أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 578

جلسة 16 من نوفمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوى، عبد الرؤوف عبد الظاهر، عمر الفهمى وسمير سامى نواب رئيس المحكمة.

(90)
الطعن 8267 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "سقوط الطعن".
عدم تقدم الطاعنة لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليها قبل اليوم المحدد لنظر طعنها. أثره: سقوط الطعن.
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) دفوع "الدفع ببطلان القبض" "الدفع ببطلان الإجراءات". نيابة إدارية. قانون "تفسيره". دعوى جنائية "تحريكها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
القبض على عضو النيابة الإدارية واتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية قبله فى غير حالة التلبس. غير جائز. إلا بعد الحصول على إذن من المحامى العام. القبض فى حالة التلبس. يوجب إخطار المحامى العام ليندب أحد أعضاء النيابة العامة للتحقيق معه . أساس ذلك؟
مثال.
(4) رقابة إدارية.
اختصاص الرقابة الإدارية: الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء وبسبب مباشرتهم واجبات الوظيفة وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين وتمس واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة. أساس ذلك وشرطه؟
(5) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعى.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى. ما دام سائغا.
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(8) رشوة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله. موضوعى. ما دام سائغا.
(9) رشوة. جريمة "أركانها".
اختصاص الموظف الذى عرضت عليه الرشوة وحده بجميع العمل المتعلق بالرشوة. غير لازم. كفاية أن يكون له علاقة به أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة.
(10) رشوة. جريمة "أركانها".
تحقق جريمة الرشوة فى حق الموظف ولو خرج العمل من دائرة وظيفته. شرط ذلك ؟
(11) رشوة. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتفاق الموظف وصاحب المصلحة على امتناع الموظف عن أداء عمل معين أو الإخلال بواجبات وظيفته. تنطبق عليه المادة 104 عقوبات سواء كان العطاء سابق أو معاصر أو لاحق. ما دام الامتناع أو الاخلال كان تنفيذا لاتفاق سابق. أساس وعلة ذلك؟
أداء الموظف عمله أو امتناعه عنه أو إخلاله بواجبات وظيفته دون اتفاق مع الراشى ومطالبته بمكافأته. تنطبق عليه المادة 105 عقوبات.
الدفاع القانونى ظاهر البطلان. التفات الحكم عن الرد عليه. لا يعيبه.
الجدل فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفى التهمة".
الدفع بنفى التهمة. موضوعى. لا يستوجب ردا خاصا. استفادة الرد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
(13) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعقب المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفات الحكم عنها. مفاده: اطراحها.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال.
1 - لما كانت الطاعنة..... وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة بكتابها المرفق لم تتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليها قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنها، فيتعين الحكم بسقوطه.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم بقالة القصور فى غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان القبض وتحريك الدعوى لعدم صدور إذن بهما لكونه رئيس نيابة إدارية فى قوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض وتحريك الدعوى بالنسبة للمتهم الأول لعدم الحصول على إذن من مجلس القضاء الأعلى فإن هذا الدفع فى غير محله ذلك أن المتهم الأول يتبع هيئة النيابة الإدارية ولا يتبع مجلس القضاء الأعلى حتى يأذن بالقبض عليه أو تحريك الدعوى الجنائية ضده ". وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كافيًا وسائغًا فى الرد على الدفع سالف الذكر ويتفق وصحيح القانون. هذا إلى أن المادة40 مكرر/ 2 من القانون رقم 12 لسنة 1989 بشأن تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 15 لسنة 1999 تنص على أنه " لا يجوز فى غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيًا أو اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بعد الحصول على إذن من المحامى العام المختص، وفى حالة التلبس يجب عند القبض على عضو النياية الإدارية أن يخطر المحامى العام المختص ليقرر حبسه أو الإفراج بكفالة أو بغير كفالة وذلك بعد تحقيق يندب لإجرائه أحد أعضاء النيابة العامة.". وكان يبين من استقراء النص المذكور أنه يوجب صدور إذن من المحامى العام المختص لاتخاذ الإجراءات المشار إليها فى النص قبل عضو النيابة الإدارية، وهو مالا يمارى الطاعن فى حصوله فى الدعوى. فإن ما ينعاه فى هذا الصدد لا يكون سديدًا.
