مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 283

(37)
جلسة 17 من يناير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبد الرحمن يوسف، ويحيى خضري نوبي محمد، ومنير صدقي يوسف خليل، وعمر ضاحي عمر ضاحي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر - مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3855 لسنة 42 قضائية. عليا:

عقد إداري - تنفيذه - مفهوم المقابل المالي.
المقابل المالي لا يقتصر على الثمن أو الأجر أو الفائدة وإنما يشتمل - أيضًا - على كل شرط مالي يتضمن ميزة مالية أو فائدة اقتصادية للمتعاقد كالضمانات وغيرها. ومن المسلم به أن الشروط التي تتعلق بتحديد المقابل النقدي في العقد بصفة عامة سواء تعلقت بتحديد هذا المقابل في أي صورة تم الاتفاق عليها وفقًا لطبيعة العقد أو أساليب الوفاء بهذا المقابل ومواعيد وإجراءات وحالات الوفاء بالثمن تعتبر شروطًا تعاقدية لا يملك أي طرف التحلل منها أو تعديلها بإدارته المنفردة دون موافقة الطرف الآخر - أساس ذلك - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 12/ 5/ 1996 أودع الأستاذ/ وليم فلتاؤوس (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 3855 لسنة 42 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة "أ" في الدعوى رقم 3479 لسنة 45 ق. بجلسة 25/ 3/ 1996، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن مبلغ 201126 جنيهًا والفوائد القانونية من تاريخ رفع الدعوى مع إلزامهما المصاريف والأتعاب.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم: أولاً: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام جهة الإدارة بدفع مبلغ مقداره 201126 جنيهًا للطاعن قيمة الفرق بين السعر الرسمي للأسمنت والحديد وسعر السوق الحر، وإلزامها مصروفات هذا الطلب.
ثانيًا: عدم قبول طلب صرف الفوائد القانونية لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون وإلزام الطاعن مصروفات هذا الطلب.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 6/ 6/ 2001، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 6/ 3/ 2002 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع، وحدد لنظر الطعن أمامها جلسة 9/ 7/ 2002 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو الموضح بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 24/ 12/ 2002 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتمهيديًا وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليندب خبيرًا من خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم.
وقد باشر الخبير المهمة المنوطة به وأودع تقريره ومحاضر أعماله ملف الطعن.
وبجلسة 18/ 10/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/ 12/ 2005، مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء من الخصوم في أسبوعين. وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/ 12/ 2005 إداريًا، ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم ثانية لجلسة 17/ 1/ 2006 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الحكم التمهيدي الصادر من هذه المحكمة سالف الذكر سبق وأن أحاط بوقائع هذا النزاع، واستعرض الأسباب التي بني عليها الحكم الطعين وأوجه الطعن الموجهة إلى الحكم المطعون فيه الواردة بتقرير الطعن وهو ما تحيل إليه المحكمة في هذا الشأن عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أن الطاعن المدعي أقام الدعوى رقم 7479 لسنة 49 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 31/ 7/ 1991 بطلب الحكم بإلزام المدعي عليهما بصفتيهما بأن يدفعا له مبلغ 201126 جنيهًا والفوائد القانونية من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد مع إلزامهما بالمصروفات على سند من القول أنه أسندت إليه عملية بناء 300 شاليه بشاطئ عجيبة والأبيض بمرسى مطروح بالمواصفات والشروط وبالأسعار وفي المواقيت الموضحة بكراسة الشروط الخاصة بهذه المناقصة، وكان قد اشترط في البند الثالث من العطاء أن تسلمه المديرية أذونات وتصاريح الأسمنت والحديد بالمعدلات التي تتمشى مع إنهاء المشروع في المدد المحددة وهى 24 شهرًا، إلا أن المديرية أخلت بهذا الشرط فاضطر - حتى ينفذ هذه المقاولة في مواعيدها - إلى شراء كميات كبيرة من الحديد والأسمنت، ثم طالب المديرية بفروق الأسعار فاستطلعت رأي إدارة الفتوى بمجلس الدولة فارتأت أحقية المدعي في تلك الفروق إلا أن جهة الإدارة صرفت له مبلغ 96626 جنيهًا وهو ما يمثل الفرق بين السعر الرسمي المحدد عند بدء التعاقد والسعر الرسمي الذي طرأ أثناء التنفيذ أي أنه فروق السعر الجبري وليس الفرق بين السعر الجبري والسعر الحر وهو سعر السوق الذي اضطر المدعي إلى الشراء به ويستحق عنه فروقًا مقدراها 201126 جنيهًا إلا أن جهة الإدارة رفضت صرف تلك الفروق رغم أنه أوفى بكل التزاماته في المواعيد.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها طرحت في مناقصة عامة عملية إنشاء عدد 300 شاليه كاملة تسليم مفتاح بشاطئ عجيبة والأبيض بمرسى مطروح وقد تم إبرام عقد اتفاق بين الطرفين وذلك في 15/ 12/ 1983 بناءً على أمر الشغل الصادر للمقاول بالتاريخ ذاته، وقد نص هذا العقد على أن: "يقوم الطرف الثاني بتنفيذ العملية عاليه خلال مدة أربعة وعشرين شهرًا من تاريخ تسليم الطرف الأول للطرف الثاني الموقع خاليًا من الموانع".
