مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 158

(16)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 2008
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقص رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 1126 لسنة 50 القضائية عليا

( أ ) دعوى - الطعن في الأحكام - أثر صدور حكم محكمة أول درجة بالمخالفة لقواعد الاختصاص، ثم صدور تعديل تشريعي أثناء نظر الطعن عليه يعقد الاختصاص مرة أخرى للمحكمة ذاتها.
- المادتان رقما (8) و(17) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم (177) لسنة 2005.
إذا صدر حكم محكمة أول درجة بالمخالفة لقواعد الاختصاص، ثم صدر تعديل تشريعي أثناء نظر الطعن على هذا الحكم أمام محكمة الطعن بعقد الاختصاص مرة أخرى لمحكمة أول درجة؛ فإنه لا جدوى من إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادته مرة أخرى إلى محكمة أول درجة عملا بمبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة - تطبيق.
(ب) أحزاب سياسية - رئيس تحرير الجريدة الناطقة باسم الحزب صاحب صفة في الطعن على قرار وقفها.
رئيس تحرير الجريدة الناطقة باسم الحزب، تكون له المصلحة ومن ثم الصفة في إقامة دعوى طعنا على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بوقف إصدار هذا الجريدة - تطبيق.
(جـ) أحزاب سياسية - وجود نزاع على رئاسة الحزب ليس من شأنه أن يعوق الحزب عن أداء دوره في الحياة السياسية.
وجود نزاع على رئاسة الحزب ليس من شأنه أن يعوق الحزب عن أداء دوره في الحياة السياسية - أساس ذلك: للحزب شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية رئيسه، ويستطيع ما دام قائما أن يستمر في نشاطه ويشارك في الحياة السياسية - وقف إصدار الصحف بالطريق الإداري أمر يحظره الدستور - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 2/ 11/ 2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه أعلاه, على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الأولى) بجلسة 17/ 9/ 2003 في الدعوى رقم 21525 لسنة 57ق، الذي قضى في منطوقه برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وبقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الطلب العاجل، وإحالة الدعوى على هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعنان بصفتيهما في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء محددًا أصليا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوي، واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ومن باب الاحتياط الكلي: برفض طلب وقف التنفيذ، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي في الحالتين الأخيرتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه بالمادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) على النحو المشار إليه بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده خمس حوافظ مستندات ومذكرة، وبجلسة 19/ 5/ 2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى "موضوع" بالمحكمة، لنظرة بجلسة 27/ 9/ 2008، وقد تدوول نظر الطعن بالجلسات أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضرها حيث قدم الحاضر عن الطاعنين بصفتيهما مذكرة صمم فيها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، كما قدم المطعون ضده حافظة مستندات ومذكرة التمس فيها الحكم برفض الطعن, وبجلسة 18/ 10/ 2008 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، من ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاة من أوراقها تجمل - وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه - في أنه بتاريخ 29/ 5/ 2003 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 21525 لسنة 57ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد الطاعنين بصفتيهما، طالبًا فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الشورى ورئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بعدم إصدار جريدة حزب مصر الفتاة، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بيانًا لدعواه أنه رئيس جريدة مصر الفتاة وهي لسان حال حزب مصر الفتاة، وقد أصدرت الجريدة العديد من الأعداد, وفي غضون عام 1996 أصدرت لجنة شئون الأحزاب السياسية قرارًا بعدم أحقية الحزب في إصدار صحيفته لوجود نزاع على رئاسة الحزب، وعقد الحزب مؤتمرًا عامًا تم فيه انتخاب أحمد عز الدين محمد سليمان رئيسًا للحزب، وتم إخطار اللجنة المذكورة بذلك، وقام الحزب بطبع الجريدة عام 1997 إلا أن مباحث المصنفات الفنية قامت بالتحفظ على الجريدة وحرر عن ذلك المحضر رقم 7150 لسنة 97 إداري السيدة زينب، ثم حصل الحزب على قرار بأن النزاع على رئاسة الحزب تم حسمه اتفاقًا بانتخاب أحمد عز الدين محمد سليمان رئيسًا للحزب ولكن مباحث المصنفات الفنية تعرضت للجريدة أكثر من مرة، وبتاريخ 19/ 9/ 2003 تم إخطاره بالقرار المطعون فيه، ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون، وأنه جاء متسمًا بالتعسف في استعمال السلطة، واختتم صحيفة دعواه بالطلبات آنفة الذكر.
وقد تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري وبجلسة 17/ 9/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه المشار إليه آنفًا، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه صادر عن لجنة شئون الأحزاب السياسية وهو قرار إداري، يخضع للرقابة القضائية لمحكمة القضاء الإداري ولا تختص بنظره الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه بالمادة 8 من قانون الأحزاب السياسية، وفيما يتعلق بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، أشارت المحكمة إلى أن صحف الأحزاب السياسية هي وسيلتها في التعبير عن إرادتها ومقترحاتها في المجالات المختلفة، وأن صحف الأحزاب السياسية تستوي مع غيرها من الصحف في الحماية التي قررها الدستور لها، وأن قانون الأحزاب السياسية لم يعط للجنة شئون الأحزاب السياسية سلطة وقف إصدار صحف الأحزاب السياسية إلا إذا اقتضت مصلحة قومية لذلك، ولما كانت الأوراق المقدمة من جهة الإدارة قد أجدبت عما يستفاد منه وجود سبب يبرر قرارها المطعون فيه، وأن وجود نزاع على رئاسة الحزب المذكور بفرض وجوده لا يصلح سببًا كافيًا لوقف صحيفة الحزب، الأمر الذي يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، كما يتوفر ركن الاستعجال في هذا الطلب لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في الاعتداء على حق الحزب المذكور في إصدار صحيفته، ومن ثم خلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين بصفتيهما، فقد قاما بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل, ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، لأسباب حاصلها عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى، واختصاص الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه بالمادة 8 من قانون الأحزاب السياسية بنظر الدعوى، كما أن الدعوى مقامة من غير ذي صفة، لإقامتها من رئيس تحرير الجريدة الناطقة باسم الحزب في حين أن هذا الحق قاصر على رئيس الحزب، كما أن وجود نزاع على رئاسة الحزب يجعل الحزب بلا كيان قانوني، وبالتالي موقوف النشاط ولا يحق له من ثم إصدار جريدته.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن (عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بنظرها للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه بالمادة 8 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977), فإن المادة 17 من هذا القانون كانت - قبل تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 - تجعل الاختصاص للمحكمة المذكورة بنظر بعض المنازعات على سبيل الحصر، ومنها قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بوقف إصدار صحف الحزب لمقتضيات المصلحة القومية، إلا أنه بموجب التعديل الذي أدخله المشرع بالقانون رقم 177 لسنة 2005 على المادة 17 سالفة الذكر، فقد ألغي بمقتضاه حق لجنة شئون الأحزاب السياسية في وقف إصدار صحف الحزب لمقتضيات المصلحة القومية، على أساس أن هذا الحق يناقض نصي المادتين 48 و208 من الدستور اللتين تحظران وقف إصدار الصحف أو إلغاءها بالطريق الإداري، وبهذه المثابة فإن الدفع بعد اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى واختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه بالمادة 8 من هذا القانون وإن كان صحيحًا عند صدور القرار المطعون فيه غضون عام 2003 وحتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، بحسبان أن الاختصاص آنذاك كان ينعقد لتلك المحكمة بنظر النزاع إعمالاً لصريح حكم المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية، إلا أن هذا الاختصاص قد زال بعد ذلك عن تلك المحكمة بموجب التعديل الذي أدخل على تلك المادة بالقانون رقم 177 لسنة 2005 وأصبحت محكمة القضاء الإداري هي المختصة بنظر النزاع باعتبارها صاحبة الولاية العامة في نظر الطعون على القرارات الإدارية، ولما كان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قد سبق لها في حكمها المطعون فيه التصدي لموضوع النزاع وفصلت فيه على نحو ما سلف بيانه، وعملاً بمبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة، فمن ثم فإنه لا جدوى من إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري، الأمر الذي يتعين معه في ضوء ما تقدم الالتفات عن الوجه الأول من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن (المتعلق بعدم قبول الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، لرفعها من غير ذي صفة) فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد أقام دعواه بصفته رئيس تحرير الجريدة الناطقة باسم الحزب المذكور، وبالتالي تكون له المصلحة ومن ثم الصفة في الطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بوقف إصدار تلك الجريدة، الأمر الذي يصبح معه ذلك الوجه من أوجه الطعن، والحالة هذه، غير مستند إلى سبب صحيح، متعينًا رفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن المتضمن أنه مادام يوجد نزاعه على رئاسة الحزب المذكور، فإن الحزب يكون بلا كيان قانوني وموقوف النشاط ولا يحق له من ثم إصدار جريدته, فإن هذا الوجه من أوجه الطعن مردود بأن للحزب شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية رئيسه، ويستطيع مادام قائمًا أن يستمر في نشاطه ويشارك في الحياة السياسية بغض النظر عن وجود نزاع على رئاسة الحزب، إذ المفترض أن هذا النزاع ليس من شأنه أن يعوق الحزب عن أداء دوره في الحياة السياسية، هذا بالإضافة إلى أن وقف إصدار الصحف بالطريق الإداري أمر يحظره الدستور على ما سلف بيانه.
ومن حيث أنه في ضوء كل ما تقدم إذ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن على قرار وقف إصدار جريدة حزب مصر الفتاة، وبقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يكون قد صادف وجه الحق فيما قضى به، ومن ثم يكون جديرًا بالتأييد، ويضحى الطعن عليه، والحالة هذه، لا عاصم له من الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلتزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمة المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.