باسم الشعب
محكمة الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السادسة

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ادوارد غالب سيفين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى أحمد محمد الصباغ نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ أسامة محمود عبد العزيز نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ محمد البهنساوى محمد نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ حماد مكرم توفيق نائب رئيس مجلس الدولة وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتى
في الطعن رقم 6573 لسنة 55 ق. عليا

المقام من/

عصام الدين أحمد محمد عوف بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر/ هبة

ضـد

1 - دعاء محمد إبراهيم هدهود
2 - شيخ الأزهر "بصفته"
3 - وكيل وزارة التربية والتعليم بالشرقية "بصفته"
4 - مدير مدرسة الأوائل بالشرقية "بصفته"
5 - محافظ الشرقية "بصفته"
6 - وزير التربية والتعليم "بصفته"
طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - دائرة الإسماعيلية - فى الدعوى رقم 20499 لسنة 13 القضائية بجلسة 16/ 11/ 2008


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 12/ 1/ 2009 أودع الأستاذ/ عصام عبد العزيز الإسلامبولى - المحامى - المقبول للترافع أمام هذه المحكمة تقريراً بالطعن جرى قيده بقلم كتاب هذه المحكمة بالرقم الموضح بصدر هذا الحكم، مقرراً الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - دائرة الاسماعيلية - في الدعوى رقم 20499 لسنة 13 ق بجلستها المعقودة بتاريخ 16/ 11/ 2008، القاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى المصروفات وأميت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة وألزمت المدعى المصروفات.
وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانونى في الموضوع.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم والقرار محلاً الطعن مع تنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان. وفى الموضوع بإلغاء الحكم والقرار موضوع الطعن مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً: بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 54 المعدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 وتكليف الطاعن بإقامة الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا على النحو المقرر قانوناً بالمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأي القانونى في الطعن خلصت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وفي جلستها المعقودة بتاريخ 5/ 5/ 2009 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة "موضوع" لنظره أمامها بجلسة 1/ 7/ 2009
وإذ نظرت الدائرة السادسة - موضوع - الطعن الماثل بجلستها المعقودة بتاريخ 1/ 7/ 2009 فقد قررت تأجيل نظره إلى جلسة 2/ 7/ 2009 مع تكليف كلا الطرفين بتقديم مذكرة حول الدفع بعدم دستورية المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 معدلاً بالقانون رقم 126 لسنة 2008، وبجلسة 2/ 7/ 2009 أودع الطاعن مذكرة اختتمها بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وبوقف الدعوى، للطعن بعدم دستورية النص المذكور وأودعت المطعون ضدها مذكرة اختتمها بطلب الحكم برفض الطعن، وقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن إلى جلسة 8/ 7/ 2009 للاطلاع.
وبجلسة 8/ 7/ 2009 قررت المحكمة تأجير نظر الطعن إلى جلسة 7/ 10/ 2009 وأمهلت الطاعن مدة غايتها ثلاثة شهور اعتياراً من جلسة الأربعاء 8/ 7/ 2009 لإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للنظر في دستورية المادة 54/ 2 من قانون الطفل معدلاً بالقانون رقم 126 لسنة 2008 فيما تضمنته من أن تكون الولاية التعليمية للحاضن، وعند الخلاف......."
