مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 - صـ 69

(5)
جلسة 28 من أكتوبر سنة 2008
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ يحي عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى محمد عبد المنعم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ جعفر محمد قاسم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4212 لسنة 50 القضائية عليا

عقد إداري ـ انعقاده ـ مناط تحقق الإيجاب والقبول ـ أثر تحفظ طالب التعاقد مع الجهة الإدارية على بعض الشروط المعلنة للمناقصة.
ـ المادة (10) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 (الملغى).
ـ المادتان (76) مكررًا و(80) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (157) لسنة 1983 (الملغى).
إعلان جهة الإدارة عن مناقصة عامة أو محدودة لتنفيذ بعض الأعمال عن طريق التقدم بعطاءات ليس إلا دعوة للتعاقد - التقدم بالعطاء وفقًا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد - الأصل أن من يوجه الإيجاب في العقد الإداري إنما يوجهه على أساس الشروط العامة المعلن عنها، والتي تستقل جهة الإدارة بوضعها دون أن يكون للطرف الآخر حق الاشتراك في ذلك - ليس لمن يريد التعاقد إلا أن يقبل هذه الشروط أو يرفضها، فإذا أراد الخروج في عطائه على هذه الشروط، فالأصل أن يستبعد هذا العطاء، إلا أن يكون الخروج مقصورًا على بعض التحفظات التي لا تؤثر في الشروط الجوهرية المعلنة، ففي هذه الحالة أجيز للجهة الإدارية أن تتفاوض مع صاحب العطاء الأرخص للنزول عن كل أو بعض تحفظاته، فإذا أصر على هذه التحفظات فتكون الجهة الإدارية بالخيار بين أن تقبلها أو تستبعد العطاء، وليس لها أن تعدل من شروط العطاء بإرادتها المنفردة، وإلا أضحى القبول غير مطابق للإيجاب على نحو لا ينعقد به العقد لعدم توفر أرادة الطرفين المشتركة - تطبيق.


الإجراءات

سبق إيراد الإجراءات تفصيلاً في الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 2/ 9/ 2006 والذي قضت فيه بقبول الطعن رقم 4212 لسنة 50ق عليا شكلاً، وبعدم قبول الطعن رقم 4483 لسنة 50ق. عليا بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لرفعه على غير ذي صفة. وبقبوله شكلاً بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته وتمهيديًا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة المنوفية لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم.
وقدم الخبير تقريره لجلسة 25/ 3/ 2008 ثم تأجل نظر الطعن لجلسة 13/ 5/ 2008 للاطلاع على تقرير الخبير، وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها عقبت فيها على تقرير الخبير واختتمها بطلب الحكم أولاً: بالنسبة للطعن رقم 4212 لسنة 50ق. عليا ـ بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الجهة الإدارية بمبلغ 11110.24 جنيهًا والتعويض بملغ خمسة آلف جنية، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ثانيًا: بالنسبة للطعن رقم 4483 لسنة 50ق عليا: برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات. كما أودع المقاول مذكرة بدفاعه عقب فيها على تقرير الخبير وطلب فيها الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له مبلغ 74953.14 جنيهًا والتعويض الذي تقدره المحكمة عما أصابه من أضرار وتعويضه عن فقد سمعته. واحتياطيًا بندب مكتب خبراء القاهرة أو الجيزة لتقدير مستحقاته ووفقًا للقوانين واللوائح على ضوء اعتراضاته وتحقيقها وبجلسة 13/ 5/ 2008 المشار إليها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15/ 7/ 2008 وبتلك الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 14/ 9/ 2008 ثم لجلسة اليوم لاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته لمشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن وقائع النزاع سبق إيرادها تفصيلاً في الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 2/ 9/ 2006 ومن ثم تحيل إليه المحكمة وتعتبره وما قدم به من مذكرات ومستندات جزءًا من هذا الحكم. ومجمل هذه الوقائع أن المقاول الطاعن في الطعن رقم 4483/ 50 ق. عليا أقام بتاريخ 4/ 8/ 1997 الدعوى رقم 10966 لسنة 1ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهم أن يؤدوا له مبلغ 39450 جنيهًا ومبلغ مئة ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته مع إلزامهم بالمصروفات. وذكر المدعى شرطًا لدعواه أنه تعاقد مع مجلس مدينة قويسنا على إنشاء سور مدرسة قويسنا الإعدادية ودورات مياه بالوحدة المحلية بناحية أم خنان. وأنه قم بتنفيذ هذه الأعمال وسلم سور المدرسة في 15/ 5/ 1993 ودورات المياه في 10/ 10/ 1993 إلا أن رئيس مجلس مدينة قويسنا رفض صرف مستحقاته المالية عن الأعمال الزائدة على الأعمال المتعاقد عليها وبالحساب الختامي المقدم منه في 7/ 1/ 1995 مما حداه على تقديم شكوى إلى محافظ المنوفية الذي أحالها إلى لجنة فض المنازعات المشكلة بالقرار رقم 326 لسنة 1994 التي انتهت إلى: (1) مد فترة تنفيذ العملية على النحو المفصل بقرارها. (2) بالنسبة لعلاوة الزيادة - فإنه إذا رأت الوحدة المحلية زيادة قيمة الأعمال عن 25% من قيمة العقد المبرم بين الطرفين، تشكل لجنة لحصر الأعمال الزائدة وتحديد الأسعار والمحاسبة عليها. (3) إحالة موضوع طلب الوحدة المحلية لمهندس نقابي وطلب إحضار سيارة للمهندس المشرف على العملية للتحقيق.
