أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 56 - صـ 59

جلسة 3 من يناير سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر السباعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجى عبد اللطيف، مصطفى أحمد عبيد وعبد الفتاح أحمد أبو زيد نواب رئيس المحكمة.

(10)
الطعن رقم 485 لسنة 69 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. قانون " القانون الواجب التطبيق ".
الشريعة الإسلامية القانون العام الواجب التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية. صدور الأحكام طبقًا للائحة ترتيب المحاكم الشرعية ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة. الاستثناء. الأحوال التى وردت بها قواعد خاصة للمحاكم الشرعية مخالفة للراجح من هذه الأقوال. عدم النص فى تلك القوانين على قواعد خاصة. وجوب الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة.
( 2، 3 ) أحوال شخصية " تطليق: التطليق خلعًا ". قانون " القانون الواجب التطبيق ". حكم " عيوب التدليل: مخالفة القانون ".
(2) دعوى التطليق خلعًا خضوع إجراءاتها للائحة الشرعية رقم 78 لسنة 1931. انطباق الشريعة الغراء بشأن القواعد الموضوعية. مقتضاه. للزوجة حق الطلاق إذا افتدت نفسها وردت للزوج ما دفعه لها من صداق وتنازلت عن حقوقها الشرعية دون اشتراط التراضى بين الزوجين.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تطليق الطاعنة خلعًا ورفض الدعوى تأسيسًا على أن الخلع عقد رضائى بين الزوجين لا يجبران عليه. مخالفة للشريعة الإسلامية.


