مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006 - صـ 660

(92)
جلسة 29 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد البهنساوي محمد، والسيد أحمد محمد الحسيني، وحسن عبد الحميد البرعي، وعبد الحليم أبو الفضل القاضي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - أمين السر

الطعن رقم 1734 لسنة 47 قضائية. عليا:

أراضى زراعية داخل كردون المدن - حدود سلطة وزير الزراعة في تحديد شروط وإجراءات منح الترخيص بالبناء عليها.
المشرع طبقًا لأحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 حظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ إجراءات تقسيمها لإقامة مبانٍ عليها، واستثنى من هذا الحظر الأراضي الواقعة داخل كردون المدن المعتمد حتى 1/ 12/ 1981، بشرط الحصول على ترخيص من المحافظ المختص قبل الشروع في إقامة البناء، وناط بوزير الزراعة تحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص.
وقد صدر قرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 متجاوزًا ذلك بأن حدد مراحل زمنية أربعًا لمنح هذا الترخيص، وفي ذات الوقت أغفل الضوابط والمعايير والشروط العامة المجردة التي بموجبها يتم تحديد أراضى كل مرحلة وما هو المعيار الذي تُعتبر بمقتضاه هذه الأراضي ضمن المرحلة الأولى، ويرخص بها وتلك في المرحلة الرابعة - مؤدى ذلك: هذا القرار فيما تضمنه من تحديد تلك المراحل والبرامج الزمنية مخالف لأحكام القانون لتجاوزه حدود التكليف القانوني؛ حيث إن هذا البرنامج الزمني يخرج عن معنى شروط وإجراءات منح الرخيص - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 1/ 11/ 2000 أودع الأستاذ/ .......... (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة، تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 2754 لسنة 3 ق بجلسة 5/ 9/ 2000 الذي قضى في منطوقه أولاً: بعدم قبول الطلب الأصلي شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام المدعى مصروفاته.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بطلبات الطاعن الموضحة بصدر الصحيفة، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت - للأسباب الواردة به - إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء بالنسبة لطلب الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى شكلاً، والقضاء بقبولها شكلاً، وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية للفصل في موضوعها، ورفض الطعن فيما يتعلق بطلب الطاعن الثاني وإلزامه وجهة الإدارة المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات، وبجلسة 31/ 8/ 2002، قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 30/ 10/ 2002، ونفاذًا لذلك ورد الطعن على هذه المحكمة نظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً، حسبما قضى بذلك الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 22/ 1/ 2003، والذي أحاط بعناصر الدعوى التي تخلص في أنه بتاريخ 23/ 8/ 1998 أودع الطاعن قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية صحيفة الدعوى رقم 2745 لسنة 3 ق، طالبًا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع أولاً: بإلغاء قرار لجنة الحصر لكردون مدينة أبو كبير المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 فيما تضمنه من إسقاط حصته المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة من كشوف حصر الكردون المعتمد من المحافظ واعتماد حصته المشار إليها ضمن كشوف الحصر لكردون مدينة أبو كبير - مرحة أولى - أخذًا بقاعدة المثل، وذلك بالتطبيق لأحكام قرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 وتعدياته، وما يترتب على ذلك من آثار - واحتياطيًا: لزام الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بأبو كبير بإصدار الترخيص بالبناء على جزء من حصته هذه دون الرجوع للإدارة الزراعية لوقوع أرضه داخل الكردون المعتمد حتى 1/ 12/ 1981، إعمالاً لحكم المادة (152) من قانون الزراعة رقم 53/ 1966 وتعديلاته، وإلزام المدعى عليهم المصروفات، وذلك على سند من القول بأنه يمتلك قطعة أرض فضاء متخللة لكردون المدينة مساحتها 23 س 5 ط تقع بحوض النخيل والجزائر نمرة 6 قسم أول بالقطعة 248، 250، يحدها من الجهة القبلية عيد محمد الشافعي الوارد اسمه بكشوف الحصر مرحة أولى تحت رقم 46، ويحدها من الجهة الغربية رمضان محمد زناتي الوارد اسمه بكشوف