وأضاف المدعى أنه تنفيذًا لذلك قامت الوحدة المحلية لمدينة قويسنا بتاريخ 11/ 12/ 1994 بصرف غرامة التأخير السابق خصمها منه إلا أنها رفضت صرف باقي مستحقاته البالغ مقدراها 39450 جنيهًا والموضح بيانها تفصيلاً بعريضة الدعوى. بالإضافة إلى مبلغ مئة ألف جنيه تعويضًا عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وما فاته من كسب وما أنفقه خلال الفترة من سنة 1993 وحتى تاريخ رفع الدعوى. وخلص إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 16/ 12/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه. وأقامته من بعد أن استعرضت نصوص المواد 79، 81, 85, 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 – الذي كان ساريًا وقعت النزاع والشروط العامة المطروح على أساسها الأعمال - على أنه بالنسبة لما يطالب به المدعى من صرف مستحقاته حسب الختامي المقدم منه، أن الثابت من الأوراق أنه تعاقد مع جهة الإدارة على تنفيذ سور مدرسة قويسنا الإعدادية ودورات مياه بمدرسة أم خنان المجمعة في 23/ 11/ 1992. وأنه نظرًا لمعوقات الجهة الإدارية التي تتمثل في عدم تحديدها عدد دورات المياه المطلوبة وتسليم الموقع وعمل الجسات اللازمة، فقد تأخر التنفيذ حيث تم في 16/ 10/ 1993. ووقعت اللجنة الهندسية المشرفة على التنفيذ على كشف الحساب الشهري رقم (9) والذي تبلغ قيمته 29102 جنيهًا. وأنه بمراجعة الأعمال تبين مطابقتها للمواصفات وأنه نتيجة للخلاف بين الطرفين حول إضافة مدة التأخير الخارجة عن إرادة المقاول إلى مدة تنفيذ العملية. وعدم حساب غرامات التأخير عليها، وأيضًا كيفية المحاسبة على الأعمال الإضافية، فقد أحيل الأمر إلى لجنة فض المنازعات التي انتهت إلى حساب مدة التأخير ضمن مدة تنفيذ العملية, وكذا تشكيل لجنة لحصر الأعمال الزائدة ومحاسبة المقاول عليها، وأن الجهة الإدارية قامت بتنفيذ الشق الأول حيث خصمت مدة التأخير وصرف قيمة غرامة التأخير دون تنفيذ الشق الثاني بما ترتب عليه عدم تسلم الأعمال ابتدائيًا، وبالتالي لم يتم محاسبة المدعى عليها وصرف الختامي له.
واستخلصت المحكمة أن المدعى قام بتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها، وأنه لم يثبت قبله أية مخالفة، وأن جهة الإدارة لم تف بالتزامها بتسلم الأعمال وصرف الختامي له. ومن ثم يعتبر تاريخ إخطار المقاول بانتهاء الأعمال هو تاريخ تنفيذها وأحقيته في صرف مستحقاته البالغ مقدراها 11110.24 جنيهات - وهو الفرق بين المستحق له ومقداره 40600.48 جنيه وبين الذي تم صرفه له (9490.24) جنيهًا.