وبجلسة 7/ 10/ 2009 أودع الطاعن حافظة طويت على شهادة رسمية من جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد بأن الطاعن أقام أمام المحكمة الدستورية الدعوى رقم 1670 لسنة 31 قضائية دستورية بتاريخ 2/ 8/ 2009 يطعن فيها بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 معدلا بالقانون رقم 126 لسنة 2008، وبجلسة 28/ 10/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 8/ 11/ 2009 ومد أجل النطق بالحكم به إلى جلسة 2/ 12 2009 ثم إلى جلسة 9/ 12/ 2001 ثم إلى جلسة 23/ 12/ 2009 ثم إلى جلسة اليوم 30/ 12/ 2009 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وبوقف الدعوى إلى حين الفصل في دستورية المادة 54 من قانون الطفل معدلاً بالقانون رقم 126 لسنة 2008
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإن المحكمة تقضى بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه وبتاريخ 25/ 9/ 2006 أقام الطاعن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه بإيداع عريضتها - ابتداء أمام محكمة شرعي أسرة بندر الزقازيق قيدت بجدول تلك المحكمة برقم 7405 لسنة 2006 طالباً في ختامها الحكم بإلحاق ابنته/ هبة بالصف الثاني الابتدائي بالتعليم الأزهري بالزقازيق: وإلزام المدعى عليها الأولى - المطعون ضدها الأولى - المصروفات، "أسس المدعى دعواه على سند من أن المدعى عليها الأولى، مطلقته وحاضنة لابنتهما الصغيرة هبة التي أمضت مرحلة الحضانة في مدرسة اللغات التجريبية ثم الحقتها الحاضنة بمدرسة الأوائل الخاصة للغات، وأنه يرغب في إلحاق ابنته بالتعليم الأزهرى وترفض تلك الحاضنة رغم حصوله على أمر على عريضة يلزمُها بتقديم الصغيرة للاختبار الذي تقرر إجراؤه لالحاقها بالتعليم الأزهرى وامتنعت عن تنفيذ هذا الأمر وحالت بينه وبين إلحاق ابنته بالتعليم الذي يرغبه لها.
وفي جلستها المعقودة بتاريخ 27/ 3/ 2007 حكمت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية التي أحيلت إليها الدعوى - بعد تأييد الحكم استئنافياً - وقيدت بجداولها العام تحت رقم 2099 لسنة 13 ق وجرى تداولها أمامها، حيث أبدى المدعى – الطاعن - طلباته الختامية بعريضة معلنة وهي وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن تحويل ابنته هبة من الصف الرابع الابتدائى بمدرسة الأوائل الابتدائية الخاصة بالزقازيق إلى نفس الصف الدراسي بالمعهد الأزهري الابتدائي لغات النموذجى بمدينة الزقازيق وما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان.
وفي جلستها المعقودة بتاريخ 16/ 11/ 2008 قضت محكمة القضاء الإدارى - دائرة الاسماعيلية - في الدعوى بحكمها المطعون عليه القاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وألزمت المدعى المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانوني في موضوعها، وأسست المحكمة قضاءها المذكور على أن المادة 54/ 2 من قانون الطفل رقم 12/ 1996 معدلة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 تقضي بأن تكون الولاية التعليمية على الطفل الحاضن، وأنه لما كانت المدعى عليها - المطعون ضدها الأولى - هي حاضنة الطفلة ولم تتقدم بطلب لتحويل المحضونة إلى المعهد الأزهرى ولا ترغب في ذلك، وأن طلب التحويل جرى تقديمه من المدعى - الطاعن الذى هو والد الطفلة وليس حاضناً لها فإن قرار رفض هذا الطلب يكون متفقاً من حيث الظاهر من الأوراق وأحكام القانون، وينتفي بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه بما لا حاجة معه إلى استظهار ركن الاستعجال، وعليه أصدرت المحكمة قضاءها المتقدم المطعون عليه.
ومن حيث إن الطاعن لم يرتض ذلك القضاء فأقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم الطعين.
