مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 119

(11)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 2008
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ يحي عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى محمد عبد المنعم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ جعفر محمد قاسم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 765 لسنة 50القضائية عليا

( أ ) عقد إداري - تمييزه - قرار تخصيص وحدة سكنية بمشروع إسكان للشباب يعد عقدًا إداريًا - أثر ذلك.
بقبول الجهة الإدارية طلب التخصيص وصدور قرار التخصيص تنشأ علاقة تعاقدية، الإيجاب فيها لطالب التخصيص بما تقدم به من طلب لحجز إحدى الوحدات السكنية بالمشروع، والقبول للجهة الإدارية بما أصدرته من قرار تخصيص تلك الوحدة له - هذا العقد يعتبر عقدًا إداريًا من كافة الوجوه، بحسبان أن أحد طرفيه شخص معنوي عام يتصل نشاطه بمرفق عام هو تنمية المدن الجديدة، فضلاً عن تضمن قواعد التخصيص شروطًا استثنائية غير مألوفة في نطاق القانون الخاص, بما حوته من اشتراط عدم حيازة طالب الحجز لوحدة سكنية في أية مدينة، وإمكانية إلغاء التخصيص في حالة ثبوت حيازته لوحدة سكنية أخرى - أية منازعات قد تنشأ بين الطرفين إنما تخضع للقواعد الحاكمة للعقود الإدارية ولا تصدر بشأنها الجهة الإدارية قرارات إدارية بما لها من سلطة عامة تخضع في التظلم منها والطعن عليها للقواعد والمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء.
(ب) عقد إداري - تنفيذه - تحرر المنازعات الناشئة عنه من قواعد دعوى الإلغاء - لا تنظر المحكمة الطلبات المستعجلة باعتبارها طلبات وقف تنفيذ.
المنازعات التي تنشأ بين طرفي العقد الإداري تخضع للقواعد الحاكمة للعقود الإدارية، ولا تصدر بشأنها الجهة الإدارية قرارات إدارية بما لها من سلطة عامة تخضع في التظلم منها والطعن عليها للقواعد المقررة لدعوى الإلغاء - مؤدى ذلك: يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي قد تثار بشأنها، على أساس اختصاصه بنظر القرارات الإدارية، وإنما على أساس اعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية - هذا الاختصاص شامل لأصل تلك المنازعات وما يتفرع عليها، فيفصل في الوجه المستعجل من المنازعة الموضوعية المستندة إلى العقد الإداري، لا على اعتبار أنه من طلبات الوقف التنفيذ المتفرعة من طلبات الإلغاء، بل على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تحتمل التأخير، وتدعو إليه الضرورة لدفع خطر محدق إلى أـن يفصل في الموضوع - تطبيق (1)


الإجراءات

في يوم السبت الموافق الخامس والعشرين من أكتوبر سنة 2003 أودع وكيل الطاعن بصفته سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية بجلسة 31/ 8/ 2003 في الدعوى رقم 14077 لسنة 56ق المقامة من المطعون ضده على الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الهيئة المدعي عليها المصروفات
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصليًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني. واحتياطيا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت إحالته إلى الدائرة الثالثة فحص) للاختصاص. حيث نظرته تلك الدائرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها. وبجلسة 2/ 9/ 2006 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 5/ 12/ 2006 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة. وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 29/ 1/ 2008 حكمت المحكمة بوقف الطعن جزائيًا لمدة شهر لعدم تقديم الجهة الإدارية الطاعنة صورة من عريضة الدعوى رقم 2249/57ق. المقامة من المطعون ضده عن ذات الموضوع حيث تم تعجيل نظر الطعن بتاريخ 27/ 2/ 2008. واستمر تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وفيها أودع الحاضر عن الهيئة الطاعنة حافظة مستندات وبجلسة 14/ 10/ 2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/ 11/ 2008 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين وبتلك الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 29/ 5/ 2002 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 14077 لسنة 56ق أمام محكمة الإداري - الدائرة الثانية اختصم فيها ابتداء كلا من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة والممثل القانوني لبنك الإسكان والتعمير، وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 2719 لسنة 2002، مع تعويضه بمبلغ مئة ألف جنيه عن كافة الأضرار التي لحقت به وإلزام الجهة الإدارية المدعي عليها المصروفات. وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه حجز وحدة سكنية بمشروع مبارك للشباب بمدينة العاشر من رمضان تحت رقم 16193 بتاريخ 16/ 9/ 1996 حيث تم تخصيص الوحدة رقم 3 - بالعمارة رقم 117 شباب بمساحة 100م2. وتم تسلمها في 24/ 4/ 1997. وأقام فيها بجوار مقر عمله في شركة .... بالعاشر من رمضان، ومع ذلك فوجئ بتاريخ 15/ 3/ 2002 بصدور القرار المطعون فيه بإلغاء تخصيص الشقة له دون مبرر قانوني. ولم تلتفت الجهة الإدارية إلى تظلمه لأنها رفضته دون إبداء أسباب. ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على سند من صدوره دون سبب يبرره وذلك لأن قرار التخصيص صدر بعد إجراء التحريات وثبوت حقه في الشقة محل النزاع التي تسلمها بالفعل وسدد كافة التزاماته المالية بما لا يسوغ معه لجهة الإدارة أن تلغي تعاقده بالإرادة المنفردة وتحرمه من مسكنه وتشرد أسرته بما يلحق به أضرارًا يتعذر تداركها.
وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبناء على تكليف المحكمة - أثناء نظر الشق العاجل من الدعوى - قام المدعي باختصام رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وبجلسة 31/ 8/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. وأقامته على أنه بالنسبة للدافع المبدي من الهيئة المدعي عليها (الطاعنة) بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فإن هذا الدفع مرود بأن لجان التوفيق في بعض المنازعات أصدرت قرارها في الطلب رقم 478 لسنة 2002 بتاريخ 9/ 7/ 2002 بإلغاء القرار المطعون فيه، وهو ما يعد مسلكًا إيجابيًا نحو إجابته إلى طلبه تنفتح به مواعيد دعوى الإلغاء. وأنه وإذا استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانونًا فتكون مقبولة شكلاً.
وعن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه رأت المحكمة أنه يبين من الاطلاع على كراسة الشروط التي وضعتها الجهة الإدارية أنها حصرت حالات إلغاء التخصيص في أربع حالات: (1) هي عدم صحة البيانات الواردة بالاستمارة. (2) استخدام الوحدة في غير الغرض المخصص له، أي في غير أغراض السكن. (3) التصرف في الوحدة. (4) ثبوت تخصيص أكثر من وحدة من وحدات الشباب الخاضعة لذات المشروع، وأن قضاء المحكمة جرى على أن تخصيص وحدة سكنية للشباب يجري في نطاق كسب الملكية الإيجاب فيه للشباب، والقبول للهيئة، وأنه متى توافق الإيجاب مع القبول فلا يجوز فسخ العقد بالإرادة المنفردة.
