مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 366

(44)
جلسة 24 من مارس سنة 2009
(الدائرة الثالثة)

السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ يحي عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى محمد عبد المنعم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ منير صدقي يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ جعفر محمد قاسم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عمر ضاحي عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 22581 لسنة 51 القضائية عليا

عقد إداري - تنفيذه - مسئولية عقدية - مناط استحقاق التعويض على أساساها - إذا طلبت الإدارة الحكم بالتعويض ولم تتوافر أركانه، كان للمحكمة أن تقضي لها بتعويض يعادل غرامة التأخير إن تحقق مناط فرضها.
- المادتان 28، 29 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 (ملغي).
- المادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الصادر بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 (ملغاة)
حق الجهة الإدارية في الحصول على التعويض الذي تطالب به عما أصابها من أضرار نتيجة إخلال المتعاقد بالتزاماته العقدية يكون طبقًا للقواعد العامة في المسئولية العقدية، وذلك حال توافر أركانها من خطأ عقدي وضرر وعلاقة سببية - الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته الناشئة عن العقد أيًا كان سبب ذلك، ويقع على عاتق المضرور عبء إثبات حصول الضرر وتحديد عناصره وتقديم أدلته - إذا ك ان الخطأ العقدي ثابتًا في حق المتعاقد بعدم تنفيذه لالتزاماته العقدية، ولكن لم تقدم الجهة الإدارية دليلاً على الأضرار التي أصابتها وتحدد عناصرها، فإنها لا تستحق التعويض الذي تطالب به استنادًا للقواعد العامة في المسئولية العقدية، وإنما تستحق تعويضًا عن الضرر المفترض الذي لحق بها نتيجة إخلال المتعاقد بالتزاماته، والذي كفل المشرع جبره لها عن طريق فرض وتحصيل غرامة تأخير من المتعاقد - أساس ذلك: أن هذه الغرامة تمثل تعويضا للجهة الإدارية عن الضرر المفترض الذي أصابها، دون أن تكون ملزمة بإثبات هذا الضرر، ودون أن يكون للمتعاقد معها الحق في إثبات عدم حصوله - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق السابع عشر من أغسطس عام ألفين وخمسة أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن الماثل حيث قيد بجدولها برقم 22581 لسنة 51 ق قضائية عليا طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري - الدائرة السادسة بجلسة 19/ 6/ 2005 في الدعوى رقم 5532 لسنة 53ق القاضي بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلزام الشركة المدعي عليها بأن تؤدي للمدعي بصفته مبلغًا مقدراه واحد وعشرون ألفًا وسبع مئة وخمسون جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة ذمته من المبلغ المطالب به وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد أعلن الطعن قانونًا، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه رفض الطعن موضوعًا، ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ولم يحضر الطاعن أو من يمثله، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة - موضوع - بالمحكمة لنظره بجلسة 5/ 2/ 2008، وفيها نظرته المحكمة ثم تدوول أمامها بالجلسات، حيث أودع الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها وحافظة مستندات، كما قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه، وبجلسة 3/ 2/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/ 3/ 2009، وفيها قررت مد أجل النطق به إلى جلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الجهة الإدارية المطعون ضدها أقامت الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بتاريخ 25/ 3/ 1999 أمام محكمة القضاء الإداري، وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بإلزام المدعي عليه (الطاعن) أن يؤدي لها مبلغًا مقداره 21750 جنيهًا والفوائد القانونية عنه بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
وذكرت شرحًا للدعوى أنها تعاقدت مع المذكور بتاريخ 1/ 2/ 1998 على توريد (50) ماكينة درافيل كهربائية بمبلغ 435000 جنيه، على أن يتم التوريد إلى مخازن الإدارة في موعد غايته 6/ 5/ 1998، إلا أن المدعي عليه لم يقم بالتوريد رغم إنذاره أكثر من مرة، لذلك ثم إلغاء التعاقد في 26/ 9/ 1998 ومصادرة التأمين ومطالبة المذكور بنسبة 5% كتعويض عما لحق الجهة الإدارية من ضرر بسبب عدم استفادة طلاب المدارس الصناعية من هذه الماكينات بالتدريب عليها، وهو ضرر لا تجبره مصادرة التأمين النهائي، ولذلك يتعين إلزام المذكور بأن يؤدي لها التعويض المطلوب بنسبة 5% من قيمة العقد.
وقد تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري حتى أصدرت الحكم المطعون فيه، وشيدته على أسباب حاصلها أن المدعي عليه أخل بالتزاماته العقدية وارتكب خطأ عقديًا كان يجيز للجهة الإدارية توقيع غرامة تأخير عليه والحصول على قيمة نسبة 10% من العقد كمصروفات إدارية طبقًا للائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات، ولكنها قصرت طلباتها على التعويض المشار إليه، مما يتعين إلزام المدعي عليه بأدائه لها مع الفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام السداد عملاً بنص المادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إن الطاعن لم يرتض ذلك الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل استنادًا إلى أسباب حاصلها أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون لأن هناك ظروفا قهرية أدت إلى تأخره في التوريد، فقد استورد الماكينات المتعاقد عليها بالفعل وأخطر الجهة الإدارية في 30/ 5/ 1998 لمنحه مهلة لإنهاء الإفراج الجمركي عنها، ثم اتضح له أن الماكينات غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي رفض تسلمها وأعادها إلى بلد المنشأ، ولذلك طلب مهلة أخرى في 6/ 6/ 1998 إلا أن الجهة الإدارية لم ترد عليه، ثم أخطرها في 18/ 7 و21/ 7/ 1998 باستعداده للتوريد وتحديد ميعاد للتسلم، ولكنه فوجئ بإخطاره بتاريخ 28/ 9/ 1998 بإلغاء العقد، وخلص الطاعن إلى طلباته.
ومن أنه لما كانت المادة 28 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الذي يسري على العقد المبرم بين الطرفين بشأن توريد الماكينات المشار إليها تنص على أنه: "إذا أخل المتعاقد بأي شرط من شروط العقد كان للجهة المتعاقدة الحق في فسخ العقد أو في تنفيذه على حسابه"، ونصت المادة 29 من ذات القانون على أحقية الجهة الإدارية في حالة فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد معها في مصادرة التأمين النهائي والحصول على جميع ما تستحقه من غرامات مما يكون مستحقًا له طرفها أو لدى أية جهة أخرى، وطبقًا لنص المادة 92 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور فإنه إذا تأخر المتعهد في توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها عن الميعاد المحدد - ويدخل في ذلك الأصناف المرفوضة - جاز للسلطة المختصة منحه مهلة إضافية للتوريد مع توقيع غرامة تأخير عليه طبقًا للنسب المحددة بهذه المادة، وبحد أقصى 4% من قيمة الأصناف المذكورة، فإن لم يقم بالتوريد خلال الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة التي منحت له كان للجهة الإدارية الحق أن تتخذ حياله أحد إجراءين: أولهما - شراء الأصناف التي لم يقم بتوريدها على حسابه وتحميله الآثار المالية التي تترتب على ذلك حسبما ورد بالنص، والثاني - إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازي 10% من قيمتها والحصول على جميع ما تستحقه من غرامات أو تعويضات عما يلحق بها من أضرار، دون حاجة للالتجاء إلى القضاء، مع إخطار المتعهد بذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه كان يتعين على الطاعن طبقًا للعقد المبروم معه أن يقوم بتوريد الماكينات المشار إليها إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها في موعد غايته 6/ 5/ 1998، إلا أنه لم يلتزم بذلك رغم إنذاره أكثر من مرة في 7/ 5 و18/ 5 و28/ 5/ 1998 ولم يقم بالتوريد، وبالتالي يكون صحيحًا وموافقًا للنصوص سالفة البيان ما قامت به الجهة الإدارية من إلغاء للعقد المشار إليه - أي فسخه - ومصادرة التأمين النهائي المقدم من المطعون ضده بما يوازي10% من قيمة هذه الأصناف.
أما عن التعويض الذي تطالب به الجهة الإدارية عما أصابها من أضرار نتيجة إخلال الطاعن بالتزاماته العقدية فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الإدارة في الحصول على هذا التعويض طبقًا للقواعد العامة في المسئولية العقدية يكون في حالة توافر أركان هذه المسئولية من خطأ عقدي وضرر وعلاقة سببية، والخطأ العقدي هو عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته الناشئة عن العقد أيًا كان سبب ذلك، ويقع على عاتق المتعاقد المضرور عبء إثبات حصول الضرر وتحديد عناصره وتقديم أدلته، وإذا كان الخطأ العقدي ثابتًا في حق الطاعن بعدم تنفيذه لالتزاماته العقدية بتوريد الماكينات المتعاقد عليها إلا أن الجهة الإدارية لا تستحق التعويض الذي تطالب به استنادًا إلى القواعد العامة في المسئولية العقدية لأنها لم تقدم دليلاً على الأضرار التي أصابتها وتحدد عناصرها، وإنما تستحق تعويضًا عن الضرر المفترض الذي لحق بها نتيجة إخلال الطاعن بالتزاماته والذي كفل المشرع في النصوص سالفة البيان لجهة الإدارة جبره عن طريق فرض وتحصيل غرامة تأخير من الطاعن بواقع 4% من قيمة العقد، إذ إن هذه الغرامة تمثل تعويذًا للجهة الإدارية عن الضرر المفترض الذي أصابها دون أن تكون ملزمة بإثبات هذا الضرر، ودون أن يكون للمتعاقد معها الحق في إثبات عدم حصوله، ولما كان الثابت أن الإدارة ضدها لم تحصل على قيمة هذه الغرامة المستحقة قانونًا من الطاعن رغم تمسكها بأحقيتها في التعويض عما أصابها من أضرار نتيجة إخلال الطاعن بالتزاماته العقدية، فإن المحكمة تقضي لها بتعويض يتمثل في قيمة النسبة التي تستحقها قانونًا من هذه الغرامة، وهي كما تقدم 4%. من قيمة الأصناف أي 4% × 435000 = 17400 جنيه، أما عن مطالبتها بتعويض يزيد على هذه النسبة طبقًا للقواعد العامة في المسئولية العقدية فلا سند له كما تقدم حيث يقع على عاتقها عبء إثبات الضرر الذي أصابها بخلاف الضرر المفترض على النحو سالف البيان.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإنه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الطاعن أن يؤدي للجهة الإدارية المبلغ المشار إليه فقط والفوائد القانونية عن هذا المبلغ طبقًا للمادة 226 مدني بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 25/ 3/ 1999 حتى تمام السداد.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن الطرفين يلتزمان بها مناصفة عملاً بنص المادة 186 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الطاعن أن يؤدي للجهة الإدارية المطعون ضدها مبلغ مقداره 17400 جنيه (سبعة عشر ألفًا وأربع مئة جنيه)، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 25/ 3/ 1999 حتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.