مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صــ 1301

(187)
جلسة 25 من يونيه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7895 لسنة 47 قضائية. عليا:

شهر عقاري - التزام مأمورية الشهر العقاري ببحث مدى توافر وضع اليد في الحالات التي لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات.
المادة (23 مكررًا) من القانون رقم 114 لسنة 1946 معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بشأن تنظيم الشهر العقاري.
إذا كان أصل الملكية أو الحق العيني محل طلب الشهر لا يستند إلى أحد المحررات المنصوص عليها، وطلب صاحب الشأن إسناده إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد لتتثبت من مدى توافر شروطه وفقًا لأحكام القانون المدني، ثم تحيل الطلب إلى مكتب الشهر العقاري مشفوعًا برأيها، وعلى ذلك فإن مأمورية الشهر العقاري تلتزم قانونًا ببحث مدى توافر شروط وضع اليد في الحالات التي لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات - أثر ذلك: امتناع الجهة الإدارية عن بحث شروط الحيازة يعد قرارًا إداريًا سلبيًا مخالفا لأحكام القانون - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 20/ 5/ 2001 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة, تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه, في حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الصادر بجلسة 20/ 3/ 2001 في الدعوى رقم 1426 لسنة 52 ق, والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضدهم بتسجيل كامل المساحة الواردة بعقد البيع الابتدائي والصادر به حكم صحة ونفاذ بتاريخ 29/ 6/ 1989، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام (الدائرة الأولى/ فحص طعون) جلسة 4/ 3/ 2003، وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 6/ 12/ 2004 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) لنظره بجلسة 15/ 1/ 2004, وفيها تأجل نظره إلى جلسة 26/ 2/ 2005، ثم إلى جلسة 2/ 4/ 2005، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 11/ 1997 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1426 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري, طلبت فيها الحكم بإلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن إشهار التصرف الوارد بيانه بصحيفة الدعوى وإلزام الجهة الإدارية بالإشهار والتسجيل طبقًا لأحكام القانون وذلك على سند من أن الشركة قد اشترت بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 4/ 11/ 1964 من السيدة/..... ، كريمة المرحوم ...... أرض فضاء مساحتها 25 س 18 ط 2 ف بزمام ناحية تاج الدول وكفر الشيخ إسماعيل بمركز إمبابة محافظة الجيزة ضمن القطعة رقم 47 بحوض النخيل والعبادية رقم 8, بتاريخ 29/ 6/ 1989 حصلت الشركة على حكم قضائي بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور في الدعوى رقم 11079 لسنة 86 مدني كلي جنوب القاهرة, وصار هذا الحكم نهائيًا لعدم حصول استئناف له, وتقدمت الشركة إلى مأمورية الشهر العقاري المختصة بإمبابة لشهر التصرف, إلا أن المأمورية استجابت إلى تسجيل مساحة قدرها 3/ 5 7 س 13 ط فقط دون باقي المساحة المشتراة بحجة أن البائعة قد تجاوزت نصيبها الشرعي في التصرف في المساحة المبيعة, ولما كان العقد المقضي بصحته ونفاذه يتضمن في بنده السادس أن الشركة قد تسلمت الأرض المبيعة بأكملها في ذات يوم تحرير العقد الابتدائي في 4/ 11/ 1964 وحازتها حيازة فعلية حتى الآن بما يربو على ثلاثة وثلاثين عامًا، فإنها تكون قد اكتسبت الملكية بالتقادم عملاً بنص المادتين (968) و (969) من القانون المدني، ومن ثم يكون امتناع مأمورية الشهر العقاري عن إشهار التصرف بمثابة قرار إداري سلبي يحق للشركة الطعن عليه وإلغائه.
