مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 376

(50)
جلسة 18 من فبراير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، وحسن كمال أبو زيد، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، وأحمد إبراهيم زكي الدسوقي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد حسن أحمد - سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 3877 و3941 لسنة 46 قضائية. عليا:

موظف - تأديب - فوات ميعاد اعتراض رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات على قرار الجزاء - أثر ذلك.
الفرق بين الميعاد المحدد لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لطلب تقديم العامل المخالف إلى المحاكمة التأديبية وبين الميعاد المحدد للنيابة الإدارية لمباشرة الدعوى التأديبية.. الميعاد الأول: ميعاد سقوط يترتب على فواته سقوط حق رئيس الجهاز في الاعتراض على قرار الجزاء، في حين يعتبر الميعاد الثاني ميعادًا تنظيميًا لا يترتب على فواته سقوط الحق في إقامة الدعوى التأديبية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 11/ 3/ 2000 أودع الأستاذ/ معروف حواش (المحامي) بصفته وكيلاً عن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3877 لسنة 46 ق. عليها في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بقنا بجلسة 23/ 1/ 2000 في الدعوى رقم 81 لسنة 7 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضده، القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بمجازاة المطعون ضده بالجزاء المناسب.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإعادة الدعوى رقم 81 لسنة 7 ق إلى المحكمة التأديبية بقنا للفصل فيما نُسب إلى المطعون ضده مجددًا من هيئة أخرى.
وفي يوم الأحد الموافق 12/ 3/ 2000 أودعت الأستاذة/ إلهام محمد شوقت الوكيل العام الأول لهيئة النيابة الإدارية نائبة عن رئيس الهيئة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3941 لسنة 46 ق. عليا في الحكم المشار إليه.
وطلب الطاعن - للأسباب الوارد بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بمعاقبة المطعون ضده بالعقوبة المناسبة لما اقترفه م جرم.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة المطعون ضده بخصم شهر من راتبه، مع ما يترتب على ذلك من الآثار.
وقد حدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12/ 5/ 2004م وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبكل من جلستي 13/ 4/ 2005، 8/ 6/ 2005 قدم الحاضر عن الجهاز المركزي للمحاسبات ما يفيد إعلان المطعون ضده، وبجلسة 1/ 7/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 25/ 9/ 2005.
وبجلسة 3/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 5/ 1999 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بقنا أوراق الدعوى رقم 81 لسنة 7 ق مشتملة على تقرير اتهام ضد..... (المطعون ضده) سكرتير مدرسة الغوصة ذات الفصل الواحد التابعة لإدارة قنا التعليمية، لأنه في المدة من عام 1996 حتى 14/ 3/ 1998 لم يؤدِ العمل المنوط به بالأمانة الواجبة وخالف القواعد والتعليمات المنظمة للإجازات وسلك في تصرفاته مسلكًا لا يتفق وكرامة الوظيفة العامة، كما خالف القواعد والأحكام المالية وأتى ما ترتب عليه الإضرار بمالية الدولة بأن:
1 - زور مستندات تسوية السلفة المنصرفة باسمه بمبلغ 100 جنيه في 14/ 9/ 1997 بتوقيعه إيصالات شراء المواد الخام بدلاً من.....، ..... المدرستين بالمدرسة وباسميهما واستعمل تلك المحررات المزورة بتقديمها لجهة عمله للتسوية مما ترتب عليه تسوية السلفة خطأ بتاريخ 14/ 3/ 1998 وبالمخالفة للتعليمات.
2 - اختلس مبلغ 100 جنيه قيمة السلفة المؤقتة المنصرفة في 24/ 9/ 1997.
3 - اختلس المواد الخام المسلَّمة إليه في 2/ 8/ 1997 والمقدرة قيمتها بمبلغ 623 جنيهًا.
4 - تغيب عن العمل يوم 26/ 11/ 1997 دون إذن وفي غير الأحوال المرخص بها قانونًا.
