مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 520

(72)
جلسة 11 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، ود/ محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حامد، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار. د/ محمد عبد المجيد إسماعيل - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 9213 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - القرار التأديبي - وفاة العامل قبل الفصل في طعنه على قرار الجزاء التأديبي يترتب عليه انقضاء المسئولية العقابية وليس انقطاع سير الخصومة.
الطعن التأديبي المقام من العامل أمام المحكمة التأديبية بطلب إلغاء القرار التأديبي الصادر من السلطات التأديبية الرئاسية إنما هو الوجه الآخر للدعوى التأديبية التي تقيمها النيابة الإدارية بحسبانها صاحبة الولاية في إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها ومن ثم فإنه يستوي كل من الدعوى التأديبية والطعن التأديبي في أنهما يقومان على أساس واحد هو المسئولية العقابية - مؤدى ذلك: - أن المسئولية العقابية الصادر بشأنها قرار من الجهة الإدارية التي يتعبها العامل تنقضي أيضًا إذا ما طعن في قرار الجزاء أمام المحكمة التأديبية، ثم توفى العامل قبل الفصل في طعنه التأديبي شأنها في ذلك شأن انقضاء المسئولية العقابية للدعوى التأديبية قبل الفصل فيها لوفاته لاتحاد الأساس والعلة في كلا الأمرين - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 27/ 6/ 2001 أودع وكيل الطاعنة - عن نفسها وبصفتها وصية على نجليها المذكورين - ورثة المرحوم/ ...... - قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه بعاليه والذي قضى في منطوقه بعدم قبول الطعن.
وطلبت الطاعنة عن نفسها وبصفتها - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة مورثهم مما نسب إليه، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وأثناء تحضير الطعن أودع وكيل الطاعنة عن نفسها وبصفتها حافظة مستندات طويت على صور ضوئية من شهادة وفاة مورثهم وتحقيق وفاته، وقرار تعيين الطاعنة وصية على نجليها........... و...... قاصري المرحوم/ .......
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الطعن التأديبي المحكوم فيه إلى المحكمة التأديبية لنظره والفصل فيه مجددًا بهيئة أخرى.
ونظر الطعن أمام الدائرة الخامسة "فحص" بجلسة 9/ 7/ 2002 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة السابعة فحص - للاختصاص، ونظر الطعن أمام الدائرة الأخيرة بجلسة 2/ 9/ 2002، وبالجلسات التالية لها، حيث أودع البنك المطعون ضده أثناء أثناء فترة حجز الطعن للحكم مذكرة بدفاعه اختتمت بطلب الحكم برفض الطعن، وبجلسة 2/ 4/ 2003 قررت الدائرة السابعة "فحص" إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة "موضوع" وحددت لنظره جلسة 29/ 6/ 2003 وفيها نظر، حيث أودع وكيل الطاعنة عن نفسها وبصفتها حافظة مستندات طويت على المستندين المبينين على غلافها ومذكرة بدفاعها اختتمت بالتصميم على الطلبات، وبجلسة 16/ 6/ 2005 قررت الدائرة الثامنة موضوع إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة للاختصاص، ونظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 8/ 10/ 2005، وبالجلسات التالية لها على النحو المبني بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/ 1/ 2006 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 2/ 2006، ثم لجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه - في أن مورث الطاعنين/ ........ كان قد أقام الطعن التأديبي رقم 547 لسنة 42/ ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 3/ 5/ 2000 طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر في التحقيق رقم 99 لسنة 1998 بمجازاته بخصم 15 يومًا من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار، وذكر سندًا لطلبه بأنه يعمل بوظيفة مدير إدارة بمنطقة فرع بنك مصر بالإسكندرية وبتاريخ 18/ 8/ 1998 صدر قرار بمجازاته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه لما نسب إليه من تساهله في فتح الاعتماد المستندي 162 باسم شركة....... للتجارة الدولية فتظلم منه، إلا أنه أخطر في 22/ 3/ 2000 برفض تظلمه ونعى مورث الطاعنين على هذا القرار مخالفته للقانون وبانعدام محله والقصور في التحقيق الذي صدر بناء عليه القرار المطعون فيه.
وبجلسة 29/ 4/ 2001 أصدرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية حكمها المطعون فيه والذي قضى في منطوقه بعدم قبول الطعن شكلاً، وشيدت المحكمة قضاءها على سند من نص المادة (24) من قانون مجلس الدولة وأن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 18/ 8/ 1999 وتظلم منه الطاعن في 16/ 9/ 1999 ولم يتلقَ ردًا خلال الستين يومًا التالية، ومن ثم كان يتعين عليه إقامة طعنه في خلال الستين يومًا التالية لانقضاء الستين المذكورة في ميعاد أقصاه 14/ 1/ 2000، وإذا أقام طعنه في 3/ 5/ 2000، ومن ثم يكون قد أقامه بعد المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، وبذلك يكون غير مقبول شكلاً، وعليه خلص الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم بيانه.
ومن حيث إن مبنى اطلعن يقوم على مخالفة القانون والثابت بالأوراق.