وبجلسة 20/ 3/ 2001 قضت المحكمة برفض الدعوى، وشيدت قضاءها على أن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي قد بني على عدم منازعة المدعى عليهم ورثة البائعة في شأن ما تطالب به الشركة بما يعني التسليم منهم بطلباتها وبالتالي يكون لزامًا على مأمورية الشهر العقاري بحث المحررات المتعلقة بأصل الملكية, وإذ اتضح لها أن ملكية البائعة لا تتجاوز 3/ 5 7 س 13 ط وهي المساحة التي تمثل حصتها ميراثا من الأب والأم, وأن ملكية باقي المساحة لم تقدم الشركة سنده وفقا لأحكام قانون تنظيم الشهر العقاري, وبناء عليه طلبت المأمورية من الشركة قصر طلب الشهر على ذلك القدر من المساحة فأبت الشركة ذلك فتكون الجهة الإدارية قد انتهجت صحيح حكم القانون, أما ما أوردته الشركة من أنها اكتسبت ملكية المساحة المتنازع عليها بالتقادم المكسب للملكية فإنها لم تقدم طلبًا بذلك, وبالتالي يكون الاستناد إلى هذا السبب الجديد أمام المحكمة غير مجدٍ؛ إذ يتعين إبداء هذا الطلب أمام الجهة الإدارية لتجري فيه شئونها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن حكم محكمة جنوب القاهرة الذي قضى بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي قد تعرض لموضوع البيع بحثًا وتأصيلاً، ومن ثم لا يجوز معاودة بحث مدى حجية هذا الحكم في أي نزاع يطرح فيه هذا الحكم, فطبقًا لحكم المادة (101) من قانون الإثبات تكون الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي به حجية فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم أو لأي محكمة أخرى أن تنظر فيما قضى به الحكم, وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها, وأن ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من عدم تملك البائعة للمساحة المتنازع عليها قول جاء مرسلاً إذ يحتمل أن تكون تملكت هذه المساحة لسبب لا يعلمه المشتري, وأن مأمورية الشهر العقاري لم تقم بإشهار حق إرث والد البائعة المتوفى سنة 1961 على كامل تركته وإنما قامت بإشهار حق الإرث في تاريخ لاحق على ذلك بما يربو على 35 سنة أي بعد وفاته بمدة طويلة؛ حيث كان يتعين تنفيذ تسجيل قرارات نزع الملكية عن طريق الإيداع والتي صدرت بعد وفاة المورث, بأن يتم حصر تركته حتى يتم معرفة الأنصبة التي تخص كل وارث قبل نزع الملكية ولكن الشهر العقاري قد أسقط هذه الحلقة وقام بإجراء تسجيل قرارات نزع الملكية لحصص بعض الورثة وصرف التعويض لهم دون باقي الورثة, بل إن الشهر العقاري قد قصر إرث المرحوم على المساحة المباعة للشركة الطاعنة دون النظر إلى المساحة المتبقية من المورث عبد العزيز باشا بعد وفاته والتي بلغت
19 س 17 ط 17 ف فلا تضار الشركة الطاعنة من خطأ الشهر العقاري.
ومن حيث إنه بالاطلاع على البند السادس من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 4/ 11/ 1964 والصادر بصحته ونفاذه حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر بجلسة 29/ 6/ 1989 في الدعوى رقم 11079 لسنة 1986 مدني كلي, يبين أنه قد تم تسليم الأرض عند التوقيع على هذا العقد للشركة الطاعنة, ومن ثم تكون الشركة قد وضعت يدها على المساحة المبيعة وقدرها 15 س 18 ط 2 ف اعتبارًا من 4/ 11/ 1964 ولم تتضمن الأوراق ما يفيد عدم توافر الشرائط القانونية لكسب الملكية بالتقادم وهي وضع اليد بنية التملك بصورة ظاهرة ومستقرة وهادئة طوال مدة خمسة عشر عامًا بتاريخ وضع اليد. ولما كانت المادة (23) مكررًا من القانون رقم 114 لسنة 1964 معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1976 بشأن تنظيم الشهر العقاري, تقضي بأنه إذا كان أصل الملكية أو الحق العيني محل طلب الشهر لا يستند إلى أن أحد المحررات المنصوص عليها وطلب صاحب الشأن إسناده إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فعلى المأمورية تحقيق وضع اليد لتتثبت من مدى توافر شروطه وفقًا لأحكام القانون المدني، ثم تحيل الطلب إلى مكتب الشهر العقاري مشفوعًا برأيها, وعلى ذلك فإن مأمورية الشهر العقاري تلتزم قانونًا ببحث مدى توافر شروط وضع اليد في الحالات التي لا يستند فيها طلب الشهر إلى أحد المحررات, وإذ امتنعت الجهة الإدارية عن بحث شروط الحيازة, فإن امتناعها يعد قرارًا إداريا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون, فيتعين الحكم بإلغائه.
ولا يغير من هذا النظر ما قد يثار من أن الشركة لم تتقدم بطلب إسناد الشهر إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية حسبما تقضى به المادة (23 مكررًا) من القانون رقم 114 لسنة 1964 سالف الذكر, ذلك أن رفع الدعوى وتضمين صحيفتها الاستناد إلى وضع اليد, وإقامة هذا الطعن دون تغير في موقف الجهة الإدارية هو أبلغ أثرًا وأقوى دلالة من هذا الطلب, لا سيما وأن الجهة الإدارية قد أفصحت صراحة في كافة مراحل النزاع عن رفضها تسجيل كامل المساحة, مما يجعل هذا الطلب غير مجدٍ ولا طائل فيه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفًا لأحكام القانون جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبإلغاء القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.