أن يقوم الطرف الأول بمحاسبة الطرف الثاني بموجب الأسعار المقدمة من الطرف الثاني ويكون تنفيذ الأعمال حسب الجدول الموضح..... بيان المقايسة: 1 - دفتر شروط ومواصفات خاصة بالعملية 2 - دفتر شروط عامة 3 - لوحة رسم 4 - شروط المقاول.... قيمة التعاقد 3462900 جنيه يخضع هذا الاتفاق لجميع ما نصت عليه اللوائح والتعليمات المالية ولائحة المناقصات والمزايدات المالية والحسابات، وكذلك القواعد والشروط الموضحة بالجزء الأول للإدارة العامة للمباني، وكذلك الاشتراطات الموضحة بالمقايسة الخاصة بتنفيذ العملية.
ومن حيث إنه بمطالعة دفتر الشروط العامة ومواصفات الأعمال الخاص بهذه العملية وُجد أنه احتوى على المواصفات العامة للمشروع وبيان الأعمال الصحية والأعمال الكهربائية ولم يتضمن أي شروط مالية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الشروط الخاصة المرفقة بعطاء المقاول المقدم عن العملية المذكورة، وقد وضعت الأسعار طبقًا لهذه الاشتراطات أنها تضمنت التحفظات الآتية: 1 -........ 2 -....... 3 - يسلم لنا أذونات وتصاريح الأسمنت والحديد المدعم بالمعدلات التي تتمشى مع إنهاء المشروع في المدد المحددة 4 -........... وإذا ثبت تسليم المقاول موقع العملية في 27/ 2/ 1983 فصار تاريخ النهو المقرر 26/ 12/ 1985، ثم وافقت جهة الإدارة على مد مدة العملية 4 شهور فصار ميعاد النهو المعدل 26/ 4/ 1986، كما قامت الجهة الإدارية بإنقاص عدد الشاليهات إلى 200 شاليه، وذلك بناءً على قرار مجلس إدارة مشروع التنشيط السياحي بمحافظة مطروح في 21/ 1/ 1985 وتم إخطار المقاول بذلك بكتابها رقم 567 في 7/ 3/ 1985 وأنجز المقاول العملية في الميعاد المحدد، حيث تم تسليمها لجهة الإدارة ابتدائيًا في 24/ 4/ 1986 وبلغ ختامي العملية مبلغ 3274271.83 جنيهًا، وبتاريخ 17/ 12/ 1987 حرر محضر الاستلام النهائي لتلك العملية.
ومن حيث إن مقطع النزاع ينحصر في بيان مدى أحقية المقاول في التعويض عن زيادة الأسعار بصرف فروق الأسعار بين الأسعار الجبرية والأسعار الحرة لمواد البناء (الحديد - الأسمنت) التي استخدمها خلال مدة تنفيذ العقد في العملية المشار إليها وفي تاريخ لاحق على صدور القرارات السيادية بزيادة الأسعار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتملت عليه شروطه وبما يتفق ومبدأ حسن النية طبقًا للأصل العام المقرر في الالتزامات عمومًا، ومقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته تتحدد طبقًا لشروط العقد الذي يربطه بجهة الإدارة والنص الذي يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقد الإداري يقيد طرفيه كأصل عام ويصبح واجب التنفيذ ويمتنع الخروج عليه ومرد ذلك أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التي تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته ويعتبر في مقدمة حقوق المتعاقد حقه في الحصول على المقابل المالي، فهو من أهم حقوقه وهو الباعث إلى إبرام العقد وتلتزم جهة الإدارة بالوفاء به، والمقابل المالي لا يقتصر على الثمن أو الأجر أو الفائدة وإنما يشتمل - أيضًا - على كل شرط مالي يتضمن ميزة مالية أو فائدة اقتصادية للمتعاقد كالضمانات وغيرها.
ومن المسلم به أن الشروط التي تتعلق بتحديد المقابل النقدي في العقد بصفة عامة سواء تعلقت بتحديد هذا المقابل في أي صورة تم الاتفاق عليها وفقًا لطبيعة العقد أو أساليب الوفاء بهذا المقابل ومواعيد وإجراءات وحالات الوفاء بالثمن تعتبر شروطًا تعاقدية لا يملك أي طرف التحلل منها أو تعديلها بإرادته المنفردة دون موافقة الطرف الآخر نزولاً على مقتضى مبدأ ثبات أو جمود الشروط التعاقدية المتعلقة بالمقابل النقدي المستحق للمتعاقد.
ومن حيث إنه لما كان الأصل في محاسبة المقاول أنها تتم طبقًا للأسعار المتفق عليها والتي تقيد طرفي التعاقد وأنه لا يجوز للمقاول أن يطالب بزيادتها على أساس ما يطرأ عليها من زيادة وذلك وفقًا لما تقضى به المادة (54/6) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات التي تسري على العقد مثار النزاع الماثل بمقتضى الإحالة الواردة فيه التي تنص على أن "الفئات التي حددها مقدم العطاء بجدول الفئات تشمل وتغطى جميع المصروفات والالتزامات أيًا كان نوعها التي يتكبدها بالنسبة إلى كل بند من البنود وكذلك تشمل القيام بإتمام جميع الأعمال وتسليمها لجهة الإدارة والمحافظة عليها أثناء مدة الضمان طبقًا لشروط العقد، ويعمل الحساب الختامي بالتطبيق لهذه الفئات بصرف النظر عن تقلبات السوق والعملة والتعريفة الجمركية ورسوم الإنتاج... وغيرها من الرسوم الأخرى".
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم ثبات أسعار الفئات التي حددها مقدم العطاء بصرف النظر عن تقلبات السوق والعملة والتعريفة الجمركية ورسوم الإنتاج وغيرها من الرسوم إلا أن هناك استثناءً من هذا الأصل يجيز للمتعاقد إذا ما قدم تحفظًا على بعض الشروط العامة أو الخاصة أو شروط عطائه ولم ترفض جهة الإدارة العطاء لهذا السبب وفاوضت مقدمه للنزول عن التحفظ فلم ينزل أو وافق على تعديله دون النزول الكامل عنه أو إذا قبلت جهة الإدارة التحفظ صراحة أو ضمنًا فإن هذا التحفظ يصير جزءًا لا يتجزأ من العقد ويدخل ضمن الالتزامات العقدية المقررة على عاتق الجهة الإدارية المتعاقدة، ويصير ملزمًا لها وواجب التطبيق إعمالاً لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين.
ومن حيث إن الطاعن قرن عطاءه المقدم منه في المنازعة مثار الطعن الماثل بتحفظ سالف الذكر مؤداه أنه قد وضع أسعاره على أساس الأسعار المدعمة لمواد البناء تأسيسًا على التزام جهة الإدارة بتسليمه أذونات وتصاريح الأسمنت والحديد المدعم بكميات تتمشى مع مراحل تنفيذ العملية المسندة إليه خلال المدد المحددة له للتنفيذ.
وقد قبلت جهة الإدارة المطعون ضدها هذا التحفظ، ومن ثم يعتبر ذلك التحفظ جزءًا لا يتجزأ من العقد وصار ملزمًا لها، ومن ثم تكون الإدارة المشتركة للمتعاقدين قد جاءت واضحة الدلالة في أحقية الطاعن لما يطرأ على أسعار الحديد والأسمنت من زيادة خلال مدة تنفيذ العقد وهذا هو ما يوجبه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم وكان الثابت أنه لا خلاف بين أطراف الخصومة على التزام مديرية الإسكان بمطروح بتسليم المقاول أذونات وتصاريح صرف الأسمنت والحديد المدعم بالمعدلات التي تتمشى مع إنهاء المشروع في المدد المحددة طبقًا للتحفظ الوارد بالشروط الخاصة المرفقة بالعطاء المقدم من الطاعن طبقًا لما سلف بيانه، وأن جهة الإدارة المذكورة لم تنتظم في تنفيذ هذا الالتزام وتسببت بذلك في عدم تمكن المقاول من الحصول على مواد البناء بالسعر المدعم واضطراره إلى الحصول عليها بالسعر الحر بالزيادة عن السعر المدعم، حيث أقرت بذلك تلك الجهة؛ حيث قدم مهندس الإسكان مذكرة أوضح فيها أن المقاول المذكور قام بشراء كميات من الأسمنت والحديد من السوق الحر لعدم توافر المدعم منه بصفة منتظمة بالكميات المطلوبة للتنفيذ، وإذ ثبت حرص المقاول على تنفيذ العملية المسندة إليه في المواعيد المحددة له استجابة إلى طلب الجهة الإدارية بضرورة تنفيذ الأعمال في الموعد المحدد وعلمها بحصوله على مواد البناء بالسعر الأعلى دون اعتراض على ذلك فإن ذلك يجعل للمقاول حقًا في طلب الحصول على الفرق بين السعرين المدعم والحر متى ثبت أن الزيادة التي طرأت في أسعار الحديد والأسمنت حدثت بعد جلسة فتح المظاريف وأثناء مدة تنفيذ العقد الأصلية وأن هذه الكميات المشتراة من تلك المواد بعد صدور القرارات السيادية المقررة لهذه الزيادة وثبت قيام المقاول بتوريد وتشوين مواد البناء - الحديد والأسمنت - بموقع العملية والتي تم استعمالها بالفعل في تنفيذ العملية بعد زيادة الأسعار.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الجهة الإدارية بتراخيها في تسليم الطاعن أذون وتصاريح مواد البناء المدعمة فإنه يعد إخلالاً جسيمًا من جانبها بتنفيذ التزامها التعاقدي سالف الذكر مما يشكل خطأ عقديًا ويرتب مسئولية التعويض الكاملة وفقًا للقواعد العامة للمسئولية، وقد ترتب على قيام ركن الخطأ أضرار مباشرة أصابت الطاعن تمثلت في تحمله عند شرائه مواد البناء المذكورة فروق الأسعار بين السعر المدعم والسعر الحر وتعتبر مدة الأضرار من قبيل الأضرار المرتبطة بعلاقة سببية مباشرة مع ذلك الخطأ العقدي الأمر الذي يتعين معه تعويض المقاول عما أصابه من أضرار بسبب ذلك متى توافرت أركان المسئولية العقدية على أن يكون حقه في التعويض مقصورًا على تغطية الزيادة في الأسعار السوقية الجارية لمواد البناء في أيام التنفيذ الفعلي.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه متى ثبت من الأوراق وأخصها تقرير الخبير المنتدب المؤرخ 2/10/2004 المودع في ملف الطعن الماثل والذي تطمئن إليه المحكمة لكفاية أبحاثه ولسلامة الأسس التي بني عليها نتائجه أن الطاعن تقدم بعد نهو العملية المسندة إليه بطلب إلى مديرية الإسكان بمطروح لصرف فروق أسعار مواد البناء بين السعر المدعم والسعر الحر الذي اضطر للشراء بموجبه بسبب عدم منحه أذونات وتصاريح صرف تلك المواد بالأسعار المدعمة فاستطلعت جهة الإدارة رأي إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والمحافظات فانتهت بفتواها ملف رقم 93/ 13/ 102 سجل رقم 1200/ 86 إلى أحقية المقاول/ يوسف شاروبيم (الطاعن) في اقتضاء فرق السعر المقرر للحديد والأسمنت وذلك على أساس ما طرأ من زيادة على هذه المواد في الفترة ما بين رسو العطاء والتاريخ المحدد لانتهاء التنفيذ، وذلك على أساس اقتضاء الفرق بين السعرين المدعم والحر.
وإذا ثبت أن مديرية الإسكان بمطروح قامت بإعداد مذكرة مؤرخة 28/ 2/ 1987 بخصوص الفتوى المشار إليها حوت على حصر لكميات مواد البناء: الحديد - والأسمنت - المستعملة في العملية بعد صدور قرار وزير التعمير والمجتمعات الجديدة والإسكان والمرافق رقم 133 مكررًا لسنة 1984 في 21/ 10/ 1984 بزيادة أسعار الأسمنت والحديد اعتبارًا من 23/10/1984 وباحتساب الفرق بين السعر الرسمي قبل صدور القرار الوزاري المشار إليه وبعد صدوره، حيث بلغت جملة هذه الفروق مبلغ 96226 جنيهًا وتم صرفها للطاعن إلا أنه قد تلاحظ أن جهة الإدارة لم تقم باحتساب الزيادة التي طرأت على أسعار مواد البناء على أساس الفرق بين الأسعار الرسمية والأسعار السوقية، كما تلاحظ - أيضًا - أن جهة الإدارة لم تقم بخصم كميات الأسمنت والحديد التي تم صرفها للمقاول بتصاريح بالسعر الرسمي بعد صدور القرار الوزاري سالف الذكر والموضحة بكتاب مديرية الإسكان والمرافق بمطروح المؤرخ 24/ 5/ 2004 من إجمالي كميات مواد البناء التي قام المقاول بشرائها، والمستعملة في العملية المسندة إليه بعد صدور ذلك القرار الوزاري، وعلى ذلك يجب احتساب الكميات التي يستحق عنها المقاول فرق السعر الرسمي على أساس الفرق بين الكميات التي تم استخدامها لإتمام الأعمال وبين الكميات المسلمة للمقاول بموجب تصاريح كالآتي:

حصر الكميات أسمنت كرنك أسمنت بورتلاندى حديد تسليح ملاحظات
1 - إجمالي الكميات المستخدمة في العملية بعد صدور قرار الإدارة
2 - الكميات التي تم صرفها بتصاريح بعد صدور القرار الوزاري.
3 - الفرق بين الكميتين.
4 - الفرق في السعر الرسمي قبل صدور القرار الوزاري وبعده
5 - إجمالي الفرق.
2403.45 طه
400 طن
2003.45 طن
× 14

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
1360 طن
100 طن
1260 طن
× 16
388.8800 طن
 25 طن
363.800 طن
× 105
 
  28048.30ج 20160ج 38199.000 =86407.30

ومن ثم يكون المقاول قد صرف بالزيادة = 96226 - 86407.30 = 9818.7 جنيه.
ومن حيث إنه ومن جهة أخرى فإنه بالنسبة لمطالبة الطاعن بفروق الأسعار على أساس الفرق بين السعر الرسمي والسعر الحر عن كميات الأسمنت والحديد المستعملة بالفعل في العملية والتي قام المقاول بشرائها بالأسعار الجارية بالسوق أثناء مدة تنفيذ العملية - مثار النزاع الماثل - فإنه لما كان الثابت أن الخبير المنتدب ذهب في تقريره المشار إليه إلى تقرير التعويض المستحق للمقاول عن كميات مواد البناء التي اضطر لشرائها بالأسعار الرسمية بعد خصم الكميات المنصرفة للعملية بتصاريح، فتكون باقي الكمية هي التي تم شراؤها بسعر السوق والتي تم على أساسها حساب فروق الأسعار بين أسعار مواد البناء بالتسعيرة الجبرية وبين متوسط أسعار السوق لتلك المواد عن أعوام 1984، 1985، 1986 طيلة مدة تنفيذ العملية فبلغت جملة فروق الأسعار المستحقة للمقاول مبلغًا وقدره 91937.800 جنيه وذلك طبقًا للأسباب التي قام عليها تقرير الخبير وتتخذها المحكمة أسبابًا لحكمها (تراجع المستندات المرفقة بمحاضر أعمال الخبير).
ومن حيث إنه بإجراء المقاصة بين فرق السعر المستحق للطاعن وبين ما صرفه بالزيادة طبقًا لما سلف بيانه فإن صافى ما يستحقه الطاعن = 91937.800 - 9818.700 = 82119.100 جنيه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغًا ومقداره 82119.100 جنيه، ويرفض ما عدا ذلك من طلبات.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بالفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به فإنه لما كان الثابت أن فرق السعر الذي فات على الطاعن بسبب تقصير الجهة الإدارية مما يحق له الرجوع عليها هو مبلغ نقدي وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، وينبني على ذلك أنه تستحق الفوائد القانونية عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية بواقع 5% سنويًا لكون العقد مثار النزاع الماثل هو عقد مقاولة فيعتبر عملاً تجاريًا وذلك وفقًا لنص المادة 226 مدني وأنه ليس من شأن المنازعة في استحقاق المبلغ المطالب به أن تنفى أنه معلوم المقدار لقيام استحقاقه على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في تقديره، ومن ثم يتعين الحكم بإلزام الجهة الإدارية بالفوائد القانونية بالنسبة إلى مبلغ التعويض المستحق للطاعن من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المحكمة تلزم بها طرفي الطعن مناصفة عملاً بحكم المادة (186) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغًا مقداره 82119.100 (اثنا وثمانون ألفًا ومائة وتسعة عشر جنيهًا و100/1000 مليم)، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 31/ 7/ 1991 وحتى تمام الوفاء، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفةً.