مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 395

(53)
جلسة 22 من فبراير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ، ومحمد البهنساوي محمد، والسيد أحمد محمد الحسينى، وعبد الحليم أبو الفضل القاضي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 8082 لسنة 45 قضائية - عليا:

طرق عامة - الهيئة العامة للطرق والكباري - اختصاصها بالإشراف على الطرق العامة السريعة أو الرئيسية وإزالة التعديلات الواقعة على حرم ومنافع تلك الطرق.
طبقًا لأحكام قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968 فإن الهيئة العامة للطرق والكباري، والتي حلت محل المؤسسة المصرية العامة للطرق والكباري بالقانون رقم 229 لسنة 1996 هي المنوط بها الإشراف على الطرق العامة السريعة أو الرئيسة وهى وحدها صاحبة الاختصاص بنص القانون في اتخاذ إجراءات إزالة التعدي الواقع على حرم ومنافع الطرق العامة سالفة الذكر وهى التي تقوم على تطبيق أحكام قانون الطرق العامة باعتباره قانونًا خاصًا يعنى بأنواع محددة من المال العام وهي الطرق العامة ومنافعها، ومن ثم فإن هذا القانون يتقدم في التطبيق على النصوص العامة الواردة في القانون المدني أو قانون الإدارة المحلية عملاً بالقاعدة العامة الفقهية المستقرة في هذا الشأن التي تنص على أن "الخاص يقيد العام". وقد نظم قانون الطرق العامة توزيع الاختصاص بين الهيئة العامة للطرق والكباري المشرفة على الطرق العامة السريعة أو الرئيسة وبين أجهزة الإدارة المحلية، على نحو يؤكد عناية المشرع بتوزيع الاختصاص بما يحقق الأغراض التي تغياها المشرع في هذا القانون الخاص - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 26/ 8/ 1999 أودع الأستاذ/ صلاح محمد السنطي، المحامي بالمحكمة الإدارية العليا وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 8082 لسنة 45 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 3252 لسنة 48 ق بجلسة 28/ 6/ 1999، الذي قضى في منطوقه برفض الدعوى، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - في ختام تقرير طعنه وللأسباب التي أوردها بهذا التقرير - تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة سالفة الذكر لتقضى بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية مصدرة هذا القرار مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في موضوع الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم تداول الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بذات المحكمة التي نظرته بجلسات المرافعة على النحو الثابت بالأوراق حتى قررت بجلسة 12/ 12/ 2005 إصدار الحكم فيه بجلسة 25/ 1/ 2006 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال أسبوعين، وبتاريخ 27/ 12/ 2005 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها - لما أودته بها من أسباب - الحكم برفض الطعن موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات. وبالجلسة المحددة للنطق بالحكم قررت المحكمة مد أجل النطق به لجلسة 15/ 2/ 2006 لاستمرار المداولة.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطاعن يطلب في تقرير طعنه القضاء بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام ضد المطعون ضدهم الدعوى رقم 3252 لسنة 48 قضاء إداري أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلب في عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى - شرحًا لدعواه - إن رئيس مركز ومدينة دمنهور أصدر قرارًا بإزالة التعديات الواقعة منه على أملاك الدولة العامة الكائنة أمام منزله بقرية ناصر بكفر الدوار، ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون؛ ونظرًا لأن المبنى الذي قضى بإزالته هذا القرار مبنى مقام منذ أكثر من أربعين عامًا وكان مبنيًا بالطوب اللبن من ثلاث حجرات وجرن ومزود بالمرافق منذ حوالي عشر سنوات، وقد آلت ملكيته إلى المدعي بالميراث الشرعي عن والده ولا يوجد أي تعدٍ منه على أملاك الوحدة المحلية، وقد تعرض هذا المبنى لهدم جزئي وسعى إلى إحلاله وتجديده وحصل على ترخيص بذلك بإعادة البناء بتاريخ 21/ 11/ 1992 بعد إجراء المعاينة على الطبيعة، فضلاً عن صدور القرار المطعون فيه من غير مختص لأن هذا المنزل يوجد على جانب الطريق الزراعي القاهرة/ الإسكندرية وأنه وفقًا لقانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته تختص الهيئة العامة للطرق والكباري وحدها بإصدار قرارات إزالة التعدي على الطريق سالف الذكر، بينما تختص الوحدة المحلية فقط بإزالة التعديات الواقعة على الطرق الإقليمية الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه للحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 11/ 4/ 1999 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات، وبعد أن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانون في طلب إلغاء القرار المطعون فيه أصدرت المحكمة المذكورة بجلسة 28/ 6/ 1999 حكمها في طلب الإلغاء قضت فيه برفض هذا الطلب وإلزام المدعي المصروفات.
