مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1046

(152)
جلسة 27 من إبريل لسنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المنعم صالح، وعبد الله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبد المعطي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7281 لسنة 45 قضائية عليا:

أملاك الدولة - إزالة - سلطة جهة الإدارة في إزالة ما يقع من تعدٍّ على أملاك الدولة - ضوابطها.
يتعين لاستخدام الجهة الإدارية سلطتها في إزالة التعدي بالتنفيذ المباشر التي أتاحها لها القانون أن يكون هذا التعدي قائمًا بحسب الظاهر على الغضب والعدوان المادي على أموال الدولة الخاصة أو العامة بأن يكون هذا التعدي من الأفراد والأشخاص الخاصة غير مستند على أي وجه على سند قانوني ظاهر يجعل للأفراد - بحسب الظاهر - حقًا في ملكية هذه الأموال أو حيازتها لا تدحضه المستندات القاطعة لجهة الإدارة، فإذا ما كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكية أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهات الإدارية استخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من مباشر حيازتهم ويتعين على جهة الإدارة المختصة اللجوء إلي القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت وذلك لإعلاء الشرعية واحترامًا لسيادة القانون والتزامًا بالحدود التي وضعها المشرع والحكمة التي تغياها من تمكين الإدارة من حماية الأموال العامة والخاصة المملوكة للدولة من العدوان المادي والاغتصاب الذي لا سند له من الأفراد، كما أن القضاء الإداري في فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة لا يفصل في نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل في فحص ما يقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينها؛ لأن ذلك كله من اختصاص القضاء المدني الذي يملك وحده الحكم في موضوع الملكية، وإنما يقف اختصاص القضاء الإداري عند حد التحقيق من أن ادعاء الجهة الإدارية للأراضي محل قرار الإزالة ادعاء جدي له شواهده المبررة من واقع الأوراق - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 28/ 7/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها بالنيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7281/ 45ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 1142 لسنة 5ق بجلسة 8/ 6/ 1999 والذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوض الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنون قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/ 12/ 2003 وبجلسة 1/ 6/ 2004 قررت إحالته إلي هذه المحكمة التي نظرته بجلساتها على النحو الموضح بالمحاضر إلي أن قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه - في أن المدعي "المطعون ضده" أقام الدعوى رقم 1142/ 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا بتاريخ 28/ 12/ 1997 وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وبإلغاء القرار رقم 1114/ 97.
وقال المدعي - شرحًا لدعواه - إنه في عام 1986 تقدم للوحدة المحلية بأشمون لإقامة محل وبعرض الطعن على مركز أشمون ارتأى أنه لا يوجد مانع من الناحية الأمنية وتمت الموافقة على تخصيص محل له بجوار محطة السكة الحديد بقيمة إيجارية قدرها 19.19 جنيه بخلاف رسم النظافة والضريبة، وبتاريخ 26/ 8/ 1997 حصل على ترخيص رقم 364 من الإدارة الهندسية وبموجبه قام ببعض الإصلاحات بالمحل إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه متضمنًا إزالة المحل، ونعى المدعي على القرار صدوره مخالفًا لأحكام القانون ومشوباً بعيب الانحراف بالسلطة وخلص إلي طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 8/ 6/ 1999 صدر الحكم المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت أحكام المادة (970) من القانون المدني، على أن الظاهر من الأوراق أن المدعي قام بعمل مبان من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة عبارة عن دورين لاستعمالهما قهوة لبيع المشروبات الساخنة والمثلجة على أملاك هيئة سكك حديد مصر، وان المدعي قام باستئجار المحل من مجلس مدينة أشمون وصدر له الترخيص رقم 364/ 1997 بإدارة المحل المذكور، وبذلك يكون ادعاء المدعي قائمًا على سند من الواقع والقانون وينتفي عنه صفة الغضب أو التعدي ولا يكون للجهة المدعى عليها والحال كذلك اتخاذ طريق الإزالة بالطريق الإداري سبيلاً لإزالة هذا التعدي ويكون القرار الطعين بحسب الظاهر مخالفًا لأحكام القانون ويضحى طلب المدعي وقف تنفيذه قائمًا على سبب جدي يبرره.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن الأرض المعتدى عليها الصادر بشأنها القرار المطعون فيه من أملاك الهيئة القومية لسكك حديد مصر وليست من أملاك لوحدة المحلية بأشمون، وإن المطعون ضده لم ينكر ذلك، كما لم ينازع أحد في ملكية هيئة السكة الحديد لقطعة الأرض محل النزاع وبالتالي فإن التعامل بشأنها يكون مع الهيئة وليس مع الوحدة المحلية، ولم يثبت للمطعون ضده أية صفة قانونية في وجوده على هذه الأرض، ومن ثم لا يعتبر الترخيص الممنوح له من الوحدة المحلية سندًا لملكيته لها بل إنه حصل على هذا الترخيص بالتحايل على القانون وبالتالي فإن وصف التعدي الحاصل منه على قطعة الأرض يظل قائمًا.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدني تنص على أنه "........ ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، ......... وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم، ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريًا.