4 - لما كانت الفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة 1969 تنص على أنه " مع عدم الاخلال بحق الجهة الإدارية فى الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص الرقابة الإدارية بالآتى..... (ج) الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها وكما تختص بكشف وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين والتى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابى من النيابة العامة قبل اتخاذ الإجراء وللرقابة الإدارية فى سبيل ممارسة الاختصاصات سالفة الذكر الاستعانة برجال الشرطة وغيرهم من رجال الضبطية القضائية وذوى الخبرة مع تحرير محضر أو مذكرة حسب الأحوال".وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن الرقابة الإدارية حررت محضرًا مؤرخًا 19/ 9/ 2000 مفاده أن التحريات السرية أسفرت عن صحة مضمون البلاغ محل الاتهام بشأن تدخل المدعو.... وشهرته.... فى التوسط فى رشوة الطاعن الأول عن الواقعة المبلغ عنها، وصدر الإذن من المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا لعضو الرقابة الإدارية بالمراقبة وتسجيل الأحاديث المتعلقة بتلك الواقعة استنادًا الى التحريات المذكورة، فإن الإذن يكون قد صدر صحيحًا ممن يملك إصداره إلى المختص بتنفيذه. ويكون النعى على الحكم فى هذا الوجه غير قويم.
5 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها فى هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن فى أن لها أصلاً ثابتًا بالأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وبصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه وبما تتوافر به أركان جريمة الرشوة وقيام الدلائل الكافية على مقارفة الطاعن لها، فإن ما يثيره الطاعن فى ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
8 - لما كان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت فى الأوراق؟
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته بما لا يجادل فيه الطاعن، أنه يعمل رئيسًا للنيابة الإدارية وهو موظف عام، وكان من المقرر أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير صحيح.
10 - من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته بشرط أن يعتقد خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم ذلك كذبًا وبصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم، إذ هو حينئذ يجمع بين اثنين الاحتيال والارتشاء.
11 - لما كان مفاد نصوص المواد 103، 104، 105 من قانون العقوبات أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على امتناع الموظف عن أداء عمل معين أو للإخلال بواجبات وظيفته انطبقت المادة 104 عقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا للامتناع أو الإخلال أو أن يكون العطاء لاحقا عليه ما دام أن الامتناع أو الإخلال كان تنفيذا لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر بدلالة تعمد الإخلال بواجب الوظيفة أما إذا أدى الموظف عمله أو امتنع عنه أو أخل بواجبات وظيفته دون أن يسبقه اتفاق مع الراشى على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ثم طالب بمكافأته إنطبقت المادة 105 من قانون العقوبات واذن يكون طلب وأخذ الرشوة على الصورة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعن وهو موظف عام وأن له قدرا من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة حسبما ورد بكتاب هيئة النيابة الإدارية المؤرخ 13/ 1/ 2001 فإن ما قارفه يعد إخلالاً بواجبات وظيفته فى حكم المادة 104 من قانون العقوبات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح ولا يكون للطاعن من بعد النعى على الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره من أنه غير مختص بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله وأن الواقعة تشكل الجريمة المقررة بالمادة 105 من قانون العقوبات، طالما أنه دفاع قانونى ظاهر البطلان، بالإضافة إلى أن ذلك لا يعدو أن يكون عودة للمنازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
12 - لما كان نفى التهمة وما ساقه الطاعن من قرائن بقالة تلفيق الاتهام، من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردًا طالما كان الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
13 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها، ومن ثم فإن النعى على الحكم إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفى التهمة يكون فى غير محله.
14 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التى اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع ترافع عن الطاعن دون أن يصر ضمن طلباته الأخرى بالبراءة على سماع الشاهد المذكور بوجه طعنه، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم أولاً المتهم الأول: " الطاعن " بصفته موظفا عموميًا - رئيس نيابة بهيئة النيابة الإدارية - طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل المكافأة لإخلاله بواجبات وظيفته بأن طلب لنفسه واخذ بواسطة المتهمين الثانى والثالث والرابعة من...... مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه لإصداره قرارًا فى التحقيقات التى أجراها فى موضوع الشكوى رقم..... سنة..... نيابة..... الإدارية الخاصة بمخالفات قانونية شابت ترخيص البناء رقم.... لسنة.... والصادر باسم الأخير بمجازاة مصدرى الترخيص المشار إليه إداريًا دون التوصية بإلغاء الترخيص أو تعديله على نحو يؤدى إلى عدم إزالة المبنى المنشأ بموجب هذا الترخيص. ثانيًا: المتهمة الرابعة " الطاعنة الثانية " وآخرين توسطوا فيما بين المتهم الأول وبين المبلغ...... الموظف لدى...... فى طلب وأخذ مبلغ الرشوة موضوع التهمة أولاً مقابل حصول المتهمين الثانى والثالث من الأخير على مبلغ خمسين الف جنيه نظير وساطتهما فى ذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وإحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا...... لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرر من قانون العقوبات وبعد إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة ,........... بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألفى جنيه عما نسب إليه. ثانيًا: بمعاقبة...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها ألفى جنيه عما أسند إليها. ثالثًا: ببراءة كل من المتهمين الثانى والثالث..... مما نسب إليهما.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول طعن...... شكلاً. ثانيًا: بقبول طعن...... شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات أمن الدولة.......... للفصل فيها مجددًا من دائرة أخرى بالنسبة له والمحكوم عليها الأخرى.
ومحكمة الإعادة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرر من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المحكوم عليه الأول بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألفى جنيه. ثانيًا: بمعاقبة المحكوم عليها الثانية بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها ألفى جنيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم للمرة الثانية بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة....... وفق ما أفصحت عنه النيابة العامة بكتابها المرفق لم تتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليها قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنها، فيتعين الحكم بسقوطه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وبطلان وخطأ فى تطبيق القانون. ذلك بأنه رد بما لا يصلح ردًا على الدفع ببطلان القبض عليه وتحريك الدعوى الجنائية ضده لعدم الحصول على الإذن المنصوص عليه فى المادتين 94 و 96 من قانون السلطة القضائية، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل والمراقبة والتحريات التى أجرتها الرقابة الإدارية لعدم اختصاصها بمباشرة أيا منها بالنسبة له، ورفض الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات التى سبقته مدللاً على ذلك بأن مستصدر الإذن لا يعرف شخص الطاعن ورقم هاتفه بما لا يؤدى إليه، ولم يورد الحكم مؤدى الأدلة التى عول عليها فى قضائه بالإدانة واكتفى بإيراد أقوال الشهود كما هى ثابتة بالأوراق دون أن يبين وجه استدلاله بها ولم يتضمن بيانًا كافيًا للأركان القانونية لجريمة الرشوة التى دانه بها وثبوتها فى حقه، وعول على أقوال الشهود رغم