وقد شيدت محكمة أول درجة هذا القضاء بعد أن استعرضت حكم المادة (970) من القانون المدني والمواد (11)، (26)، (31) من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أساس أن المشرع قد خول المحافظ المختص أو من يفوضه ومنهم رؤساء الوحدات المحلية في حدود سلطاتهم واختصاصات كل منهم في أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعد بالطريق الإداري، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر من رئيس مركز ومدينة دمنهور بإزالة التعدي الواقع من المدعى على أملاك الدولة المتمثلة في الطريق الزراعي السريع (القاهرة - الإسكندرية) فإن هذا القرار يكون قد صدر من مختص بإصداره ويضحى الطعن عليه فاقدًا سنده خليقًا بالرفض، وبناءً على ما تقدم خلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلقَ قبولاً لدى الطاعن فقد طعن عليه بالطعن الماثل ناعيًا عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك استنادًا إلى ذات الأسباب التي استند إليها في دعواه المبتدأة والتي وأوردها بعريضتها.
ومن حيث إن المادة (1) من قانون الطرق العامة رقم 84 لسنة 1986 تنص على أن "تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية: أ - طرق سريعة، ب - طرق رئيسية، ج - طرق إقليمية.
وتنشأ الطرق السريعة والرئيسية وتعدل وتحدد أنواعها بقرار من وزير النقل وتشرف عليها المؤسسة المصرية العامة للطرق والكباري، أما الطرق الإقليمية فتشرف عليها وحدات الإدارة المحلية".
وتنص المادة (2) من ذات القانون على أن "تسرى أحكام القانون على جميع الطرق عدا ما يأتي:
أ -...............
ب - الطرق الإقليمية الداخلة في حدود المدن والقرى التي لها مجالس مدن أو مجالس قروية".
وتنص المادة (5) من القانون سالف الذكر على أن "للمؤسسة ووحدات الإدارة المحلية دون غيرها كل في حدود اختصاصه تنفيذ الأعمال الصناعية بالطرق العامة".
وتنص المادة (10) من القانون ذاته على أن "تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة لمسافة 50 مترًا بالنسبة للطرق السريعة و25 مترًا بالنسبة للطرق الرئيسية و10 أمتار للطرق الإقليمية، وذلك خارج الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقًا لخرائط نزع الملكية المتعمدة لكل طريق محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية:
أ - لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة ويشترط عدم إقامة أية منشآت عليها.....".
وتنص المادة (15) من ذات هذا القانون على أنه "......... في جميع الأحوال يكون للجهة المشرفة على الطريق إزالة المخالفة إداريًا على نفقة المخالف".
ومما يستفاد من النصوص المتقدمة أن الهيئة العامة للطرق والكباري والتي حلت محل المؤسسة المصرية العامة للطرق والكباري بالقانون رقم 229 لسنة 1996 هي المنوط بها الإشراف على الطرق العامة السريعة أو الرئيسية وهى وحدها صاحبة الاختصاص بنص القانون في اتخاذ إجراءات إزالة التعدي الواقع على حرم ومنافع الطرق العامة سالفة الذكر وهى التي تقوم على تطبيق أحكام قانون الطرق العامة باعتباره قانونًا خاصًا يعنى بأنواع محددة من المال العام وهى الطرق العامة ومنافعها، ومن ثم فإن هذا القانون يتقدم في التطبيق على النصوص العامة الواردة في القانون المدني أو قانون الإدارة المحلية عملاً بالقاعدة العامة الفقهية المستقرة في هذا الشأن والتي تنص على أن "الخاص يقيد العام". وقد نظم قانون الطرق العامة توزيع الاختصاص بين الهيئة العامة للطرق والكباري المشرفة على الطرق العامة السريعة أو الرئيسية وبين أجهزة الإدارة المحلية على نحو يؤكد عناية المشرع بتوزيع الاختصاص بما يحقق الأغراض التي تغياها المشرع في هذا القانون الخاص.
(يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 27/ 1/ 1990 في الطعن رقم 2005 لسنة 32 ق. عليا).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن هي التعدي بالبناء بغير ترخيص على حرم الطريق الزراعي السريع القاهرة - الإسكندرية، وفقًا لقرار وزير النقل رقم 81 لسنة 1967 في شأن الطرق السريعة والرئيسية والإقليمية وجهات الإشراف عليها، إذ اعتبر الطريق سالف الذكر بطول 193 كيلو مترًا من الطرق السريعة الذي يصبح الإشراف عليه وإزالة ما يقع عليه أو على حرمه من تعديات من اختصاص الهيئة العامة للطرق والكباري، ومن ثم فإنه إذ صدر القرار بإزالة التعدي الواقع من الطاعن على الطريق السريع سالف الذكر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور، الأمر الذي يكون معه هذا القرار - وقد صدر من غير مختص قانونًا بإصداره - مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون متعين الإلغاء، وبالقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه من الجدير بالذكر أن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار إزالة التعدي المطعون فيه، قد صدر استنادًا إلى عدم مشروعية هذا القرار لمخالفته لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون الطرق العامة سالف الذكر، ومن ثم فإن هذا القضاء لا يغل يد الهيئة العامة للطرق والكباري باعتبارها صاحبة الاختصاص بالإشراف على الطريق السريع سالف الذكر وإزالة ما يقع عليه من تعدٍ بالطريق الإداري، فإن هذا القضاء لا يغل يد الهيئة المذكورة عن النهوض بإزالة هذا التعدي بالطريق الإداري.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.