مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1268

(182)
جلسة 19 من يونيه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ علي أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور علي منصور - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ طارق رضوان - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3411 لسنة 45 قضائية عليا:

إدارات قانونية - ترقية - التخطي في الترقية - المدد اللازمة للترقية لوظيفة محام ممتاز.
المادة (13) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، والمادة (2) من القانون رقم (1) لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973.
المشرع استشعر أهمية النظر في تعديل الربط المالي للوظائف الفنية بالإدارات القانونية فأصدر القانون رقم (1) لسنة 1986 الذي استبدل بمقتضاه الجدول المرفق بقانوني نظام العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام رقمي 47، 48 لسنة 1978 بالجدول المرفق بقانون الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973، وأدمج بموجبه وظائف محام رابع ومحام ثالث ومحام ثان في وظيفة محام وعادلها بالدرجة الثالثة. كما أدمج وظيفتي محام أول ومحام ممتاز وعادلهما بالدرجة الثانية، واشترط فيمن يشغل إحدى هذه الوظائف أن تتوفر فيه الشروط المقررة للتعيين في قانوني نظام العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام، وأ، يكون مقيدًا بجدول المحامين المشتغلين طبقًا للقواعد والمدد المبينة قرين كل وظيفة من الوظائف المشار إليها في المادة (12) من القانون رقم (47) لسنة 1973 المشار إليه. وإذ لم ينص المشرع على الشروط التي يلزم توافرها فيمن يشغل الوظائف الجديدة، أي التي أدمجت فيها الوظائف الملغاة، فمن ثم تكون الشروط المتطلبة لشغل وظيفة محام ممتاز الجديدة هي تلك الشروط المقررة لشغل وظيفة محام أول، إذ يكون المشرع قد وحد بذلك من شروط شغل هذه الوظائف المدمجة في مسمى وظيفي جديد متمثلة في الشروط المقررة لشغل الوظيفة الأدنى من الوظائف المدمجة في بعضها البعض، وهى القيد بجدول المحامين المشتغلين بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف لمدة ثلاث سنوات أو انقضاء ست سنوات على القيد أمام المحاكم الابتدائية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 22/ 3/ 1989 أودع الأستاذ/ محمد نجيب عبد الهادي (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ أحمد يسري النجار (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل، طلب في ختامه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - لأسبابه - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلي وظيفة محامٍ ممتاز، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 17/ 7/ 2004 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4451 لسنة 49 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة محامٍ ممتاز بالدرجة الثانية، وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال - شرحًا لدعواه - إنه يعمل محاميًا بأقدمية من 28/ 6/ 1986 بالدرجة الثالثة التخصصية "قانون" بالهيئة المدعى عليها ومقيد بالجدول العام بنقابة المحامين في 8/ 3/ 1984، وأمام المحاكم الابتدائية في 26/ 11/ 1986، وأمام محاكم الاستئناف في 26/ 2/ 1992، وبتاريخ 3/ 5/ 1995 أصدرت الهيئة القرار رقم 54 بترقية بعض أعضاء الإدارة القانونية من الدرجة الثالثة تخصصية "قانون" إلى الدرجة الثانية "محام ممتاز" إلا أنه فوجئ بتخطيه في هذه الترقية رغم استيفائه كافة الشروط المنصوص عليها بالقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، وقد تضمن القرار ترقية كل من إسماعيل أمين عجمي الذي تم قيده بالجدول العام والابتدائي في 21/ 12/ 1988، والاستئنافي بتاريخ 21/ 12/ 1994، وبذلك يستوفي المدة الموضحة بالماة (13) من هذا القانون في 21/ 12/ 1999، ووفاء محمد محسن التي تم قيدها بالجدول العام والابتدائي في 24/ 12/ 1986، والاسئنافي في 30/ 11/ 1994، وبذلك تستوفي هذه المدة في 24/ 12/ 1997، وأنه تظلم من هذا القرار في 7/ 5/ 1995 دون جدوى ومن ثم أقام دعواه للحكم له بما سلف بيانه من طلبات.
وبجلسة 26/ 1/ 1998 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعى المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على ما قد ثبت لديها من استيفاء المدعى والمطعون على ترقيتهم شروط الترقية إلى وظيفة محامٍ ممتاز إلا أنه إعمالاً للأصل المقرر من الاعتداد بتاريخ التعيين كتحديد الأقدمية عند الترقية إلى الوظيفة الأعلى فإنه يفضل الأقدم في الوظيفة السابقة إذا تساوت مرتبة الكفاية بين المرشحين، وأن المدعى قد عُيّن بالهيئة بتاريخ 28/ 1/ 1986 بوظيفة محامٍ بالدرجة الثالثة، بينما يشغل المطعون على ترقيته الأول هذه الوظيفة من 1/ 12/ 1983 وتشغلها المطعون على ترقيتها الثانية من 28/ 1/ 1986، ومن ثم يكونان أحق منه في الترقية إلى وظيفة محامٍ ممتاز بالدرجة الثانية، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وأحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن قرار الترقية المطعون فيه صدر بالمخالفة لأحكام المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1973، والمادة (2) من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 بشأن لائحة قواعد تعيين أعضاء الإدارات القانونية لتخلف شرط القيد بجدول نقابة المحامين في كل من المطعون على تقريتهما الأول المعين بتاريخ 1/ 12/ 1983 والثانية المعينة في 19/ 9/ 1985، وبذلك يكون قرار تعيين كل منهما منعدمًا لتخلف هذا الشرط الجوهري وهو القيد بجدول نقابة المحامين، ويترتب على ذلك بطلان الإجراءات التالية على هذا القرار.
ويضيف الطاعن أن المطعون على ترقيتها الثانية - وفاء محمد حسن - حصلت على إجازة خاصة لرعاية الطفل من 15/ 9/ 1987 حتى 14/ 9/ 1991، وبذلك لم تتوافر بشأنها مدة الخبرة الفعلية اللازمة للترقية.
ويستطرد الطاعن أن الحكم المطعون فيه خلاف المستقر عليه بقضاء المحكمة الإدارية العليا من أن الاعتداد بأقدمية العمل القانوني ليس بأقدمية الدرجات المالية أو أسبقية الالتحاق بالخدمة، وإنما تحدد الأقدمية بين أعضاء الإدارات القانونية على أساس أسبقية تاريخ القيد بالجدول العام، وما يتلو ذلك من تسلسل القيد أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية والنقض دون أسبقية الدرجة المالية أو الالتحاق بالخدمة.
ومن حيث إن المادة (13) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية تنص على أنه "يشترط فيمن يشغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية أن يكون قد مضى على قيده بجدول المحامين المدة المبينة قرين كل وظيفة منها وذلك على النحو التالي:
محام ثالث: القيد أمام المحكمة الابتدائية.
محام ثان:
محام أول: القيد أمام محاكم الاستئناف لمدة ثلاث سنوات أو انقضاء ست سنوات على القيد أمام المحاكم الابتدائية.
محام ممتاز: القيد أمام محاكم الاستئناف لمدة ست سنوات أو انقضاء إحدى عشرة سنة على الاشتغال بالمحاماة مع القيد أمام محاكم الاستئناف....".
وتنص المادة (2) من القانون رقم 1 لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 على أن "تدمج وظائف محام رابع ومحام ثالث ومحام ثانٍ في وظيفته محام وتعادل بالدرجة الثالثة من الجدول. وتدمج وظيفتا محام أول ومحام ممتاز في وظيفة محام ممتاز وتعادل بالدرجة الثانية من الجدول....".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع استشعر أهمية النظر في تعديل الربط المالي للوظائف الفنية بالإدارات القانونية، فأصدر القانون رقم 1 لسنة 1986 الذي استبدل بمقتضاه الجدول المرفق بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام رقمي 47، 48 لسنة 1978 بالجدول المرفق بقانون الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973، وأدمج بموجبه وظائف محام رابع ومحام ثالث ومحام ثانٍ في وظيفة محامٍ وعادلها بالدرجة الثالثة، كما أدمج وظيفتي محام أول ومحام ممتاز وعادلهما بالدرجة الثانية، واشترط فيمن يشغل إحدى هذه الوظائف أن تتوفر فيه الشروط المقررة للتعيين في قانوني نظام العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام، وأن يكون مقيدًا بجدول المحامين المشتغلين طبقًا للقواعد والمدد المبينة قرين كل وظيفة من الوظائف المشار إليها في المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، وإذ لم ينص المشرع على الشروط التي لزم توافرها فيمن يشغل الوظائف الجيدة أي التي أدمجت فيها الوظائف الملغاة، فيمن ثم تكون الشروط المتطلبة لشغل وظيفة محامٍ ممتاز الجديدة هي تلك الشروط المقررة لشغل وظيفة محامٍ أول، إذ يكون المشرع قد وحد بذلك من شروط شغل هذه الوظائف المدمجة في مسمى وظيفي جديد متمثلة في الشروط المقررة لشغل الوظيفة الأدنى من الوظائف المدمجة في بعضها البعض، وهي القيد بجدول المحامين المشتغلين بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف لمدة ثلاث سنوات أو انقضاء ست سنوات على القيد أمام المحاكم الابتدائية.
وعلى هدي ما تقدم، ولما كان الثابت أن كلاً من الطاعن والمطعون على ترقيتهما قد مضى على قيده أمام المحاكم الابتدائية ست سنوات، إذ قيد الطاعن بتاريخ 26/ 11/ 1986، كما قيد المطعون على ترقيته الأول (إسماعيل أمين عجمي) في 21/ 12/ 1988، أمام المطعون على ترقيتها الثانية (وفاء محمد محسن)، فقد قيدت أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 24/ 12/ 1986، وبذلك يكون قد مضى على هذا القيد ست سنوات عند صدور قرار الترقية رقم 54 بتاريخ 3/ 5/ 1995 المطعون فيه - على خلاف ما يدعيه الطاعن - واستوفوا جميعًا شرط تقرير الكفاية، وسائر شروط الترقية ويتزاحمون على وظيفة محامٍ ممتاز، وكان الأصل طبقًا للمادة (14) من القانون رقم 47 لسنة 1973 أن يكون التعيين فيما يعلو وظيفة "محامٍ" بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة على أساس مرتبة الكفاية مع مراعاة الأقدمية بين المرشحين عند التساوي في الكفاية، وهو ما أكدته المادة (6) من قرار وزير العدل رقم 781 لسنة 1978 من أنه إذا كان التعيين متضمنًا ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الوظيفة السابقة، ولما كانت أقدمية الطاعن في وظيفة "محامٍ من الدرجة الثالثة " تبدأ من 28/ 1/ 1986، بينما ترجع أقدمية إسماعيل أمين عجمي (المطعون على ترقيته الأول) بهذه الوظيفة إلى 1/ 12/ 1983، ترجع أقدمية المطعون على ترقيتها الثانية/ وفاء محمد محسن إلى 29/ 9/ 1985، فمن ثم يكون كل منهما أحق وأولى بالترقية من الطاعن، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقًا لأحكام القانون، فيما تضمنه من ترقيتهما دون الطاعن، ويضحى طعنه - والحال هذه - قائمًا على غير سند، خليقًا بالرفض.
وإذا ذهب الحكم المطعون فيه هذا لمذهب وقضى بما تقدم، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه، ويغدو الطعن عليه مفتقرًا إلى سند صحيح من القانون، خليقًا بالرفض.
ولا وجه لما أثاره الطاعن من انعدام قرار تعيين المطعون على ترقيتهما وما ترتب عليه لعدم قيدهما بجدول نقابة المحامين عند صدور قرار تعيينهما بتاريخ 1/ 12/ 1983، 19/ 5/ 1985، فهذا القول مردود بأنه لم يقم عليه دليل في الأوراق، ولم يقم أحد بالطعن في تلك القرارات وقت صدورها في المواعيد المقررة قانونًا حتى أضحت محضة من الإلغاء، واستقر لهما مركز قانوني لا يتأتى المساس به. أما قول الطاعن إن المطعون على ترقيتها الثانية حصلت على إجازة لرعاية الطفل خلال الفترة من 15/ 9/ 1987 حتى 14/ 9/ 1991، ومن ثم لم تستوفِ مدة الخبرة الفعلية اللازمة للترقية فهو مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن حصول العاملة على إجازة لرعاية طفلها استعمالاً لحقها المقرر قانونًا لا يسوغ أن يحرمها من حقها في الترقية إلى الوظائف الأعلى على قدم المساواة مع باقي زملائها ما لم يؤثر ذلك في القيد.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصاريف عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.