أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 532

جلسة 26 من أكتوبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ عمار إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاطف عبد السميع، محمد عيد سالم، منصور القاضى نواب رئيس المحكمة ومحمود قزامل.

(82)
الطعن 19061 لسنة 66 القضائية

(1) كفالة. نقض "إجراءات الطعن".
ثبوت عدم سداد المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية الكفالة المبينة بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أو إعفاءه منها. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) موظفون عموميون. دعوى جنائية "قيود تحريكها". التسبب خطأ فى إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الدولة. قانون "تفسيره ".
وجوب أخذ رأى الوزير المختص قبل إقامة الدعوى الجنائية فى الجريمتين المنصوص عليهما بالمادتين 116 مكررًا ( أ )، 116 مكررًا (ب) من قانون العقوبات. أساس وعلة ذلك؟
(3) قانون "تفسيره".
اعتبار عبارة القانون تعبيرًا صادقًا عن إرادة الشارع متى كانت واضحة لا لبس فيها 0 الانحراف عنها بالتفسير أو التأويل. غير جائز.
(4) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها قبل أخذ رأى الوزير المختص فى الجريمتين المنصوص عليهما بالمادة 73 من القانون رقم 97 لسنة 1980. جوهرى. إغفال الحكم الرد عليه. خطأ فى تطبيق القانون. يوجب نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى. أساس ذلك؟
مثال.
1 - من المقرر أن الطاعن وهو محكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية لم يثبت أنه قام بسداد الكفالة المقررة أو أعفى من سدادها حتى نظر الطعن خلافًا لما توجبه المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول طعنه شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى ورد عليه فى قوله: "...... وعملاً بالمقرر قانونا ومؤدى نص المادة 53 ق 203 لسنة 1991 أنه لا يجوز إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة فى الجرائم المشار إليها فى المواد 116 مكررًا، 116 مكررا ( أ )، 116 مكررًا (ب) من قانون العقوبات بالنسبة لأعضاء مجالس إدارات الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بناء على أمر من النائب العام أو النائب العام المساعد أو المحامى العام الأول........ وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق وذلك من كتاب نيابة استئناف...... مكتب المحامى العام الأول المؤرخ 13/ 11/ 1993 والمرفق بالأوراق والمتضمن الموافقة على تقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية..... " 0 لما كان ذلك، وكانت المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 المعمول به وقت رفع الدعوى تنص على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية فى الجرائم المشار إليها فى المادتين 116 مكررا ( أ )، 116 مكررا (ب) من قانون العقوبات على أعضاء مجالس إدارات الهيئات المختصة والشركات التى تشرف عليها إلا بناء على إذن من النائب العام بعد أخذ رأى الوزير المختص " وكان مؤدى النص سالف الذكر إن المشرع حدد فى صراحة ووضوح لا لبس فيه بضرورة أخذ رأى الوزير المختص قبل إقامة الدعوى الجنائية فى الجريمتين المشار إليهما فيه، وقد جاء نص المادة 73 سالف البيان صريحًا مطلقًا وقاطعًا فى الدلالة على هذا القيد الإجرائى الذى يجب مراعاته، والقول بغير ذلك يفرغ القيد التشريعى من مضمونه ويجعله عبثًا يتنزه المشرع عنه.
3 - من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك، وأنه لا محل للإجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
4 - لما كانت المادة 73 آنفة الذكر بصريح لفظها ووضوح معناها على أن القيد الإجرائى الوارد بها أى أخذ رأى الوزير المختص هو عائق إجرائى يختص بإزالته أخذ رأى الوزير وإن كان لا اختصاص له بتحريك أو رفع الدعوى الجنائية إلا أنه يجب إتباعه من قبل النيابة العامة قبل إقامة الدعوى الجنائية، والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التى تغياها المشرع من وضع هذا القيد، وذلك أخذًا بمبدأ المواءمة والملائمة بين ما يسند إلى المتهم وبين إقامة الدعوى الجنائية قبله إذ إن الجهة الإدارية هى وحدها التى تقدر مناسبة ذلك من عدمه، ولما قدره المشرع من أن هناك بعض الجرائم ذات طبيعة خاصة لاتصالها بمصالح الدولة الجوهرية والتى تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك ورفع الدعوى من عدمه وتكون جهات أخرى غير النيابة العامة أقدر على إجراء تلك الموازنة ومن ثم فقد ترك لها تقدير ذلك معلقًا تحريك الدعوى ورفعها على الرأى أو الإذن أو الطلب وقد حدد المشرع تلك الجرائم والجهة المنوط بها رفع القيد وتقديرها لملابسات تحريك الدعوى ورفعها من عدمه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخلص بما أورده فى مدوناته إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون دون أن يفطن إلى أن القانون 203 لسنة 1991 صدر وعمل به بعد تحريك الدعوى قبل الطاعنين، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون الأمر الذى يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانونى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وصحة اتصال المحكمة بالواقعة وذلك إلى أن تتوافر لها الشروط التى فرضها المشرع لقبولها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم: بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس مجلس إدارة شركة...... والثانى رئيس القطاع التجارى والثالث مدير عام تسببوا بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعملون بها بأن كان ذلك ناشئًا عن إهمالهم فى أداء وظيفتهم بأن لم يتخذوا الإجراءات الكفيلة بالتصرف فى كميات الدواجن الواردة للشركة فى الوقت المناسب وقبل أن تتعرض للتلف مما ألحق بالشركة سالفة الذكر ضررًا جسيمًا بلغت قيمته 500.000 جنيه " خمسمائة ألف جنيه " وطلبت عقابهم بالمادة 116 مكررًا ( أ ) من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح..... قضت حضوريًا عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ.
استأنفوا ومحكمة..... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابيًا للثالث بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وحضوريًا للأول والثانى بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل منهما خمسمائة جنيه.
عارض المحكوم عليه الثالث وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بتغريمه خمسمائة جنيه.
فطعن الأستاذ...... المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض......... إلخ.


