذا المقابل استمرار هذا التعدي مستقبلاً إذ لا يسوغ أن تنقلب المحافظة على حق الدولة في مقابل الانتفاع الحاصل غصبًا لملكها سببًا لتقنين الاعتداء وإسقاطًا لحقها المقرر قانونًا في التخلص من هذا التعدي بإزالته بالطريق الإداري وفقًا لحكم المادة (970) من القانون المدني، وبناء على ما تقدم فإنه يجب حماية قرار إزالة التعدي الصادر من رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية من الطعن عليه بوقف تنفيذه وإلغائه، وذلك باعتباره صادرًا من مختص بإصداره باعتبار رئيس مجلس الإدارة المذكور مفوضًا في ممارسة هذا الاختصاص من جانب وزير الأوقاف. وأضافت هيئة الأوقاف الطاعنة أن الأصل في بيع أعيان الوقف الخيري بالمزاد العلني درءًا للشبهات وحفاظًا على أموال وأعيان الأوقاف وتحقيقًا للمساواة بين جميع المواطنين وتمشيًا مع القانون، والاستثناء هو أن يتم البيع بالممارسة في بعض الحالات المذكورة على سبيل الحصر وهي سلطة جوازية لرئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية وفقًا لحكم المادة (11) من اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 141 لسنة 1972 التي منحت الهيئة المذكورة سلطة جوازية في بيع عقارات الأوقاف بطريق المزاد العلني أو بطريق الممارسة وأن هيئة الأوقاف المصرية باعتبارها أمينة على أعيان الوقف فإن هذا الواجب يحتم عليها تنمية تلك الأعيان باعتبارها ملكًا لله تعالى وذلك عملاً لحكم المادة الخامسة من قانون إنشاء تلك الهيئة، ومن هذا المنطق فإن ذلك يتعارض مع ما يدعيه المطعون ضدهم في هذا الطعن الذين يطلبون شراء المساحة موضوع القرار المطعون فيه بسعر 6000 جنيه للفدان في حين أن هذه المساحة تم بيعها بالمزاد العلني بسعر الفدان 40000 جنيه، وأنه في الاستجابة لطلبات هؤلاء المطعون ضدهم الأول فيه إهدار فادح وجسيم لأموال وأعيان الوقف وخروجًا على القانون مما يجعل الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء مجددًا برفض طلب إلغاء قرار إزالة تعدي هؤلاء المطعون ضدهم الأول على تلك الأملاك وبرفض طلب إلغاء قرار هيئة الأوقاف المصرية بيع مساحة التعدي لآخرين بسعر الفدان الواحد 40000 جنيه واستطردت هيئة الأوقاف المصرية بأن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون لأنه استند في قضائه إلى الحكم الذي استصدره المطعون ضدهم الأول ضد الهيئة في الدعوى رقم 29 لسنة 2000 مستعجل الزقازيق، الذي قضى بجلسة 10/ 5/ 2000 بوقف إجراءات بيع أرض النزاع بالمزاد العلني، حتى يتم الفصل في الدعوى رقم 2111 لسنة 1999 مدني كلى الزقازيق في الوقت الذي طعنت فيه هيئة الأوقاف المصرية على هذا الحكم بالاستئناف رقم 553 لسنة 2000 مدني مستأنف الزقازيق وصدر الحكم بإلغائه بجلسة 25/ 11/2000 الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل إذ استند إلى حكم وقف إجراءات بيع أرض النزاع بالمزاد العلني للقضاء لصالح المطعون ضدهم الأول بإلغاء قرار إزالة تعديهم على تلك الأرض وقرار بيع تلك الأرض بالمزاد للغير، فإن هذا الحكم يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء مجددًا بطلبات هيئة الأوقاف المصرية الطاعنة، وأردفت تلك الهيئة إنها كانت قد ذكرت أمام محكمة أول درجة أنها سبق وأن تعدى المطعون ضدهم الأول على ذات المساحة، الأمر الذي حدا بالهيئة أن أصدرت قرارها رقم 224 لسنة 2000 بإزالة هذا التعدي وفقًا لحكم المادة (970) من القانون المدني وقد تم تنفيذ هذا القرار بمعرفة قسم شرطة أبو حماد شرقية رقم 5065 لسنة 2000 إداري أبو حماد، وتعهد هؤلاء المعتدون ذاتهم بعدم معاودتهم التعدي مرة أخرى على تلك الأعيان وبمسئوليتهم الجنائية في حالة معاودته ورغم تلك التعهدات فقد عاودوا التعدي عليها ضاربين عرض الحائط بتعهدهم السابق مما دفع هيئة الأوقاف المصرية إلى إصدار قرارها موضوع الحكم المطعون عليه بالطعن الماثل وإذ قضى هذا الحكم بإلغاء القرارين المطعون فيهما فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء مجددًا برفض طلبي إلغاء القرارين المطعون فيهما، واختتمت هيئة الأوقاف المصرية تقرير طعنها بطلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدني معدلة بالقانونين رقمي 39 لسنة 1959، 55 لسنة 1970 تنص على أنه".............
ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريًا.
ومن حيث إن المادة (11) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 55 لسنة 1960 في شأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1141 لسنة 1972 تقضي - بأن للهيئة أن تشتري الأعيان التي تتولى لجان القسمة بيعها طبقًا لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 المشار إليه أو غيرها من الأعيان التي تحقق لها عائدًا وكذلك لها استبدال أو بيع العقارات بطريق المزاد العلني ويجوز للهيئة الاستبدال أو البيع بالممارسة.
ومن حيث إنه يستفاد من النصين المتقدمين أن المشرع قد حظر تملك الأموال الخاصة المملوكة للأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، كما حظر المشرع التعدي على تلك الأملاك بأية صورة كان هذا التعدي وفي حالة حصوله يكون لوزير الأوقاف أو من ينيبه حق إزالته بالطريق الإداري دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء، كما أن المسلم به أن اقتضاء هيئة الأوقاف المصرية لمقابل انتفاع من واضعي اليد على أملاكها لا يجعل من وضع يدهم على تلك الأملاك عملاً مشروعًا، لأن قيام الهيئة باقتضاء مقابل انتفاع من واضعي اليد على تلك الأملاك إنما هو إجراء متبع لقاء انتفاع هؤلاء المتعدين بأراضي هيئة الأوقاف، وهذا المقابل هو حق لتلك الهيئة لا يمكن ولا يجوز النزول عنه ولا ينطوي تقاضى هذا المقابل على هذا الإقرار أو تصحيح الواقع القائم على الغصب بجعله عملاً مشروعًا أو إنشاء علاقة تأجيرية عقدية ممتدة أو مستمرة يحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم وجود مثل هذا الاتفاق والذي لا يمكن أن يفترض من مجرد اقتضاء مقابل التعدي من المتعدين بسبب بقاء هذا التعدي إلى أن يزول، فتحصيل هذا المقابل الغرض منه حصر نطاق هذا الضرر بسبب التعدي والمحافظة على حق الهيئة من الناحية المالية بالنسبة إلى ما تحقق من تعدٍ بالفعل إلى أن يزول هذا التعدي ولا يمكن أن يكون المقصود بهذا المقابل استمرار هذا التعدي مستقبلاً إذ لا يسوغ أن ينقلب حق هيئة الأوقاف المصرية في تقاضى مقابل انتفاع الحاصل بأملاكها سببًا لتقنين الاعتداء وإسقاطًا لحقها المقرر قانونًا بموجب المادة (970) من القانون المدني سالفة الذكر في التخلص من هذا التعدي بإزالته بالطريق الإداري بل إنه يكون من حق الهيئة المذكورة إنهاء هذا الانتفاع والتصرف في هذه الأملاك بالاستبدال أو بالبيع للغير بطريق المزايدة العلنية أو الممارسة مع واضع اليد على أملاكها وذلك بما تتمتع به من سلطة تقديرية لا يحد منها سوى عيب إساءة استعمال السلطة والذي يجب أن يكون على وجوده دليل من الأوراق، وعلى ذلك فإذا اختارت هيئة الأوقاف طريق المزايدة العلنية لبيع أحد أعيانها فلا يكون أمام واضع اليد على تلك الأملاك إلا دخول المزايدة مثله في ذلك مثل المتزايدين الآخرين، دون أن يكون له أن يلزم الهيئة المذكورة بسلوك طريق الممارسة لبيع تلك الأملاك أو استبدالها إليه وأنه إذا امتنع واضع اليد على تلك الأعيان عن دخول جلسة المزايدة العلنية لشرائها كان لهيئة الأوقاف إجراء المزايدة العلنية وتسليم هذه الأعيان لمن رسا عليه المزاد من المتزايدين ويزول بذلك سند واضع اليد عليها ويصبح وضع يده عليها متعديًا يحق للهيئة المذكورة إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري عملاً بحكم المادة (970) من القانون المدني سالفة الذكر، وتكون قراراها الصادرة بإزالة هذا التعدي وطرح هذه الأعيان للبيع بطريق المزايدة وتسليم تلك الأعيان إلى من رسا عليه المزاد مطابقة للقانون، وبالتالي يضحى طلب إلغائها فاقدًا سنده خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم الأول "ورثة المرحوم......"