إقرارهم بالتحقيقات من عدم معرفتهم للطاعن وزوجته، وخلت الأوراق والتسجيلات مما يفيد طلب الطاعن لرشوة أو تحديد مبلغها أو تكليفه زوجته أو آخرين باستلامها حال توليه التحقيقات فى القضية رقم.... لسنة.... نيابة إدارية....... قبل إصداره لقرار فيها والذى عرضت عليه الرشوة من أجله وأن تلك الاتصالات والتسجيلات لم تبدأ إلا بعد إصدار قراره المشار إليه والذى عرض على رئاسته ووافقت عليه ولم يثبت إلغاؤه أو تعديله وعدم اختصاصه رغم ثبوت المخالفة بإصدار قرار بالإزالة لكون ذلك من اختصاص الجهة الإدارية وحدها، فضلا عن عدم انطباق مواد الاتهام على الواقعة لأنه بفرض طلب الطاعن لمكافأة لاحقة لصدور العمل دون اتفاق مسبق مع الراشى فإن الواقعة لا تشكل الجريمة المنصوص عليها فى المادتين 103، 104 من قانون العقوبات وإنما تشكل الجريمة المعاقب عليها بالمادة 105 عقوبات، والتفت الحكم عن دفاعه أنه غير مختص بالعمل الذى قيل بأخذ الرشوة من أجله، ولم يعرض لما أثاره من عدم وجود أية نقود فى الدعوى ودلالة ذلك تسليم النيابة المبلغ......... لتلك النقود قبل التحقيق معه ولم يتم عرضها عليها، واعتمد على أقوال... رغم تناقضها إذ قرر فى إحداها أن الطاعن طلب منه التوسط فى الرشوة وفى أخرى بأنه علم ذلك مصادفة وثالثة بحدوث تلك الواقعة أمام شخص يدعى....، ولم تستجب المحكمة لطلبه سماع شهادته، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: " أن المتهم..... رئيس النيابة الإدارية...... قد اختص بتحقيقات الشكوى رقم.... لسنة..... الخاصة بوجود مخالفات بشأن ترخيص البناء رقم.... لسنة..... الخاص ببناء فيلا على نهر النيل...... والمملوكة..... وانتهى التحقيق فيها إلى قيامه بإعداد مذكرة فى..... بمجازاة الموظفين مصدرى الترخيص دون الإشارة إلى ما يتبع بشأن إلغاء الترخيص أو إزالة المبنى وتم اعتماد رأيه هذا من رئاسته بذات التاريخ ثم حجب تصرفه هذا عن ذوى الشأن حتى التقى بالمدعو..... وشهرته..... والذى على علاقة أسرية بزوجة المتهم الأول المتهمة الثانية..... فأخبره المتهم الأول بموضوع التحقيق وأن صاحب الفيلا مليونير ويمكنه حفظ التحقيق لصالح مالك الفيلا وعدم إثارة إلغاء الترخيص أو إزالة الفيلا وذلك مقابل حصوله على مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه على سبيل الرشوة وطلب منه التوسط فى ذلك لدى المالك دون أن يخبره بما انتهى إليه التحقيق وتمكن....... من معرفة مقر الشركة عن طريق صديق له حيث أخبره أن مقر الشركة بشارع وادى النيل بدائرة........ فتوجه إليها وقابل مدير الشئون القانونية بها المدعو..... وعرض عليه وساطته لدى المتهم الأول لصدور قرار فى التحقيقات بعدم إزالة المبنى المذكور نظير مبالغ مالية تمكنه من الاتصال هاتفيا..... وهو المهندس المسئول عن مشروع إقامة الفيلا وأبلغه بالأمر وطلب منه مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه على سبيل الرشوة للمختص بإصدار القرار فى التحقيقات ومبلغ خمسين ألف جنيه نظير وساطته فأبلغ المهندس المذكور صاحب الشركة بما حدث فطلب منه الأخير إبلاغ الجهات المختصة فقام المهندس...... بإبلاغ..... عضو هيئة الرقابة الإدارية بما حدث فأجرى تحرياته عن موضوع هذا البلاغ والتى ضمنها محضره المؤرخ..... والتى أسفرت عن أن..... وشهرته..... يعمل فى مجال المقاولات بالقاهرة وبعض محافظات الوجه القبلى ومنها سوهاج وقنا ويقيم بالقاهرة ويتردد لمباشرة أعماله حاليا على مدينة الأقصر وأنه يقوم بأعمال الوساطة لرجال الأعمال لدى بعض المسئولين ومعروف عنه أنه يقوم بدفع مبالغ مالية على سبيل الرشوة عن أصحابها وكذا توصيل تلك المبالغ إلى بعض المسئولين وأنه على علاقة طيبة بالمتهم الأول ويقضيان أوقاتا كثيرة بالأماكن العامة والخاصة بدعوة من..... وأسفرت التحريات عن أن المتهم الأول يقوم بالتحقيق فى الشكوى رقم..... لسنة..... المتعلقة بالواقعة محل البلاغ وأن سمعته ليست فوق مستوى الشبهات ومعروف عنه سعيه لجمع المال