حيث رفض تظلم مورث الطاعنين وأبلغ به في 22/ 3/ 2000، ومن هذا التاريخ يبدأ حساب ميعاد الطعن بالإلغاء، ولم يقدم المطعون ضده ما يثبت تاريخ علم مورثهم بقرار رفض التظلم، وعليه يكون الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف الثابت بالأوراق، كما لم يقرر المطعون ضده بواقعة الوفاة بحسبان أن مورثهم من العاملين بالبنك - مدير الفرع، ولم يتم إعلانه أو ورثته بالجلسات حتى صدر الحكم المطعون فيه، وخلصت الطاعنة عن نفسها وبصفتها إلى طلب الحكم بطلباتها السابق بيانها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدعوى التأديبية تنقضي بوفاة العامل أثناء نظر الطعن في الحكم التأديبي أمام المحكمة الإدارية العليا استنادًا إلى الأصل العام الوارد في المادة (14) من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن "تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم" وأن هذا الأصل هو الواجب الاتباع عند وفاة المحال أثناء المحكمة التأديبية سواء كان ذلك أمام المحكمة التأديبية أو أمام المحكمة الإدارية العليا، وأساس ذلك: أن حكم المادة (14) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه إنما يمثل أحد المبادئ للنظام العقابي سواء في المجال التأديبي أو الجنائي، أي أن هذا النص هو في ذاته تطبيق لقاعدة عامة مقتضاها شخصية العقوبة، ومن ثم لا تجوز المساءلة في المجال العقابي إلا في مواجهة شخص المتهم الذي تطالب جهة الإدارة بإنزال العقاب عليه، الأمر الذي يفترض بالضرورة حياة هذا الشخص حتى يسند إليه الاتهام وتستقر مسئوليته بحكم بات في مواجهته، فإذا ما توفي المتهم قبل أن تصل المنازعة إلى غايتها النهائية، فإنه يتعين عدم الاستمرار في إجراءات المساءلة أيًا كانت مرحلة التقاضي التي وصلت إليها وذلك من خلال القضاء بانقضاء المساءلة التأديبية قبله مع ما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لما سبق اتخاذه بعد رفع الدعوى التأديبية وقبل الحكم فيها أو بعد صدور الحكم التأديبة وأثناء نظر الطعن فيه، وبصرف النظر عما إذا كان الطعن مقامًا من النيابة الإدارية أو مقامًا من الطاعن الذي توفى أثناء نظر الطعن بحيث يتعين في جميع الأحوال القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية، وليس بانقطاع سير الخصومة (حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1499 لسنة 37/ ق - عليا - جلسة 29/ 4/ 1997)
ومن حيث إن الطعن التأديبي المقام من العامل أمام المحكمة التأديبية بطلب إلغاء القرار التأديبي الصادر من السلطات التأديبية الرئاسية إنما هو الوجه الآخر للدعوى التأديبية التي تقيمها النيابة الإدارية بحسبانها صاحبة الولاية في إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها، ومن ثم فإنه يستوي كل من الدعوى التأديبية والطعن التأديبي في أنهما يقومان على أساس واحد هو المسئولية العقابية سواء صدر بها قرار من الجهة الإدارية التي يتبعها العامل، أو أحيل العامل للمحاكمة التأديبية، وصدر حكم أو قرار مجلس تأديب بتوقيع الجزاء عليه، ومن ثم فإن المسئولية العقابية الصادر بشأنها قرار من الجهة الإدارية التي يتبعها العامل تنقضي - أيضًا - إذا ما طعن في قرار الجزاء أمام المحكمة التأديبية ثم توفى العامل إلى رحمة الله قبل الفصل في طعنه التأديبي شأنه في ذلك شأن انقضاء المسئولية العقابية القائمة قبله بالدعوى التأديبية قبل الفصل فيها لوفاته لاتحاد الأساس والعلة في كلا الأمرين.
ومن حيث إن مورث الطاعنين كان قد أقام الطعن التأديبي رقم 547 لسنة 42/ ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 3/ 5/ 2000 بطلب إلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه بناءً على التحقيق رقم 99 لسنة 1998، وقد نظر الطعن التأديبي بجلسة 15/ 7/ 2000 وتدوول نظره بالجلسات حتى حجز الطعن للحكم بجلسة 11/ 2/ 2001 ثم صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 29/ 4/ 2001 بعدم قبول الطعن شكلاً، كما أن الثابت من الطعن الماثل المقام من ورثته أن مورثهم قد توفي إلى رحمة الله بتاريخ 6/ 8/ 2000 أي قبل حجز الطعن للحكم بجلسة 11/ 2/ 2001، ومن ثم فإنه تنقضي المسئولية العقابية ضد الطاعن المتوفى أثناء نظر طعنه التأديبي على قرار مجازاته، مما يترتب عليه إلغاء قرار الجزاء المطعون فيه، وإذ لم تكن واقعة وفاة الطاعن - مورث الطاعنين بالطعن الماثل - تحت بصر المحكمة التأديبية حتى صدور الحكم المطعون فيه وعليه قضت بعدم قبول الطعن، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر ضد الطاعن المتوفى مما يوقعه في حومة البطلان، الأمر الذي تقضى معه هذه المحكمة بإلغائه والقضاء مجددًا بانقضاء المساءلة العقابية لمورث الطاعنين الصادر بشأنها القرار المطعون فيه بمعاقبته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بانقضاء المساءلة التأديبية لمورث الطاعنين وإلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه لوفاته إلى رحمة الله، مع ما يترتب على ذلك من آثار.