مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الثاني - من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 - صــ 1444

(207)
جلسة 6 من يوليه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ومحمد البهنساوي محمد، ومصطفى محمد عبد المعطى، وحسن عبد الحميد البرعي - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمود أحمد الجارحي - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 10478 لسنة 49 قضائية. عليا:

أكاديمية الشرطة - كلية الشرطة - شروط القبول والاستمرار بالكلية - شرط حسن السمعة - تعاطي الطلاب للجواهر المخدرة - أثره.
القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة ولائحته التنفيذية.
أوجب المشرع فيمن يرشح لكلية الشرطة أن يكون حسن السمعة ومحمود السيرة, إلى غير ذلك من الشروط التي نص عليها القانون رقم 91 لسنة 1975, والتي جعلها شرطًا للقبول بها والاستمرار فيها, ورتب على فقد أي من تلك الشروط في أي وقت خلال الدراسة وجوب فصل الطالب من الدراسة فيها - جلال وقدر الوظيفة التي يعد لها المرشح للدراسة بالكلية وتأثيرها على حسن سير المرافق العامة والتي يرتبط مستوى أدائها وقدر إنتاجها بالقائم على وظائفها وأعمالها إنما يقتضي فيمن يتولاها حسن السمعة وطيب السيرة ونقاء السريرة فلا تحوم حوله الشبهات - إتيان الطالب سلوكًا يتنافى مع ما تحرص الكلية على غرسه في نفوس طلابها من قيم فاضلة وأخلاق رفيعة يكون به قد ارتكب جريمة انضباطية تستوجب مساءلته تأديبيًا ومحاكمته عسكريًا وردعه وتقويمه وتوقيع الجزاء عليه الذي قد يصل إلى فصله من الكلية - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 18/ 6/ 2003 أودع الأستاذ الدكتور/ رمضان محمد بطيخ، المحامي بالنقض والمحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 10478 لسنة 49ق. عليا في الحكم الصادر بجلسة 27/ 4/ 2005 في الدعوى رقم 6462 لسنة 57ق من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة العاشرة), والذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً, وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإلزام المدعي بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن- بصفته في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به- تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالته إلى دائرة الموضوع بالمحكمة لتقضي بقبوله شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم وذلك على النحو المبين بالأوراق.
ولدى تداول الطعن بجلسات التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة 13/ 10/ 2003 قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على مستند وحيد ومذكرة, كما قدم بتاريخ 21/ 12/ 2003 مذكرتي دفاع صمم في ختام كل منهما على طلباته الواردة بتقرير الطعن.
ثم أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة السادسة) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, حيث قدم الطاعن بجلسته 2/ 3/ 2004 مذكرتي دفاع, كما قدم بجلسة 3/ 7/ 2004 مذكرة بدفاعه, ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة لنظره.
وتم تداول نظر الطعن أمام دائرة الموضوع (الدائرة السادسة) بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 16/ 2/ 2005 قدم الطاعن مذكرة دفاع, وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/ 4/ 2005, وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع وخلال هذا الأجل, وبتاريخ 2/ 3/ 2005 قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على ثلاثة مستندات.
وبجلسة اليوم صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته وليًا طبيعيًا على نجله القاصر.... كان قد أقام الدعوى رقم 6462 لسنة 57ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طلب في ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل نجله...... من الفرقة الثالثة بكلية الشرطة, مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي بصفته (الطاعن) - شرحًا لدعواه - إن نجله المذكور مقيد بالفرقة الثالثة بكلية الشرطة في العام الدراسي 2002/ 2003, وعقب عودته إلى الكلية من إجازته الأسبوعية بتاريخ 29/ 11/ 2002 احتجز بعد تفتيشه لأخذ عينة منه, وفي صباح اليوم التالي أخطر بأن العينة إيجابية لمادة البانجو (الحشيش) المخدرة, وبمواجهته بذلك اعترف بتدخينه سيجارة بها المخدر المذكور ثم حوكم بواسطة المحكمة العسكرية التي قضت بفصله من الكلية وتصدق على الحكم المشار إليه من السلطة المختصة. وقد نعى المدعي بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لغلوه في توقيع الجزاء وعدم مساواته بزملائه الذين أدينوا بالتهمة نفسها, الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 27/ 4/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة العاشرة) حكمها المطعون فيه قاضيًا بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت هذا القضاء بعد أن استعرضت نصي المادتين (14) و(15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة والمادتين (20) و(21) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 على أساس أنه نظرًا لما يعد له طالب الشرطة من مهام تسند إليه بعد تخرجه من الكلية منها الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة, وهي: الأمن العام, والصحة العامة, والسكينة العامة, وما يوجبه ذلك من ضرورة اتصاف القائم به بشروط خاصة عند القبول بهذه الكلية وضرورة استمرار هذه الشروط والمواصفات فيه حتى تخرجه منها ومن هذه الشروط اتسام طالب الشرطة بأقصى درجة من الانضباط والنظام واحترام القانون واللوائح وحسن السمعة وأنه إذا ما أتى ما يخالف تلك الضوابط ويؤثر في سمعته سلبًا فإنه يكون قد ارتكب جريمة انضباطية وقد تشكل تلك الجريمة - أيضًا- جريمة في مفهوم قانون العقوبات, الأمر الذي يتعين معه تقديمه للمحاكمة الجنائية التي يجوز لها توقيع كافة العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في المادة (20) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة ومنها الفصل من الخدمة ولما كان قد ثبت من التحاليل الطبية التي أجريت لنجل المدعي أنها إيجابية وبها مادة (البانجو) الحشيش المخدر فإنه إقدامه على هذه الجريمة يشكل جريمة انضباطية وجنائية شنعاء تتنافى مع ما يوجبه القانون عليه من التحلي بالخلق القويم وحسن السمعة وتجعله يفقد هذه الشروط, الأمر الذي يتعين معه القضاء بفصله من الكلية, وأنه لما كان قرار المحكمة العسكرية لطلاب كلية الشرطة قد انتهى إلى ذلك نظرًا لما ثبت لديه من ارتكاب نجل المدعي لجريمته الانضباطية من خلال ما أجري عليه من تحاليل طبية وثبوت وجود الجوهر المخدر في دمه وما أقر به الطالب المذكور من تعاطيه المخدر بتدخينه سيجارة محشوة به ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحًا ومطابقًا للقانون, ولا ينال مما تقدم قول المدعي بصفته بأن هذا القرار مشوب بعيب عدم المساواة في المعاملة بين نجله وبين زملائه الذين ارتكبوا ذات الجريمة الانضباطية, إذ إن جهة الإدارة تتمتع عند توقيعها للعقوبة الانضباطية لسلطة تقديرية تزن بمقتضاها كل مخالفة ومن ارتكبها في ضوء ظروف وملابسات كل حالة ما لم يكن قرارها مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة الذي لم يرد عليه دليل من الأوراق, وبالتالي يغدو القرار المطعون فيه غير مرجح الإلغاء عند الفصل في هذا الطلب مما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه, الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض هذا الطلب, وعليه خلصت محكمة القضاء الإداري إلى قضائها المطعون فيه.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلقَ قبولاً لدى الطاعن بصفته, فقد أقام ضده الطعن الماثل ناعيًا عليه مخالفته للقانون والغلو في توقيع الجزاء والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك على أساس أن الطاعن تقدم بجلسة 13/ 10/ 2003 أمام هيئة مفوضي الدولة بحافظة مستندات تحوي أصل شهادة صادرة من المعامل المركزية لوزارة الصحة بنتيجة التحليل لعينة بول نجل الطاعن وثابت بها أن النتيجة سلبية ولا يوجد بها أي مواد مخدرة وهو ما يؤكد عدم تعاطيه أي مواد مخدرة كما تقدم وكيل الطاعن بمذكرة طلبات ناشد فيها المحكمة إلزام الجهة الإدارية بتقديم عدة مستندات ولم تقدمها الجهة الإدارية مما يقيم قرينة ببطلان التحقيق الإداري نظرًا لإتمامه قبل ورود نتيجة التحليل فما يترتب عليه بطلان قرار إحالة نجل الطاعن إلى المحاكمة العسكرية وكذا بطلان قرار المحكمة العسكرية لانعقادها قبل ثبوت نتيجة التحليل وأن إحالة نجل الطاعن للمحكمة العسكرية كان لأسباب أخرى. ومما يؤكد ذلك أنه تم تعديل تاريخ تحرير التحقيق من 30/ 11/ 2002 ليصبح 1/ 12/ 2002 وأنه إذا كان نجل الطاعن قد اعترف بتعاطيه البانجو (الحشيش) في التحقيق الذي أجرى معه فإن ذلك كان تحت ضغط وإكراه مادي ومعنوي تمثل في إيداعه في زنزانة الحجز الانفرادي وهذا أثر في إرادته وأجبر على الاعتراف على نفسه بالتهمة المنسوبة إليه. وأضاف الطاعن بصفته أن قرار المحكمة العسكرية بفصل نجل الطاعن من الصف الثالث بكلية الشرطة بسبب هذا الاتهام في الوقت الذي منحت فيه الأكاديمية لطلاب بالكلية اتهموا بذات الاتهام فرصة أخرى لإجراء التحليل ولم تسلك الأكاديمية مثل هذا المسلك بالنسبة لنجله, الأمر الذي يجعل قرار المحكمة العسكرية بالفصل مشوبًا بعيب مخالفة القانون لانطوائه على إخلال بمبدأ المساواة في المعاملة والتعسف في استعمال السلطة والانحراف بها مما يجعل قرارها مشوبًا بعيب البطلان مما يستوجب إلغاءه وبالتبعية كان يتعين على محكمة أول درجة أن تقضي بوقف تنفيذ هذا القرار لظهور بطلانه ومخالفته للقانون وأنه إذ قضت بغير ذلك فإن حكمها يكون قد صدر مخالفًا للقانون ومشوبًا بالقصور الشديد الذي ينحدر به إلى البطلان, مما يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بوقف تنفيذ قرار المحكمة العسكرية المطعون فيه.
وبناءً على ما تقدم خلص الطاعن بصفته إلى طلباته الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه يستفاد من نص المادتين (14), (15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة ونص المادتين (20), (21) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادر بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 أنه نظرًا لما يعد له طالب الشرطة من مهام تسند فور تخرجه من الكلية منها القيام على حفظ الأمن وما يوجبه ذلك من ضرورة اتصاف القائم به بشروط خاصة عند القبول بهذه الكلية واستمرار تلك الشروط والمواصفات فيه حتى تخرجه منها, وأن تلك الشروط الخاصة توجب أن يكون طالب الكلية بمنأى عن أية شائبة, وأن يكون قدوة لغيره ممن يسعى إلى إلزامهم بأحكام القانون ومقتضيات الأمن, فقد أوجب المشرع فيمن يرشح لهذه الكلية أن يكون حسن السمعة ومحمود السيرة إلى غير ذلك من الشروط التي نص القانون رقم 91 لسنة 1975 والتي جعلها المشرع شرطًا للقبول بالكلية والاستمرار فيها ورتب المشرع على فقد أي من تلك الشروط في أي وقت خلال الدراسة بالكلية وجوب فصل الطالب من الدراسة فيها ذلك أنه مما لا شك فيه أن جلال وقدر الوظيفة التي يعد لها المرشح للدراسة بالكلية وتأثيرها على حسن سير المرافق العامة والتي يرتبط مستوى أدائها وقدر إنتاجها بالقائم على وظائفها وأعمالها إنما تقتضي فيمن يتولاها حسن السمعة وطيب السيرة ونقاء السريرة فلا تحوم حوله الشبهات وألا يأتي سلوكًا يتنافى مع ما تحرص عليه الكلية على غرسه في نفوس ووجدان طلابها من قيم فاضلة وأخلاق رفيعة. فإذا أتى الطالب بكلية الشرطة سلوكًا يتنافى مع ذلك فإن ذلك يوجب محاكمته عسكريًا وردعه وتقويمه لأنه بإتيانه هذا السلوك يكون قد ارتكب جريمة انضباطية تستوجب مساءلته تأديبيًا ومحاكمته عسكريًا وردعه وتقويمه وتوقيع الجزاء عليه الذي قد يصل إلى فصله من الكلية وذلك على نحو ما أوردته نصوص القانون سالف الذكر ولائحته التنفيذية.
(يراجع في هذا الخصوص حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 170 لسنة 49ق. عليا بجلسة 29/ 12/ 2004).
كما استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الجريمة الانضباطية جريمة قائمة بذاتها تتمثل في ارتكاب الطالب سلوكًا يتعارض مع كونه طالبًا بكلية الشرطة وأن علاقة الطالب بهذه الكلية وأنه سوف يكون ضابط شرطة في وقت قريب يجب أن يسودها الثقة في استقامته والاطمئنان إلى نزاهته وأمانته ونقاء سيرته لارتباط ذلك بحسن أداء الوظيفة مستقبلاً, فإذا تسرب الشك إلى شيء من ذلك بناءً على سلوك اتخذه الطالب ووضع نفسه موضع الريبة فإن هذا المسلك ينهض بذاته مبررًا لمؤاخذته إداريًا.
(حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 2766 لسنة 34ق. ع بجلسة 3/ 3/ 1990)
ومن حيث إنه لما كان البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ قرار المحكمة العسكرية لطلبة كلية الشرطة بفصل نجل الطاعن أنه بتاريخ 29/ 11/ 2002 أثناء عودة طلبة الكلية المذكورة من إجازاتهم الأسبوعية قامت إدارة الكلية باختيار بعض الطلبة كعينة عشوائية من سنوات الدراسة المختلفة لفحص عينات بولهم للتأكد من التزامهم وانضباطهم المسلكي عقب عودتهم من الإجازة, حيث تم أخذ عينة من بول ابن الطاعن وزملائه بمعرفة أخصائي المعامل بالإدارة العامة للخدمات الطبية وتحت الإشراف الإداري للكلية, حيث ورد تقرير الفحص المعملي لعينة بول الطالب المذكور إيجابية لمادة البانجو والحشيش المخدرة المدرجة بالجداول المرفقة بقانون مكافحة المخدرات, وكان قد تم إرسالها في ذات الوقت للفحص التأكدي لمركز السموم الإكلينيكي بمستشفيات جامعة عين شمس الذي أكد- أيضًا- إيجابية العينة المأخوذة من الطالب المذكور, وعلى أثر ذلك فقد تم إحالة هذا الطالب إلى المحكمة العسكرية التي قضت بعد محاكمته وتحقيق دفاعه بفصله من الكلية لثبوت تعاطيه المادة المخدرة سالفة الذكر, وقد تم التصديق على هذا الحكم بالقرار المطعون فيه.
وكانت المحكمة العسكرية قد أقامت قضاءها على التقارير الفنية الواردة من المعامل بالإدارة العامة للخدمات الطبية ومركز السموم الإكلينيكي بمستشفيات جامعة عين شمس التي أثبتت وجود الجوهر المخدر في دماء نجل الطاعن وكذلك ما أقر به هذا الطالب من تعاطيه المخدر بتدخينه سيجارة محشوة به, ومن ثم فإن هذا القرار يكون- بحسب الظاهر من الأوراق - قد صدر مطابقًا للقانون لصدوره ممن يملك إصداره قانونًا وذلك بناءً على ما قدرته الجهة الإدارية من عدم صلاحية نجل الطاعن للاستمرار بالكلية وتخرجه منها ليسند إليه المسئوليات والمهام التي ترجوها منه, الأمر الذي يكون معه هذا القرار غير مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغائه مما ينتفي معه ركن الجدية المتطلب للحكم بوقف تنفيذه وذلك دونما حاجة إلى استظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه ولا ينال من سلامة القرار المطعون فيه تلك الشهادة المؤرخة 11/ 10/ 2003 الصادرة من المعامل المركزية لوزارة الصحة بنتيجة تحليل بول نجل الطاعن والتي تثبت خلو دمه من أية مادة مخدرة ذلك أن هذا التحليل مؤرخ 11/ 10/ 2003 بينما التحليل الذي أجرى بمعرفة تلك المعامل تم بتاريخ 29/ 11/ 2002 والذي أثبت وجود الجوهر المخدر في دمائه وبوله وقد مضت مدة حوالي أحد عشر شهرًا بين التحليلين مما يمكن دماء الطالب المذكور وبوله من التخلص من الجوهر المخدر, الأمر الذي يتعين معه طرح التقرير المؤرخ 11/ 10/ 2003 جانبًا وعدم التعويل عليه.
كما لا ينال من سلامة القرار المطعون فيه ما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه من أنه تم إجراء التحقيق مع نجله بشأن الواقعة المنسوبة إليه قبل ورود نتيجة تحليل عينة بوله مما يصم هذا التحقيق وكذا قرار إحالته إلى المحكمة العسكرية وصدور القرار المطعون فيه بالبطلان ذلك أن مجال إثبات هذا الادعاء هو الطعن فيه بالبطلان ذلك أن مجال إثبات هذا الادعاء هو الطعن بالتزوير على تاريخ إجراء التحقيق وكان هذا الطريق متاحًا أمام الطاعن ولم يسلكه الأمر الذي يتعين معه طرح هذا الدفاع لكونه قد جاء مرسلاً خاليًا من الدليل عليه.
كما أنه ليس صحيحًا ما نعاه الطاعن من أن اعتراف ابنه بتدخينه سيجارة محشوة بالبانجو كان تحت إكراه بدني وعضوي وقع عليه عندما أودع زنزانته منفردًا إذ الثابت أن الطالب المذكور قد اعترف بإرادته بأنه تعاطي الجوهر المخدر ولم يقدم الطاعن دليلاً من الأوراق على وقوع نجله تحت إكراه مادي أو معنوي لأن مجرد إيداعه الزنزانة منفردًا لا يرقى إلى مستوى الإكراه المادي أو المعنوي, الأمر الذي يتعين معه طرح هذا الدفاع جانبًا وعدم التعويل عليه.
كما أنه ليس صحيحًا ما نعاه الطاعن في قرار المحكمة العسكرية من إهدار مبدأ المساواة بين نجله وزملائه الذين تم أخذ عينات من بولهم في التاريخ نفسه وثبوت احتواء دمائهم على الجوهر المخدر إذ في الوقت الذي أصدرت فيه المحكمة قرارها المطعون فيه متضمنًا فصل نجله بسبب هذا الاتهام فإنها منحت بعض الطلبة الذين ثبت ارتكابهم ذات المخالفة الانضباطية فرصة أخرى لتحليل بولهم وذلك بعد مضي مدة معينة ولم تنهج المحكمة العسكرية هذا النهج مع نجله بل أصدرت قرارها من أول وهلة بفصله من الكلية, إذ أن المسلم به أن لجهة الإدارة سلطة تقديرية في وزن كل حالة على حدة لتقييم مدى صلاحية الطالب للاستمرار بالكلية وتحمل أمانة الوظيفة المنوط بها بعد تخرجه منها وذلك طالما خلا هذا التقدير من عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها وهو من العيوب القصدية التي تشوب الإرادة والتي لا يمكن القول به إلا من خلال دليل ثابت بالأوراق وهو ما خلا ملف الطعن منه.
وفضلاً عن ذلك فإن الطلبة الذين يقصدهم الطاعن ليسوا طلابًا بالفرقة الثالثة بكلية الشرطة مع نجله ولكن كما ذكرت الجهة الإدارية في معرض دفاعها بأن هؤلاء الطلبة من طلاب الفرقة الأولى وهم أحدث عهدًا بنظام الضبط والربط المطبق بكلية الشرطة, وذلك عكس نجل الطاعن المقيد بالفرقة الثالثة, والمفروض فيه أنه قد ارتوى من نظم الضبط والربط وأكثر إلمامًا بها وأكثر حرصًا على احترامها على خلاف طلاب الفرقة الأولى الذين هم حديثو العهد بها, وبالتالي فإنه لا يحق للطاعن أن ينعى على القرار المطعون فيه بالعيب سالف الذكر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة المشار إليها, فمن ثم يكون قد صدر مطابقًا للقانون مبرءًا من كل عيب, الأمر الذي يكون الطعن عليه غير قائم على سند من القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا, وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.