وأضافت المحكمة أنه لما كان البادي من ظاهر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى - أن الهيئة المدعي عليها وافقت على تخصيص شقة سكنية للمدعي بمشروع مبارك للشباب بالعاشر من رمضان تحت رقم 16193 في 16/ 9/ 1996 بمساحة 100م بالعمارة رقم 117 شباب - شقة 3، وتم تسليمها له في 24/ 4/ 1997. وأقام فيها بجوار عمله في....... بالعاشر من رمضان، وأنه وإذ خلت الأوراق من أي دليل تطمئن معه المحكمة إلى توفر إحدى حالات إلغاء التخصيص عليها فمن ثم فإنه لا يسوغ للهيئة المدعي عليها أن تفسخ العقد بإرادتها المنفردة، كما أن التحريات التي ارتكنت إليها الهيئة من أن المدعي يقيم بالعقار رقم 11 ش ابن سندر - سراي القبة - فإنها لم تبلغ حد الكفاية لتكوين عقيدة المحكمة من أن هذه الشقة خاصة بالمدعي، بل أن المستندات التي قدمها المدعي وتمسك بها لدى جهة الإدارة تنبئ عن أن هذه الشقة خاصة بوالده، الأمر الذي كان يستوجب على الهيئة عدم ولوج أسلوب السلطة العامة بإلغاء التخصيص وطرح النزاع إن شاءت على قاضي العقد لوزن جميع أدلة وأسانيد الطرفين بميزان الحق والعدل. ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق غير قائم على سبب صحيح يبرره، مما يصمه بمخالفته القانون، الأمر الذي يرجح إلغاءه عند نظر الموضوع ويتوفر معه ركن الجدية كما يتوفر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من إصابة المدعي بأضرار يتعذر تداركها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها:
1) مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وذلك حينما قضى بقبول الدعوى شكلاً بالمخالفة لما تقضي به المادة 24 من قانون مجلس الدولة لما هو ثابت من أن القرار رقم 2719 لسنة 2002 صدر بتاريخ 3/ 10/ 2001 وعلم به المطعون ضده بتاريخ 21/ 10/ 2001 فتظلم منه بتاريخ 31/ 10/ 2001. ثم علم أيضًا برفض تظلمه بتاريخ 29/ 12/ 2001 - تاريخ تقديمه التماس إعادة النظر في تظلمه المرفوض الأمر الذي كان يتعين معه أن يقيم دعواه في ميعاد غايته 28/ 2/ 2002 نزولاً على حكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة سالف الذكر. إلا أنه وإذ لم يقم برفع دعواه إلا في 29/ 5/ 2002 فإنها تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
2) بطلان الحكم المطعون فيه بخطأ في فهم وقائع الدعوى والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وذلك على أساس أن هذا الحكم انتهى إلى أن هناك عقدًا ثم تحريره بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده وذلك دون سند من أوراق الدعوى حيث إن العلاقة بينهما لم ترق إلى مستوى التعاقد، بل أن إصدار قرار التخصيص ليس إلا إجراءات تمهيدية لحين انتهاء التحريات وثبوت استحقاق المطعون ضده للوحدة، وبذلك يتضح أنه لا يوجد عقد بيع من أي نوع موقع من رئيس الهيئة صاحبة الاختصاص في إبرام العقود. كما أن الحكم أسس قضاءه على أن المطعون ضده يقيم في العقار رقم 11ش ابن سندر/ سراي القبة، في حين أن سبب إلغاء التخصيص هو عدم صحة البيانات المقدمة منه، ومنها عدم أقامته في هذا العنوان المحدد باستمارة البحث - وهو ما يمثل إحدى الحالات التي يلغي فيها التخصيص. وخلص الطاعن إلي طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والخاص بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد العلم بقرار إلغاء التخصيص بأكثر من ستين يومًا، فإن البادي من ظاهر الأوراق أن الهيئة الطاعنة - باعتبارها القائمة على تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة، ومن بينها مدينة العاشر من رمضان - أعلنت عن حجز وحدات سكنية بمشروع مبارك للشباب يتلك المدينة، وأن المطعون ضده تقدم بطلب لحجز إحدى هذه الوحدات طبقًا للشروط المعلن عنها حيث تم تخصيص الوحدة رقم 3 بالعمارة رقم 117 - مربع 3 له وتسلمها بتاريخ 24/ 4/ 1997 ومن ثم فإنه بقبول طلبه وصدور قرار التخصيص له تكون ثمة علاقة تعاقدية قد نشأت بينهما الإيجاب فيها للمطعون ضده بما تقدم به من طلب لحجز إحدى وحدات المشروع، والقبول للجهة الإدارية بما أصدرته من قرار تخصيص تلك الوحدة له، وفي هذا الإطار فإن هذا العقد يعتبر عقدًا إداريًا من كافة الوجوه، بحسبان أن أحد طرفيه شخص معنوي عام، يتصل نشاطه بمرفق عام - وهو تنمية المدة الجديدة، فضلاً عن أن قواعد التخصيص تضمنت شروطًا استثنائية غير مألوفة في نطاق القطاع الخاص بما حوته من اشتراط عدم حيازة طالب الحجز لوحدة سكنية في أية مدينة، وإمكانية إلغاء التخصيص في حالة ثبوت حيازته لوحدة سكنية أخرى.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن أية منازعات قد تنشأ بين الطرفين إنما تخضع للقواعد الحاكمة للعقود الإدارية، ولا تصدر بشأنها الجهة الإدارية قرارات إدارية بما لها من سلطة عامة تخضع في التظلم منها والطعن عليها للقواعد والمواعيد المقررة في المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972. وعلى ذلك يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي قد تثار بشأنها، لا على أساس اختصاصه بنظر القرارات الإدارية وإنما على أساس اعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية بالتطبيق للبند الحادي عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، والذي يقضي باختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو أي عقد إداري آخر.
وغني عن البيان أن اختصاص القضاء الإداري بالنسبة للعقود الإدارية هو اختصاص شامل لأصل تلك المنازعات وما يتفرع عليها. ومقتضى ذلك أن يفصل القضاء الإداري في الوجه المستعجل من المنازعة الموضوعية المستندة إلى العقد الإداري لا على اعتبار أنه من طلبات بوقف التنفيذ المتفرعة من طلبات الإلغاء، بل على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة، التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تحتمل التأخير وتدعو إليها الضرورة لدفع خطر محدق إلى أن يفصل في الموضوع.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم فإن طعن المدعي (المطعون ضده) على القرار رقم 1719 لسنة 2001 الصادر بإلغاء تخصيص الوحدة السكنية الموزعة عليه بمشروع إسكان مبارك لا يتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء. وإذ كان الثابت أنه أخطر بهذا القرار بتاريخ 31/ 10/ 2001 فأقام دعواه بتاريخ 29/ 5/ 2002 فمن ثم فإنها تكون مقامة خلال المواعيد المقررة قانونًا، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة فمن ثم تكون مقبولة شكلاً ، ويضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن والخاص ببطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في فهم وقائع الدعوى والفساد في الاستدلال، فإن البادي من ظاهر الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل في الطلب العاجل من الدعوى أنه تم تخصيص الوحدة السكنية رقم 3 بالعمارة رقم 117 بمشروع مبارك للشباب بمدينة العاشر من رمضان للمطعون ضده بناء على الطلب الذي تقدم به بتاريخ 28/ 3/ 1996 وأثبت فيه أنه يقيم مع والدته بالعقار رقم 11 أ ش ابن سندر حدائق القبة، وأنه يعمل بشركة .... بمدينة العاشر من رمضان. وبعد التحقق من صحة هذه البيانات تم تخصيص الوحدة السكنية المشار إليها له، وتسلمها بتاريخ 24/ 4/ 1997, حيث قام بإدخال عداد الكهرباء والمياه وتأثيثها للإقامة بها. وبتاريخ 2/ 10/ 2001 تم إخطاره بإلغاء تخصيص الوحدة المشار إليها.
ومن حيث إنه بالاطلاع على كراسة الشروط لحجز وحدة سكنية بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب المرفقة بالأوراق يبين أن البند (4) من الشروط الحاكمة نص على أن يكون المتقدم غير حائز لوحدة سكنية باسمه أو باسم أحد أفراد أسرته (الزوجة والأولاد), كما تضمن البند (1) من الشروط التفصيلية أن يكون الطالب الحجز أو لزوجته عمل بالمدن الجديدة، وتضمنت الحالات التي يلغي فيها التخصيص حالة عدم صحة البيانات الواردة بالاستمارة عند تقديمها.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة بررت إلغاء تخصيص الوحدة السكنية للمطعون ضده بعدم صحة البيانات المقدمة منه، وأنه لا يقيم بالعنوان المدون باستمارة الحجز بعد إجراء الاستعلام عنه من لجنتين مختلفتين، وأنها تأكدت من عدم إقامته بهذه الوحدة المخصصة له بمدينة العاشر من رمضان. وقد استخلصت هذه الأسانيد من التحريات التي أجرتها اللجان المختصة بها في غضون عام 2001 - أي بعد تسليم الوحدة المطعون ضده بأكثر من أربع سنوات، ومتى كان ذلك، لاسيما وقد تأكد أن المطعون ضده لا يقيم بالعقار رقم 11ش ابن سندر بحدائق القبة حيث تقيم والدته حسبما دلت على ذلك التحريات التي أجرتها الجهة المختصة، كما ثبت من أقوال بعض جيران والدة المطعون ضده الذين نفوا إقامته معها بذلك العنوان - وهو ما يؤكد صحة البيانات التي دونها باستمارة الحجز. والتي يدعمها ما تضمنته قسيمة زواجه المؤرخ في 2/ 12/ 1994 ولما كان ذلك، وكان المعول عليه في إلغاء التخصيص هو عدم صحة البيانات الواردة باستمارة الحجز عند تقديمها وهو الأمر الذي لم يقم عليه من ظاهر الأوراق دليل فمن ثم يكون استناد الجهة الإدارية إلى التحريات التي تمت عام 2001 للقول بعدم صحة البيانات المقدمة عند الحجز غير قائم على سند من الواقع، لاسيما وأن هذه التحريات خلت من بيان محل إقامته الفعلي المغاير لما تضمنته البيانات المقدمة منه.
وغني عن البيان أن استناد الجهة الإدارية الطاعنة إلى عدم إقامة المطعون ضده بالوحدة المخصصة له بالعاشر من رمضان وقت إجراء التحريات في 18/ 6/ 2001 برره المطعون ضده بمرض والدته وحاجتها إلى رعايته ووجوده بجانبها لمتابعة علاجها بعض الوقت، دون أن يثبت أنه يقيم معها بصفة دائمة، وقد قدم المستندات الدالة على مرضها، الأمر الذي يكون معه طلب إلغاء قرار إلغاء التخصيص قائمًا على أسباب مبررة مرجح القبول عند الفصل في موضوع الدعوى، كما يتوفر أيضًا ركن الاستعجال وعلى ما استظهره - وبحق - الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يغدو معه الطعن غير قائم على أساس من القانون حريًا بالرفض، مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعًا وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.


(1) قارن عكس ذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6777 لسنة 49 عليا جلسة 17/ 1/ 2007 - منشور بمجموعة السنة 52 مكتب فني - مبدأ (44) - ص 300، حيث قضى بأنه للجهة الإدارية في حالة المخالفة إلغاء التخصيص أو العقد بحسب الأحوال، وهو ما يقطع بأن التخصيص وإن كان مقدمة للتعاقد في تحديد شخص التعاقد مع الإدارة، إلا أنه تتكامل فيه أركان القرار الإداري وينفصل عن العقد، ومن ثم يجوز الطعن عليه بطريق الطعن بالإلغاء استقلالاً، ويكون نظر الطعن عليه لمحكمة القضاء الإداري.
- وقارن أيضًا: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6420 لسنة 47 قضائية عليا بجلسة 1/ 1/ 2005 - منشور بالسنة 50 مكتب فني - مبدأ (55) - ص 394 والذي انتهى إلى أن قرار هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة برفض تخصيص وحدة سكنية بمشروع مبارك للشباب يعد قرارًا إداريًا، يكون لذي الشأن أن يلجأ حال المنازعة فيه إلى قضاء مجلس الدولة لمراقبة مدى مشروعيته.