المحكمة

أولاً عن الطعن المقدم من الطاعن الثالث.....
من حيث إن الطاعن وهو محكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية لم يثبت أنه قام بسداد الكفالة المقررة أو أعفى من سدادها حتى نظر الطعن خلافًا لما توجبه المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول طعنه شكلاً 0
ثانيًا: عن الطعن المقدم من الطاعنين ..... و.....
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة التسبب خطأ فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الشركة التى يعملان بها الأول رئيس مجلس الإدارة والثانى عضو مجلس الإدارة، قد شابه البطلان والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن إطرح دفعهما بعدم قبول الدعوى الجنائية قبلهما لرفعها بغير الطريق القانونى لعدم استطلاع رأى الوزير المختص عملاً بنص المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 برد غير سائغ، لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى ورد عليه فى قوله: "...... وعملاً بالمقرر قانونا ومؤدى نص المادة 53 ق 203 لسنة 1991 أنه لا يجوز إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة فى الجرائم المشار إليها فى المواد 116 مكررًا، 116 مكررا ( أ )، 116 مكررًا (ب) من قانون العقوبات بالنسبة لأعضاء مجالس إدارات الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بناء على أمر من النائب العام أو النائب العام المساعد أو المحامى العام الأول...... وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق وذلك من كتاب نيابة استئناف...... مكتب المحامى العام الأول المؤرخ 13/ 11/ 1993 والمرفق بالأوراق والمتضمن الموافقة على تقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية..... ". لما كان ذلك، وكانت المادة 73 من القانون 97 لسنة 1983 المعمول به وقت رفع الدعوى تنص على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية فى الجرائم المشار إليها فى المادتين 116 مكررا ( أ )، 116 مكررا (ب) من قانون العقوبات على أعضاء مجالس إدارات الهيئات المختصة والشركات التى تشرف عليها إلا بناء على إذن من النائب العام بعد أخذ رأى الوزير المختص " وكان مؤدى النص سالف الذكر إن المشرع حدد فى صراحة ووضوح لا لبس فيه بضرورة أخذ رأى الوزير المختص قبل إقامة الدعوى الجنائية فى الجريمتين المشار إليهما فيه، وقد جاء نص المادة 73 سالف البيان صريحًا مطلقًا وقاطعًا فى الدلالة على هذا القيد الإجرائى الذى يجب مراعاته، والقول بغير ذلك يفرغ القيد التشريعى من مضمونه ويجعله عبثًا يتنزه الشارع عنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، وقد دلت المادة 73 آنفة الذكر بصريح لفظها ووضوح معناها على أن القيد الإجرائى الوارد بها أى أخذ رأى الوزير المختص هو عائق إجرائى يختص بإزالته أخذ رأى الوزير وإن كان لا اختصاص له بتحريك أو رفع الدعوى الجنائية إلا أنه يجب اتباعه من قبل النيابة العامة قبل إقامة الدعوى الجنائية، والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التى تغياها المشرع من وضع هذا القيد، وذلك أخذًا بمبدأ المواءمة والملائمة بين ما يسند إلى المتهم وبين إقامة الدعوى الجنائية قبله إذ إن الجهة الإدارية هى وحدها التى تقدر مناسبة ذلك من عدمه، ولما قدره المشرع من أن هناك بعض الجرائم ذات طبيعة خاصة لاتصالها بمصالح الدولة الجوهرية والتى تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك ورفع الدعوى من عدمه وتكون جهات أخرى غير النيابة العامة أقدر على إجراء تلك الموازنة ومن ثم فقد ترك لها تقدير ذلك معلقًا تحريك الدعوى ورفعها على الرأى أو الإذن أو الطلب وقد حدد المشرع تلك الجرائم والجهة المنوط بها رفع القيد وتقديرها لملابسات تحريك الدعوى ورفعها من عدمه 0 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخلص بما أورده فى مدوناته إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون دون أن يفطن إلى أن القانون 203 لسنة 1991 صدر وعمل به بعد تحريك الدعوى قبل الطاعنين، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون الأمر الذى يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانونى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وصحة اتصال المحكمة بالواقعة وذلك إلى أن تتوافر لها الشروط التى فرضها المشرع لقبولها.