ومن حيث إنه عن طلب المدعى صرف التأمين النهائي البالغ مقداره 1204 جنيهات، فقد رأت المحكمة أن الثابت من الأوراق أنه لم يقم بإخطار جهة الإدارة كتابة - كما يقضى القانون بذلك - بطلب تحديد موعد للمعاينة وتسلم الأعمال نهائيًا، ومن ثم فإنه لا يكون له حق في المطالبة برد التأمين المشار إليه. ويكون طلبه في هذا الشأن غير قائم على سند من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى صرف المبالغ التي تحملها لنقل المهندسين المشرفين على التنفيذ وأتعاب المهندس النقابي ومقابل الرسومات والجسات واختبارات التربة، فقد نوهت المحكمة إلى أن المستقر عليه في قضاء وإفتاء مجلس الدولة أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة والتزاماته إنما يحددها العقد المبرم بينهما. وأنه لا رجوع إلى اللائحة التنفيذية إلا فيما سكت عنه العقد بالتنظيم، وأن الثابت من العقد المبرم بين الطرفين أنه ألزم المدعى باستخدام مهندس نقابي وتدبير سيارة لانتقال المهندسين المشرفين على التنفيذ وعمل الجسات وأبحاث التربة على نفقته الخاصة. ورتبت المحكمة على ذلك أن طلباته آنفة الذكر لا يكون لها أساس من الواقع أو القانون يتعين الالتفات عنها.
وعن طلب المدعى أحقيته في صرف مبلغ أربعة آلاف جنيه مقابل تشوينات كانت بالموقع، رأت المحكمة أن المدعى لم يقدم البيان المعتمد من الجهة الإدارية بماهية وحجم التشوينات الخاصة بالعملية موضوع التداعي. كما خلت الأوراق مما يفيد تلف تلك التشوينات أو ضياعها أو فقدها بسبب راجع لجهة الإدارة بحيث يستحيل ردها عينًا في ضوء ما هو وارد بالمادة 79 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9/ 1983 الأمر الذي يكون هذا الطلب لا سند له من القانون وحليقًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب المدعى أحقيته في التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء تعسف جهة الإدارة في صرف مستحقاته، فقد أشارت المحكمة إلى أن مناط مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها التعاقدية هو قيام الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وأن الثابت أن جهة الإدارة امتنعت عن صرف مستحقات المدعى دون سبب مشروع وأن ذ لك بعد خطأ ترتب عليه أضرار أصابت المدعى حيث فوتت عليه كسبًا كان سيحصل عليه إذا استغلها في أعماله وحققت له خسارة من جراء ذلك وما تكبده من نفقات التقاضي. وقد قامت علاقة السببية بينهما، وهو ما تقدر معه المحكمة تعويض المدعى بمبلغ خمسة آلاف جنيه جبرًا عما أصابه من أضرار مادية.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4312 لسنة 50 ق. عليا المقام من رئيس مجلس مدينة قويسنا بصفته أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في صرف مبلغ 11110.24 جنيهات، كما أخطأ فيما قدره من تعويض للمطعون ضده بمبلغ خمسة آلاف جنيه؛ تأسيسًا على أن قيمة الأعمال المسندة إلى المقاول المذكور بلغت 24075 جنيهًا، وأنه قام بتنفيذ أعمال بلغت 31032.39 جنيهًا وقد تم خصم قيمة البنود غير المستوفاة والتي بلغت قيمتها 3477.32 جنيهًا. وبذلك تقدر قيمة الأعمال المستوفاة المنفذة بالفعل بـ 27555.07 جنيهًا. وأنه صرف له مبلغ 29490.24جنيهًا، أي بزيادة عما تم تنفيذه فعلاً. ومع ذلك فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن قيمة ما تم تنفيذه يبلغ 40600.48 جنيه بالمخالفة للثابت بالأوراق، وأن الجهة الإدارية شكلت لجنة لحصر الأعمال التي قام بها المقاول وعمل ختامي لها، وأنه تخلف عن الحضور حيث قامت تلك اللجنة بحصر الأعمال وتبين لها عدم تركيب المراحيض البلدي وأحواض الغسيل، وأنه لم يتم تشطيب تلك الأعمال وتحتاج إلى دهانات وصرف صحي خارجي وخزان للصرف وزجاج وتشطيبات