مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 372

(45)
جلسة 28 من مارس سنة 2009
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقص رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفى نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجروانى نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 20105 لسنة 51 القضائية عليا

( أ ) رسوم - المفهوم القانوني للرسم - عناصره.
الرسم بمعناه القانوني هو مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه، وهو بهذا يتكون من عنصرين: أولهما أنه يدفع مقابل خدمة معينة، والثاني: أنه لا يدفع اختيارًا؛ إنما يؤدي كرهًا بطريق الإلزام وتستأديه الدولة من الأفراد بما لها عليهم من سلطة الجباية، وقد تقدم هذه الخدمة للفرد دون أن يطلبها، وقد تقدم له ولو أظهر عدم رغبته فيها - لا يتمثل عنصر الإكراه في التزام الفرد بدفع الرسم مقابل الخدمة المؤداة له، ولكنه يتمثل في حالة الضرورة القانونية التي تلجئ الفرد إلى المرفق العام لاقتضاء هذه الخدمة - تطبيق.
(ب) جمعيات - الجمعيات التعاونية الإنتاجية - إعفاؤها من الضرائب والرسوم التي تقررها المجالس المحلية طبقًا لأحكام قانون الإدارة المحلية.
- المادة (40) من قانون التعاون الإنتاجي رقم 110 لسنة 1975.
- المادة (35) من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981.
- المادة (28) من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدلة بالقانون رقم 210 لسنة 1980.
رعاية من المشروع لدور الجمعيات التعاونية الإنتاجية في خدمة المجتمع، ورفعًا للأعباء الملقاة على عاتقها؛ قرر إعفاءها من الضرائب والرسوم التي تقررها المجالس المحلية طبقًا لأحكام قانون الإدارة المحلية - حدد المشرع هذه الضرائب والرسوم بالمادة (35) من القانون المذكور، وضمنها ضرائب ورسوم السيارات، والضرائب والرسوم الأخرى ذات الطابع المحلي التي تفرض لمصلحة المحافظة - ترتيبًا على ذلك: لا يجوز إخضاع سيارات الجمعيات التعاونية التي تقوم بنقل الركاب لدفع (الكارتة) المقررة حسب كل خط سير؛ باعتبار أن هذه (الكارتة)هي في حقيقتها رسم - تطبيق.


الإجراءات

إنه في يوم الأحد الموافق 24/ 7/ 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن (محافظ الجيزة بصفته) سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري - الدائرة الأولى - في الدعوى رقم 575 لسنة 57ق بجلسة 31/ 5/ 2005 الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنته من إخضاع سيارات الجمعيات المدعية لدفع الكارتة ووقف تراخيص سياراتها الجديدة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - أولاً: قبول الطعن شكلاً، وثانيًا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إخضاع سيارات الجمعيات المدعية لدفع الكارثة ووقف تراخيص سياراتها الجديدة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) وبجلستها المنعقدة بتاريخ 19/ 5/ 2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/ 9/ 2008, وبهذه الجلسة نظرت هذه الدائرة الطعن حيث تدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها, وبجلسة 21/ 2/ 2009 قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم, وبهذه الجلسة صدر الحكم مشتملاً على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 575 لسنة 57ق أمام محكمة القضاء الإداري - الدائرة الأولى - بالقاهرة بتاريخ 8/ 10/ 2002 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 7139 لسنة 2002 الصادر عن محافظ الجيزة بتاريخ 19/ 6/ 2002 فيما تضمنه من إخضاع سيارات الجمعيات المدعية لدفع الكارتة حسب كل خط سير، وعدم استخراج أية تراخيص لهذه السيارات إلا إذا كانت تحمل خط سير معتمدًا، ووقف أية تراخيص جديدة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعون شرحًا لدعواهم أنه بتاريخ 19/ 6/ 2002 أصدر محافظ الجيزة (بصفته) القرار المطعون فيه رقم 7139 وقد تضمن إنشاء جهاز إدارة مشروع النقل الجماعي بمحافظة الجيزة، وتضمن إخضاع جميع سيارات الجمعيات التعاونية الإنتاجية لنقل الركاب لمشروع النقل الجماعي، واستخراج خطوط سير لها، ودفع الكارتة المقررة حسب كل خط سير، وتطبيق القواعد واللوائح التي تطبق على مشروع السرفيس عند الترخيص، ووقف تراخيص السيارات الجديدة لها، وقد تظلم المدعون من القرار المذكور بتاريخ 10/ 8/ 2002 وتم رفض التظلم، الأمر الذي دفعهم إلى إقامة الدعوى رقم 575 لسنة 57 ق المطعون على الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل، وبجلسة 31/ 5/ 2005 أصدرت المحكمة حكمها في هذه الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إخضاع سيارات الجمعيات المدعية لدفع الكارتة ووقف تراخيص سياراتها الجديدة على النحو المبين تفصيلاً بالأسباب، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الدستور صان الملكية التعاونية من أي اعتداء، وحرص في المادة (40) من قانون التعاون الإنتاجي على إعفاء الجمعيات التعاونية الإنتاجية من الضرائب والرسوم، ومنها الرسوم المقررة طبقًا لقانون الإدارة المحلية، فإذا كان من حق الجهة الإدارية تنظيم مرفق النقل داخل المحافظة، وإنشاء جهاز الإدارة مشروع النقل الجماعي، إلا أن ذلك لا يبرر قرارها بوقف تراخيص سيارات الجمعيات التعاونية للنقل الجديدة والاكتفاء بعدد السيارات المرخص بها في تاريخ صدور القرار الطعين، كما لا يجوز لها إخضاع هذه السيارات لنظام الكارتة وعدم استخراج تراخيص إلا إذا كان للسيارة خط سير معتمد، إذ إن الكارتة لا تعدو أن تكون رسمًا، والجمعيات التعاونية معفاة منه.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله حيث إن القرار المطعون عليه متفق مع صحيح أحكام القانون ومحقق للمصلحة العامة، ولا تعتبر الكارتة التي تدفعها السيارات التابعة للجمعيات التعاونية حسب كل خط سير رسمًا، ولكنها مجرد مبالغ رمزية تحصل من تلك السيارات لتعود إلى مالكي تلك السيارات في صورة أخرى حيث تساهم تلك المبالغ في تحسين المحطات والمواقف الخاصة بتلك السيارات وتزويدها بالاستراحات والمظلات ودورات المياه، هذا فضلاً عن أن القرار الصادر بالكارتة لم يصدر عن المجلس الشعبي، الأمر الذي يؤكد أن الكارتة ليست رسمًا، وعلى فرض أن تلك الكارتة رسم وأن الرسم لا يفرض إلا بقانون فإن المادة (12) من قانون الإدارة المحلية أعطت للمجلس الشعبي المحلي بكل محافظة سلطة فرض رسوم ذات طابع محلي بعد موافقة المحافظ.
وإذ جاء القرار المطعون فيه متفقًا مع أحكام قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية وتعديلاته ومع قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1999 ولائحته التنفيذية وكذا أحكام قانون التعاون الإنتاجى رقم 110 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وتعديلاتها, فقد خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
وحيث إن المادة (40) من قانون التعاون الإنتاجي رقم 110 لسنة 1975 تنص على أن: "تعفي الجمعيات التعاونية الإنتاجية الأساسية من: ...
2 - الضرائب والرسوم التي تقررها المجالس المحلية طبقًا لقانون الإدارة المحلية.... ".
وتنص المادة (35) من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن: "تشمل موارد المحافظات ما يأتي:- ...
ثانيًا: الموارد الخاصة بالمحافظة وتتضمن ما يأتي:- ...
(ب) ضرائب ورسوم السيارات.....
(د)) الضرائب والرسوم الأخرى ذات الطابع المحلي التي تفرض لصالح المحافظة".
ومفاد ما تقدم أن المشرع رعاية منه لدور الجمعيات التعاونية الإنتاجية في خدمة المجتمع ورفعًا للأعباء الملقاة على عاتقها، فقد قرر إعفاءها من الضرائب والرسوم التي تقررها المجلس المحلية طبقًا لأحكام قانون الإدارة المحلية، وقد حدد المشرع هذه الضرائب والرسوم بالمادة (35) من القانون رقم 43 لسنة 1979 المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 وضمنها ضرائب ورسوم السيارات، والضرائب والرسوم الأخرى ذات الطابع المحلي التي تفرض لمصلحة المحافظة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن الرسم بمعناه القانوني هو مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه، وهو كذلك يتكون من عنصرين: أولهما أن الرسم يدفع مقابل خدمة معينة، والثاني: أنه لا يدفع اختيارًا إنما يؤدي كرهًا بطريق الإلزام، وتستأديه الدولة من الأفراد بما لها عليهم من سلطة الجباية، وقد تقدم هذه الخدمة للفرد دون أن يطلبها، وقد تقدم له ولو أظهر عدم رغبته فيها، ولا يتمثل عنصر الإكراه في التزام الفرد بدفع الرسم مقابل الخدمة المؤداه له، ولكنه يتمثل في حالة الضرورة القانونية التي تلجئ الفرد إلى المرفق العام لاقتضاء هذه الخدمة.
وحيث إن المادة (28) من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدلة بالقانون رقم 210 لسنة 1980 تنص على أن: "يحدد المحافظ المختص بقرار منه بعد موافقة المجلس الشعبي للمحافظة الحد الأقصى لعدد سيارات الأجرة المصرح بتسييرها في دائرة المحافظة... ".
ومفاد ما تقدم أن المشرع اشترط موافقة المجلس الشعبي للمحافظة على قرار المحافظ المختص بتحديد الحد الأقصى لعدد سيارات الأجرة المصرح بتسييرها في دائرة المحافظة.
وحيث إن الثابت من القرار المطعون عليه رقم 7139 لسنة 2002 أنه قرر في المادة الثانية منه إخضاع جميع سيارات الجمعيات التعاونية التي تقوم بنقل الركاب لدفع الكارتة المقررة حسب لخط سير.
وحيث إن هذه الكارتة هي في حقيقتها رسم بالمعنى السالف بيانه، وكانت هذه الجمعيات معفاة منها بناء على صريح نص المادة (40) السالف بيانها، فإنه والحال كذلك يضحى ما قرره القرار المطعون فيه في هذا الخصوص بمادته الثانية مخالفًا لحكم القانون متعينًا إلغاءه.
وحيث إن الثابت من كتاب أمين عام المجلس الشعبي المحلي (لمحافظة الجيزة) المودع حافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 21/ 2/ 2009 أن القرار المطعون عليه رقم 7139/ 2002 لم يعرض على المجلس، وذلك بالمخالفة لحكم المادة (28) من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدلة بالقانون رقم 210 لسنة 1980 السالف بيانه، والتي استلزمت موافقة المجلس الشعبي للمحافظة على قرار المحافظ بتحديد الحد الأقصى لعدد سيارات الأجرة المصرح بتسييرها في دائرة المحافظة، الأمر الذي يضحى معه القرار المشار إليه في مادته الثالثة مخالفًا لحكم القانون متعينًا إلغاؤه في هذا الخصوص، وإذ سار الحكم المطعون عليه على هذا الهدي - ولكن لأسباب مخالفة - وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إخضاع سيارات الجمعيات المدعية لدفع الكارتة ووقف تراخيص سياراتها الجديدة فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويضحى بمنأى عن الإلغاء، الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض الطعن.
وحيث إنه عن المصروفات فإنه يلزم بها من خسر الطعن طبقًا لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.