والمستفاد مما تقدم أن المشرع حماية للأموال الخاصة المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية وأموال الأوقاف الخيرية حظر كسب أي حق عيني عليها أن تملكها بالتقادم، كما حظر التعدي على هذه الأموال وناط الوزير المختص سلطة إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ضرورة قيام قرار الإزالة صحيح بأن يكون سند الجهة الإدارية في الادعاء بملكيتها للمال الذي تتدخل لإزالة التعدي عليه إداريًا سند جدي له أصل ثابت في الأوراق ويتعين لاستخدام الجهة الإدارية لسلطتها في إزالة التعدي بالتنفيذ المباشر التي أتاحها لها القانون أن يكون هذا التعدي قائمًا بحسب ظاهر الحال على الغصب والعدوان المادي على أموال الدولة الخاصة أو العامة، بأن يكون هذا التعدي من الأفراد والأشخاص الخاصة غير مستند على أي وجه سند قانوني ظاهر يجعل لأفراد بحسب الظاهر حق في ملكية هذه الأموال أو حيازتها لا تدحضه المستندات القاطعة لجهة الإدارة، فإذا ما كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكية أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهات الإدارية استخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من مباشرة حيازتهم، ويتعين على الجهة الإدارية المختصة اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت، ولدحض ادعاءات الأفراد الثابتة بحسب الظاهرة قانونًا على المادة المملوك للدولة وذلك إعلاء للشرعية واحترامًا لسيادة القانون والتزامًا بالحدود التي وضعها المشرع، والحكمة التي تغياها من تمكين الإدارة من حماية الأموال العامة والخاصة المملوكة للدولة من العدوان المادي والاغتصاب الذي لا سند له من الأفراد، كما أن القضاء الإداري في فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة لا يفصل في نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل في فحص ما يقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينها، لأن ذلك كله من اختصاص القضاء المدني الذي يملك وحده الحكم في موضوع، وإنما يقف اختصاص القضاء الإداري عند حد التحقق من أن ادعاء الجهة الإدارية للأراضي محل قرار الإزالة ادعاء جدي له شواهده المبررة من واقع الأوراق.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، وكان البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده قام ببناء مبنى من دورين من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة لاستعماله قهوة لبيع المشروبات الساخنة والمثلجة وأن هذا المبنى قام باستئجاره من مجلس مدينة أشمون، كما صدر له الترخيص رقم 364/ 97 لإدارة المحل وبذلك يكون ادعاؤه قائمًا على سند من الواقع والقانون وينتفي عنه وصف الغصب أو التعدي، ولا يكون للجهة الطاعنة والحال كذلك اتخاذ طريق الإزالة بالتنفيذ الإداري المباشر سبيلاً لإزالة هذا التعدي المقول به وكان يتعين عليها اللجوء إلى القضاء المدني للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر بحسب الظاهر مخالفًا للقانون، ويكون طلب المدعي وقف تنفيذه قائمًا على سبب يبرره مما يتوافر معه ركن الجدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في الأضرار التي تلحق به عند تنفيذ القرار بإزالة المحل الذي يعتبر مصدر رزقه وأسرته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب، فإن يكون قد صدر متفقًا مع أحكام القانون، ويكون الطعن عليه في غير محله جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.