كهربائية، وأنها طالبت المطعون ضده بإنهاء هذه الأعمال إلا أنه رفض وطالب بعمل ختامي عن الأعمال التي تمت على الطبيعة فقط، وبالتالي فإنه لا يكون قد قام بأي أعمال زيادة على المقايسة، وأن ما تم صرفه له من مبالغ يزيد عما قام بتنفيذه من أعمال. وبالتالي فلا وجه لما يطالب به من التعويض الذي أجابه إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن رقم 4483 لسنة 50 ق. عليا المقام من المقاول يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات الإجرائية والموضوعية. كما أخل بحق الدفاع؛ على أساس أنه اعتمد في قضائه على تقرير السيد المستشار مفوض الدولة ولم يزد عليه سوى تقدير قيمة التعويض المقضى به، والتفت نهائيًا عن الحكم التمهيدي الصادر بندب خبير في الدعوى، وعن تقريري الخبير المقدمين فيها. كما أقام قضاءه على الشروط العامة والخاصة والتي تدعى جهة الإدارة وجودها على خلاف الحقيقة. كما التفت أيضًا عما قدمه المدعى من مذكرات أوضح فيها أن المادة 29 من الشروط والمواصفات لسنة 1990 الواجبة التطبيق وقت سريان العقد لم تلزمه بتعيين مهندس نقابي للعملية، لأن قيمتها تبلغ 24075 جنيهًا ولم تجاوز 50000 جنيه، ومع ذلك فقد ألزمته الجهة الإدارية بتعيين مهندس نقابي، ورفضت تسلم أي أعمال يتم تنفيذها بدون ذلك، وقد التفت الحكم عن هذا الدفاع الجوهري مما يعد إخلالاً بحق الدفاع، وأنه على الرغم مما تضمنه الحكم التمهيدي من تقدير تكلفة السيارة وأجر المهندس النقابي وأتعاب المهندس الاستشاري وكذلك قيمة التشوينات، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن كل ذلك ولم يشر إليه، مما يكون معه قد خالف القانون والواقع مصادرًا بذلك حقوق الطاعن جديرًا بالتعديل على النحو الوارد بعريضة الطعن.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة بالأسباب التي يبديها الطاعن وبظاهر بما طعنه إذ المرد هو المشروعية وسيادة القانون في ورابط القانون العام بحسبانها خاتمة المطاف في نظام التدرج الوظيفي.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعلان جهة الإدارة عن مناقصة عامة أو محدودة لتنفيذ بعض الأعمال عن طريق التقدم بعطاءات ليس إلا دعوة للتعاقد، وإن التقدم بالعطاء وفقًا للمواصفات والاشتراطات المعلن عنها هو الإيجاب الذي ينبغي أن يلتقي عنده قبول الإدارة لينعقد العقد، وإن الأصل أن من يوجه الإيجاب في العقد الإداري إنما يوجهه على أساس الشروط العامة المعلن عنها، والتي تستقل جهة الإدارة بوضعها دون أن يكون للطرف الآخر حق الاشتراك في ذلك، وأنه ليس لمن يريد التعاقد إلا أن يقبل هذه الشروط أو يرفضها، فإذا أراد الخروج في عطائه على هذه الشروط، فالأصل أن يستبعد هذا العطاء، إلا أن يكون الخروج مقصورًا على بعض التحفظات التي لا تؤثر في الشروط الجوهرية المعلنة، ففي هذه الحالة أجيز للجهة الإدارية أن تتفاوض مع صاحب العطاء الأرخص للنزول عن كل أو بعض تحفظاته، فإذا أصر على هذه التحفظات فتكون الجهة الإدارية بالخيار بين أن تقبلها أو تستبعد العطاء، وليس لها أن تعدل من شروط العطاء بإرادتها المنفردة, وإلا أضحى القبول غير مطابق للإيجاب على نحو لا ينعقد بع العقد لعدم توفر إرادة الطرفين المشتركة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أعلنت عن مناقصة محلية للإنشاء دورة مياه مكونة من ستة مراحيض بمدرسة الوحدة المجمعة بأم خنان، وضلع بسور مدرسة قويسنا البلد الإعدادية ودعت إلى هذه المناقصة المقاول...... (الطاعن في الطعن رقم 4483/ 50 ق. عليا) وآخرين، وتضمنت الشروط العامة التي طرحت المناقصة على أساسها في البند السابع منها أنه على المقاول أن يستخدم أثناء سير العمل مهندسًا نقابيًا لمباشرة تنفيذ الأعمال موضوع العقد.