واستغلال سلطة وظيفته فى ذلك نظير علاقاته بالآخرين عن طريق حفظ التحقيقات لهم والتدخل لدى زملائه أيضا مقابل حصوله على مبالغ مالية على سبيل الرشوة وأنه يتسم بالحرص فى التعامل مع أصحاب الشأن ولا يقوم بطلب أى مبالغ مالية مباشرة وإنما يقوم بتكليف بعض أصدقائه من غير ذوى الوظائف العامة لكى يطلبوا باسمه المبالغ المالية على سبيل الرشوة وأكدت التحريات صحة الواقعة من أن المتهم الأول طلب من المدعو..... أن يطلب رشوة من..... صاحب المشروع محل التحقيق رقم..... لسنة..... وأن..... سعى لتنفيذ ذلك وطلب من مهندس المشروع مبلغ ربع مليون جنيه إلى المتهم الأول وطلب لنفسه مبلغ خمسين ألف جنيه نظير وساطته وقد أشارت التحريات أن هذا الاتفاق موضوع البلاغ قد تم تنفيذه واستكمال حلقاته بين أطراف الواقعة من خلال التليفون رقم..... الذى يستخدمه....... والتليفون رقم..... كما تم تنفيذ هذا الاتفاق من خلال اللقاءات التى تتم بين أطراف الواقعة فى الأماكن العامة والخاصة وأن المهندس..... قد طلب وضع تليفونه المحمول رقم..... تحت المراقبة لأنه دائم التواجد خارج المنزل وبعرض تلك التحريات على نيابة أمن الدولة العليا فقد أصدرت الإذن فى..... الساعة 12 ظهرًا بندب أى من مأمورى الضبط القضائى المختصين فنيا بتسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات التى تدور بين.... وأى من..... و.... والتى تتم فى الأماكن العامة والخاصة وكذا مراقبة وتسجيل الاتصالات التليفونية التى تتم بينهم من خلال التليفونات سالفة الذكر خلال ثلاثين يومًا وأنه نفاذًا لذلك الإذن تم تسجيل الأحاديث واللقاءات والاتصالات التليفونية التى تمت بين المذكورين والتى كشفت عن توسط..... فى طلب المتهم الأول مبلغ الرشوة مقابل ما انتهى إليه تصرفه فى التحقيق..... لسنة..... فضلاً عن مبلغ خمسين ألف جنيه إلى..... نظير توسطه إضافة إلى توسط...... الضابط بالقوات المسلحة الذى استعان به..... فى التوسط للحصول على المبلغ مقابل الرشوة والوساطة كما كشفت التحريات عن علم المتهمة الثانية....... عن الواقعة موضوع البلاغ وكذلك عن طلب المهندس....... مقابلة المتهم الأول وتقديم ضمانات لكون مبلغ الرشوة والوساطة كبيرًا فطمأن..... بأنه يمكنه إحضار صورة من القرار الصادر فى التحقيقات ويظل معه فترة للتأكد من صحة دفع المبلغ، كما كشفت التحريات أن المتهمة الثانية هى زوجة المتهم الأول وأن التليفون رقم...... والذى اتصل به مركب بمحل..... إقامة زوجها المذكور بمركز قوص محافظة قنا وأكدت أيضا أن المتهم الأول يستخدم هذا التليفون فى اتصالاته بأطراف الواقعة لمتابعة ما يتم بشأنها وأن له محل إقامة آخر بمدينة الأقصر به تليفون رقم...... ويستعمله أيضًا فى الاتفاقات بشأن الواقعة محل البلاغ وقد طلب محرر التحريات تجديد الإذن سالف الذكر مع الإذن بتسجيل الأحاديث على الهاتفين سالفى الذكر مع الإذن بتسجيل الأحاديث عليهما، فصدر إذن نيابة امن الدولة العليا فى 11/ 10/ 2000 الساعة 30/ 11 صباحًا بمضمون الإذن السابق لمدة ثلاثين يوما. وقد تم تجهيز المبلغ...... بالأجهزة المعنية اللازمة لتسجيل اللقاء المحدد له يوم12/ 10/ 2000 وتم تسجيل اللقاء الذى تم بكافيتريا...... بين سالفى الذكر والذى كشف فيه...... عن شخصيته وعمله بالقوات المسلحة وقرر...... أنه اتصل بالمتهم الأول وأبلغه بمضمون طلبات المهندس...... والضمانات التى يطلبها قبل تسليم المبلغ وأن...... أعطاه ورقة بها كافة الإجابات المطلوبة وأن القرار الذى سيصدر من النيابة الإدارية سيكون مضمونه عدم إلغاء ترخيص إقامة الفيلا وعدم إزالة الأعمال المنشأة وأن إنهاء الموضوع سيكون بإتمام الاتفاق حتى يتم اعتماد القرار وإصداره من النيابة الإدارية كما أبلغه برفض...... المقابلة مع...... أو التحدث معه تليفونيًا نظرًا لحساسية وضعه وقد أكد...... للمبلغ...... أنهما سيحضران له صورة من أوراق القرار والصادر من النيابة الإدارية وسيبقى معه 72 ساعة للتأكد من صحته وأنه