مجلس الدولة - المكتب الفتى - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صــ 1033

(150)
جلسة 27 من إبريل سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبد المعطي، وحسن عبد الحميد البرعي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد الأستاذ/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3156 لسنة 43 قضائية عليا:

أرض زراعية - إزالة - عدم تفويض المحافظين في إزالة التعدي على الأرض الزراعية.
وفقًا للقواعد والمبدأ المستقر عليه فقهًا وقضاءً فإن التفويض الجائز وفقًا للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التي يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات التي يستمدها الرئيس الإداري من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة إليه بنفسه - أثر ذلك: عدم مشروعية قرار وزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 بتفويض المحافظين في مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه بموجب أمر نائب الحاكم العسكري رقم 1 لسنة 1996 - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 14/ 4/ 1997 أودعت الأستاذة/ آمال مندور (المحامية) بصفتها وكيلة الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 4324 لسنة 1ق بجلسة 23/ 2/ 1997 والذي قضى في منطوقه بإلغاء القرارين المطعون فيهما وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلبت في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا وبرفض الدعاوى المقامة من المطعون ضدهما ضد القرارين محل الطعن وإلزامهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونُظر الطعن بدائرة فحص الطعون بالمحكمة إلى أن تقرر إحالته إلى دائرة الموضوع ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة وجرى نظره بها إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة 27/ 4/ 2005 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30/ 12/ 1990 أودع المطعون ضده الأول قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة عريضة الدعوى رقم 2026/ 45 طالبًا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1482/ 90 الصادر بإزالة التعدي الواقع منه على القطعة رقم 64 بحوض وجه الجرن نمـ 7 بناحية الرجدية مركز طنطا على مساحة 130م2 والمتمثل في إقامة قواعد خرسانية وأساسات بارتفاع 1.5م2 وبتاريخ 10/ 4/ 1991 أقام المطعون ضده الثانى الدعوى رقم 4570/ 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبًا وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 476/ 91 بإزالة المباني المقامة منه بالطوب الأحمر والأسمنت على القطعة رقم 64 بحوض وجه الجرن نمـ 7 بمساحة 80م2 مشتراة من ورثة المرحوم محمود أحمد عجوة وذلك على سند من القول بأن القرار المطعون فيه مخالف للقانون؛ لأن الإزالة للمباني على أرض زراعية لا تكون إلا بحكم جنائي ولا تملك جهة الإدارة تلك الإزالة وإن كانت تملك ذلك في حالة التشوين والتبوير فإنها لا تملكها في حالة البناء.
ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى بعدة جلسات وبجلستها المنعقدة بتاريخ 7/ 6/ 1994 حكمت بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وذلك بعد ضم الدعويين المذكورتين وبعد إيداع هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني أصدرت بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/ 2/ 1997 حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد استعراض نص المادة (970) مدني على أن الثابت من الاطلاع على تقرير خبير وزارة العدل المنتدب في الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن قطعة الأرض محل قراري الإزالة المطعون فيهما تدخل ضمن مساحة أكبر قدرها -س 15ط 1ف اشتراها المدعى الأول وأشقاؤه من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وسدد ثمنها بالكامل، وقام ورثته ببيع جزء منها للمدعى الثاني ومن ثم فإنها تكون مملوكة ملكية خاصة للمدعيين، ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، لأن المطعون ضدهما ارتكبا أفعالاً من شأنها تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها طبقًا لأحكام قانون الزراعة رقم 53/ 66 وتعديلاته والأمر العسكري رقم 1/ 96 لأن الأرض التي أقيم عليها البناء تتوافر لها مقومات الزراعة وهي أرض زراعية وطبقًا لعقد البيع لا يجوز إقامة بناء عليها وإنما يتم استغلالها في الزراعة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى في بيان قصد المشرع من نصوص قانون الزراعة رقم 53/ 66 والأمر العسكري رقم 1/ 96 التي تتناول تبوير الأرض الزراعية والبناء عليها إضفاء الحماية اللازمة لرقعة الأرض الزراعية وصيانتها من التبوير ومن كل فعل أو امتناع يؤدي إلى المساس بخصوبتها، واعتبر المساس بتلك الحماية جريمة جنائية توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر لها، كما أن تلك الحماية تخول جهة الإدارة التدخل دون انتظار لحكم القضاء، وذلك بوقف أسباب المخالفة وقد فوض الحاكم العسكري العام بمقتضى قراره رقم 1/ 96 رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام في مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في قانون الطوارئ رقم 162/ 58 واستنادًا إلى هذا القانون واستمدادًا من هذا التفويض أصدر نائب الحاكم العسكري العام أمره رقم 1/ 96 وفوض فيه وزير الزراعة بوقف الأعمال المخالفة المبينة بالأمر المذكور وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف لحين صدور حكم في الدعوى وأيًا كان الرأي في مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة فما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572/ 96 أن يفوض المحافظين في مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للقواعد والمبدأ المستقر عليه فقهًا وقضاءً من أن التفويض الجائز وفقًا للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التي يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة أما الاختصاصات التي يستمدها الرئيس الإداري من سلطة عليا بناءً على قواعد التفويض فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة إليه بنفسه.
ومن حيث إنه في ضوء ما سبق ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن القرارين المطعون فيهما صدرا من رئيس مركز ومدينة طنطا ونصا على إزالة التعديات الواقعة من المطعون ضدهما والمتمثلة في إقامة مبانٍ بالمساحات المبينة بمحضري المخالفة والثابت بهما أن المخالفة بناء على أرض زراعية بمساحة 80.130م2 بالناحية المذكورة وذلك بالمخالفة للأمر العسكري رقم 1/ 96 والقانون رقم 53/ 66، ومن ثم فإن القرارين المطعون فيهما وقد صدرا استنادًا إلى ذلك، الأمر الذي يكونان معه مخالفين للقواعد المقررة في شأن التفويض في الاختصاصات، كما أن صدور القرار المطعون فيه استنادًا إلى قانون الزراعة سالف الذكر وإن كان ذلك القانون يجيز التفويض في الاختصاصات إلا أن القرار المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى تفويض وزير الزراعة إلى المحافظ أو رؤساء الوحدات المحلية في ذلك الأمر، وعلى فرض وجود هذا التفويض فإن القانون المذكور لم يخوِّل وزير الزراعة سلطة إزالة المباني، وإنما ذلك من اختصاص القضاء الجنائي، وإذ خالف القرار المطعون فيه ذلك فإنه يكون مخالفًا أحكام القانون جديرًا بوقف تنفيذه وإلغائه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون من المتعين رفض هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات طبقًا للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.