أولاً: الخطأ في فهم القانون وتطبيقه من حيث تطبيقه لقاعدة قانونية لا تنطبق على واقعات الدعوى الصادر فيها الحكم، ذلك أن واقعات الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين تعود إلى العام 2005 حينما استصدر الطاعن أمراً على عريضة يتضمن إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الطفلة هبة للامتحان المقرر أداؤه بالمعهد الأزهرى النموذجى بالزقازيق لإلحاقها به، ثم أقام دعواه - الصادر فيها الحكم المطعون عليه بإيداع عريضتها بتاريخ 25/ 9/ 2006 ولم يكن في هذا التاريخ قد صدر بعد القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل قانون الطفل الذى أقامت المحكمة قضاءها استناداً إليه، بل كان يحكم النزاع القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2005 وكان يتعين إعمال أحكام هذا القانون بحسبانه الواجب التطبيق وليس قانون الطفل المعدل الذي صدر في 15/ 6/ 2008 متضمناً معنى جديد للولاية وجعلها للمرأة الحاضنة، ومن ثم فإن الحكم المطعون عليه خالف أحكام القانون عندما طبق قانوناً على واقعات بأثر رجعى ما كان ينبغى أن يكون هو القانون المطبق عليها وهو بذلك أهدر الحقوق المكتسبة للطاعن وأخل بالقواعد الدستورية التي جعلت تقرير رجعية القوانين رهيناً بنص خاص في قانون، أي جعل هذه الرخصة التشريعية الاستثنائية ذات الخطر البالغ من اختصاص السلطة التشريعية وحدها - ثانياً: مخالفة القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون الطفل، الذى شيدت عليه المحكمة حكمها الطعين لأحكام الدستور في المواد: 2، 9، 10، 11، 12 منه التي جعلت مبادئ الشريعية الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وأوجبت على الدول: بأن تكفل الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد كيما تكون الأسرة، التي هي أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق الوطنية، وألزمت الدولة كذلك بأن تعمل على التمكين للتقاليد المصرية الأصيلة والتراث التاريخى للشعب، ذلك أن قانون الطفل المعدل إذ نقل الولاية التعليمية على الطفل من وليه الطبيعى إلى الحاضنات من ؟؟؟ قد خالف أصلاً من الأصول الراسخة والمفاهيم المستقرة في الشريعة الإسلامية ولدى المجتمع وعصف بحق الأب كولي طبيعي في أن يحدد مصير أبنائه وطريقة تكوينهم وإعداد ثقافتهم وعليه خلص الطاعن إلى الحكم بالطلبات المزيل بها تقرير الطعن.
ومن حيث إنه وعما ينعاه الطاعن على الحكم الطعين من الخطأ في تطبيق القانون لاستناده إلى نص قانوني لا يحكم واقعة النزاع وأعمل هذا النص بأثر رجعي على وقائع اكتملت عناصرها قبل صدوره فهو نعي سديد، ذلك أن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز التي تقع تحت سلطانه أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه وهذا هو مجال تطبيقه الزمنى، ويسرى القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تمت بعد نفاذه ولا يسرى بأثر رجعي على الوقائع أو المراكز القانونية التي تقع وتتم قبل نفاذه إلا بنص صريح يقرر الأثر الرجعي، وعليه فإن مشروعية القرار الإدارى إنما توزن بمجموع النصوص القانونية الحاكمة والظروف والأوضاع القائمة وقت صدوره دون تلك التي تطرأ بعد ذلك، بحيث ينظر في تقدير مشروعية القرار إلى الملابسات التي أحاطت به وقت صدوره ومدى تأثيهرا في تصرف جهة الإدارة حين ذاك، فإن كانت تبرر هذا التصرف وتفضى مادياً وقانونياً إلى النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة وكان القرار سليماً وقائماً على سببه الصحيح وإلا كان