5 - أصدر شيكًا بدون رصيد خلال عام 1996.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورة تأديبيًا طبقًا للمواد المبينة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 23/ 1/ 2000 حكمت المحكمة التأديبية بقنا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وأقامت قضاءها على أن الجهاز المركزي للمحاسبات طلب بكتابه الوارد إلى النيابة الإدارية في 8/ 4/ 1999 تقديم المطعون ضده إلى المحاكمة التأديبية إعمالاً لحكم المادة 5/ ثالثًا/ 1 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988، إلا أن النيابة الإدارية أحالت المطعون ضده إلى المحكمة التأديبية في 15/ 5/ 1999 أي بعد مضي أكثر من ثلاثين يومًا من طلب الجهاز المركزي للمحاسبات في 8/ 4/ 1999 تقديمه إلى المحاكمة التأديبية الأمر الذي تغدو معه الدعوى غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا.
ومن حيث إن مبنى الطعنين أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأن الميعاد المقرر لإقامة الدعوى التأديبية إنما هو ميعاد تنظيمي لا يترتب على فواته سقوط الحق في رفع الدعوى.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 تنص على أن "يباشر الجهاز اختصاصاته في الرقابة المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون على الوجه الآتي.........
ثالثًا: في مجال الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية: يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التي تقع بها وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتخذت بالنسبة لتلك المخالفات وأن المسئولية عنها قد حددت، وتمت محاسبة المسئولين عن ارتكابها، ويتعين موافاة الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها مصحوبة بكافة أوراق الموضوع، ولرئيس الجهاز ما يأتي:
1 - يطلب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز - إذا رأى وجهًا لذلك - تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية، وعلى الجهة المختصة بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يومًا التالية.
2 - ............. 3 -..............".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على التفرقة بين الميعاد المحدد لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لممارسة سلطته في طلب تقديم العامل المخالف إلى المحكمة التأديبية وبين الميعاد المحدد للنيابة الإدارية لمباشرة الدعوى التأديبية، إذ يعتبر الميعاد الأول ميعاد سقوط يترتب على فواته سقوط حق رئيس الجهاز في الاعتراض على قرار الجزاء في حين يعتبر الميعاد الثاني ميعادًا تنظيميًا لا يترتب على فواته سقوط الحق في إقامة الدعوى التأديبية، ومرد هذه التفرقة أن المشرع قد حدد لرئيس الجهاز ميعادًا للاعتراض على قرار مجازاة العامل وطلب تقديمه إلى المحاكمة التأديبية، يتعين عليه عدم تجاوزه بحيث إذا ما مارس سلطته تلك خلال الميعاد المحدد له فإن الحق في تقديم العامل المخالف إلى المحاكمة التأديبية يظل قائمًا للنيابة الإدارية ما لم تسقط الدعوى التأديبية وعلة هذا أن سلطتها مقيدة في ذلك، حيث يتعين عليها الاستجابة لطلب رئيس الجهاز فإن تراخت النيابة الإدارية في مباشرة الدعوى التأديبية إلى ما بعد فوات الميعاد المحدد لها فإن ذلك لا يترتب عليه عدم قبول الدعوى التأديبية، والقول بغير ذلك من شأنه أن يؤدى إلى إهدار سلطة رئيس الجهاز التي مارسها خلال الميعاد المحدد له والحيلولة بينه وبين ممارسة دوره الرقابي المحدد له بقانون الجهاز المركزي للمحاسبات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارة أصدرت في 4/ 3/ 1999 قرارًا بمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه لما نُسب إليه في قضية النيابة الإدارية بقنا رقم 296 لسنة 1999 من ارتكابه للمخالفات الواردة بتقرير الاتهام، وبتاريخ 16/ 3/ 1999 وردت الأوراق الخاصة بالموضوع إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، وخلال ثلاثين يومًا من هذا التاريخ الأخير وافق رئيس الجهاز في 3/ 4/ 1999 على تقديم المطعون ضده إلى المحاكمة التأديبية، وهو ما أخطرت به النيابة الإدارية بقنا بموجب كتاب الجهاز رقم 153 المؤرخ 4/ 4/ 1999، فمن ثم تضحى الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه مقبولة وإن تراخت النيابة الإدارية في تحريكها حتى 15/ 5/ 1999 أي بعد انتهاء الميعاد المحدد لها في المادة (5/ ثالثا/ 1) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات لمباشرة الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب عندما انتهى إلى عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يستوجب الحكم بإلغاء وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بقنا للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى حتى لا تهدر درجة من درجات التقاضي.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى رقم 81 لسنة 7 ق إلى المحكمة التأديبية بقنا للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى.