مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 - صـ 283

(34)
جلسة 21 من فبراير سنة 2009
(الدائرة الخامسة)

السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ محمود إسماعيل رسلان نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ بلال أحمد محمد نصار نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد حامد محمد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ محمد هشام أحمد الكشكي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 2765 لسنة 49 القضائية عليا.

( أ ) توجيه وتنظيم أعمال البناء - صاحب الصفة في طلب إلغاء قرار إزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة.
لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون لرافعها مصلحة في رفعها، إنما يجب أن تتوافر في هذه المصلحة أوصاف معينة تجلها جديرة بالاعتبار، فيجب أن تكون المصلحة قانونية وشخصية ومباشرة وقائمة - المقصود باشتراط المصلحة الشخصية والمباشرة أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني المراد حمايته، وهو ما يعبر عنه بشرط الصفة - ترتيبًا على ذلك: يشترط لقبول دعوى إلغاء القرار الصادر بتصحيح أو إزالة الأعمال المخالفة أن تقام من صاحب العقار محل المخالفة أو من يمثله قانونًا، وإلا عُدَّت الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة - تطبيق.
(ب) دعوى - الطعن في الأحكام - الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الصادر في الشق الموضوعي يثير المنازعة برمتها شكلاً وموضوعًا.
للمحكمة الإدارية العليا أن تحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً رغم قضاء المحكمة المطعون في حكمها برفض الدعوى دون التطرق لشكل الدعوى، باعتبار أنها قد سبق لها أن قضت بقبولها وهي بصدد الفصل في الشق العاجل - أساس ذلك: أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع بأكمله أمامها لتزنه بميزان القانون الصحيح من تلقاء نفسها، وأن حجية الحكم الصادر في وقف التنفيذ هي حجية مؤقتة تنتهي بصدور حكم في الموضوع - ترتيبًا على ذلك: للمحكمة الإدارية العليا وهي بصدد نظر الطعن في موضوع الدعوى البحث في مدى توافر الصفة والمصلحة في الدعوى باعتبارها من الأمور المتعلقة بالنظام العام، يجوز الدفع بتخلفها ولو لأول مرة أمامها، كما أن للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها - تطبيق.


الإجراءات

قي يوم الاثنين الموافق 6/ 1/ 2003 أودع الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم المشار إليه والذي قضى في منطوقه برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، القضاء مجددًا بإلغاء قرار الغزالة المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على المطعون ضدهم بصفاتهم في مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة (الدائرة الأولى) بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 1/ 10/ 2007 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 15/ 12/ 2007 والتي نظرته بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، وبجلسة 11/ 10/ 2008 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع للاختصاص، حيث قامت بنظره بجلسة 22/ 11/ 2008، وبجلسة 10/ 1/ 2009 والتي فيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وصرحت بإيداع مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه في أنه بتاريخ 9/ 6/ 1999 أقام المدعون (الطاعنون) الدعوى رقم 7689 لسنة 53ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المطعون ضدهم بصفاتهم، طالبين في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم (229) لسنة 1992 بإزالة الدور التاسع بعقار مورثهم الكائن بالقطعة رقم (15) بلوك (134) المنطقة السادسة - قسم مدينة نصر - محافظة القاهرة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، حيث قامت المحكمة المذكورة بنظر الشق المستعجل من الدعوى بجلساتها، ولجلسة 9/ 5/ 2000 قضت بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعين المصروفات، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، وقد قامت هيئة مفوضي الدولة بإيداع تقريرها في هذا الطلب، ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات، وعلى إثر ذلك عاودت المحكمة المذكورة نظر الدعوى بجلساتها وبجلسة 10/ 11/ 2002 أصدرت الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض الدعوى.
وشيدت المحكمة قضاءها - عقب استعراضها لنصوص المواد أرقام (4، 11، 15، 16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانونين رقم 30 لسنة 1983 والقانون رقم 25 لسنة 1992 - على أسباب حاصلها أن الثابت من الأوراق أن مالك العقار الموضح بصحيفة الدعوى قد قام ببناء الأدوار من السادس حتى الحادي عشر فوق البدروم بدون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وبالمخالفة لاشتراطات شركة مدينة نصر للإسكان، فقامت جهة الإدارة بتحرير محضر المخالفة رقم (230) لسنة 1992، ثم أوقفت الأعمال المخالفة بقرارها رقم (129) لسنة 1992، وإذ أصدرت قرارها المطعون فيه بإزالة وتصحيح هذه الأعمال فإنه يكون قائمًا على سببه المبرر له متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون طلب إلغائه قد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون حريًا برفضه. وخلصت المحكمة من ذلك إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله، فضلاً عن صدوره مشوبًا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع للأسباب المبينة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الطاعنين يطلبون في الطعن الماثل الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار رقم (229) لسنة 1992 الصادر عن نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية بإزالة الأدوار من السادس حتى الحادي عشر بعقار مورثهم الكائن بالقطعة رقم (15) بلوك (34) بحي مدينة نصر ما يترتب على ذلك آثار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون لرافعها مصلحة في رفعها، وإنما يجب أن تتوافر في هذه المصلحة أوصاف معينة تجعلها جديرة الاعتبار، فيجب أن تكون المصلحة قانونية شخصية ومباشرة وقائمة، والمقصود باشتراط المصلحة الشخصية والمباشرة أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني المراد حمايته، وهو ما يعبر عنه بشرط الصفة، ومقتضى ذلك أن صاحب الصفة في إقامة دعوى إلغاء قرار الإزالة هو صاحب العقار أو من يمثله قانونًا في ذلك.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد نصوص المواد (4، 5، 16، 17، 22) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983، قبل تعديله بالقانون رقم 101 لسنة 1996 - باعتبار أن القرار المطعون فيه قد صدر قبل العمل بالقانون الأخير - أن المشرع قد ناط بالمحافظ المختص أو من ينيبه إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة لأحكام هذا القانون، كما أوجب المشرع على ذوي الشأن الصادر في مواجهتهم قرار التصحيح أو الإزالة أن يبادروا على تنفيذ القرار الصادر في هذا الخصوص خلال المدة التي تحددها لهم الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فإذا امتنعوا عن التنفيذ أو انقضت المدة دون إتمامه قامت الجهة المذكورة بالتنفيذ بنفسها أو بواسطة من تعهد إليه بذلك، مع تحميل المخالفين جميع النفقات وتحصيلها منهم بطريق الحجز الإداري، بالإضافة إلى تعرض المذكورين للعقوبات الجنائية المنصوص عليها في المادة (22) من القانون المشار إليه، ومن مقتضى ذلك ولازمه أنه يشترط لقبول دعوى إلغاء القرار الصادر بتصحيح أو إزالة الأعمال المخالفة أن تقام من صاحب العقار محلها أو من يمثله قانونًا، ومن ثم فإذا كان المدعى لا يملك الحق في إقامة الدعوى ولا هو وكيل عن صاحب هذا الحق في إقامتها، فإن الدعوى تكون مرفوعة من غير ذي صفة.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كانت الثابت من الأوراق المودعة من هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القضاء الإداري وبصفة خاصة القرار المطعون فيه رقم (229) لسنة 1992 الذي طلب الطاعنون وقف تنفيذه وإلغاءه بالدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أنه تضمن تصحيح الأعمال المخالفة بالبدروم والأرضي والأدوار من الأول حتى الخامس، وإزالة الأدوار من السادس حتى الحادي عشر فوق البدروم والأرضي بالعقار الكائن بالقطعة رقم (16) بلوك (113) بالمنطقة السادسة بحي مدينة نصر - ملك/ .....، وفي حين أن القرار الصادر بشأن عقار الطاعنين والكائن بالقطعة رقم (15) بلوك (34) بالمنطقة السادسة بتصحيح الأعمال المخالفة بالبدروم والأرضي والأدوار حتى الخامس فوق الأرضي، وإزالة الأدوار من السادس حتى التاسع وما يستجد بهذا العقار يحمل رقم (1219) لسنة 1992 لم يكن محلاً للطعن من قبل الطاعنين، وبالتالي لم تتعرض المحكمة لبحث مشروعيته من عدمه لدى القضاء في الشق العاجل من الدعوى رقم 7689 لسنة 53 ق بالحكم الصادر بجلسة 9/ 5/ 2000 أو عند الفصل في موضوعها بالحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون منبت الصلة بعقار الطاعنين، وبالتالي تكون الدعوى رقم 7689 لسنة 53 ق المقامة من المذكورين بطلب إلغاء القرار رقم (229) لسنة 1992 المشار إليه غير مقبولة شكلاً لرفعها من غير ذي الصفة المتطلبة قانونًا.
ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة المطعون في حكمها قد قضت برفض الدعوى دون التطرق لشكل الدعوى باعتبار أنها قد سبق لها أن قضت بقبولها وهي بصدد الفصل في الشق العاجل؛ لأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع بأكمله أمامها لتزنه بميزان القانون الصحيح من تلقاء نفسها، خاصة وأن حجية الحكم الصادر في وقف التنفيذ هي حجية مؤقتة تنتهي بصدور حكم في الموضوع، ومن ثم فلا تغل يد المحكمة الإدارية العليا وهي بصدد نظر الطعن في موضوع الدعوى عن بحث مدى توافر الصفة والمصلحة في الدعوى باعتبارها من الأمور المتعلقة بالنظام العام يجوز الدفع بتخلفها ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا، كما أن للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، وبناء على ما سبق يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى استنادًا إلى سابقة قبولها شكلاً عند الفصل في الشق العاجل، فإنه يكون قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى رقم 7689 لسنة 53 ق إداري القاهرة لرفعها من غير ذي صفة مع إلزام الطاعنين المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى رقم 7689 لسنة 53 - إداري القاهرة المرفوعة بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم (229) لسنة 1992 والصادر فيها الحكم المطعون فيه لرفعها من غير ذي صفة، وذلك على النحو المبين في الأسباب، وألزمت الطاعنين المصروفات.