معيباً، إذ العبرة في كون القرار صحيحاً أو غير صحيح هو بكونه كذلك وقت صدوره لا بما يجد بعد ذلك من نصوص أو وقائع من شأنها أن تغير وجه الحكم عليه، فلا يسوغ في مقام الحكم على مشروعية القرار ومدى سلامته، جعل أثر للظروف أو النصوص اللاحقة المستجدة ينعطف على الماضي لإبطال قرار صدر صحيحاً أو تصحيح قرار قد صدر باطلاً في حينه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن ابنة الطاعن كانت مقيدة بالمستوى الثانى رياض الأطفال في العام الدراسى 2004/ 2005 بمدرسة الزقازيق التجريبية للغات بنات التابعة لإدارة غرب الزقازيق التعليمية، واجتازت هذه السنة بنجاح وأصبحت مؤهلة للانتقال إلى المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسى. وطلب الطاعن من إدارة هذه المدرسة الموافقة على نقلها إلى الصف الأول الابتدائى بالتعليم الأزهرى بمعهد الزقازيق الأزهرى النموذجى، حيث حصل على موافقة هذا المعهد لإلحاق ابنته به، وإزاء رفض هذه المدرسة تمكن الطاعن من سحب أوراق ابنته وإلحاقها بالصف الأول الابتدائي بالتعليم الأزهري بالزقازيق فقد وجه إنذاراً على يد محضر بتاريخ 13/ 7/ 2005 إلى المدرسة التجريبية للغات بالزقازيق، أشار فيه إلى أنه الولي الطبيعي لابنته وأنه يرغب في توجييها إلى التعليم الأزهرى إلحاقها بالصف الأول الابتدائى بهذا التعليم اعتباراً من العام الدراسى 2005/ 2006 وطلب تمكينه من سحب أوراقها لتقديمها إلى المعهد الدينى الأزهرى النموذجى للغات بالزقازيق الذى جدد يومى 20، 21/ 7/ 2005 موعدا لمقابلة الأبنة، غير أن إدارة المدرسة استعصت برفضها وامتنعت عن الموافقة على تحويله ابنة الطاعن إلى المعهد الأزهرى النموذجى بالزقازيق، وتمسكت تلك المدرسة والإدارة التابعة لها بقرارها رفض الموافقة على تحويل ابنة الطاعن رغم أن الإدارة العامة للشئون القانونية" إدارة الفتوى والتشريع" بوزارة التربية والتعليم أعدت مذكرة في الموضوع - بناء على شكوى الطاعن - خلصت فيها إلى حق الأب باعتباره الولي الطبيعي في اختيار نوع التعليم ومستواه الذى يرغب فيه لأبنائه حتى ولو كان الأبن في حضانة الأم طالما أنه اختار مدرسة تقع في محل إقامة الحاضنة، وأشار هذا الإفتاء إلى فتوى إدارة الفتوى لوزارة التربية والتعليم بمجلس الدولة رقم 178 بتاريخ 14/ 3/ 2005 ملف رقم 18/ 21/ 560 وإلى فتوى دار الإفتاء المصرية رقم 31/ 166 في 26/ 1/ 2004 المنضمنتان أن الأب هو صاحب الولاية الكاملة على الصغير وله السلطة على ابنائه في اختيار المدارس والتعليم وأي شيء يتعلق بالصغير حتى وإن كان في حضانة الأم التي لها الرعاية والاعتناء بالصغير "حافظة مستندات الطاعن المقدمة - أمام القضاء الإدارى - بجلسة 19/ 10/ 2008" وهو الأمر الذى لجأ معه الطاعن إلى إقامة دعواه الصادر فيها الحكم المطعون عليه بإيداع عريضتها بتاريخ 25/ 6/ 2006، مختصماً قرار الجهة الإدارية برفض تحويل ابنته إلى التعليم الأزهرى الذى يرومه لها.
فالحاصل، هديا بما تقدم، أن قرار امتناع الجهة الإدارية المطعون ضدها "الثالث، الخامس، السادس" عن الموافقة على تحويل ابنة الطاعن إلى التعليم الأزهرى، كان قبل صدور القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل قانون الطفل الذى جعل الولاية التعليمية على الطفل المحضون للحاضنة، أما عند صدور ذلك القرار المطعون عليه واكتمال عناصره، فكان المستقر عليه في ظل أحكام القانون رقم 25 لسنة 1929 معدلاً بالقانون 100 لسنة 1985، أن الولاية كاملة على النفس هي للأب ومن بعده الجد ثم على ترتيب العصبات وفقاً لأحكام الميراث.
