مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1383

(199)
جلسة 3 من يوليو سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 5526 لسنة 45 قضائية. عليا:

أ - موظف - إجازات - إجازة بدون مرتب للسفر للخارج - عدم جواز فرض ضريبة لحساب هذه الإجازة.
إن منح الإجازة بدون مرتب - طبقًا للمادة (69) من القانون رقم 47 لسنة 1978 - أمر جوازي لجهة الإدارة، للأسباب التي يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة في ضوء القواعد العامة المجردة التي تضعها وتكون متفقة مع الدستور والقانون، ولم يعلق القانون الإجازة على سداد مبالغ معينة، وفي المقابل فإن تحصيل الضرائب لابد أن يتم بنص القانون الصريح، أما الرسوم فيجوز تحصيلها بناءً على قانون ينص على ذلك - فرض الجهة الإدارية ضريبة على العاملين الراغبين في السفر للخارج مقابل منحهم إجازة بدون مرتب دون الاستناد لنص قانوني - تحصيل هذه المبالغ مخالف للقانون وبغير وجه حق لعدم وجود أساس قانوني لفرضها - تطبيق.
ب - تقادم - استرداد ما دفع بغير حق.
إن كانت المادة (187) من القانون المدني نصت على سقوط دعوى استرداد ما دُفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه الحق - عدم إثبات جهة الإدارة تاريخ علم المطعون ضده بأنه دفع غير المستحق - أثر ذلك: عدم سقوط الدعوى – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 26/ 5/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5526 لسنة 45 ق. ع في الحكم المشار إليه والقاضي بإلزام الإدارة بأن تدفع للمدعي ما يعادل 200 دولار (مائتي دولار) أمريكي والمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الوارد بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً وأصليًا: برفض الدعوى، واحتياطيًا: بسقوط حق المدعي (المطعون ضده) بالتقادم الثلاثي طبقًا للفقرة الثانية من المادة (377) من القانون المدني، وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي في أي من الحالتين، وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا، رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 10/ 2004، وبجلسة 21/ 2/ 2005 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 27/ 6/ 1995، وطلب في ختامها الحكم بعدم الاعتداد بالقرار السلبي السابق صدوره من محافظ البحيرة فيما يتعلق بفرض ضريبة عليه قدرها (مائتي دولار أمريكي) مقابل الموافقة على منحه إجازة بدون مرتب للعمل بإحدى الدول العربية وما يترتب على ذلك من آثار أهمها أحقيته في استرداد هذا المبلغ وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحًا للدعوى - إنه يعمل بمديرية الزراعة بالبحيرة، ولما طلب منحه إجازة بدون مرتب للعمل بإحدى الدول العربية في المدة من 21/ 8/ 1989 حتى 10/ 8/ 1993 رفضت جهة الإدارة منحه هذه الإجازة إلا إذا دفع المبلغ المشار إليه كتبرع لحساب محافظة البحيرة تنفيذًا لأمر المحافظ، الأمر الذي اضطره إلى توريد هذا المبلغ بالبنك الأهلي بدمنهور بإيصالات مؤرخة في 5/ 3/ 1991 برقم 88486، 25/ 7/ 1991 برقم 24147 وبرقم 24464، وذلك للقيام بهذه الإجازة، ولما كان هذا المبلغ الذي أكره على دفعه وتوريده لحساب المحافظة يعتبر ضريبة فرضت عليه دون سند من القانون ومن سلطة لا تملك أصلاً فرضها وفقًا لنص المادة (119) من الدستور و بأداة غير قانونية وغير مشروعة، ويضحى القرار الصادر بها مخالفًا لأحكام الدستور والقانون.
وبجلسة 13/ 4/ 1999 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضائها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي قام بسداد مبلغ (مائتي دولار أمريكي) لحساب صندوق الخدمات والتنمية المحلية بمحافظة البحيرة تحت مسمى تبرع، وذلك مقابل الموافقة على منحه إجازة خاصة بدون مرتب للعمل بالخارج تنفيذًا للقواعد التي قررتها محافظة البحيرة في هذا الشأن، ولما كان تعليق السلطة المختصة موافقتها على منح هذه الإجازة على شرط ضرورة سداد هذا المبلغ هو من الأمور التي لم يرد بها أي نص في القانون، كما أنه لا يجوز اعتباره من قبيل التبرع كما سمته جهة الإدارة طبقًا لما ورد بهذه القواعد، ذلك أن الواضح أن المدعي أكره على سداده حتى يتمكن من الحصول على موافقة الإدارة على طلب الإجازة، وأنه لو كان تبرعًا كان يتم اختياريًا دون أية قواعد تفرض ضرورة سداده، ومن ثم تكون هذه القواعد غير مشروعة لمخالفتها للقانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال حيث لم تناقش المحكمة دفاعًا جوهريًا لو صح لتغير وجه الرأي في الدعوى وهو سقوط حق المدعي بالتقادم الثلاثي عملاً بنص المادة (377) من القانون المدني، وقد أصدر محافظ البحيرة قراره المطعون فيه بفرض ضريبة على العاملين بالمحافظة الراغبين في السفر إلى الخارج مقابل منحهم إجازة بدون مرتب، ومن ثم تكون الدعوى المطعون في حكمها وحسب التكييف الصحيح لها مطالبة برد ضرائب ورسوم مستحقة دفعت بغير حق، الأمر الذي ينطبق عليه نص الفقرة الثانية من النص المشار إليه، ولما كان المطعون ضده قد سدد المبلغ محل التداعي باعتباره رسمًا مقررًا وفقًا للقرار المطعون فيه، وكان التحصيل - كما يزعم - بغير وجه حق فإن حق المطعون ضده في استردادها تقادم بثلاث سنوات من تاريخ رفعها، ولما كان المطعون ضده قد سدد مبلغ الضرائب والرسوم محل النزاع في عام 1991 على النحو المبين بصحيفة الدعوى، إلا أنه لم يقم برفع الدعوى للمطالبة برد تلك المبالغ إلا في عام 1995، ومن ثم يكون حقه قد سقط بالتقادم الثلاثي.
ومن حيث إن المادة (69) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "تكون حالات الترخيص بإجازة بدون مرتب على الوجه الآتي: 1- ..... 2- يجوز للسلطة المختصة منح العامل إجازة بدون مرتب للأسباب التي يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة ووفقًا للقواعد التي تتبعها، ولا يجوز في هذه الحالة ترقية العامل ". فهذا النص قد جعل منح الإجازة بدون مرتب جوازية لجهة الإدارة للأسباب التي يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة في ضوء القواعد العامة المجردة التي تضعها وتكون متفقة مع الدستور والقانون، ولم يعلق القانون الإجازة المذكورة على سداد مبالغ معينة، وفي المقابل فإن تحصيل الضرائب لابد أن يتم بنص القانون الصريح، أما الرسوم فيجوز تحصيلها بناءً على قانون ينص على ذلك، وإذ ذهبت الجهة الإدارية في طعنها إلى أن محافظ البحيرة أصدر قراره المطعون فيه بفرض ضريبة على العاملين بالمحافظة الراغبين في السفر إلى الخارج مقابل منحهم إجازة بدون مرتب دون أن تقيم الدليل على وجود النص القانوني الذي تستند إليه جهة الإدارة في فرض هذه المبالغ في صورة ضريبة أو رسم، ومن ثم يكون تحصيل تلك المبالغ بهذا الوصف مخالفًا للقانون وليس ثمة أساس قانوني لفرضها، ويغدو تحصيلها من المطعون ضده بغير وجه حق.
ومن حيث إن ما دفعت به الجهة الإدارية الطاعنة من تقادم حق المطعون ضده في استرداد هذه المبالغ بمضي ثلاث سنوات على رفعها استنادًا إلى المادة (377/ فقرة 2) من القانون المدني قول مردود بأن هذا النص ينطبق على الضرائب والرسوم التي دفعت بغير وجه حق وهذه المبالغ ليست ضرائب أو رسوم على نحو ما سلف بيانه ويتعين رفض هذا الدفع، وإذ كانت المادة (187) من القانون المدني قد نصت على سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد وتسقط الدعوى كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق، وإذ لم تقدم الجهة الإدارية الطاعنة ما يثبت تاريخ علم المطعون ضده بأنه دفع غير المستحق، ومن ثم لا تسقط الدعوى - أيضًا - طبقًا لهذا النص، ومتى كان ذلك فإن المطعون ضده يحق له استرداد ما قام فعلاً بدفعه بموجب الإيصالات المثبتة لهذا الدفع، خاصة وأنه لم يعترف بقيامه بالتبرع بها لجهة الإدارة طواعية، ومن ثم يتعين ردها إليه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.