مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1103

(160)
جلسة 7 من مايو سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 5231 لسنة 47 قضائية عليا:

أ- دعوى الإلغاء - الميعاد - المرض لا يعد سبباً لوقف سريان ميعاد الستين يومًا.
المرض، وإن كان يحول بين المدعي ومباشرة الدعوى بنفسه، إلا أن القانون قد كفل له ذلك عن طريق وكيل، وإذ لم يقم بذلك يكون ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه لإقامتها بعد الميعاد متفقًا وأحكام القانون - تطبيق.
ب - دعوى التعويض - أنواع الضرر - التعويض يقدر بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ - يتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلاً.
مسئولية الإدارة عن التعويض عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيبًا وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب الفرد، والضرر بوصفه ركنًا من أركان المسئولية التقصيرية إما أن يكون ماديًا أو أدبيًا، والضرر المادي هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور، أما الضرر الأدبي فهو الذي يصيب مصلحة غير مالية للمضرور، ويدور التعويض وجودًا وعدمًا مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره وبما لا يجاوزه حتى لا يثري المضرور على حساب المسئول دون سبب، والأصل أنه لا ينظر إلى جسامة الخطأ عند تقدير التعويض فإذا تحققت المسئولية، قدر التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ، ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلاً على نحو يعين القاضي على تحديد مقدراه - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 26/ 2/ 2001 أودع الأستاذ/ خالد أبو الفتوح محمد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5231 لسنة 47ق في الحكم المشار إليه والقاضي "أولاً: بعدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه لرفعه بعد الميعاد المقرر قانونًا. ثانياً: بقبول طلب التعويض شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام المدعي مصروفات الدعوى".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً وبصفة مستعجلة بالتصريح للطاعن بنشر القصة محل الطعن وإلزام جهة الإدارة بأن تدفع للطاعن مبلغ (100.000) مائة ألف جنيه على سبيل التعويض مع إلزامها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 2003، وبجلسة 20/ 11/ 2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 5/ 2/ 2005 وفيها قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30/ 11/ 1997 وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بعدم الترخيص لقصته (محاكمة ميت) لتحويلها إلى فيلم سينمائي والصادر بتاريخ 7/ 10/ 1997 وإلزام المدعى عليهم بتعويضه بمبلغ مائة ألف جنيه مصري كتعويض جابر للضرر الذي يقع عليه أدبيًا وماديًا من جراء ما لحق به من عدم التصريح له بالقصة المذكورة وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال شرحًا للدعوى: إنه قام بكتابة قصة (محاكمة ميت) والتي تعالج الحريات الخاصة للأفراد، وتقدم بها إلى الرقابة المركزية للمصنفات بتاريخ 7/ 4/ 1997 للموافقة على الترخيص بالقصة للمدعى وذلك لعمل سيناريو وحوار لجعلها صالحة للتصوير السينمائي والتليفزيوني، وبتاريخ 1/ 6/ 1997 تسلم المدعى كتاب جهة الإدارة والذي يفيد رفضها منحه الترخيص باعتماد القصة متعللة بأن المصنف المذكور مخالف لأحكام القانون رقم 430 لسنة 1955، فتظلم من هذا القرار بتاريخ 7/ 6/ 1997 وأخطر برفضه تظلمه في 7/ 10/ 1997 وبجلسة 2/ 1/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد أعلن به المدعي بكتاب جهة الإدارة المؤرخ في 26/ 5/ 1997، وتظلم منه بتاريخ 7/ 6/ 1997، وإذ انقضت الثلاثون يومًا المنصوص عليها في المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955 دون أن تبت اللجنة المختصة في هذا التظلم، فكان يتعين على المدعى إقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الثلاثين يومًا المذكورة أي في ميعاد غايته 5/ 9/ 1997 وإذ تقاعس المدعي عن ذلك وأقام دعواه بتاريخ 30/ 11/ 1991 فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر قانونًا، وبالنسبة لطلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من مطالعة القصة محل النزاع (محاكمة ميت) أنها تنطوي على سخرية من فكرة الموت، حيث نسب إلى المتوفاة أنها ارتكبت الأعمال الآتية: 1- الهروب من الحياة إلى الأبدية 2- الاختباء في باطن الأرض 3- أتت فعلاً فاضحًا منافيًا للآداب العامة، حيث ضبطت وهى متجردة من ملابسها وعارية تماماً. 4- اختلاس عهدة حكومية حيث وجدت عظمًا بدون لحم، وتلك الصورة تسئ إلى ما رسخ في وجدان شعبنا من تقديس لفكرة الموت والقيامة ولحرمة الميت، ومن ثم فإن قرار جهة الإدارة برفض الترخيص للمدعي بتحويل هذه القصة إلى عمل سينمائي أو تليفزيوني يكون والحالة هذه قد جاء متفقًا وصحيح حكم القانون، الأمر الذي ينتفي معه ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة وبالتالي لا يكون للمدعى ثمة حق في التعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن بعد أن تظلم لجهة الإدارة من القرار المطعون فيه أصيب بمرض أقعده تمامًا ومنعه من مغادرة الفراش مدة ثلاثة أشهر فقد عجز عن إقامة دعواه في الميعاد، وذلك ثابت من التقرير الطبي المودع بالملف ومن تم تكون الدعوى مقامة في الميعاد، وقد شاب الحكم القصور في التسبيب مع الفساد في الاستدلال إذ ذهبت المحكمة إلى أن القصة تسيء إلى فكرة الموت وإلى ما يحيط بها من توقير وإجلال وانتصرت لما أسمته وجدان شعبنا وكان حريًا بها أن تنتصر له ولصحيح الدين لأصل يفرض عليها ذلك وهو الدستور، فقد بنيت وجدان شعبنا في عصوره الوثنية وفاتها أنها معينة بهذا الوجدان حيال شعب مصر المعاصر والذي تحول إلى الإسلام حتى إنها اضطرت وهى تفعل ذلك إلى أن تعزل نفسها عن الدستور وتستقل برأيها حين ضربت الصفح عن موافقة مجمع البحوث الإسلامية القائم عليه علماء الأزهر الشريف أكبر مرجع إسلامي في العالم وبحسب أنه جهة الاختصاص الوحيدة في مثل هذه الواقعة، وكان على المحكمة أن تطلب من المدعى الربط العضوي بين القصة موضوع الدعوى وموافقة مجمع البحوث الإسلامية وذلك بمراجع المجمع وعلمائه الأفاضل، ولم تنزل المحكمة النص القانوني منزلة الواقعة المعروضة عليها، فالواقعة عمل فني وكان يتعين على المحكمة أن تتناولها بما لا يجوز وضعها بحيث يتم نظرها بمقتضيات العمل الفني والمفترض في المحكمة مادامت هي جهة اختصاص في نظر من تلك الدعوى أنها على دراية بمقتضيات الفن في الأعمال الفنية، فالفنان له حريات في السياحة الفكرية وفي طرح صور مستقاة من الخيال الطليق بما لا تطيقه نصوص القانون، وإذ أسست المحكمة أسباب رفضها على أصل فاسد فطبيعي أن ما يرتبه هذا الأصل على ما انتهت إليه المحكمة برفض طلب التعويض يكون فاسدًا بدوره.
ومن حيث إنه عما ساقه الطاعن من أن ثمة مرضًا أقعده تمامًا ومنعه من مغادرة الفراش لمدة ثلاثة أشهر مما أعجزه عن إقامة دعواه في الميعاد ولما كان الثابت أن الطاعن قد تظلم من القرار الطعين بتاريخ 7/ 6/ 1997 وسكتت اللجنة المنصوص عليها في المادة (14) من القانون رقم 430 لسنة 1955 سالف البيان عن البت في التظلم لمدة الثلاثين يومًا المقررة لذلك فقد كان عليه إقامة دعواه في ميعاد غايته 5/ 9/ 1997 وإذ كان المرض يحول بينه وبين مباشرة الدعوى بنفسه فقد كفل القانون له ذلك عن طريق وكيل وهو ما لم يقم به، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار لإقامتها بعد الميعاد متفقًا وأحكام القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض، فإنه يتعين التعرض للقرار المطعون فيه لبيان مدى توافر أركان المسئولية الموجبة للتعويض من عدمه، وإذ تنص المادة الأولى من القانون رقم 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري..... المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 على أن: "تخضع للرقابة المصنفات السمعية والبصرية، سواء أكان أداؤها مباشرًا أو كانت مثبتة أو مسجلة على أشرطة أو أسطوانات أو أي وسيلة من وسائل التقنية الأخرى، وذلك بقصد حماية النظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا".
وتنص المادة الثانية على أنه:" لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الثقافة القيام بأي عمل من الأعمال الآتية، ويكون متعلقًا بالمصنفات السمعية والبصرية، أولاً: تصويرها أو تسجيلها أو تحويلها بقصد الاستغلال . ثانيًا: أداؤها أو عرضها أو إذاعتها في مكان عام....... ثالثًا: توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع ". وتنص المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 62 لسنة 1993 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن: تتولى الإدارة العامة للرقابة على المصنفات بوزارة الثقافة الرقابة على الأعمال المتعلقة بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية - وتختص هذه الإدارة بمنح تراخيص تصوير المصنفات المشار إليها أو تسجليها أو عرضها أو إذاعتها في مكان عام أو توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع أو تحويلها بقصد الاستغلال ". وتنص المادة الثانية من ذات اللائحة على أن: يلتزم القائمون بالرقابة على المصنفات الفنية عن النظر في طلب الترخيص بأي مصنف مراعاة ألا يتضمن أو ينطوي على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام....".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص وجوب التزام المصنفات المشار إليها بالنظام العام والآداب العامة ومصالح الدولة العليا، وألا تتضمن أو تنطوي على ما يمس قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية أو الآداب العامة أو النظام العام، وقد ناط المشرع بالقائمين بالرقابة على المصنفات الفنية عند النظر في طلب الترخيص بأي مصنف مراعاة المصالح والقيم المشار إليها في ضوء قواعد عامة مجردة بالنظر إلي أن أمر الأعمال الفنية يختلف تقبله من شخص لآخر حسب تفكيره وثقافته واعتقاده والتزامه ومزاجه النفسي إلي آخر ما يشكل وجدان الفرد وشخصيته، والفيصل في النهاية لمتلقي العمل الفني وهو الجمهور والذي قد يقبل على هذا العمل أو ذاك تبعًا لموضوعه وجوده عرضه وكتابته وشخصية مؤلفه ومدي إشباعه رغبات الجمهور ولا تتساوى الأعمال الفنية كلها في قبول الجمهور لها على نحو ما هو مشاهد ومرصود في هذا السبيل، ولبيان مدى توافر أركان المسئولية فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مسئولية الإدارة على التعويض عن القرارات الإدارية رهينة بأن يكون القرار معيبًا وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب الفرد، والضرر بوصفه ركنًا من أركان المسئولية التقصيرية إما أن يكون ماديًا أو أدبيًا، والضرر المادي: هو الإخلال بمصلحة - ذات قيمة مالية - المضرور، أما الضرر الأدبي فهو الذي يصيب مصلحة غير مالية للمضرور على أن يكون، الضرر مترتبًا مباشرة عن الخطأ ومحققًا هذا وأن التعويض عن الضرر يدور وجودًا وعدمًا مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره وبما لا يجاوزه حتى لا يثري المضرور على حساب المسئول دون سبب، والأصل أنه لا ينظر إلي جسامة الخطأ عند تقرير التعويض فإذا تحققت المسئولية قد التعويض بقدر جسامة الضرر لا بقدر جسامة الخطأ، ويتعين على المضرور أن يثبت حدوث الضرر وأنواعه وعناصره تفصيلاً على نحو يُعين القاضي على تحديد مقداره.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية قد ذكرت سببًا لرفض الترخيص أن فكرة القصة تتناول بالنقد الساخر إهدار حق وحرية الفرد غير أنها تتعرض لأمور دينية وهي الموت بدون إذن الحكومة والدفن وهروب المتوفاة في باطن الأرض عارية وهو من الأفعال الفاضحة والفناء واختلاس لحم الجثة وهو من أملاك الحكومة مما يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية، ولما كان البادي من صورة طبق الأصل من تقرير الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة بالأزهر الشريف"أنه ليس في المسرحية مخالفات من الناحية الدينية وفي الأدب الرمزي مجال متسع حيث محاكمة الميت لم تكن أكثر من سخرية رمزية من الروتين المميت ولا مانع من تداول المسرحية ونشرها ما لم تمنع أسباب أخرى". وهو ما يفيد أن القرار الصادر برفض الترخيص بتحويل القصة إلي فيلم رغم موافقة الأزهر يشكل ركن الخطأ من أركان المسئولية. بالنسبة لركن الضرر وإذا لم يبن الطاعن الضرر الذي أصابه وعناصره ومدى جسامة الضرر ففي الحالة الماثلة كان يتعين عليه بيان ما فاته من جراء عدم تحويل القصة من تعاقد على إنتاجها أو طبعها وتوزيعها أو اتفاقات مع المنتجين على تحويلها إلي فيلم، وأن القصة لا محالة سيتهافت عليها المنتجون شأن كبار المؤلفين الذي يسارع المنتجون إلي التهافت على إنتاجهم في الوقت الذي تكثر فيه كتابات عامة الناس ودهمائهم في أفكار من شطحات الخيال قد لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه ولا تعد كتاباتهم ذات بال ينظر إليه بل يمر الزمن دون الالتفات إليه فليس كل ما يكتب ينشر ويذاع، وقد يذاع ولا يلقى قبولاً بل يقابل بالنقد اللاذع والسخرية، وإذ لم يقدم الطاعن عناصر الضرر من واقع سوابق مؤلفات له لاقت القبول وعظم شأنها، فلا يكفي لبيان الضرر مجرد كتابة وريقات من نسيج خيال الطاعن يتوهم من ورائها وحسب تصوره أنه أعظم القصص ولا محالة بمجرد صدور ترخيص تحويلها سيقف المنتجون وكبار الفنانين متصارعين على أدائها كفيلم سينمائي - كما أنه لم يدلل على أن رفض الترخيص المذكور هو السبب بذاته والذي أدي مباشرة إلي عدم تحويلها إلي فيلم سينمائي فقد يكون السبب ضحالة الفكرة وعدم تميزها أو أنها لن تفيد قارئها ومشاهدها بالنظر إلي أن مؤلفها مغمور لا اسم له في عالم الكتابة، ومن ثم نتقطع علاقة السببية كذلك فلا يتوافر بالتالي هذا الركن من أركان المسئولية، ومن ثم لا يكون للطاعن حق ما في التعويض عن القرار المطعون فيه ويتعين بالتالي رفض طعنه وإن كان لأسباب أخرى بخلاف ما ساقه الحكم المطعون فيه من أسباب مما لا مناص معه من رفض الطعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.