وأن وجود الولد أو البنت في يد الحاضنة سواء قبل بلوغهما سن انتهاء الحضانة أم بعدها - وعلى ما تضمنته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1985 - لا يغل يد والدهما عنهما ولا يحد من ولايته الشارعية عليهما فإن عليه مراعاة أحوالهما وتدبر أمورهما وولايته عليهما كاملة وإنما يد الحاضنة للحفظ والتربية والقيام بالضروريات التي لا تحتمل التأخير، وقد تواترت - في ظل ذلك - أحكام المحكمة الدستورية العليا المؤكدة على أن الولاية على النفس والولاية على المال هما ولايتان ثابتتان للعصبة من الرجال، أما الحضانة فهي ولاية للتربية غايتها فقط الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه التي لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهم الحق في تربيته شرعاً" في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 169 لسنة 19 قضائية دستورية بجلسة 3/ 7/ 1999، مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا جـ 9 ص 328"
ومن حيث إنه ومن جماع ما تقدم فإن القرار المطعون عليه، حين صدوره، لم يكن يظاهره سند من نصوص القانون أو أحكام المحاكم أو افتاء جهات الافتاء القانونية أو الشرعية، الأمر الذى يصمه، من حيث الظاهر من الأوراق، بعيب مخالفة القانون فضلاً عن إساءة استعمال السلطة والانحراف بها، إذ في الوقت الذى امتنعت فيه الجهة الإدارية عن قبول تحويل ابنة الطاعن بناء على طلبه إلى المعهد الأزهرى النموذجى بالزقازيق، حال كونه الولي الطبيعي على ابنته وله الحق الكامل في ممارسة هذه الولاية عليها، واخص مظاهرها في هذه المرحلة اختيار نوع التعليم الذى يختاره لابنته المشمولة بولايته، في هذا الوقت الذى رفضت فيه تلبية طلب الولي الشرعى، إذ هي تستجيب إلى طلب الحاضنة وتوافق، بناء على رغبتها على تحويل الابنة المحضونة إلى إحدى المدارس الخاصة للغات وهي مدرسة الأوائل الخاصة للغات بالزقازيق في ذات العام الدراسى 2005، 2006 حيث ألحقتها الحاضنة بالصف الأول الابتدائى بهذه المدرسة الخاصة، ولما كان الأمر كذلك، وكان الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون عليه صدر مخالفاً لأحكام القانون عاصفاً بالولاية الشرعية الثابتة للطاعن، ومهدراً لحقه في اختيار نوع التعليم الذى يرومه لابنته، فإن ركن الجدية في طلب ذاك القرار يغدو متوافرا، لا سيما وأن رغبة الطاعن في إلحاق ابنته بالتعليم الأزهرى لا يتعارض ولا ينال من حق الحاضنة - المطعون ضدها الأولى - في ممارسة حقها في الحضانة، إذ أن الظاهر من الأوراق أن المعهد الأزهرى النموذجى للغات يقع في ذات المدينة التي تقيم فيها الحاضنة ومعها محضونتها الصغيرة، فضلاً عن نوع الدارسة المتميزة التي يلقاها التلاميذ في مثل هذه المعاهد الأزهرية النموذجية للغات، كما أنه لا ريب في توافر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه والمتمثلة في المساس بحق الطاعن وابنته في الالتحاق بالتعليم الأزهرى في الوقت المناسب الذي تستطيع فيه الطفلة متابعة الدروس ذات الطبيعة الخاصة التي ليس لها نظير في التعليم العام، هذا فضلاً عن أن البادى من قواعد التحويل إلى المعاهد الأزهرية - المرفقة بالأوراق - أنه لا يتسنى قبول التلامييذ في هذه المعاهد إذا ما تجاوز التلميذ الصف الأول الإعدادى حيث يشترط لقبول التحويل أن يكون التلميذ مقيداً في أي من فرق المرحلة الابتدائية أو الصف الأول الإعدادي، الأمر الذي يتوافر معه ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، إذ بلغت الطفلة نجلة الطاعن الصف الرابع الابتدائى حالياً، ومقتضى ما سلف إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه قام على سنده المقرر له قانوناً، وتوافر له ركناه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون عليه إلى غير هذا المذهب فإن المحكمة لتقضى بإلغائه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها الحاق ابنة الطاعن بمعهد الزقازيق الأزهرى النموذجى للغات في ذات الفرقة الدراسية التي بلغتها حالياً في التعليم الخاص بمدرسة الأوائل بالزقازيق.