الحصر تحت رقم 55 - مرحة أولى، ويحدها من الجهة البحرية محطة بنزين يليها المساكن الشعبية، ومن الجهة الشرقية منزل محمد أحمد الشافعي الصادر بشأنه ترخيص من مجلس مدينة أبو كبير رقم 14 لسنة 1981، وكانت الإدارة العامة لحماية الأراضي بالقاهرة قد أرسلت كتابها للإدارة الزراعية بأبو كبير طلبت فيه إجراء حصر شامل للأراضي الفضاء المتخللة لكردون مدينة أبو كبير المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 وفقًا للشروط الموضحة بالمنشور رقم 41168 في 18/ 2/ 1989 الذي قررت فيه البرنامج الزمني بالقيام بالترخيص بالبناء في مساحة 5 أفدنة لكل عام على ثلاث مراحل نفاذًا لأحكام قرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة (152) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983، وقد انعقدت لجنة الحصر إلا أنها لم تلتزم بالشروط الواجب توافرها والمنصوص عليها في المنشور المذكور، وأسقطت من حسابها أرضه في المراحل الأولى والثانية والثالثة، رغم أنها - حسب تصنيفها ودرجة خصوبتها - تعتبر مرحلة أولى وواردة في تكليف المرحومة/ مفيدة عبد المعطى شحاتة زناتي مكلفة رقم 1399 جزء 15 مأمورية الضرائب العقارية بأبو كبير وورودها في العقد المسجل رقم 4858 لسنة 1962 شهر عقاري الزقازيق بمساحة 4 س 13 ط منها أرضه التي آلت ملكيتها إليه بطريق الشراء من بعض ورثتها بموجب عقود بيع عرفية صدر بشأنها أحكام صحة ونفاذ 1977 ومنذ تاريخ الشراء وهو يضع يده على هذا الجزء من نصيبه مفرزًا بصفة مستمرة وظاهرة وهادئة ولم يرَ أحد من أعضاء اللجنة ولا يعلم بها إلا مؤخرًا، ونظرًا لأن المنزل الذي يقيم فيه وأسرته آيل للسقوط وتقرر إزالته حتى سطح الأرض بالقرار رقم 22 لسنة 1989 فقد تقدم للإدارة الزراعية بأبو كبير للحصول على رخصة مبانٍ على جزء من الأرض التي يمتلكها سالفة الذكر إلا أنه فوجئ برفض طلبه بحجة أن اسمه لم يرد في كشوف الحصر المعتمدة للمراحل الثلاث الأولى والثانية والثالثة ولم يشمل أرضه التصوير الجوى وذلك رغم قيام الإدارة الزراعية بالمعاينة وإثبات أن الأرض الخاصة به فضاء محرومة من وسائل الري والصرف وليس بها مقومات الزراعة وتقوم داخل كردون المدينة، واستمرار الموقف السلبي حيال الترخيص له بالبناء يرجع إلى خطأ اللجنة التي تولت الحصر ولم يتم تدارك الخطأ وفي ذلك إضرار له ومخالفة لأحكام القانون.
ونظرت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية الدعوى بعدة جلسات، وبجلستها المنعقدة بتاريخ 5/ 9/ 2000 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأصلي في الدعوى على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر عام 1989، وأقام هذه الدعوى بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 23/ 8/ 1998، وأن فوات هذه المدة الطويلة من تاريخ صدور القرار محل الدعوى الماثلة حتى تاريخ الطعن عليه يقيم قرينة قانونية على علمه بالقرار المطعون فيه علمًا يقينيًا، سيما وأنه بتاريخ 1/ 8/ 1998 صدر القرار رقم 22 لسنة 1989 بهدم العقار الذي يقيم فيه حتى منسوب سطح الأرض لخطورته على المارة والجيران، مما يوجد لديه الحافز للبحث عن سكن بديل سواء بالإيجار أو البناء الذي يستلزم صدور الترخيص، وعندها يكون المدعي قد علم بالقرار. كما أنه تقدم بشكوى لجهة الإدارة متضررًا من جاره محمد أحمد الشافعي لتعديه على الشارع والطريق العمومي، وقد ردت جهة الإدارة على تلك الشكوى في 1/ 10/ 1997 بأن المبنى مقام بالترخيص رقم 2456 لسنة 1997؛ مما يكون معه المدعي قد أقام دعواه بعد فوات الميعاد المقرر قانونًا للطعن على القرار طبقًا لحكم المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. كما أقامت قضاءها بالنسبة للطلب الاحتياطي بعد استعراض نص المادة (4) من قرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 على أن الثابت من الأوراق ومذكرة الجهة الإدارية المقدمة بتاريخ 11/ 5/ 1999 أن الأرض محل النزاع حُصرت باسم المدعي ضمن المرحلة الثالثة لكردون مدينة أبو كبير وليس ضمن المرحلتين الأولى والثانية، وأن التراخيص تقع في حصر المرحلة الأولى فقط، وطبقًا لنص المادة المذكورة لا يجوز النظر في الترخيص بإقامة مبانٍ على الأراضي الواقعة في حصل المرحلة الثالثة قبل الانتهاء من أراضى المرحلتين الأولى والثانية، وبذلك يغدو قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن منح المدعي ترخيصًا بالبناء على جزء من أرضه المحصورة بالمرحلة الثالثة متفقًا وأحكام القانون.