1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الشريعة الإسلامية هى القانون العام الواجب التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الواجبة التطبيق تصدر الأحكام فيها طبقًا لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب الأمام ابى حنيفة، فيما عدا الأحوال التى وردت بها قواعد خاصة للمحاكم الشرعية تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال، فتصدر الأحكام فيها طبقًا لتلك القواعد ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى ارجح الأقوال من مذهب ابى حنيفة، وهو ما لا يجوز معه وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم فى مسألة من المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصًا فى القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكمًا اتفق عليه فقهاء المسلمين
2 – النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون 78 لسنة 1931 بإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أنه " تختص المحاكم الشرعية الجزئية بالحكم الابتدائى فى المنازعات فى المواد الآتية....، الطلاق والخلع والمباراة "، وفى المادة 24 من ذات القانون على أنه " ترفع الدعوى أمام المحكمة التى بدائرتها محل إقامة المدعى أو المدعى عليه إذا كانت من الزوجة أو من الأم الحاضنة فى المواد الآتية: 1 - ..... 2 - ..... 8 - الطلاق والخلع والمباراة " يدل على أن المشرع فى هذا القانون أورد رفع دعوى التطليق للخلع. أمام جهات القضاء المختصة، وأنه تطبق عليها الإجراءات الواردة فى هذه اللائحة، بما مفاداة حق الخصوم فى استعمال هذه الدعوى طبقًا للقواعد الموضوعية الواردة فى الشريعة الغراء والتى تقرر أن للزوجة حق الطلاق خلعًا إذا افتدت نفسها وردت للزوج ما دفعه لها من صداق وتنازلت عن حقوقها الشرعية قبله لقوله تعالى " لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتد ت به " وما رواه البخارى والنسائى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله ما أعيب عليه فى خلق ولا دين ولكن اكره الكفر فى الإسلام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، فقالت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وأن غالبية رأى الفقهاء على أن الخلع يكون بتراضى الزوجين فإذا لم يتم التراضى بينهما فللقاضى إلزام الزوج بالخلع.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تطليق الطاعنة ورفض دعواها على سند من أن الخلع عقد لا يتم إلا بالتراضى بين الزوجين دون إجبارهما عليه فإنه يكون قد خالف الشريعة الإسلامية باعتبارها هى القانون الواجب التطبيق على هذه المسألة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم...... لسنة 1998 كلى أحوال شخصية الزقازيق بطلب الحكم بتطليقها عليه خلعًا وقالت بيانًا لدعواها إنها زوج له بصحيح العقد الشرعى ولم يدخل عليها إلا أنه قد دب الخلاف بينهما مما نسب إليها وأسرتها ما يشينها الأمر الذى أوجد فى نفسها الكراهية والبغض وقد أبدت استعدادها لرد مقدم الصداق الذى دفعه لها ومصاريف إبرام عقد الزواج ومن ثم أقامت الدعوى , وبتاريخ 28/ 11/ 1998 حكمت المحكمة بتطليق الطاعنة على المطعون ضده طلقة بائنة خلعًا. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة 41 ق المنصورة " مأمورية الزقازيق " وبتاريخ 28/ 4/ 1999 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول إن التطليق للخلع مقرر فى الشريعة الإسلامية بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأقوال الفقهاء وكما ينعقد بالتراضى بين الزوجين ,
يجوز أن يقع بحكم القاضى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم
المستأنف ورفض الدعوى اعتمادًا على مجرد رأى فقهى يرى أن الخلع لا ينعقد إلا بالتراضى بين الزوجين ولا يجوز إجبارهما عليه فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الشريعة الإسلامية هى القانون العام الواجب التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الواجبة التطبيق تصدر الأحكام فيها طبقًا لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب الأمام أبى حنيفة، فيما عدا الأحوال التى وردت بها قواعد خاصة للمحاكم الشرعية تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال، فتصدر الأحكام فيها طبقًا لتلك القواعد ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى ارجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة،وهو ما لا يجوز معه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم فى مسألة من المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصًا فى القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكما أتفق عليه فقهاء المسلمين. لما كان ذلك , وكان النص فى المادة السادسة من المرسوم بقانون 78 لسنة 1931 بإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أنه " تختص المحاكم الشرعية الجزئية بالحكم الإبتدائى فى المنازعات فى المواد الآتية …..، الطلاق والخلع والمبارأة، وفى المادة 24 من ذات القانون على أنه " ترفع الدعوى أمام المحكمة التى بدائرتها محل إقامة المدعى أو المدعى عليه إذا كانت من الزوجة أو من الأم الحاضنة فى المواد الآتية:1 - .... 2 - .... 8 - الطلاق والخلع والمبارأة " يدل على أن المشرع فى هذا القانون أورد رفع دعوى التطليق للخلع. أمام جهات القضاء المختصة، وأنه تطبق عليها الإجراءات الواردة فى هذه اللائحة، بما مفاداه حق الخصوم فى استعمال هذه الدعوى طبقا للقواعد الموضوعية الواردة فى الشريعة الغراء والتى تقرر أن للزوجة حق الطلاق خلعًا إذا افتدت نفسها وردت للزوج ما دفعه لها من صداق وتنازلت عن حقوقها الشرعية قبله لقوله تعالى " لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " وما رواه البخارى والنسائى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله ما أعيب عليه فى خلق ولا دين ولكن اكره الكفر فى الإسلام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، فقالت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وأن غالبية رأى الفقهاء على أن الخلع يكون بتراضى الزوجين فإذا لم يتم التراضى بينهما فللقاضى إلزام الزوج بالخلع. لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تطليق الطاعنة ورفض دعواها على سند من أن الخلع عقد لا يتم إلا بالتراضى بين الزوجين دون إجبارهما عليه فإنه يكون قد خالف الشريعة الإسلامية باعتبارها هى القانون الواجب التطبيق على هذه المسألة بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه وكان البين من الأوراق أن الطاعنة قد أعلنت كراهيتها للمطعون ضده لما بدر منه من الإساءة إليها وإلى أسرتها رَسبت فى نفسها وقبل دخوله عليها بغضًا وكرهًا مما ينبئ عن أن الحياة الزوجية بينهما لا تقوم على السكن والمودة والرحمة وحسن المعاشرة وكانت الطاعنة قد ردت إليه الصداق المسمى والذى أعطاه لها مضافًا إليه مبلغًا على سبيل التعويض ومن ثم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم...... بتأييد الحكم المستأنف.