لا يدفع أى مبلغ قبل ذلك وقد تم تحديد موعد بين المبلغ...... و...... بمقر الشركة التى يعمل بها الأول الكائنة 1 شارع...... ليتسلم...... مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه نظير الوساطة فيها وذلك بتاريخ 18/ 10/ 2000 الساعة 5 مساء حيث تم ضبطه بمعرفة المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة وتم ضبط..... الذى كان ينتظر أسفل مقر الشركة وأبديا أثناء التحقيق استعدادهما لإثبات واقعة الرشوة، وتم أثناء التحقيق اتصال تليفونى بين...... والمتهم الأول حيث مكنا من ذلك بمعرفة سلطة التحقيق أبلغه فيه..... أنه سلم مبلغ الرشوة لزوجته المتهمة الثانية...... عند قدومها إلى القاهرة وانها قد أحضرت معها صورة من مذكرة النيابة كما اتصل....... بالمتهمة الثانية أثناء التحقيق وحدد لها موعدًا بميدان روكسى بمصر الجديدة لتسليمها مبلغ الرشوة الذى تم الحصول عليه لإعطائه لزوجها المتهم الأول عند عودتها إلى بلدتها وتم ضبطها حال تسلمها مبلغ الرشوة من... وتحت إشراف سلطة التحقيق وأصدرت نيابة أمن الدولة أمرًا بضبط وإحضار المتهم الأول وتم ضبطه فى 20/ 10/ 2000 بالأقصر ". وساق الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - فى حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من مطالعة محاضر تفريغ التسجيلات الصوتية ومن اعتراف كل من..... وشهرته.... ومن إقرار المتهمة الثانية بالتحقيقات ومما ثبت من كتاب هيئة النيابة الإدارية، وهى أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم بقالة القصور فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان القبض وتحريك الدعوى لعدم صدور إذن بهما لكونه رئيس نيابة إدارية فى قوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض وتحريك الدعوى بالنسبة للمتهم الأول لعدم الحصول على إذن من مجلس القضاء الأعلى فإن هذا الدفع فى غير محله ذلك أن المتهم الأول يتبع هيئة النيابة الإدارية ولا يتبع مجلس القضاء الأعلى حتى يأذن بالقبض عليه أو تحريك الدعوى الجنائية ضده ". وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم كافيًا وسائغًا فى الرد على الدفع سالف الذكر ويتفق وصحيح القانون. هذا إلى أن المادة 40 مكرر/ 2 من القانون رقم 12 لسنة 1989 بشأن تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 15 لسنة 1999 تنص على أنه " لا يجوز فى غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الإدارية أو حبسه احتياطيًا أو اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه إلا بعد الحصول على إذن من المحامى العام المختص، وفى حالة التلبس يجب عند القبض على عضو النيابة الإدارية أن يخطر المحامى العام المختص ليقرر حبسه أو الافراج بكفالة أو بغير كفالة وذلك بعد تحقيق يندب لإجرائه أحد أعضاء النيابة العامة". وكان يبين من استقراء النص المذكور أنه يوجب صدور إذن من المحامى العام المختص لاتخاذ الإجراءات المشار إليها فى النص قبل عضو النيابة الإدارية، وهو مالا يمارى الطاعن فى حصوله فى الدعوى. فإن ما ينعاه فى هذا الصدد لا يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكانت الفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة 1969 تنص على أن " مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية فى الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص الرقابة الإدارية بالآتى …..