ولما لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فأقام هذا الطعن ناعيًا على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأنه اعتبر من فوات مدة طويلة على قيام اللجنة بحصر الأراضي الواقعة داخل كردون مدينة أبو كبير في المراحل الأولى والثانية والثالثة قرينة قانونية تفيد العلم بالقرار. كما اعتبر صدور قرار بإزالة المسكن الذي يقيم فيه قرينة - أيضًا - على العلم بقرار لجنة الحصر، وهذه القرائن التي أسندت إليها المحكمة لا تقطع بعلمه بالخطأ الذي وقعت فيه لجنة الحصر، بعدم إدراج اسمه ضمن ملاك الأراضي الداخلية في أي من المراحل الثلاث. كما اعتمدت في الطلب الاحتياطي على مجرد قول جهة الإدارة في مذكرة دفاعها بأن اسمه مدرج في المرحلة الثالثة، وتغاضت عن الأدلة القاطعة بعدم إدراج اللجنة اسمه في أي من المراحل الثلاث، وطلبه - أيضًا - ندب خبير للتحقق من صحة أقواله من واقع الطبيعة والمستندات الدالة على دخول أرضه ضمن المرحلة الأولى التي يصدر لها تراخيص بناء.
ومن حيث إن أوراق الطعن قد خلت من أي مستند قاطع يفيد أن أرض النزاع أرض فضاء غير متوافر لها مصدر الري والصرف ومقومات الزراعة وأنها ضمن الأراضي الواقعة داخل كردون مدينة أبو كبير الواجب حصرها ضمن أراضي المرحلة الأولى التي يتم الترخيص بالبناء عليها كما ذكر الطاعن، ومن ثم فإن المحكمة في بيان حقيقة النزاع، وبما لها من سلطة مقررة بالمادة (135) من قانون الإثبات، قررت بهيئة أخرى تمهيديًا إحالة الطعن إلى مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة الشرقية لندب أحد خبرائه المختصين للانتقال إلى أرض النزاع ومعاينتها وبيان المالك بها وبيان ما إذا كانت تقع داخل كردون مدينة أبو كبير وغير متوافر لها مصدري الري والصرف من عدمه وأي من المراحل الواجب حصرها فيها طبقًا لقرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 وفقًا للحصر الذي أجرته اللجنة التي شُكلت لهذا الغرض.
وتنفيذًا لمقتضى هذا الحكم التمهيدي باشر الخبير المنتدب مأموريته، وأودع تقريره الذي خلص فيه إلى نتيجة مفادها أن أرض النزاع الحالي المملوكة للطاعن كانت أرضًا زراعية متوافر لها مقومات ومستلزمات الإنتاج، غير أنه قد انقطع عنها مصدر الري حاليًا وامتدت إليها المباني السكنية من الجهتين البحرية والشرقية، والغربية أرض فضاء؛ ولذلك تم حصرها حاليًا ضمن المتخللات حصر 2004، 2005 باسم الطاعن؛ وذلك لأنها تدخل ضمن كردون المدينة المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 حسب الثابت بالخرائط المساحية والمستندات المشار إليها تفصيلاً بالتقرير.
ومن حيث إنه عن الطلب الأصلي للطاعن بإلغاء قرار لجنة الحصر لكردون مدينة أبو كبير المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 فيما تضمنه من إسقاط حصته المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة من كشوف حصر الكردون المعتمد من المحافظ، واعتماد حصته المشار إليها ضمن كشوف الحصر لكردون مدينة أبو كبير مرحلة أولى، أخذًا بقاعدة المثل وذلك بالتطبيق لأحكام قرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 وتعديلاته وما يترتب على ذلك من آثار، وهو الطلب الذي قضت المحكمة المطعن في حكمها بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد فإن التكييف القانوني الصحيح لهذا الطلب الأصلي هو إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إدراج واعتماد حصته المشار إليها ضمن كشوف الحصر لكردون مدينة أبو كبير مرحلة أول أسوة بجيرانه تنفيذًا لقرار وزير الزراعة رقم 111 لسنة 1990 وتعديلاته وما يترتب على ذلك من آثار. وبذلك يظل باب الطعن على هذا القرار مفتوحًا طالما ظلت حالة الامتناع قائمة ولا يتقيد بمواعيد الطعن العادية.
وإذ ذهبت المحكمة إلى غير هذا المذهب تكون قد أخطأت، ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لذلك الطلب الأصلي والقضاء بقبوله شكلاً.
ولا ينال من ذلك القول بأن هذا الطلب الأصلي متعلق بقرار إيجابي؛ حيث إن المحكمة المطعون في حكمها استخلصت العلم اليقيني بهذا القرار من قرائن ووقائع لا تقطع بهذا العلم وهى صدور قرار بإزالة منزل الطاعن الذي يقيم به أو تعدى أحد جيرانه على القطعة المتنازع عليها على الطريق العام؛ حيث إن ذلك كله يقوم على افتراض العلم، وفكرة العلم اليقيني تقوم على الجزم واليقين ولا تقوم على الظن والفرض أو التخمين.
ومن حيث إن هذا الطلب الأصلي أيبح مهيئًا للفصل فإن المحكمة تتصدى لموضوعه عملاً بمبدأ اختصار الإجراءات.
ومن حيث إنه عن موضوع هذا الطلب فإن المادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1982 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبانٍ عليها، ويستثنى من هذا الحظر "أ" الأرض الواقعة داخل كردون المدن المعتمد حتى 1/ 12/ 1981".
ويشترط في الحالات المشار إليها آنفًا صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبانٍ أو منشآت أو مشروعات، ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.
ومن حيث إن وزير الزراعة أصدر قراره رقم 111 لسنة 1990 في شأن شروط وإجراءات الترخيص بإقامة المباني والمنشآت في الحالات المستثناة المنصوص عليها في المادة (152) من قانون الزراعة نص في المادة (4) منه على أن "تتولي مديرية الزراعة المختصة بكل محافظة، بالاشتراك مع مديرية الإسكان والتعمير بها، إجراء حصر شامل للأراضي الزراعية وما في حكمها الواقعة داخل كردون المدن المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 وتصفيتها حسب حالتها ودرجة خصوبتها، وعمل خرائط مساحية لها بمقياس رسم 1: 2500.
وتعد الوحدة المحلية لكل مدينة - بالاشتراك مع الإدارة الزراعية بها - برنامجًا زمنيًا للترخيص في إقامة المباني أو تقسيمها على الأراضي الزراعية المرفوعة على الخرائط السالف ذكرها على أربع مراحل تحدد لكل منها فترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات.
ولا يجوز النظر في الترخيص بإقامة المباني أو التقسيمات وفقًا لأحكام قانون الزراعة المشار إليه وهذا القرار بالنسبة إلى أراضي أية مرحلة قبل الانتهاء من أراضى المرحلة السابقة لها...".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المذكورة أن قانون الزراعة حظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ إجراءات تقسيمها لإقامة مبانٍ عليها واستثنى من هذا الحظر الأراضي الزراعية الواقعة داخل كردون المدن المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 بشرط الحصول على ترخيص من المحافظ المختص قبل الشروع في إقامة البناء. وناط المشرع بوزير الزراعة تحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص وتنفيذًا لهذا النص أصدر وزير الزراعة قراره رقم (111) لسنة 90 المشار إليه، كلف بموجبه مديريات الزراعة بكل محافظة بالاشتراك مع مديرية الإسكان بإجراء حصر شامل لتلك الأراضي الزراعية وما في حكمها الواقعة داخل كردون المدن وعمل خرائط مساحية لها. كما كلف الوحدات المحلية للمدن بالاشتراك مع الإدارة الزراعية بها إعداد برنامج زمني للترخيص بإقامة المباني أو تقسيمها وذلك على أربع مراحل لا تقل كل منها عن خمس سنوات، ولا يرخص للمرحلة التالية قبل الانتهاء من أراضي المرحلة السابقة.
ومن حيث إن وزير الزراعة بموجب قراره رقم 111 لسنة 1990 المشار إليه لم يقتصر على تحديد شروط وإجراءات منح الترخيص بالبناء علي الأراضي الزراعية الواقعة داخل كردون المدن التي ناط به القانون تحديدها وإنما تجاوز ذلك وحدد مراحل زمنية أربعًا لمنح هذا الترخيص، لا تقل كل مرحلة منها عن خمس سنوات، ولا يمنح التراخيص لمرحلة لاحقة قبل الانتهاء من تراخيص المرحلة السابقة، وفي ذات الوقت أغفل الضوابط والمعايير والشروط العامة المجردة التي يتم بموجبها تحديد أراضى كل مرحلة وما هو المعيار الذي تعتبر بمقتضاه هذه الأراضي ضمن المرحلة الأولى ويرخص بها وتلك في المرحلة الرابعة ولذلك يكون هذا القرار - فيما تضمنه من تحديد تلك المراحل والبرامج الزمنية - مخالفًا لأحكام القانون ولا تعتد به المحكمة لتجاوزه حدود التكليف القانوني؛ حيث عن هذا البرنامج الزمني يخرج عن معنى شروط وإجراءات منح الترخيص.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم، وحسبما ورد بتقرير الخبير الذي انتدبته هذه المحكمة، فإن أرض النزاع المملوكة للطاعن كانت من الأراضي الزراعية وتقع داخل كردون مدينة أبو كبير المعتمد حتى 1/ 12/ 1981، ومن ثم تخضع للاستثناء المنصوص عليه في المادة (152) من قانون الزراعة المذكورة، وينحسر عنها حظر البناء عليها، ويحق للطاعن - والحال كذلك - استصدار ترخيص من المحافظ المختص لإقامة منزل عليها في أي وقت، وتكون الجهة الإدارية قد جانبها الصواب حينما امتنعت عن حصر هذه الأراضي الزراعية الواقعة داخل كردون المدينة حصرًا شاملاً ورفعها على الخرائط المساحية تنفيذًا لقرار وزير الزراعة المشار إليه وتلتفت المحكمة عما أثارته الجهة الإدارية من أنها حصرت أرض الطاعن ضمن المرحلة الثالثة؛ حيث لم يقم دليل بالأوراق على ذلك، فضلاً عن عدم مشروعية هذه البرامج الزمنية التي استحدثها وزير الزراعة، حيث يستمد الطاعن حقه من الاستثناء الوارد في نص المادة (152) من قانون الزراعة مباشرة، والمضافة بموجب القانون رقم (116) لسنة 1982 المشار إليه بحسبان هذه الأرض تقع داخل كردون المدينة المعتمد قبل 1/ 12/ 1981 لاسيما وأن جيرانه في قطع الأراضي المجاورة له والتي تقع في ذات الحوض صدر لهما تراخيص البناء، وهما: السيدة/ درية محمد إبراهيم والتي صدر الترخيص لها بالبناء عام 1997، والسيد/ رمضان محمد أحمد الذي صدر له ترخيص بالبناء عام 1998 وهي تحد ارض الطاعن من الناحية القبلية.
ومن حيث إنه ولئن كان الفصل في الطلب الأصلي يغني عن الفصل في الطلب الاحتياطي، غير أن المحكمة إذ تقدر ارتباط الطلبين ببعضهما ويكمل كل منهما الآخر، حيث إن هدف الطاعن من اللجوء إلى القضاء هو الحصول على الحماية القضائية المتمثلة في الطلب الاحتياطي بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحه ترخيصًا بالبناء على الأرض ملكه الموضحة الحدود والمعالم بالأوراق.
فمن حيث ثبت مما تقدم أن أرض الطاعن تقع داخل كردون المدينة فإنه يحق له الحصول على ترخيص بالبناء عليها دونما انتظار.
ومن ناحية أخرى فإن الثابت بالأوراق أن محافظ الشرقية أصدر قراره رقم (223) لسنة 1998، نص في مادته الأولى على أن "يصرح بالترخيص بالبناء على الأراضي الفضاء المتخللة داخل الكتلة السكنية وغير المتوافر لها مقومات الزراعة والداخلة ضمن التصوير الجوي وإنهاء إجراءات ترخيصها محليًا دون الرجوع للإدارة المركزية لحماية الأراضي بوزارة الزراعة واعتمادها منا بعد العرض على اللجان المختصة بمديرية الزراعة.
ومن حيث إن الثابت من تقرير الخبير المودع بالأوراق أن أرض الطاعن مثار المنازعة انقطع عنها مصدر الري حاليًا وامتدت إليها المباني السكنية من الجهات البحرية والشرقية، والغربية أرض فضاء وإنها داخل كردون المدينة حسب الثابت بالخرائط المساحية والمستندات المشار إليها بالتقرير.
ومن حيث إن أرض الطاعن - والحال كذلك - تضحى من قبيل الأرض الفضاء "متخللات" بعد انقطاع مصدر الري عنها وإحاطتها بالكتلة السكنية من كل جانب، ويكون قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبي بالامتناع عن منحه ترخيصًا بالبناء عليها رغم كل ما تقدم غير قائم على صحيح سببه، مخالفًا لأحكام الواقع والقانون، جديرًا بالإلغاء، ومنح الطاعن الترخيص طبقًا للشروط المحددة بقرار المحافظ المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير هذا المذهب، فإنه يكون قد جانبه الصواب، جديرًا بالإلغاء، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات بحسبانها قد خسرت هذا الطعن عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.