مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 - صـ 208

(23)
جلسة 3 من يناير سنة 2009
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقس رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 6782 لسنة 49 القضائية عليا.

اختصاص - ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة - نظر الطعن على القرارات الصادرة عن اللجنة المختصة بالطعن في بيانات الحيازة الزراعية.
- المادتان (91) و(93) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966.
- المواد (1) و(2) و(10) و(13) من قرار وزير الزراعة رقم 59 لسنة 1985 بشأن نظام الحيازة الزراعية.
بين المشرع في القانون المذكور من هو حائز الأرق الزراعية، وضوابط تدوين بيانات الحيازة الزراعية وما يطرأ عليها من تعديلات، وأناط بوزير الزراعة إصدار قرار بتحديد طرق الطعن في بيانات الحيازة الزراعية، واللجنة التي تقوم بالفصل في الطعون - القرارات الصادرة عن هذه اللجنة هي قرارات إدارية نهائية - ترتيبًا على ذلك: ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها، بحسبانه صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.


الإجراءات

بتاريخ 3/ 4/ 2003 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريرًا بالطعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه أعلاه، طعنًا على الحكم الصادر بجلسة 2/ 2/ 2003 من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 224 لسنة 20 ق، الذي قضى في منطوقه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة مركز المنصورة الجزئية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لنظرها والفصل فيها للاختصاص.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها بهيئة مغايرة، وإلزام من يخسر الدعوى المصروفات.
وقد نُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المشار إليه بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 2/ 2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 5/ 5/ 2007، حيث نُظر الطعن بهذه الجلسة أمام الدائرة الأولى موضوع والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 15/ 11/ 2008 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاة من أوراقها تجمل - وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه - في أنه بتاريخ 30/ 10/ 1997 أقام/ على .......، الدعوى رم 224 لسنة 20 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية المدعي عليها بنقل حيازة الأرض الزراعية ومساحتها 10 س و10 ط و5 ف بناحية ميت خيرون مركز المنصورة، من اسمه إلى اسم السيد .....، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليهم في تلك الدعوى بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض.
وبسط شرح دعواه قائلاً أنه يمتلك مساحة الأرض المذكورة بموجب عقد بيع محرر بتاريخ 22/ 6/ 1986، ثم زعم المدعي عليه الأول في تلك الدعوى السيد/ .......... أنه قد قام بشرائها، بالمخالفة للحقيقة، رغم أنه صدر حكم نهائي ببطلان التوقيع على عقد بيعها. كما أنه (المدعي) هو الحائز الفعلي لها، إلا أن مدير الإدارة الزراعية بالمنصورة أصدر قرارًا بنقل حيازة تلك المساحة إلى المدعى عليه الأول المنوه إليه، وقام مدير جمعية ميت خيرون الزراعية بنقل الحيازة بسجلات الجمعية تنفيذًا لذلك، لذلك فقد أقام دعواه للحكم له بالطلبات آنفة الذكر، وقد أودعت هيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات ونظرت المحكمة الدعوى بجلساتها وبجلسة 2/ 2/ 2003 أصدرت حكمها المطعون فيه المشار إليه آنفًا، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه بنقل حيازة الأرض الزراعية محل النزاع ليس قرارًا إداريًا مما تختص بنظره محكمة القضاء الإداري ولائيًا، وإنما هو يتعلق بأوضاع وحقوق تقع في منطقة القانون الخاص، وينظمها هذا القانون، وتختص بنظرها محاكم القضاء العادي.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن بصفته، فقد قام بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل، ناعيًا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تأويله وتطبيقه حيث ناط قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 بوزير الزراعة إصدار قرارات في عدة مسائل منها نماذج السجلات وبطاقات الحيازة الزراعية وطرق القيد فيها وطرق الطعن في بيانات الحيازة الزراعية والجهة التي تفصل في الطعن والإجراءات التي تتبعها، وتنفيذًا لذلك فقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 59 لسنة 1985 الذي وضع نظامًا لبطاقة الحيازة الزراعية وأجاز لكل ذي شأن أن يطعن في بيانات تلك الحيازة وعهد إلى لجنة تختص بنظر تلك الطعون، واعتبر بيانات الحيازة المعتمدة من تلك اللجنة نهائية، والقرارات الصادرة عن تلك اللجنة هي قرارات إدارية يتوافر لها مقومات القرار الإداري مما يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها، من ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قانون الزراعة رم 53 لسنة 1966 يبين أنه ينص في المادة 90 منه على أن: " يعتر حائزًا ..... "، وينص في المادة 91 منه على أن: " .. تعد وزارة الزراعة بطاقة الحيازة الزراعية ويدون بها البيانات الخاصة بكل حائز .... "، وينص في المادة 93 منه على أنه: " يجب على كل حائز .... أن يقدم في ا لمواعيد التي يحددها وزير الزراعة إلى الجمعية التعاونية بيانًا بمقدار ما في حيازته من أرض زراعية ... وما يطرأ على هذه البيانات من تغيير... وعلى الجمعية أن تعرض لتلك البيانات على لجنة تشكل من ... "، وتنص المادة 93 من ذات القانون على أن: " يصدر وزير الزراعة قرارات في المسائل الآتية: أ - تحديد نماذج السجلات وبطاقات الحيازة والأوراق التي تتطلبها وطرق القيد فيها ... وقواعد إثبات ما يطرأ على بيانات البطاقة من تغيير، وتعتبر السجلات وبطاقات الحيازة أوراقًا رسمية. ب - طرق الطعن في بيانات الحيازة .... والجهة التي تفصل في الطعن وكيفية تشكيلها والإجراءات التي تتبعها .... " وتنفيذًا لما تقدم فقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 59 لسنة 1985 بشأن نظام الحيازة الزراعية، ونص في المادة 1 منه على أن: " يعمل بنظام الحيازة الزراعية المرفق تنفيذًا لأحكام قانون الزراعة "، وتنص المادة 2 منه على أن: " تعد بطاقة الحيازة الزراعية وفقًا للنموذج المعتمد ..... وتقوم مديرية الزراعة بترقيم بطاقات الحيازة بأرقام مسلسلة قبل تسليمها للجمعيات الزراعية .... "، وتنص المادة 10 منه على أن: " لكل ذي شأن أن يطعن في بيانات الحيازة ... وتفصل في الطعن لجنة تشكل في كل مركز إداري بقرار من مدير مديرية الزراعة المختص .... "، وينص في المادة 13 منه على أن: " تعتبر البيانات المتعلقة بالحيازة التي اعتمدت من اللجنة ... بعد انقضاء مواعيد الطعن أو بعد الفصل في الطعون المقدمة نهائية ..... ".
والمستفاد من جميع النصوص المتقدمة أن المشرع في القانون المذكور قد بين من هو حائز الأرض الزراعية، وضوابط تدوين بيانات الحيازة الزراعية وما يطرأ عليها من تعديلات، وأناط بوزير الزراعة إصدار قرار بتحديد طرق الطعن في بيانات الحيازة الزراعية، واللجنة التي تقوم بالفصل في الطعون، وقد أصدر وزير الزراعة قراره المنوه إليه، وحدد اللجنة التي يطعن أمامها في بيانات الحيازة الزراعية، وجعل القرارات الصادرة عن هذه اللجنة نهائية.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن موضوع النزاع على حيازة الأرض الزراعية المشار إليها كان قد عرض على لجنة الطعون المذكورة بالطعن رقم 375 لسنة 1977 وقررت اللجنة بشأنه قبول الطعن شكلاً وتعدي بيانات الحيازة المدعي/ على .... إلى المدعى عليه/ السيد .....، ولما كانت هذه اللجنة فيما يعرض عليها من أنزعة على الحيازة تصدر قرارات إدارية، وهذه القرارات هي قرارات إدارية نهائية، صادرة عنها بمقتضى السلطة المخولة لها قانونًا، بقصد إحداث أثر قانوني معين بتحديد وضع حائز الأرض الزراعية، ومن ثم فإن هذه القرارات تتوافر لها مقومات القرارات الإدارية، مما ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بها، بحسابه صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، وإذ ذهب إلى غير ما تقدم، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يجعله حقيقًا بالإلغاء، مع إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها مجددًا بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، للفصل فيها مجددًا من هيئة مغايرة، وأبقت الفصل في المصروفات.