مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين - من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 - صـ 511

(64)
جلسة 16 من مايو سنة 2009
(الدائرة الأولى)

السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقص رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4768 لسنة 48 القضائية عليا.

رسوم - رسوم مكافحة الإغراق - مفهومها - شروط فرضها - المقصود بالمنتج المماثل في مفهوم اتفاقية مكافحة الإغراق.
- المادة (1) من القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية.
- المادة (2) من اتفاقية مكافحة الإغراق التي وافقت عليها مصر بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995.
مفهوم الإغراق كما حددته اتفاقية مكافحة الإغراق هو إدخال منتج ما في تجارة بلد آخر بقيمة أقل من العادية، ويتحقق ذلك عندما يكون سعر تصديره إلى بلد آخر في الأحوال العادية للتجارة أقل من السعر المماثل للمنتج المشابه حين يوجه للاستهلاك في البلد المصدر - يشترط لفرض رسم إغراق وفقًا للاتفاقية المذكورة أن يوجد أو يتحقق ضرر مادي لصناعة محلية منتجة لمنتجات مماثلة للواردات المغرقة، أو تهديد بوجوده، أو تأخير مادي لإقامة مثل هذه الصناعة، وأن تنسب الواردات المغرقة من خلال تأثيرها في أسعار المنتجات المماثلة للمنتج المستورد في وجود هذا الضرر المادي أو التهديد بوجوده - المقصود بالمنتج المماثل في مفهوم اتفاقية مكافحة الإغراق يعني - في حالة عدم وجود منتج مطابق للمنتج محل البحث - منتجًا آخر ولو أنه ليس مشابهًا من كل الوجوه، إلا أن له خصائص تشبه إلى حد بعيد تلك الخاصة بالمنتج محل البحث - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 11 من مارس سنة 2002 أودع الأستاذ/ .... المحامي المقبول المرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة، تقريرًا بالطعن قيد برقم 4768 لسنة 48 القضائية في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8962 لسنة 54 القضائية بجلسة 15/ 1/ 2002 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام المدعي بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وقف تنفيذ القرار رقم 80 لسنة 2000 وعدم تطبيقه على الشركة الطاعنة، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المذكور والقضاء مجددًا
بقبول الدعوى وإلغاء القرار رقم 80 لسنة 2000 الصادر عن وزير الاقتصاد فيما تضمنه من توقيع رسم إغراق بواقع 40% على واردات روسيا الاتحادية من صاج مسحوب على الساخن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأهمها الإفراج عن باقي الرسالة الخاصة بالشركة الطاعنة دون الرسم المقرر، واستثناء المؤسسة الطاعنة من تطبيقه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي وكذلك التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمؤسسة.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع حيث نظر على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث صدر بجلسة 17/ 1/ 2004 حكم تمهيدي بندب أحد الخبراء لأداء المأمورية المبنية بأسباب الحكم، وبعد إيداع تقرير الخبير نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الحكم الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 17 من يناير سنة 2004 قضى بقبول الطعن شكلاً ومن ثم فلا مجال للعودة إلى البحث في شكل الطعن بعد أن فصل فيه حكم له حجية في هذا الخصوص.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام في 3/ 6/ 2000 الدعوى رقم 8962 لسنة 54 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة بالقاهرة)، طالبًا بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 80 لسنة 2000 الصادر عن وزير الاقتصاد بتاريخ 8/ 2/ 2000 فيما تضمنه من توقيع رسم إغراق بواقع 40% على واردات روسيا الاتحادية من صاج مسحوب على الساخن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها الإفراج عن باقي الرسائل الخاصة بالمؤسسة المدعية دون الرسم المقرر، وإلزام جهة الإدارة المصروفات والتعويض عما أصابها من ضرر.