(ج) الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها وكما تختص بكشف وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين والتى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابى من النيابة العامة قبل اتخاذ الإجراء وللرقابة الإدارية فى سبيل ممارسة الاختصاصات سالفة الذكر الاستعانة برجال الشرطة وغيرهم من رجال الضبطية القضائية وذوى الخبرة مع تحرير محضر أو مذكرة حسب الأحوال ". وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن الرقابة الإدارية حررت محضرًا مؤرخًا 19/ 9/ 2000 مفاده أن التحريات السرية أسفرت عن صحة مضمون البلاغ محل الاتهام بشأن تدخل المدعو..... وشهرته..... فى التوسط فى رشوة الطاعن الأول عن الواقعة المبلغ عنها، وصدر الإذن من المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا لعضو الرقابة الإدارية بالمراقبة وتسجيل الأحاديث المتعلقة بتلك الواقعة استنادًا الى التحريات المذكورة، فإن الإذن يكون قد صدر صحيحًا ممن يملك إصداره إلى المختص بتنفيذه. ويكون النعى على الحكم فى هذا الوجه غير قويم. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها فى هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن فى أن لها أصلاً ثابتًا بالأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وبصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه وبما تتوافر به أركان جريمة الرشوة وقيام الدلائل الكافية على مقارفة الطاعن لها، فإن ما يثيره الطاعن فى ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت فى الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته بما لا يجادل فيه الطاعن، أنه يعمل رئيسًا للنيابة الإدارية وهو موظف عام، وكان من المقرر أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته بشرط أن يعتقد خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم ذلك كذبًا وبصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم، إذ هو حينئذ يجمع بين اثنين الاحتيال والارتشاء. لما كان ذلك وكان مفاد نصوص المواد 103، 104، 105 من قانون العقوبات أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على امتناع الموظف عن أداء عمل معين أو للإخلال بواجبات وظيفته انطبقت المادة 104 عقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا للامتناع أو الإخلال أو أن يكون العطاء لاحقا عليه ما دام أن الامتناع أو الإخلال كان تنفيذا لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر بدلالة تعمد الإخلال بواجب الوظيفة اما إذا أدى الموظف عمله أو إمتنع عنه أو أخل بواجبات وظيفته دون أن يسبقه اتفاق مع الراشى على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ثم طالب
بمكافأته انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات واذن يكون طلب وأخذ الرشوة على الصورة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعن وهو موظف عام وأن له قدرا من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة حسبما ورد بكتاب هيئة النيابة الإدارية المؤرخ...... فإن ما قارفه يعد إخلالاً بواجبات وظيفته فى حكم المادة 104 من قانون العقوبات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح ولا يكون للطاعن من بعد النعى على الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره من أنه غير مختص بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله وأن الواقعة تشكل الجريمة المقررة بالمادة 105 من قانون العقوبات، طالما أنه دفاع قانونى ظاهر البطلان، بالإضافة إلى أن ذلك لا يعدو أن يكون عودة للمنازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان نفى التهمة وما ساقه الطاعن من قرائن بقالة تلفيق الاتهام، من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردًا طالما كان الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها، ومن ثم فإن النعى على الحكم إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفى التهمة يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التى اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع ترافع عن الطاعن دون أن يصر ضمن طلباته الأخرى بالبراءة على سماع الشاهد المذكور بوجه طعنه، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه فى طلباته الختامية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعينًا رفضه موضوعًا.