كما تضمن البند (8) من هذه الشروط أن تشتمل المدة المحددة للتنفيذ على عمل الجسات الميكانيكية والاختبارات اللازمة لتحديد جهد التأسيس بمعرفة مكتب استشاري متخصص، ويتم ذلك بمعرفة المقاول على نفقته الخاصة طبقًا لشروط العقد والمواصفات: ......... كما نص البند التاسع على أن يقبل المقاول الشروط العامة ومواصفات الأعمال الأبنية العامة لسنة 1981 وطبقًا لما جاء بلائحة المناقصات والمزايدات الأخيرة. وأنه نظرًا لعدم توفر الشروط المنوه عنها في الوقت الحاضر فللمقاول الحق في الاطلاع على النسخة الموجودة بالمديرية في أوقات العمل الرسمية. ويعتبر تقديمه للعطاء إقرارًا منه بالاطلاع عليها وقبوله جميع ما جاء بها.
وقد تقدم المقاول المذكور بعطاء في هذه المناقصة ضمنه قبوله تنفيذ سور مدرسة قويسنا البلد نظير مبلغ 7515 جنيهًا وتنفيذ دورة مياه مدرسة أم خنان الابتدائية نظير مبلغ 16560 جنيهًا وبإجمالي مقداره 24075 جنيهًا، وبتاريخ 5/ 12/ 1992 قررت لجنة البت ترسية العملية عليه باعتبار أن عطاءه أرخص العطاءات نظير مبلغ 24075 جنيهًا بخلاف أعمال الكهرباء والتي يتم المحاسبة عليها طبقًا لقائمة وزارة الإسكان وآخر علاوة للمنطقة. وتم إخطاره بأمر الشغل بتاريخ 23/ 12/ 1992 على أن يتم التنفيذ خمسة أشهر من تاريخ تسلم الموقع حاليًا من العوائق، حيث قام المقاول بتنفيذ سور المدرسة وتسليمه، كما طلبت الجهة الإدارية منه زيادة عدد المراحيض إلى عشرة مراحيض بدلاً من ستة، ثم عادة وطلبت منه أن يتم تنفيذ ثمانية مراحيض، وبذا يكون قد قام بتنفيذ أعمال بلغت جملتها 31032.39 جنيهًا بما فيها قيمة سور مدرسة قويسنا البلد الإعدادية - على ما هو ثابت بالمستخلص رقم (9) والذي تمت الموافقة عليه من جهاز الإشراف التابع للجهة الإدارية. ثم أخطر المقاول تلك الجهة بتاريخ 19/ 10/ 1993 بأنه أنجز أعمالاً جاوزت نسبة الـ 25% المقررة طبقًا للقانون بما يزيد على ألف جنيه، وأن العمل متوقف تمامًا من 10/ 10/ 1993 وطلب سرعة موافاته بما يتبع حيال موافقة تلك الجهة على شروطه لاستكمال الأعمال أو عمل ختامي لجميع الأعمال، إلا أن الجهة الإدارية أخطرته بكتابها المؤرخ 28/ 10/ 1993 بأنه لم يتجاوز نسبة الـ 25% على أساس أن الأعمال التي تمت بالزيادة في الأساسات تقدر بمبلغ 4800 جنيه يتم خصمها من قيمة الأعمال التي تم تنفيذها إعمالاً لحكم البند 42 من الجزء الأول من الشروط العامة، وعليه تكون القيمة الباقية للأعمال لم تتجاوز 25%. وأنه في حالة زيادة الأعمال عن تلك النسبة فسيتم محاسبته عنها بعلاوة 1200% طبقًا لقائمة وزارة الإسكان إلا أن المقاول المذكور أصر على موقفه ولم يستكمل باقي الأعمال والتي استظهرها الخبير في الطعن (ص 6 من تقريره)
ومن حيث إنه يتعين الإشارة بداءة إلى أنه وأن كان المقاول ينفى علمه بوجود الاشتراطات العامة التي أعلنت المناقصة المحلية مثار النزاع على أساسها وأنه لم يوقع عليها، إلا أن ذلك مرود بما هو ثابت بالأوراق من أنه بتاريخ 12/ 6/ 1993 تقدم المقاول المذكور بطلب - أسماه مذكرة - إلى رئيس مركز ومدينة قويسنا التمس فيه حساب المدة من 17/ 1/ 1993 حتى 20/ 2/ 1993 مدة مضافة لمدة العملية، وأثار في طلبه إلى أنه تسلم الموقع بتاريخ 23/ 12/ 1992 وأنه طبقًا للبند (8) من الشروط العامة المرفقة بالعطاء قام بعمل اختبار التربة لتحديد جهد التأسيس بمعرفة مكتب هندسي استشاري، والذي أجرى أبحاثه طبقًا للنموذج رقم (28)، وأنه جرت عدة مكاتبات بينه وبين الجهة الإدارية بشأن تعديل عدد المراحيض المطلوبة لدورة المياه خلال المدة المشار إليها، وانتهى إلى طلب إضافتها إلى مدة العملية (يراجع مسلسل رقم 119 من ملف العملية المرفق بالأوراق)، وهو ما يدحض ما يدعيه في هذا الشأن من عدم علمه بتلك الاشتراطات واعتبارها جزءًا من العقد وأخذها في الاعتبار عند تنفيذ الأعمال مما تلتفت معه المحكمة عما يثيره في هذا الشأن.