مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006 - صـ 591

(82)
جلسة 18 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، ود/ محمد ماجد محمود، وأحمد محمد حامد، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار. د/ محمد عبد المجيد إسماعيل - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صابر محمد محمد خليل - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2363 لسنة 50 قضائية. عليا:

موظف - طوائف خاصة - عاملون بالمحاكم والنيابة العامة - تأديب - محاكمتهم أمام مجلس التأديب تخضع للأصول والمبادئ المقررة في المحاكمات التأديبية.
محاكمة موظفي المحاكم والنيابة العامة أمام مجلس التأديب تخضع للأصول والمبادئ المقررة في المحاكمات التأديبية، بحيث يجب إعلان المحال أن مجلس التأديب بالتهمة المنسوبة إليه وأدلتها وميعاد المحاكمة للحضور بنفسه أو بوكيل عنه ليتمكن من الدفاع عن نفسه، فحق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة هو حق كفله الدستور والقانون - أثر مخالفة ذلك: بطلان الحكم - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 17/ 12/ 2003 أقام الطاعن الطعن الماثل بموجب تقرير موقع من محامٍ مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا في القرار المشار إليه بعاليه والذي قرر في منطوقه بمجازاته بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر اعتبارًا من 25/ 8/ 2003 تاريخ الوقف السابق مع صرف نصف راتبه الأساسي فقط.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتيهما في مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى.
ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة على النحو المبين محاضر جلساتها، حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع، وبجلسة 4/ 7/ 2005 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بهذه المحكمة؛ لنظره بجلسة 22/ 10/ 2005، والتي نظرته بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، وبجلسة 28/ 1/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 26/ 8/ 2003، وبتاريخ 13/ 10/ 2003 تقدم الطاعن بطلب الإعفاء رقم (6) لسنة 50 ق - عليا وبتاريخ 28/ 10/ 2003 صدر قرار لجنة الإعفاء بقبول هذا الطلب، وبتاريخ 17/ 12/ 2003 أقام الطاعن الطعن الماثل، فمن ثم فإنه يكون مقامًا خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق والقرار المطعون فيه - في أنه بتاريخ 25/ 8/ 2003 أصدر السيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة القرار رقم (25) لسنة 2003 بإحالة/.......... (الطاعن) أمين سر الدائرة (63) تجاري إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف القاهرة لمحاكمته تأديبيًا عما نُسب إليه من تقاضيه بصفته (موظفًا عموميًا) من.............. - وكيل المستأنف ضده/ ........ في الاستئناف رقم 2698 لسنة 119 ق - تجاري مبلغ (2500) جنيه على سبيل الرشوة مقابل إسراله الاستئناف المذكور لمحكمة النقض بما فيه من مستندات خاصة ببنك فيصل "مستأنف" وهي عبارة عن شيكات وذلك بقصد غل يد البنك عن إقامة دعاوى ضد الطرف الثاني بتلك الشيكات مما يكون معه قد تعمد الاستفادة المادية والتربح من وظيفته واستغلالها على النحو المبين بالأوراق، وعقب قيد الواقعة دعوى تأديبية برقم (25) لسنة 2003 بسجلات مجلس التأديب المذكور، الذي قام بنظرها بجلسته السرية المنعقدة في 26/ 8/ 2003 وفيها سمع أقوال المحال ثم أصدر القرار المطعون فيه والذي قرر في منطوقه مجازاة المحال بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر اعتبارًا من 25/ 8/ 2003 تاريخ الوقف السابق مع صرف نصف راتبه الأساسي فقط، وشيد المجلس قراره على أسباب حاصلها أن الواقعة المنسوبة إلى المحال قد استقام الدليل عليها وعلى صحة إسنادها إليه مما شهد به في التحقيقات كل من:..................، و.....................، و......................، و....................، ومن مذكرة رئيس القلم التجاري والضرائب وتأكد ذلك الاتهام من تحريات إدارة مباحث القاهرة، ولما كان ما نُسب إلى المذكور يعد إخلالاً منه بواجبات وظيفته واستغلالاً لها وخيانة للثقة المعهود بها إليه مما يستوجب مساءلته تأديبيًا... وعليه خلص المجلس إلى قراره المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل خطأ القرار المطعون فيه في تطبيق القانون، فضلاً عن صدوره مشوبًا بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم أو القرار المطعون فيه بميزان القانون وحده لتنزل صحيح حكمه على النزاع غير مقيدة في ذلك بطلبات الطاعن أو الأسباب التي يبديها في طعنه، باعتبار أن المرد في ذلك هو إعمال مبدأ المشروعية وسيادة القانون في روابط القانون العام.
ومن حيث إن المادة (169) من الدستور تنص على أن: "جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام والآداب، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية".
كما تنص المادة (174) من قانون المرافعات على أن: "ينطق القاضي بالحكم.. ويكون النطق به علانية، وإلا كان الحكم باطلاً".
كما تنص المادة (203) من قانون الإجراءات الجنائية على أن: "يصدر الحكم في الجلسة العلنية، ولو كانت الدعوى نظرت في جلسة سرية.......".
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن "جلسات المحاكم وما في حكمها من المجالس التي أوكل إليها القانون مهمة الفصل في مسائل معينة يجب كقاعدة عامة أن تكون علنية، إلا إذا رأت هيئة المحكمة جعلها سرية؛ مراعاة لمقتضيات النظام العام والآداب أو نص القانون على ذلك، ولكن في جميع الأحوال يجب أن يصدر الحكم في جلسة علانية وإلا كان الحكم باطلاً، والبطلان في هذه الحالة من النظام العام تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يطلبه أحد من الخصوم...".
(الطعن رقم 2402 لسنة 34 ق - عليا - جلسة 6/ 6/ 1996، الطعن رقم 2163 لسنة 39 ق - عليا - جلسة 12/ 11/ 2000).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا أقرب من طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية ويجرى عليها بالنسبة إلى الطعن ما يجرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية.
(الطعن رقم 542 لسنة 39 ق - عليا - جلسة 19/ 3/ 1994).
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة نظر الدعوى التأديبية رقم (25) لسنة 2003، المقامة ضد الطاعن والذي يعد جزءًا لا يتجزأ من القرار المطعون فيه أن مجلس التأديب قد نظر تلك الدعوى لا بتاريخ 26/ 8/ 2003 بجلسة غير علانية حسب المبين بصدر محضر الجلسة، وأنه في نهاية تلك الجلسة أصدر المجلس المذكور القرار المطعون فيه، الأمر الذي يترتب عليه بطلان هذا القرار لمخالفته لصحيح حكم القانون ، دون أن يغير من ذلك في شيء محاولة تدارك ذلك بالنص في أصل القرار المنسوخ على أنه صدر بجلسة علنية على خلاف ما هو ثابت بمحضر الجلسة المشار إليها والذي لا يجوز عند النسخ مغايرة ذلك بالمخالفة للحقيقة الثابتة رسميا بمحضر الجلسة على ما سبق إيضاحه.
ومن ناحية أخرى فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن "محاكمة موظفي المحاكم والنيابة العامة أمام مجلس التأديب تخضع للأصول والمبادئ المقررة في المحاكمات التأديبية بحيث يجب إعلان المحال أمام مجلس التأديب بالتهمة المنسوبة إليه وأدلتها وميعاد المحاكمة للحضور بنفسه أو بوكيل عنه؛ ليتمكن من الدفاع عن نفسه فحق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة هو حق كفله الدستور والقانون، ويترتب على الإخلال بهذا الحق بطلان الحكم المطعون فيه.
(الطعن رقم 3925 لسنة 22 ق - عليا - جلسة 21/ 3/ 1983).
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار رقم (25) لسنة 2003 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما نسب إليه قد صدر بتاريخ 25/ 8/ 2003، وقد انعقد مجلس التأديب لنظر الدعوى التأديبية المقامة ضده في اليوم التالي بتاريخ 26/ 8/ 2003 وبذات الجلسة أصدر المجلس القرار المطعون فيه، وأن الطاعن وإن كان قد حضر هذه الجلسة وسمعت أقواله على النحو الثابت بمحضر الجلسة إلا أنه لم يثبت من الأوراق إعلانه بقرار الإحالة أو اطلاعه عليه، وبالتالي لم يتمكن من إبداء دفاعه عما نُسب إليه، فضلاً عن عدم تحقيق دفاعه الذي أبداه في محضر الجلسة المذكورة، الأمر الذي يعد إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع، مما يترتب عليه بطلان القرار المطعون فيه من هذه الوجهة أيضًا.
ومن حيث إنه وترتيبًا على ما تقدم كله، يغدو القرار المطعون فيه مخالفًا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والأمر بإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى بإجراءات تتفق وصحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه، وأمرت بإعادة الدعوى التأديبية رقم (25) لسنة 2003 إلى مجلس العاملين بمحكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى بما يتفق وصحيح حكم القانون.