مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صـ 1389

(200)
جلسة 3 من يوليه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7427 لسنة 47 قضائية. عليا:

قرار إداري - ما يعد قرارًا إداريًا - قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة القاهرة الكلية للأحوال الشخصية للولاية على النفس (مأذونون وموثقون) بتقسيم مأذونيات.
صدور قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة القاهرة الكلية للأحوال الشخصية للولاية على النفس - مأذونو وموثقو شمال - بتعميم ما ورد بتقرير الخبير الحسابي بتقسيم مأذونيات محكمة الوايلي وإرساله إلى المحكمة الجزئية لتعميمه والعمل بموجبه, هذا القرار يعد قرارًا إداريًا نهائيًا صادرًا من الجهة الإدارية المختصة بقصد إحداث أثر قانوني ابتغاء تحقيق المصلحة العامة, ويعد محلاً لدعوى الإلغاء - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 10/ 5/ 2001 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه, في حكم محكمة القضاء الإداري - الدائرة الأولى - الصادر بجلسة 13/ 3/ 2001 في الدعوى رقم 141 لسنة 52 ق, والذي قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 30 لسنة 1984 مأذونية شمال القاهرة الصادر بتاريخ 9/ 11/ 1989 وإبقاء المأذونيات على حالها الذي كانت عليه قبل إصدار هذا القرار.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا, وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام (الدائرة الأولى/ فحص طعون) جلسة 16/ 1/ 2005, وبجلسة 4/ 4/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 14/ 5/ 2005. وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 3/ 1990 أقام الطاعن الدعوى رقم 154 لسنة 37 ق أمام المحكمة الإدارية للرئاسة والعدل, طلب فيها إلغاء القرار المطعون فيه الصادر من رئيس محكمة القاهرة الكلية للأحوال الشخصية بتاريخ 6/ 11/ 1989 في مادة مأذونية رقم 30 لسنة 1984, فيما تضمنه البند الأول منه من تعميم ما ورد بالتقرير الحسابي من تقسيم لمأذونيات محكمة الوايلي للأحوال الشخصية للولاية على النفس, والعمل بموجبه, وذلك على سند من أن هذا القرار قد خالف القانون وأخذ بتقرير الخبير الذي ترتب عليه اقتطاع مساحة جغرافية وسكانية من اختصاص الطاعن وهو مأذون حدائق القبة وإضافتها إلى اختصاص مأذون الدمرداش الذي تقدم بطلب إلى رئيس المحكمة لإعادة تقسيم مأذونيات محكمة الوايلي لأن ظروفًا جديدة طرأت في المنطقة تغيرت بموجبها الكثافات السكانية, وأجابته المحكمة إلى طلبه بإحالته إلى خبير حسابي, وينعي الطاعن على القرار إغفاله إدخال الطاعن في الطلب المقدم للجهة الإدارية, ومخالفة التقرير الثابت بالطبيعة من جغرافية الإقليم, لأن مأذونية حدائق القبة ومأذونية الدمرداش تفصل بينهما فواصل طبيعية كثيرة تحول دون ضم بعض منهما إلى الأخرى مثل خط مترو مصر الجديدة, وخط سكة حديد المرج, وشارع لطفي السيد, وسكة حديد السويس, وبطلان أعمال الخبير الذي لم يعلن الطاعن أو أي مأذون آخر ممن يشملهم هذا التقسيم وعددهم يزيد على سبعة, وقام بتنفيذ مأموريته في غيبتهم ولم يسمع من أي خصم أي معلومات أو دفاع مما يجعل تقريره باطلاً, وأن بنيان التقرير قام على أساس الكثافة السكانية وتعداد السكان, وهذا الأساس لا يصح أن يبنى عليه قرار بالتقسيم؛ لأن هناك تجمعًا سكانيًا يضم غير المسلمين وبكثافة عالية في منطقة دون أخرى بما يجعل التقسيم على أساس العدد غير متكافئ.
وقد انتهى الخبير الحسابي في تقريره إلى الرأي باقتطاع نصف مأذونية حدائق القبة بضم شياخة الحدائق إلى مأذونية الدمرداش, ثم تقسيم النصف الباقي من مأذونية الطاعن إلى مأذونيتين (أ وب) وإخراج إحداهما من اختصاصه, وقد تظلم الطاعن من القرار فقامت الجهة الإدارية بسحب قرارها فيما يتعلق بتقسيم النصف الباقي من مأذونية الطاعن إلى مأذونيتين (أ وب) وإخراج إحداهما من اختصاصه, بينما أبقت على البند الأول من القرار الخاص بضم شياخة الحدائق إلى مأذونية الدمرداش عملاً بما ارتآه الخبير الحسابي خصمًا من مأذونية الطاعن التي كانت تشمل شياخة حدائق القبة وشياخة الحدائق. وبجلسة 31/ 5/ 1997 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري.