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، و كان الثابت أن المقاول قبل دعوة الجهة الإدارية إلى تقديم عطائه في المناقصة المحلية المشار إليها بدون تحفظات، على خلاف ما فعله غيره من المتقدمين في هذه المناقصة، فمن ثم فإن إيجابه يكون قد التقى بقبول الجهة الإدارية وانعقد العقد بينهما على أساس الشروط العامة المشار إليها والتي يلتزم طبقًا للبند (7) منها باستخدام مهندس نقابي لمباشرة تنفيذ الأعمال. كما أنه وفقًا للبند 25 من الشروط العامة ومواصفات الأعمال للأبنية العامة لعام 1981 - والتي طرحت المناقصة على أساسها - يلتزم بتدبير سيارة صالحة لانتقال المسرفين على التنفيذ، كما يلتزم بعمل الجسات وأبحاث التربة طبقًا للبند 14 من تلك الشروط، ويغدو طلبه والحالة كذلك استرداد مقابل ما أنفقه لتنفيذ هذه البنود غير القائم على أساس من القانون؛ لما هو مقرر من أن حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتزاماته إنما تتحدد طبقًا لنصوص العقد الذي يربطه بتلك الجهة، مما يغدو مع طلب استرداد ما أنفقه في هذا الشأن غير قائم على أساس من القانون.
وغنى عن البيان أنه لا وجه لما يثيره المقاول المذكور من أن القرار وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة والإسكان والمرافق 334 لسنة 1990 حظر تضمين العقود شروطًا تلزم المقاول بتدبير سيارات لانتقال المشرفين على التنفيذ؛ ذلك أنه بالرجوع إلى أحكام هذا القرار تبين أن المادة الأولى منه نصت على أنه: "يحظر على كافة الجهات التابعة للوزارة أن تضمن تعاقداتها على تنفيذ المشروعات أو الأعمال شروطًا خاصة تتعلق باستخدام سيارات للتفتيش على المهمات أو الإشراف على التنفيذ أو أية ميزات أخرى لصالحها أو العاملين بها..."، وهو ما يعنى أن هذا القرار يخاطب الجهات التابعة لوزارة التعمير، وليست من بينها وحدات الإدارة المحلية.
ومن حيث أنه عن طلب المقاول استرداد قيمة ما أنفقه من الرسومات التي ألزمته الجهة الإدارية بتقديمها، فإنه وفقًا للمادة (10) من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9/ 1983 فإن الجهة الإدارية تلتزم بإعداد الرسومات الفنية لتنفيذ مقاولات الأعمال، ومن ثم فإنه وإذ ألزمت الجهة الإدارية المقاول بإعداد الرسومات الخاصة بتنفيذ الأعمال مثار المنازعة فإنها تلتزم برد قيمة هذه الرسومات، والتي قدر الخبير المنتدب في الطعن بمبلغ سبع مئة جنية.
ومن حيث إنه عما يثيره الطاعن من قيامه بتنفيذ أعمال زائدة جاوزت أكثر من 25% من قيمة العقد مما يحق له المطالبة بزيادة أسعار الأعمال الزائدة على هذا الحد بعلاوة قدرها 2500% من قائمة الإسكان، وإنه إزاء عدم استجابة الجهة الإدارية لصرف هذه الزيادة فإنه يحق له المطالبة بعمل ختامي للأعمال قبل استكمالها، فإن المادة 76 مكررًا من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157/ 1983 والتي تسرى أحكامها على النزاع الماثل تنص على أنه يحق للجهات التي تسرى عليها أحكام هذه اللائحة تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقص في حدود 15% في عقود التوريد و30% في عقود توريد الأغذية و25% في عقود الأعمال بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات المطالبة بأي تعويض عن ذلك، ويجوز بقرار من السلطة المختصة وبموافقة المتعاقد تجاوز الحدود الواردة للفقرة السابقة في حالات الضرورة الطارئة، بشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه ووجود الاعتماد المالي اللازم.
