مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 558

(77)
جلسة 18 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، ود/ محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حامد، وعادل عبد الرحيم بريك - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عبد المجيد إسماعيل - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صابر محمد محمد خليل - سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 5697 و5830 لسنة 45 قضائية. عليا:

إثبات - قرينة النكول لا تقوم إلا بعد إتاحة الوقت الكافي لجهة الإدارة لتقديم الأوراق والمستندات - أثر ذلك أمام محكمة الطعن.
تقديم الأوراق والمستندات اللازمة للفصل في الدعوى هو واجب على جهة الإدارة، وإن تقاعسها عن ذلك لهو دليل على صحة إدعاءات المطعون ضده بعدم صحة القرار الطعين، بيد أن ذلك مرهون بإتاحة محكمة أول درجة الوقت الكافي لجهة الإدارة للوفاء بهذا الالتزام - عدم إتاحة المحكمة لها هذا الوقت وصدور حكمها بإلغاء القرار الطعين على هذا الأساس، فإن تداركت جهة الإدارة ذلك وقامت بالطعن على الحكم بإلغاء القرار التأديبي، وأودعت الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا القرار والتي لم تكن أمام محكمة أول درجة فلا مناص أمام محكمة الطعن إذا تبين لها ذلك من إلغاء الحكم المطعون وإعادة الطعن التأديبي لمحكمة أول درجة للفصل فيه مجددًا - أساس ذلك: حتى لا يحرم ذو الشأن من ضمانة جوهرية وهى نظر النزاع على درجتين من درجات التقاضي - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 3/ 6/ 1999، أودع الأستاذ/ نبيه إبراهيم محمد - المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن الأول بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5697 لسنة 45 ق. عليا في الحكم المشار إليه.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 8/ 6/ 1999، أودع الأستاذ/ معروف رضوان - المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن الثاني بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5830 لسنة 45 ق. عليا في ذات الحكم.
والتمس الطاعنان بصفتيهما - لما ورد بتقرير طعنيهما من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار رقم 49 لسنة 1998 الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم أجر عشرة أيام من راتبه.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي في الطعنين المشار إليهما طلبت في الطعن رقم 5697 لسنة 45 ق. عليا الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا بسند من أن جهة الإدارة ما زالت على نكولها في عدم إيداع المستندات اللازمة للفصل في الطعن. كما طلبت في الطعن رقم 5830 لسنة 45 ق. عليا بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن التأديبي رقم 145 لسنة 27 ق.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون وتدوولا أمامها إلى أن قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة - موضوع)، حيث تدوولا أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/ 1/ 2006 قررت المحكمة ضم الطعنين، ليصدر فيهما حكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعنين الماثلين قد أودعا خلال الأجل المقرر قانونًا، وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الأخرى، فمن ثم يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعنين تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده يشغل وظيفة مهندس مدني بالهيئة الطاعنة، وبتاريخ 9/ 7/ 1998 علم بصدور القرار الإداري رقم 49 لسنة 1998 بمجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه لما نُسب إليه من خروجه على واجبه الوظيفي لتقاعسه عن اتخاذ الإجراءات القانونية المقررة قبل المواطنين المعتدين على شبكة الصرف المغطى بكفر شكر وذلك بتوصيل شبكة الصرف الخاصة بأراضيهم بالشبكة الحكومية، وبناء عليه أقام طعنه رقم 145 لسنة 27 ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا ناعيًا على قرار الجزاء مخالفته للقانون وبجلسة 10/ 4/ 1999 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت المحكمة قضاءها على أن جهة الإدارة نكلت عن إيداع المستندات اللازمة للفصل في الطعن المشار إليه حال أنها تملك وحدها هذه المستندات، الأمر الذي يقيم قرينة بصحة ادعاءات الطاعن بمخالفة القرار الطعين للقانون مما يتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والإخلال بحق الدفاع،
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقديم الأوراق والمستندات اللازمة للفصل في الدعوى هو واجب على جهة الإدارة، وأن تقاعسها عن تقديم الأوراق والمستندات لهو دليل على صحة ادعاءات المطعون ضده بعدم سلامة القرار الطعين، بيد أن ذلك مرهون بإتاحة محكمة أول درجة الوقت الكافي لجهة الإدارة للوفاء بهذا الالتزام، فإذا لم تتح المحكمة لها هذا الوقت وصدر حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه على هذا الأساس، فإن تدارك جهة الإدارة ذلك والقيام الطعن في الحكم الصادر بإلغاء القرار التأديبي وإيداع أوراق التحقيقات والمستندات المتعلقة بهذا القرار والتي لم تكن أمام محكمة أول درجة، وبالتالي لم تتمكن من فحص الموضوع والتحقق من صحة الوقائع وبيان وجه الحق وكشف الحقيقة في شأنه وتكوين عقيدتها عنه على نحو يسمح لها بإنزال صحيح حكم القانون على القرار المطعون فيه وصولاً إلى تبيان مدى صحة ومشروعية هذا القرار من عدمه، فمن ثم فلا مناص أمام محكمة الطعن إذ تبين لها أن محكمة أول درجة لم تتح الوقت الكافي لذلك من إلغاء الحكم الطعين وإعادة الطعن التأديبي إلى محكمة أول درجة للفصل فيه مجددًا حتى لا يحرم ذوو الشأن من ضمانات جوهرية مقدرة لهم وهى نظر النزاع على درجتين من درجات التقاضي لا درجة واحدة.
(يراجع الحكم الصادر في الطعنين رقمي 8944، 8766 لسنة 46 ق. عليا بجلسة 28/ 5/ 2005).
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم ولما كان الثابت من محاضر نظر الطعن التأديبي محل الطعنين الماثلين أمام المحكمة التأديبية بطنطا أن المحكمة قد قامت بنظر هذا الطعن على مدار ثلاث جلسات (16/ 1/ 1999، وجلسة 20/ 2/ 1999، وجلسة 3/ 4/ 1999)، وبجلسة 10/ 4/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 20/ 5/ 2000، فمن ثم فإن المحكمة المذكورة لم تمنح الهيئة الطاعنة الوقت الكافي لإيداع المستندات وأوراق التحقيق حتى يتسنى لها إصدار حكمها في ضوئها، ومن ثم يغدو الحكم المطعون فيه الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه تأسيسًا على نكول الهيئة المذكورة عن تقديم أوراق التحقيق المتعلقة بموضوعه مخالفًا لصحيح الواقع مخالفة هوت به إلى الخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه، والأمر بإعادة الطعن التأديبي رقم 145 لسنة 27 ق إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل في موضوعه من هيئة أخرى في ضوء المستندات والتحقيقات المودعة ملف هذا الطعن وما يقدم إليها من مستندات وأوراق أخرى حتى لا يفوت الخصوم إحدى درجات التقاضي.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت بإعادة الطعن التأديبي رقم 145 لسنة 27 ق إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل في موضوعه بهيئة أخرى.