وبجلسة 5/ 1/ 2002 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 21/ 12/ 1999 تقدمت شركة الحديد والصلب المصرية بشكوى إلى جهاز مكافحة الإغراق والدعم الوقاية، تتضرر فيها من الواردات المغرقة من المنتجات المسطحة بالدرفلة من حديد أو صلب غير مخلوط، ومدرفلة بالحرارة أو على البارد، والمستورد من منشأ دولتي روسيا الاتحادية وكازاخسان، وقام الجهاز المذكور بدراسة الشكوى وأثبت أن هناك هوامش إغراق ليست قليلة الشأن من واردات الدولتين المشار إليهما، وإن هامش الإغراق المحسوب على أساس متوسط الأسعار العالمية يبلغ 40% من القيمة (سيف)، كما تبين للجهاز وجود زيادة كبيرة في الواردات من المنتج محل الشكوى، وأن هذه الزيادة تسبب في إلحاق ضرر مادي بالصناعة الوطنية، وبناء عليه أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 80 لسنة 2000 ضد الواردات المغرقة من المنتجات الحديدية المسطحة بالدرفلة بالحرارة أو المدرفلة على البارد المصدرة من دولتي روسيا الاتحادية وكازاخستان، وأضافت المحكمة أنه لما كان رسم الإغراق الذي تضمنه القرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون في حقيقته تدبيرًا تعويضيًا لجبر الضرر الذي أصاب الصناعة المحلية أُلبس ثوب الرسم دون أن يكون في طبيعته كذلك، وقد صدر مستندًا لضرورة حماية الصناعة الوطنية، ومن ثم يكون قد جاء متفقًا وصحيح أحكام القانون، وإنه فيما يخص طلب التعويض فإن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر سليمًا ولا محل لمساءلة الجهة الإدارية عنه.
ومن حيث إن حكم محكمة القضاء الإداري لم يلق قبولاً من المؤسسة المدعية فأقامت طعنها الماثل تنعي فيه على الحكم القصور في التسبيب ومخالفة القانون، وذلك على سند من القول بأن الحكم الطعين خالف قواعد تسبيب الأحكام إذ أغفل في حيثياته مستندًا قدمته المؤسسة وهو كتاب شركة الحديد والصلب المصرية الذي يفيد عدم إنتاج الشركة للألواح عرض 2 متر وإن المتوافر لديها ألواح عرض 1.5 متر، ولو ناقشت المحكمة هذا المستند وقامت بتمحيصه لتبين لها أن المنتج المستورد من قبل المؤسسة بعرض 2 متر وليس له مثيل في مصر، وبالتالي لا مجال لتطبيق رسم الإغراق عليه لأنه لا يمس المنتج الوطني بضرر يذكر، ولأن المنتج الذي يشمله رسم الإغراق هو الذي أدخل في تجارة بلد بأقل من قيمته العادية في دولة التصدير وهو ما لم تكشف عنه الأوراق، ومن جهة أخرى فإنه إذا كان القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية قد خول وزير التجارة والتموين سلطة اتخاذ التدابير التعويضية في هذا المجال، فإن هذه التدابير يجب أن تتم في إطار الاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية نتيجة جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي وافقت عليها مصر، وأنه باستقراء النصوص والاتفاقيات المشار إليها أنها علقت فرض أي نوع من الرسوم الجمركية - ومنها رسم الإغراق - على علة إصداره وهو حماية المنتج الوطني المحلي، وبالتالي لا يجوز التوسع أو القياس في فرض رسوم الحماية ما دام الثابت أن المؤسسة قامت باستيراد منتج غير موجود بالأسواق المحلية، وهو ألواح 2 متر التي أقرت شركة الحديد والصلب بعدم إنتاجها وأن الألواح المتوفرة محليًا بعرض 1.5 متر لا تصلح بديلاً أو عوضًا عن الألواح عرض 2 متر في التصنيع، مما يفيد أن المنتج المستورد لا يؤثر على المنتج المحلي ولا يخضع بالتالي لرسم إغراق، إلا أن القرار المطعون فيد قد حاد عن الهدف المخصص من أجله وتضمن فرض رسوم إضافية بهدف تحقيق عائد مادي لإيرادات الدولة، فجاء بذلك مشوبًا بالانحراف في استعمال السلطة وألحق بتطبيقه على المؤسسة الطاعنة ضررًا ماديًا وأدبيًا تستحق عنه التعويض.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولة تنص على أن: " تختص وزارة التجارة والتموين باتخاذ الوسائل والتدابير والقرارات اللازمة لحماية الاقتصاد القومي من الأضرار الناجمة عن الدعم أو الإغراق أو الزيادة غير المبررة في الواردات، وذلك في نطاق ما حددته الاتفاقيات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف التي وافقت عليها جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 ".
ومن حيث إن المادة الثانية من اتفاق مكافحة الإغراق antidumping agreement والتي تتخذ تدابير مكافحة الإغراق في نطاق أحكامه - حددت مفهوم الإغراق بأنه إدخال منتج ما في تجارة بلد آخر بقيمة أقل من العادية، ويتحقق ذلك عندما يكون سعر تصديره إلى بلد آخر في الأحوال العادية للتجارة أقل من السعر المماثل للمنتج المشابه like product حيث يوجه تعبير المنتج المماثل في البلد المصدر.
وتوضح الفقرة (6) من المادة (2) أن تعبير المنتج المماثل ومشابهًا من product like/ similar سيفسر في إطار الاتفاق بأنه يعني منتجًا يكون مطابقًا identical من كل الوجوه Alike in all aspectsللمنتج محل البحث أو موضع النظرunder consideration إلا أنه له خصائص تشبه إلى حد بعيد closely resembling تلك الخاصة بالمنتج محل البحث.
ومن حيث إن الاتفاقية اشترطت بعد ذلك الفرض رسم إغراق أنت يوجد أو يتحقق ضرر مادي لصناعة محلية منتجة لمنتجات مماثلة للواردات المغرقة أو تهديد بوجوده أو تأخير مادي لإقامة مثل هذه الصناعة، وأن تتسبب الواردات المغرقة - من خلال تأثيرها في أسعار المنتجات المماثلة للمنتج المستورد - في وجود هذا الضرر المادي التهديد بوجوده.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو بيان ما إذا كان المنتج المستورد (ألواح عرض 2 متر) يعتبر مماثلاً في مفهوم اتفاقية مكافحة الإغراق.
ومن حيث إن الخبير المنتدب انتهى في تقريره إلى أن المنتج المثيل هو المنتج المطابق في كل النواحي للمنتج محل المقارنة وأن المنتج المحلي عرض 1.5 متر وأن المنتج المستورد عرضه 2 متر ومن ثم فلا يمكن اعتبار هذين المنتجين متماثلين، وإن كان يمكن اعتبارهما من البدائل في بعض الأغراض وعدم اعتبارهما من البدائل في بعض الأغراض الأخرى وذلك لوجود لحامات في المنتج مما يؤثر على كفاءته وهو ما يرفضه بعض الاستشاريين ويقبله البعض الآخر ويتوقف ذلك على أهمية المنتج وظروف الاستخدام.
ومن حيث إن تعبير المنتج المماثل في مفهوم اتفاقية مكافحة الإغراق يعني - في حالة عدم وجود منتج مطابق محل البحث - منتجًا آخر ولو أنه ليس مشابهًا من كل الوجوه إلا أن له خصائص تشبه إلى حد بعيد resembling Closely تلك الخاصة بالمنتج محل البحث وهو ما يتوافر في المنازعة الماثلة, حيث انتهى تقرير الخبير الذي تطمئن له المحكمة إلى أن الألواح المنتجة محليًا عرض (1.5 متر) يمكن أن تكون بديلة للألواح المستوردة (عرض 2 متر) بما يعني أن خصائص المنتج المحلي تشبه إلى حد بعيد خصائص المنتج المستورد بما يمكن معه في بعض الحالات اعتبارها من البدائل وتحقق بذلك شرط المماثلة وفقًا لما استلزمته اتفاقية الإغراق المشار إليها.
ومن حيث إنه إذا كان جهاز مكافحة الإغراق قد تحقق من وجود ضرر مادي على الصناعة المحلية من جراء المنتج المستورد فإن توقيع رسم إغراق على هذا المنتج المستورد يكون موافقًا لصحيح أحكام القانون، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون خليقًا بالتأييد ويضحى الطعن الماثل خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته وفقًا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.