وتنص المادة (80) من تلك اللائحة على أن المقادير والأوزان الواردة بجدول الفئات هي مقادير وأوزان تقريبية قابلة للعجز والزيادة تبغًا لطبيعة العملية، والغرض منها هو بيان مقدار العمل بصفة عامة، والأثمان التي تدفع للمقاول تكون على أساس الكميات التي تنفذ فعلاً، سواءً أكانت تلك الكميات أقل أو أكثر من الواردة بالمقايسة أو الرسومات، وسواءً نشأت الزيادة أو العجز عن خطأ في حساب المقايسة الابتدائية أو عن تغييرات أدخلت في العمل طبقًا لأحكام العقد، وبمراعاة ألا يؤثر ذلك على ترتيب عطائه، ويعتبر المقاول مسئولاً عن التحري بنفسه عن صحة المقادير والأوزان، وتعتبر كل فئة من الفئات المدرجة بجدول الفئات ملزمة للمقاول أثناء تنفيذ العقد وغير قابلة لإعادة النظر لأي سبب، ولا يكون للمقاول حق طلب مبالغ زيادة أو تعويضات مهما كانت خسارته أو تكبده مصروفات إضافية....
ومن حيث إن مفاد ما تقدم من أحكام أن الجهة الإدارية تلتزم بمحاسبة المقاول المتعاقد معها على أساس كميات الأعمال المنفذة بالفعل وفقًا لأسعار عطائه بغض النظر عن الكميات الواردة بجدول الفئات، ولو زادت أو قلت عنها، سواء ترتبت هذه الزيادة أو ذلك العجز عن خطأ في الحساب أو زيادة في حجم الأعمال نتيجة تغييرات أدخلت في العمل طبقًا لأحكام العقد، شريطة ألا يؤدى ذلك إلى الإخلال بأولويته في ترتيب عطائه باعتباره الأفضل شروطًا والأقل سعرًا، وإلى جانب ذلك فإنه يحث للجهة الإدارية في عقود الأعمال زيادة أو نقص مشمول هذه العقود بنسبة 25% بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك، وما زاد على هذه النسبة فيتم الاتفاق على سعره بين الطرفين، مع مراعاة في جميع الأحوال ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه ووجود الاعتماد المالي.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، فإنه متى كان الثابت أن قيمة الأعمال المسندة إلى المقاول عن طريق المناقصة المحلية بلغت 24075 جنيهًا، وأنه نفذ أعمالاً بلغت - على ما هو ثابت بالمستخلص رقم 9 الذي أقره المسئولون بالجهة الإدارية - 31032.24 جنيهًا أي بزيادة قدرها 6975.24 جنيهًا، إلا أن الثابت من تقرير الخبير صـ 7 زيادة الكميات المنفذة على الطبيعة في بعض البنود عما هو وارد بالمقايسة التقديرية بكميات كبيرة جدًا، وعلى سبيل المثال فإن بند (حفر أتربة للأساسات) كان محددًا له في المقايسة 17م2 في حين أنه تم تنفيذ 137.305م3. كما أن بند (خرسانة عادية للأساسات) كان محددًا له 6م3، في حين أنه تم تنفيذ 54.921م3. وإن بند (مباني طوب أسمنتي) كان محددًا له 17م2 وتم تنفيذ 39.891م2 وإن إجمالي قيمة الزيادة في البنود المنفذة على قيمتها حسب الكميات الواردة بالمقايسة بلغت 10615.495 جنيهًا، كما أن المقاول المذكور لم يقم بتنفيذ عدد 9 بنود من المقايسة الأصلية، وهو الأمر الذي يتضح معه أن زيادة قيمة الأعمال المنفذة عما هو وارد بالمقايسة لم يكن مرجعه تجاوز نسبة الـ 25% من حجم الأعمال المقررة وفقًا لحكم المادة 76 مكررًا سالفة الذكر، وإنما يرجع إلى اختلاف الكميات الواردة في المقايسة الأصلية عما احتاجه التنفيذ الفعلي للأعمال على الطبيعة، وهو ما يخضع لحكم المادة 80 من اللائحة آنفة الذكر والتي تقرر أن ما يدفع للمقاول يكون على أساس الكميات التي تنفذ فعلاً، سواء أكانت تلك الكميات أقل أو أكثر من الوارد بالمقايسة، وبالتالي فما كان يجوز للمقاول التوقف عن العمل بمقولة استجابة الجهة الإدارية لطلبه بزيادة قيمة البنود التي لم تنفذ من محل العقد، سواء من البنود الأصلية، أو الأعمال الإضافية بالنسبة التي حددها لما سلف بيانه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما يطالب به المقاول من أحقيته في قيمة التشوينات والمعدات ومبلغ 11110.24 جنيهات قيمة أعمال تم تنفيذها على الطبيعة، فإن تقرير الخبير المنتدب في الطعن خلص إلى عدم أحقية المقاول المذكور في هذه البنود. وقد قام التقرير على أسباب سائغة مستمدة من الأوراق تأخذ بها المحكمة، وتضيف إليها أن المستخلص رقم 9 موقع عليه من المقاول المذكور شخصيًا، وقد خلا من وجود أية تشوينات بالموقع، كما أنه لم يبد أي تحفظات بشأن عدم إدراج بعض الأعمال فيه في حينه. كما أنه أخطر الجهة الإدارية بتاريخ 19/ 10/ 1993 بتوقفه عن العمل اعتبارًا من 10/ 10/ 1993 مما تلتفت معه المحكمة عن الطلب الذي تقدم به في 8/ 1/ 1994 المتضمن أن قيمة ما تم تنفيذه من أعمال بلغ أكثر من أربعين ألف جنيه. وأنه لم يتم إدراج بعض هذه الأعمال في المستخلص رقم (9).
ومن حيث إنه عما يطالب به المقاول من أحقيته في استرداد قيمة التأمين النهائي وتعويضه عن الأضرار التي أصابته من جراء تصرف الجهة الإدارية، فإنه وقد اتضح مما تقدم أن توقفه عن العمل اعتبارًا من 10/ 10/ 1993 ورفضه استكمال الأعمال إلا بعد إجابته إلى طلبه بزيادة قيمة باقي الأعمال بعلاوة 2500% على قائمة الإسكان غير قائم على أساس من القانون، وكانت المادة 82 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم9/ 1983 تعطى للجهة الإدارية في حالة مخالفة المقاول للشروط العقد الحق في فسخ العقد مع مصادرة التأمين النهائي المستحق وقت الفسخ، فمن ثم تكون مطالبة المقاول بقيمة ذلك التأمين غير قائمة على أساس من القانون. كما ينتفي أيضًا حقه في المطالبة بأي تعويضات باعتبار أنه هو المتسبب في عدم تنفيذ الأعمال.
ومن حيث إنه عما تطالب به الجهة الإدارية من خصم مبلغ 3477.32 جنيهًا قيمة بنود غير مستوفاة، فقد استظهر الخبير المنتدب في الطعن - وبحق - أن الأعمال التي قام المقاول بتنفيذها والتي تضمنها المستخلص رقم 9 مطابقة للمواصفات وذلك بإقرار الجهاز المشرف على التنفيذ. وأن المحضر المؤرخ 8/ 4/ 2000 قد تم تحريره بعد أكثر من ست سنوات من تاريخ إخطار المقاول بتوقفه عن العمل، مما تلتفت معه المحكمة عما تثيره الجهة الإدارية في هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المقاول المذكور قام بتنفيذ أعمال بلغت قيمتها 31032.39 جنيهًا، وأن الجهة الإدارية صرفت له مبلغ 2949.24جنيهًا فمن ثم يكون مستحقًا له مبلغ 1642.15 جنيهًا يضاف إليه مبلغ 700 جنيه - مقابل الرسومات واختبارات التربة - أي بإجمالي مقدراه 2342.15 جنيهًا والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 8/ 1997 وحتى تمام السداد عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر وقضى بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدى للمقاول المذكور مبلغ 11110.24 جنيهًا وتعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه فمن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين تعديله على النحو الذي سيرد بالمنطوق مع إلزام الطرفين المصرفات عملاً بحكم المادة 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بتعديل الحكم المطعون فليه ليكون بإلزام المدعى عليه الأول بصفته أن يؤدى المدعى (الطاعن في الطعن رقم 4483 لسنة 50 ق. عليا) مبلغًا مقداره 2342.15 جنيهًا (ألفان وثلاث مئة واثنان وأربعون جنيهًا وخمسة عشر قرشًا). والفوائد المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 8/ 1997 وحتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات في الطعنين، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.