وبجلسة 13/ 3/ 2001 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري, وشيدت قضاءها على أن ما صدر من دائرة المأذونين الشرعيين بمحكمة شمال القاهرة الكلية في شأن تقسيم مأذونية المدعي وهي مأذونية الحدائق, لا يعدو أن يكون مجرد توصية لا ترقى إلى مستوى القرار الإداري الذي يكون محلاً لدعوى الإلغاء, وقد خلت الأوراق مما يفيد اعتماد وزارة العدل لهذه التوصية, ولم يثبت أن ثمة قرارًا نهائيًا قد صدر في شأن اعتماد تقسيم مأذونية المدعي فلا مناص من القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها: أن المحكمة قصرت طلبات الطاعن على الشق الثاني من القرار المطعون فيه المتعلق بتقسيم مأذونية الطاعن التي تقع في اختصاصه إلى قسمين في حين أن دعواه منصبه على الشق الأول المتعلق بتعميم ما ورد بتقرير الخبير على مأذونيات محكمة الوايلي الجزئية للأحوال الشخصية, وكان طعنه على هذا الشق قائمًا على أساس مخالفة التقرير للواقع ومخالفته للتقسيم الجغرافي, ومنحه لمأذون الدمرداش مقدم الطلب ميزات وحقوقًا إضافية اقتطعها من أصحابها الشرعيين وهو لا يستحقها, فرغم وجود فواصل طبيعية بين المأذونيات قام الخبير بتمزيق الشياخات لمصلحة المأذون مقدم الطلب, بالإضافة إلى أن الخبير باشر مأموريته في غيبة من الطاعن وتعمد عدم إعلانه, أما بالنسبة للشق الثاني المتعلق بتقسيم ما تبقى من المساحة الجغرافية اختصاص الطاعن, فأوصت المحكمة بإحالته إلى وزارة العدل للنظر وقامت الوزارة برفض هذه التوصية وحفظ الموضوع بشأنها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على تعريف القرار الإداري بأنه إفصاح الجهة الإدارية في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكنًا وجائزًا قانونًا ابتغاء مصلحة عامة.
وإذ صدر قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة القاهرة الكلية للأحوال الشخصية للولاية على النفس - مأذون وموثق شمال - بتاريخ 6/ 11/ 1989 بتعميم ما ورد بتقرير الخبير الحسابي بتقسيم مأذونيات محكمة الوايلي إلى الأعداد الموضحة بالتقرير وإرساله إلى المحكمة الجزئية لتعميمه والعمل بموجبه, فإن هذا القرار يعد قرارًا إداريًا نهائيًا صادرًا من الجهة الإدارية المختصة بقصد إحداث أثر قانوني ابتغاء تحقيق المصلحة العامة, ويعد محلاً لدعوى الإلغاء, وهو ما طلبه الطاعن بدعواه, وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على تناول الشق الثاني من القرار الخاص بإرسال التقرير للوزارة للنظر في تقسيم مأذونية حدائق القبة والوايلي الكبير إلى مأذونيتين (أ و ب), والذي رفضته الوزارة, فإنه يكون قد خالف القانون متعينًا الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن المادة (146) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تقضي بالتزام الخبير بأن يحدد لبدء عمله تاريخًا لا يجاوز الخمسة عشر يومًا التالية لتكليفه بالمأمورية, وعليه أن يدعو الخصوم بكتب مسجلة ترسل قبل ذلك التاريخ بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته, ويترتب على عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير.
ولما كان الثابت أن دائرة المأذونين بمحكمة شمال القاهرة للأحوال الشخصية الولاية على النفس قد قررت في القانون رقم 30 لسنة 1984 كلي شمال ندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على أوراق الدعوى وما بها من مستندات وما يقدم له ومعاينة المأذونيات موضوع الطلبين المقدمين من مصطفى عبد الفتاح عبد الخالق مأذون الدمرداش والمحمدي طه الجوهري دسوقي مأذون القبة البلد, وإعادة تقسيم تلك المأذونيات تقسيمًا عادلاً وفقًا للكثافة السكانية وقد باشر الخبير مهمته وانتهى إلى تقسيم مأوذنيات محكمة الوايلي الكلية للأحوال الشخصية إلى اثنتي عشرة مأذونية تضمنت إضافة شياخة الحدائق نطاق اختصاص الطاعن إلى مأذونية الدمرداش, وتقسيم شياخة حدائق القبة إلى مأذونيتين (أ وب), وقد تضمنت مجموعة محاضر أعمال الخبير أنه تم إخطار مقدمي الطلب مأذون الدمرداش ومأذون القبة البلد, وإخطار رئيس مجلس إدارة جمعية المأذونين, كما تم إخطار رئيس وحدة مباحث شرطة الوايلي للتحري عن عدد المأذونيات التابعة للقسم وتعداد السكان المسلمين في كل مأذونية, ولم تتضمن أعمال الخبير دعوة باقي الخصوم الآخرين بالنسبة لباقي المأذونيات التابعة لمحكمة الوايلي باعتبار أن ما ينتهي إليه الخبير سوف يمس مصالحهم ونطاق اختصاصاتهم بما كان متعينًا عليه إعلان كل مأذون للحضور أمامه في الجلسات التي سوف يعقدها للوقوف على أوجه اعتراضاته, وإذ يترتب على عدم دعوة الخصوم أمام الخبير بطلان تقرير الخبير, فإن القرار الصادر بتعميم ما جاء بهذا القرار يضحى مخالفًا لأحكام القانون لاستناده إلى تقرير للخبير شابه البطلان بما يستتبع الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبإلغاء القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.