مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1072

155
جلسة 27 من إبريل سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامي أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم، ومصطفي محمد عبد المعطي، وحسن عبد الحميد البرعي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - أمين سر

الطعن رقم 5540 لسنة 45 قضائية عليا:

تعليم - التحويل من مدارس الثانوي العام إلي المدارس الفنية - شروطه.
المشرع بموجب القرار الوزاري رقم 242 لسنة 1994 أجاز للطالب الذي يرسب في امتحان الثانوية العامة أو يجتاز امتحان الصف الثاني الثانوي العام أن يلتحق بالمدارس الثانوية الفنية الصناعية متى استوفى الاشتراطات التي تطلبها القرار والتي من بينها: ألا يزيد سنه على اثنين وعشرين عامًا بالنسبة للذكور لتحديد موقفهم من التجنيد مع جواز قبول من يزيد سنه على ذلك إذا تقدم بما يفيد إعفاءه من التجنيد دون تحديد سن معينة لتك الزيادة، وهو ما يفيد أن مخالفة أي شرط من تلك الشروط مخالفة لأحكام القانون - إذا ترتب على ذلك المخالفة من جانب جهة الإدارة أن اكتسب الطالب حقًا أو مركزًا شخصيًا، فإن مضي ستين يومًا على القرار الذي ولد هذا الحق أو المركز يكسب ذلك القرار حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء استقرارًا للأوضاع وتحقيقًا للمصلحة العامة. تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 27/ 5/ 1999 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط - الدائرة الأولى - في الدعوى رقم 673 لسنة 10ق بجلسة 7/ 4/ 1999 والذي قضي بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة - به الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطلب.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانون في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونُظر الطعن بدائرة فحص الطعون بالمحكمة إلي أن تقرر إحالته إلي دائرة الموضوع، ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلي هذه الدائرة وجرى نظره بها إلي أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم 27/ 4/ 2005، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 25/ 1/ 1999 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط - الدائرة الأولى - عريضة الدعوة رقم 673 لسنة 10ق طالبًا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 15/ 1/ 1999 مع استمرار قيده بالصف الثالث بالتعليم الثانوي الصناعي - نظام الثلاث سنوات - بمدرسة أسيوط الثانوية الميكانيكية العام الدراسي 1998/ 1999 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وذلك على سند من القول بأنه أتم امتحان الصف الثاني الثانوي بإحدى المدارس الثانوية العامة ورسب في الثانوية العامة لعدة سنوات من 1975-1980 وبصدور القرار الوزاري رقم 242 لسنة 1994 بشأن تنظيم دراسات التعليم الثانوي الفني نظام الثلاث سنوات للطلاب الذين يغيرون مسارهم من التعليم الثانوي إلي الثانوي الفني تقدم إلي مدرسة أسيوط الثانوية الميكانيكية تخصص إلكترونيات، وذلك في العام الدراسي 1997/ 1998 وقبل بالدراسة ذلك العام وأدى الامتحان بنجاح ونقل إلي الصف الثالث لمرحلة الدبلوم في العام الدراسي 1998/ 1999 وقام بسداد المصروفات الدراسية في 1/ 12/ 1998 إلا أنه فوجئ بالقرار المطعون فيه بتاريخ 15/ 1/ 1999 بسحب القرار الصادر بقبوله بالتعليم الثانوي من 29/ 1/ 1997 بمقولة أن قرار القبول تم بناء على غش وتدليس منه بإحدى الشهادات وبيان رسوبه في الثانوي العام عن العام الدراسي 1980/ 1981، وأضاف أن القرار المذكور - الساحب - مخالف للقانون؛ لأن القرار الوزاري - سالف الذكر - ليس من بين شروطه نجاح الطالب في السنة الثانية بالثانوي العام، فضلاً عن أن قرار قبوله بالتعليم الفني قد تحصن من السحب والإلغاء بمضي المدة واكتسب مركزًا قانونيًا لا يجوز المساس به.
ونظرت محكمة القضاء الإداري بأسيوط الشق العاجل من الدعوى إلي أن أصدرت بجلستها المنعقدة بتاريخ 7/ 4/ 1999 حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بعد استعراض المادة الأولى من القرار الوزاري 242 لسنة 1994 بشأن تنظيم دراسات في التعليم الثانوي الفني - نظام السنوات الثلاث -للطلاب الذين يغيرون مسارهم من التعليم الثانوي على أن المشرع أجاز الالتحاق بالمدارس الثانوية الصناعية نظام السنوات الثلاث لتغيير المسار بالنسبة لمن نجح في الصف الثاني الثانوي بالمدارس الثانوية الرسمية أو تم رسوبهم في السنة الثالثة أن يقيدوا في الصف الثاني الفني، بالإضافة إلي الشروط الأخرى التي تضمنها هذا القرار والتي ليس من بينها سنة النجاح أو الرسوب في الثانوي الرسمي، وأنه طبقًا لما هو مقرر في قضاء مجلس الدولة من أن القرارات الإدارية التي تولد حقًا أو مركزًا شخصيًا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة، وذلك لدواعي المصلحة العامة التي تقضي استقرار تلك المراكز، أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة، فإن القاعدة أن على جهة الإدارة أن تسحبها التزامًا منها بحكم القانون تصحيحًا للأوضاع المخالفة له، إلا أن دواعي المصلحة العامة - أيضًا- تقتضي أن يقر المركز القانوني الذي ترتب على تلك القرارات عقب فترة معينة من الزمن اتفق على تحديدها بستين يومًا من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسًا على مدة الطعن بالإلغاء، بحيث إذا انقضت تلك المدة اكتسب القرار حصانة تعصمه من السحب والإلغاء، وأن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار الصادر بقبول المطعون ضده بالتعليم الثانوي الفني الصناعي صدر في 27/ 11/ 1997 والتحق المطعون ضده بالدراسة وأتم دراسته في الصف الثاني بنجاح ونقل إلي الصف الثالث، ومن ثم يكون قد اكتسب مركزًا ذاتيًا وحقًا ولده القرار الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1997 لا يجوز للإدارة بعد ذلك سحبه بعد فوات ستين يومًا على تاريخ صدوره، وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار الساحب لذلك القرار - القرار المطعون فيه - كما أن تنفيذه فيه ضياع لمستقبل المطعون ضده العلمي ويتوافر أيضًا ركن الاستعجال مما يكون معه طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على سند من القانون من المتعين القضاء به.
ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه بالمخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن المطعون ضده من مواليد 12/ 4/ 1954 وكان عمره أثناء تقديم طلب تحويله ما يقارب ثلاثة وأربعين عامًا، وأنه تقدم بيان رسوبه في الثانوية العامة على أنه راسب عام 1981 وحقيقة الأمر أنه راسب عام 1980 وتم تحويله إلي النيابة الإدارية التي انتهت في واقعة التزوير إلي أنه ليست هناك جدوى من إبلاغ النيابة العامة بها وأوصت بعرض حالة المطعون ضده على إدارة الفتوى بالوزارة لتقرير ما تراه، وقد انتهت الشئون القانونية بالوزارة إلي سحب القرار الصادر بقبوله بناءً على الفتوى رقم 359 في 29/ 11/ 1997 مما تكون معه جريمة الغش والتدليس والتزوير في بيان رسوب المطعون ضده قائمة في حقه بجعل عام رسوبه 1981 بدلاً من عام 1980 - وبذلك يتم سحب قرار قبوله لحدوث غش وتزوير من جانبه في ذلك البيان الذي صدر على أساسه قرار قبوله.
من حيث إن المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 242 لسنة 1994 بشأن تنظيم دراسات في التعليم الثانوي الفني (نظام الثلاث سنوات) للطلاب الذين يغيرون من مسارهم من التعليم الثانوي على أنه "يجوز تحويل وقبول الطلاب الذين أتموا بنجاح الدراسة في الصف الثاني بالمدارس الثانوية العامة الرسمية أو الخاصة أو الذين رسبوا في امتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة إلي الصف الثاني بالتعليم الثانوي الصناعي (نظام السنوات الثلاث).
شروط القبول: أن يكون من بين الفئات الآتية:
1 - من أتم الدراسة بنجاح في امتحان الصف الثاني بإحدى المدارس الثانوية العامة الرسمية أو الخاصة التي تُشرف عليها الوزارة.
2 - من أدى امتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة ورسب فيها.
3 - ألا يزيد السن في أول أكتوبر على اثنين وعشرين عامًا بالنسبة للذكور مع تحديد الموقف من التجنيد - ويحوز قبول من يزيد سنه على ذلك إذا تقدم الطالب بما يثبت إعفاءه من التجنيد إعفاء مؤقتًا أو نهائيًا، وإذا حال التجنيد دون قيد الطالب بهذه الدراسة وكان مستوفيًا لباقي الشروط في حقه بالانتظام بها بعد إتمام فترة تجنيده......".
ومن حيث إن المشرع بموجب هذا القرار أجاز للطالب الذي يرسب في امتحان الثانوية العامة أو يجتاز امتحان الصف الثاني الثانوي العام أو يلتحق بالمدارس الثانوية الفنية الصناعية متى استوفى الاشتراطات التي تطلبها النص سالف الذكر والتي من بينها ألا يزيد سنه على اثنين وعشرين عامًا بالنسبة للذكور لتحديد موقفهم من التجنيد مع جواز من تزيد سنه على ذلك إذا تقدم بما يفيد إعفاءه من التجنيد دون تحديد سن معينة لتلك الزيادة وهو ما يفيد أن مخالفة أي شرط من تلك الشروط مخالفة لأحكام القانون، فإذا ترتب على تلك المخالفة من جانب جهة الإدارة أن اكتسب الطالب حقًا أو مركزًا شخصيًا، فإن مضي ستين يومًا على القرار الذي ولد هذا الحق أو المركز يُكسب ذلك القرار حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء استقرارًا للأوضاع وتحقيقًا للمصلحة العامة.
ومن حيث إنه في ضوء ذلك، ولما كان البادي من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده التحق بإحدى المدارس الثانوية العامة بمدينة أسيوط وفي أعوام 1975و 1976و 1979و1980 رسب في امتحان الثانوية العامة - السنة الثالثة - إلي أن صدر القرار رقم 242 لسنة 7/ 9/ 1994 وأجاز تغيير المسار بالالتحاق بالثانوي الفني، فتقدم للالتحاق بالصف الثاني الثانوي الصناعي وصدر قرار قبوله بهذا الصف بتاريخ 27/ 11/ 1997 وأتم دراسته بهذا الصف ونقل إلي الصف الثالث وبتاريخ 5/ 1/ 1999 صدر القرار المطعون فيه بسحب القرار الصادر بقبوله بالصف الثاني الثانوي الصناعي في 27/ 11/ 1997 وذلك بعد مرور ما يزيد على عامين، وبعد أن اكتسب المطعون ضده مركزًا قانونيًا ذاتيًا وحقًا ولَّده له ذلك القرار، ومن ثم فإن القرار الساحب لقرار قبوله يكون مخالفًا لأحكام القانون لصدوره بعد الستين يومًا المقرر لسحب القرارات الفردية المعيبة، ولا يغير من ذلك ما ذكرته جهة الإدارة من أن المطعون ضده ارتكب غشًا وتزوير في بيان رسوبه أسقط عن القرار الحصانة المقررة باعتبار أن ذلك الغش والتزوير يعدم كل شيء ولا يكسب القرار حصانة من السحب والإلغاء لأن واقعة الغش والتزوير على فرص حدوثها ليست في بيان متعلق بشرط من شروط القبول، وإنما متعلق بسنة الرسوب وهل هي 1980و1981 وأيًا كانت تلك السنة فإن أي منها لا يحول دون قبول طلب تحويل المسار وفقًا للقرار رقم 242 لسنة 1994 سالف الذكر، وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، كما أن تنفيذه يؤدي إلي حرمان المطعون ضده من مواصلة دراسته وضياع لمستقبله العلمي وهو ما يتوافر معه ركنا الجدية والاستعجال بحسب الظاهرة من الأوراق في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه من المتعين القضاء به، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلي ذلك فإنه يكون قد صادف صواب القانون من المتعين رفض هذا الطعن إلزام الجهة الإدارية المصروفات طبقًا لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.