يضعون أيديهم اعتبارًا من عام 1995 على مساحة 20 س 13 ط 17 ف من أملاك هيئة الأوقاف المصرية بحوض روض العباسية بناحية العباسة مركز أبو حماد محافظة الشرقية وهي من ضمن مساحة أكبر مملوكة للوقف الخيري تبلغ حوالي 2 س 23 ط 5132 ف معروفة بأرض البيعة، منها مساحة 4808 ف بالتل الكبير محافظة الإسماعيلية، ومساحة 324 ف بمحافظة الشرقية، وأنه جرى العمل بهيئة الأوقاف المصرية أن كل من يرغب في استبدال "شراء" مساحة من أعيان الأوقاف الخيرية أن يتقدم بطلب إلى فرع هيئة الأوقاف المصرية الكائن بالمحافظة الواقع في دائرتها الأرض المراد استبدالها "شرائها)، ويقوم راغب الشراء بسداد مبلغ على ذمة الاستبدال رهن العرض على السلطة المختصة والمتمثلة في رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية للموافقة على البيع من عدمه وفي حالة الموافقة يتم تحديد شروط الاستبدال سواء بالمزاد العلني أو الممارسة، وتحديد السعر الذي يبدأ به المزاد أو الممارسة وهو ما يطلق عليه السعر الأساسي، وكانت السيدة/ ........، وهى من ضمن ورثة المرحوم/........ المطعون ضدهم الأول قد قامت بتاريخ 18/ 9/ 1995 بدفع مبلغ على ذمة شراء المساحة التي يضعون يدهم عليها ويقومون بسداد مقابل انتفاعهم بها وذلك رهن العرض على رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية للموافقة على البيع من عدمه وتحديد الأسلوب الذي سيتم بموجبه البيع بالمزاد العلني أو الممارسة والسعر الأساسي وقد وافق رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة ضمن حالات أخرى على أن يكون السعر الأساسي بواقع 15000 جنيه للفدان الواحد وتم الاستبدال فعلاً (البيع) لبعض المواطنين بأسعار تزيد على السعر الأساسي إلا أن المطعون ضدهم رفضوا أن يكون السعر الأساسي للممارسة للفدان الواحد 15000 جنيه، وإزاء ذلك لم يكن أمام هيئة الأوقاف المصرية إلا طرح المساحة وضع يد المطعون ضدهم الأول للبيع "الاستبدال" بالمزاد العلني حيث رسا المزاد على الطاعن في الطعن رقم 13737 لسنة 49 ق. عليا المواطن/....... بجلسة 17/ 5/ 2000 وبسعر الفدان الواحد 40000 جنيه، وذلك بعد أن أخطرت هيئة الأوقاف المصرية واضعي اليد على تلك المساحة بنيتها بطرح هذه المساحة، للبيع بالمزاد وذلك بجلسة 17/ 5/ 2000، ونبهت عليهم بكتابها رقم 310 في 30/ 8/ 1998 بضرورة دخولهم جلسة المزاد إذا كانت لديهم الرغبة في شراء تلك المساحة، إلا أنهم لم يحضروا تلك الجلسة وبذلك فإنهم يكونون قد فوتوا على أنفسهم فرصة شراء تلك المساحة وعلى ذلك فلا يلومون إلا أنفسهم، وبالتالي فإن الهيئة سالفة الذكر تلتزم بتسليم الأصل المبيع إلى من رسا عليه المزاد المذكور وبالتالي يضحى وضع يد المطعون ضدهم المذكورين على أرض مرسى المزاد متعدية مستحقة الإزالة بالطريق الإداري وذلك عملاً بحكم المادة (970) من القانون المدني وعلى ذلك فإنه إذ أصدر رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية قراره رقم 448 لسنة 2000 بإزالة وضع يدهم عن تلك المساحة وتسليمها إلى من رسا عليه شراؤها بالمزاد (الطاعن في الطعن رقم 13737 لسنة 49 ق. عليا) ومن ثم تكون هذه القرارات قد صدرت من رئيس مجلس إدارة الهيئة سالفة الذكر مبرأة من كل عيب ووفقًا للاختصاص المخول له قانونًا طبقًا لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1960 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف المصرية ولأحكام لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1141 لسنة 1972، ومن ثم يضحى طلب إلغاء تلك القرارات غير قائم على سند من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض مع ما يترتب على ذلك من آثار منها التزام هيئة الأوقاف المصرية بتسليم أرض مرسى المزاد إلى من رسا عليه مزادها وهو المواطن/......
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ذلك فمن ثم يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء مجددًا برفض طلب إلغاء القرارات المطعون فيها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب إلغاء القرارات المطعون فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المطعون ضدهم الأول (ورثة المرحوم/............... ) مصروفات الطعنين.