ومن حيث إنه لا ينال من هذا القضاء، بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه، أن هذه المحكمة - بهيئة مغايرة - سبق أن صرحت للطاعن بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا طعناً على ما تضمنه القانون رقم 126 لسنة 2001 بتعجيل قانون الطفل من عقد الولاية التعليمية على الطفل المحضون لحضانته، حيث أقام فعلا ً الدعوى الدستورية رقم 167 لسنة 31 قضائية دستورية بإيداع عريضتها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2/ 8/ 2009، ذلك أن أحكام مجلس الدولة سواء أحكام محكمة القضاء الإدارى أم أحكام المحكمة الإدارية العليا وما انفك استقرارها على أنه لا تعارض بين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه. متى قامت موجباته من توافر ركنى الجدية والاستعجال، وبين إحالة أوراق الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية بعض النصوص المراد تطبيقها على موضوع النزاع، إذ لكل القضائين مجاله الذى لا يختلط بالآخر، فالأول خاص بالطلب المستعجل وهو يقوم على ركنى الجدية والاستعجال ومتى توافر قضى بوقف تنفيذ القرار، بل أنه يكفي لتوافر ركن الجدية أن تكون النصوص القانونية التي استند إليها القرار المطعون عليه، بحسب الظاهر من الأوراق ودون تغلغل في الموضوع، مشكوكاً في دستوريتها، أو يرجح في نظر المحكمة أنها غير دستورية، مما يرجع معه الحكم بعدم دستوريتها، ومن ثم بإلغاء القرار المطعون فيه عند نظر الموضوع ، أما الثاني فخاص بالفصل في موضوع الدعوى، وهو طلب إلغاء القرار المطعون عليه، وذلك يتوقف على الفصل في المسألة الدستورية.
يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2742 لسنة 29 قضائية عليا، بجلسة 4/ 3/ 1984، مجموعة المبادئ التي قررتها هذه المحكمة السنة 29 العدد الثاني ص 791"
كما لا ينال من ذلك القضاء خصومة الطعن الماثل مقصورة على الطلب العاجل فقط، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الطعن أمامها يثير المنازعة برمتها أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكم القانون على المنازعة التي كانت مطروحة على المحكمة الصادر منها الحكم الطعين، وإذ كان طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه يرتبط ارتباطا جوهرياً بطلب الإلغاء فهو فرع من طلب الإلغاء، ولا يتسنى قبوله إذ أبدى منفرداً عن طلب الإلغاء، ومن ثم فإن الفصل في مدى دستورية النصوص المقام بشأنها من الطاعن الدعوى الدستورية رقم 167 لسنة 31 قضائية دستورية المشار إليها، إنما ينصب أثره على طلب لإلغاء لدى نظره للفصل فيه من محكمة القضاء الإدارى الصادر منها الحكم المطعون عليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون عليه وبوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب وألزمت المطعون ضدهم من الثانى حتى السادس المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلى علنا بجلسة يوم الأربعاء الموافق 13 من محرم لسنة 1431 هـ والموافق 30/ 12/ 2009م

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة