مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006 - صـ 645

(90)
جلسة 28 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضري نوبي محمد، ومنير صدقي يوسف خليل، وعمر ضاحي عمر ضاحي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مؤمن هاني أحمد الدرديري - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4432 لسنة 45 قضائية. عليا:

أ - إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرف الصادر عن الخاضع أو خلفه.
إذا كان هناك عقد أو تصرف معين مدعى بصدوره من الخاضع أو خلفه إلى المعترض في تاريخ سابق على تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي المطبق في الاستيلاء فإنه يجب للاعتداد بهذا العقد وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع التعاقد أن يثبت حقيقة صدوره فعلاً من الخاضع، وفي تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقانون المطبق في الاستيلاء وأن يكون من شأنه نقل الملكية وأن يثبت من واقع المعاينة على الطبيعة انطباق حدود ومعالم هذا العقد على أرض النزاع - تطبيق.
ب- إصلاح زراعي - سبل خروج الأرض من نطاق الاستيلاء.
ثبوت تاريخ العقد العرفي قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي المطبق في الاستيلاء ليس هو الطريق الوحيد لخروج الأرض من نطاق الاستيلاء الخاضع للقانون، إذ تخرج الأرض أيضًا من نطاق الاستيلاء إذا ما ثبت أن ملكيتها قد انتقلت من ذمة المالك إلى ذمة غيره قبل العمل بالقانون، وذلك بأي طريق من طرق اكتساب الملكية ومنها التقادم المكسب طبقًا لحكم المادة (968) مدني، فإذا توافرت الحيازة بشروطها القانونية واستمرت لمدة خمس عشرة سنة ترتب عليها اكتساب الملكية بالتقادم - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 24/ 4/ 1999 أودع الأستاذ/ إبراهيم نور الدين المحامي نيابة عن الأستاذ/ صلاح الدين معوض المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 4432 لسنة 45 ق. عليا في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 337 لسنة 1992 بجلسة 4/ 3/ 1999 والقاضي منطوقه (قبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعًا).
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا بعدم الاعتداد بالاستيلاء الحاصل على المساحة ملح الطعن واعتبار الاستيلاء الحاصل عليها كأن لم يكن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15/ 11/ 2000 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 5/ 12/ 2001 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة- موضوع" وحددت لنظره أمامها جلسة 5/ 3/ 2002 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 15/ 4/ 2003 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتمهيديًا، وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل ببني سويف لأداء المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم.
وقد باشر الخبير المهمة المكلف بها وأودع تقريره ملف الطعن وبجلسة 20/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 31/ 1/ 2006 ومذكرات في شهر وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/ 3/ 2006 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الحكم التمهيدي الصادر من هذه المحكمة المشار إليه قضى بقبول الطعن شكلاً، كما تناول وقائع النزاع واستعرض الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه، وبسط أوجه المطاعن الواردة بتقرير الطعن ضد القرار الطعين وهو ما تحيل إليه المحكمة منعًا للتكرار فيما عدا ما يقتضيها حكمها من بيان موجز حاصله أن الطاعن أقام الاعتراض رقم 337 لسنة 1992 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بطلب القضاء برقع الاستيلاء على أطيان النزاع المبينة بصحيفة الاعتراض على سند من القول أنه يمتلك بالميراث الشرعي عن والده المرحوم/ عبد العظيم محمد مساحة 13 س 13 ط أطيانًا زراعية بحوض نامق الشرقي 31 بالقطعة 63 من 33، 13 بزمام قرية نعيم مركز ومحافظة بني سويف، وأن ملكية هذه الأرض آلت على مورثه بالشراء من السيدة/ سعدية داود نامق التي خضعت لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وأنها أدرجت المساحة المباعة لمورثه في الإقرار المقدم منها طبقًا لأحكام هذا القانون - كما أن ملكية مورثه ثابتة بمكتب الشهر العقاري ببني سويف برقم 114 في 16/ 1/ 1967 - كما تحرر عنها عقد إيجار صادر عن مورثه للمستأجر مؤرخ 1/ 10/ 1967 ومسجل بالجمعية الزراعية - كما تم تسجيل عقد البيع برقم 234 لسنة 1980 وتم نقل التكليف باسمه إلا أنه فوجئ باستيلاء الإصلاح الزراعي عليها قبل الخاضعة المذكورة.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول مدى جواز الاعتداد بعقد البيع العرفي المؤرخ في 15/ 9/ 1966 المدعي صدوره من الخاضعة سعدية داود نامق لمورث المعترض (الطاعن) عبد العظيم محمد على المتضمن بيع مساحة 4 س - ط 1 ف بحوض نامق الشرقي رقم 31 ضمن القطعة 63 من 33 من 13 بحوضه مشاع في مساحة خمسة أفدنة بدعوى ثبوت تاريخه قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 المطبق في الاستيلاء، وذلك بطلب الشهر العقاري رقم 114 في 17/ 1/ 1967.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها على أنه:
(لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فدانًا.
كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تمتلكه الأسرة، وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره).
كما تنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه:
(تستولي الحكومة - خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المقررة وفقًا لأحكام المواد السابقة.
وفي جميع الأحوال يعتبر الاستيلاء قائمًا قانونًا من تاريخ العمل بهذا القانون مهما كان تاريخ الاستيلاء الفعلي، وتعتبر الدولة مالكة لتلك الأراضي ابتداءً من ذلك التاريخ.
ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه/ متى كان سند الاعتراض هو وجود عقد أو تصرف معين مدعى بصدوره من الخاضع أو خلفه إلى المعترض في تاريخ سابق على تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي المطبق في الاستيلاء فإنه يجب للاعتداء بهذا العقد وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع هذا التعاقد أن يثبت حقيقة صدوره فعلاً من الخاضع وفي تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقانون المطبق في الاستيلاء، وأن يكون من شأنه نقل الملكية، وأن يثبت من واقع المعاينة على الطبيعة انطباق حدود ومعالم هذا العقد على أرض النزاع أي انطباق محله على أرض النزاع في الواقع، وأن يكون ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون أما التصرفات الصادرة من الخاضع في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بأي من قوانين الإصلاح الزراعي فإنه يعتد بها في مواجهة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع يتضح أن عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 15/ 9/ 1966 - سند الطاعن - اشترى بمقتضاه والده، عبد العظيم محمد على الأهناس من الخاضعة/ سعدية داود نامق مساحة 4 س - ط 1 ف بحوض نامق الشرقي رقم 31 ضمن القطعة رقم 63 من 33 من 13 بحوضه مشاعًا في مساحة خمسة أفدنة وذلك نظير مبلغ وقدره 300 جنيه وآلت ملكيتها للبائعة بموجب عقد مسجل رقم 1110 في 6/ 5/ 1954، 1457 في 28/ 4/ 1955 - حافظة رقم 759 زمام نعيم وورد بأعلى العقد بيان بحدوده ومعالمه كالآتي: (الحدود: الحد البحري: أبو القاسم وأخيه محمد - الحد القبلي محمد محمود فولى - الحد الشرقي: مصرف نامقى - الحد الغربي: ترعة المهلب).
وإذ ثبت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب في الاعتراض موضوع الطعن المؤرخ في 30/ 12/ 1993، وتقرير الخبير المنتدب في الطعن الماثل المؤرخ 19/ 11/ 2004 واللذين تطمئن المحكمة إلى نتائجهما النهائية لكفاية أبحاثهما وسلامة الأسس التي قاما عليها - أن مساحة الأطيان موضوع هذا العقد لا تنصب على أرض الاعتراض بصفته أحد ورثة المشتري - الصادر لصالحه التعامل إلى مأمورية الشهر العقاري بني سويف يختلف عن العقد سند الطاعن من حيث البيانات المساحية؛ حيث ورد بالعقد أن الأطيان المباعة كائنة بالقطعة 63 من 33 من 13 في حين أنه دون بطلب الشهر أن المسطح كائن بالقطعة 31.
كما ثبت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب في الطعن سالف الذكر أنه خلص في نتيجته النهائية إلى الآتي:@
1 - من الاطلاع على ملف الخاضعة سعيدة داود نامق الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 مقدمة الإقرار رقم 1324 ف - أوردت في الجدول رقم 1 - الأطيان التي احتفظت بها - مسطح الـ 50 فدانًا والنواحي الكائنة بها - ولم يرد ضمن أطيان احتفاظها أي مساحات بالقطع 13.5 كدستر بحوض نامق الشرقي رقم 31 زمام نعيم - مركز بني سويف - الواقع من ضمنها أطيان الاعتراض أو تجزئتها أيضًا - كما ورد في جدول رقم 2 - الأراضي المدعي التصرف فيها بتصرفات غير مسجلة قبل يوم 23/ 7/ 1969 - مسطح جملته 6 س 15 ط 18 ف والنواحي الكائنة بها ومنها الأطيان المدعي التصرف فيها بناحية نعيم مركز بني سويف منها مسطح 3 س 4 ط 1 ف بحوض نامق الشرقي عـ 31 صـ 31 من 5 ومسطح 13 س 13 ط - ف بحوض نامق الشرقي عـ 31 صـ 33 من 133 - وذكرت أن هذين المسطحين مباعان إلى كل من حسين عويس موسى وكذي محمد حسين بموجب عقد بيع ابتدائي مقدم عنه طلب الشراء رقم 1592 في 1/ 10/ 1966 وهما بخلاف الطاعن أو مورثه، ولم تورد الخاضعة في إقرارها أي أطيان متروكة للاستيلاء، وثبت من الاطلاع على ملف الخاضعة أنه لم يتم عمل إجراءات بحث ملكية، حيث جاء الملف خلوًا من أبحاث الملكية، أو كشوف بحث الملكية ولكن الخبير أثبت من واقع بحث ملكية الخاضعة أنها كانت تمتلك المسطحين المتصرف فيهما إلى آخرين خلاف الطاعن أو مورثه طبقًا لما سلف بيانه - كما ثبت للخبير من مباشرة المأمورية وتطبيق الحدود أن مسطح 4 س - ط 31 ف محل العقد العرفي المؤرخ في 15/ 9/ 1966 سند الطاعن - تقع ضمن القطعة رقم 13 بحوض نامق الشرقي عـ 31 في حين أن ملكية الخاضعة بهذه القطعة كانت مسطح 13 س 13 ط - ف بموجب العقد المسجل رقم 1457 لسنة 1955 شهر عقاري بني سويف - وهي التي تم الإفراج عنها بموجب محضر الإفراج المؤرخ 31/ 1/ 1982 وقد تصرفت فيها الخاضعة بالبيع إلى مورث الطاعن بالعقد المسجل رقم 234 في 31/ 10/ 1980.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب في الاعتراض سالف الذكر أن الأطيان موضوع التداعي مساحتها 13 س 13 طـ - شويعًا في 13 س 17 ط - ف شيوعًا في 7 س 15 ط 2 ف بحوض نامق الشرقي عـ 31 صـ 13 بزمام نعيم مركز بني سويف ومستولي عليها ابتدائيًا قبل الخاضعة المذكورة طبقًا للقانون رقم 50 لسنة 1969.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن الطاعن قد أخفق في إثبات وجود مثل هذا التصرف ثابت التاريخ الذي تملك به مورثة الأطيان موضع النزاع يتم الاحتجاج به في مواجهة الإصلاح الزراعي بصدد تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، ويصبح ما ادعاه في هذا الشأن لا سند له من القانون متعينًا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى أن ثبوت تاريخ العقد العرفي قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي المطبق في الاستيلاء ليس هو الطريق الوحيد لخروج الأرض من نطاق الاستيلاء لدى المالك الخاضع للقانون، إذ تخرج الأرض أيضًا من نطاق الاستيلاء إذا ما ثبت أن ملكيتها قد انتقلت من ذمة المالك الخاضع للقانون إلى ذمة غيره قبل العمل بالقانون وذلك بأي طريق من طرق اكتساب الملكية. ومنها التقادم المكسب طبقًا لحكم المادة (968) مدني فإذا ما توافرت الحيازة بشروطها القانونية واستمرت لمدة خمس عشرة سنة ترتب عليها اكتساب الملكية بالتقادم وبتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع يتضح أن الأرض موضوع التداعي كانت حيازة الطاعن ومورثه منذ عام 1960، إلا أن حيازتهما لم تستكمل المدة القانونية اللازمة لكسب الملكية بطريق التقادم في 23/ 7/ 1969 أي قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969 المطبق في الاستيلاء وبذلك يكون قرار اللجنة القضائية المطعون فيه قد استند إلى أصول ثابتة في الأوراق وأسس قانونية سليمة مما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.