جلسة 9 من سبتمبر سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ أحمد الحسيني يوسف نائب رئيس المحكمة
السادة القضاة/ موسى محمد مرجان، محمد السيد النعناعي، وائل سعد رفاعي وعثمان مكرم توفيق نواب رئيس المحكمة.

الطعن رقم 573 لسنة 75 القضائية " أحوال شخصية "

(1) إثبات " ثبوت الوفاة ". دعوى " الحكم في الدعوى ". نقض " الحكم في الطعن ".
وفاة أحد طرفي الخصومة. غير مانع للحكم فيها متى تهيأت الدعوى للحكم في موضوعها. اعتبار الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض. شرطه. استيفاء جميع الإجراءات من إيداع وتبادل المذكرات. لا أثر للوفاة بعد ذلك. ثبوت الوفاة. سبيله. بصورة رسمية شهادة وفاته أو إعلام وراثته.
(2، 3) اختصاص. وقف " دعاوى الوقف: لجان القسمة: اختصاصها ".
(2) النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه. اختصاص المحاكم العادية بنظره. قصر اختصاص لجنة شئون الأوقاف التي حلت محل مجلس وكلاء وزارة الأوقاف على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. اقتضاء النزاع من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهاد التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف وتفسر م 24 ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف. مؤداه. خروجه عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف واختصاص المحاكم العادية به.
(3) لجان قسمة أعيان الوقف المنشأة بموجب ق 55 لسنة 1960. قصر اختصاصها على رفض طلب القسمة أو إجرائها. عدم اختصاصها بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره ولا المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليًا أم خيريًا وكذا طلبات تقدير حصة الخيرات فيه. حكمها بالقسمة لا أثر له على الحق محل النزاع. المنازعة حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقف أهلي أم خيري، خروجها عن اختصاص هذه اللجان. اختصاص المحاكم العادية بالفصل فيها.
(4) وقف " الوقف على غير وجوه الخير: الوقف على وجوه الخير ".
الوقف على غير وجوه الخير. لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب وذرية الغير. شرطه. عدم إناطة الاستحقاق فيه بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير. جعل الواقف علة وقفه مصروفة للفقراء منهم. دخوله في نطاق الوقف على وجوه الخير.
(5، 6) وقف " غرض الواقف ". محكمة الموضوع " سلطتها في فهم غرض الواقف ". حكم " عيوب التدليل: القصور في التسبيب: مخالفة الثابت بالأوراق: الخطأ في تطبيق القانون ".
(5) عرض الواقف. للقاضي استظهاره من مجموع كلامه في كتاب الوقف كوحدة متكاملة. شرطه. عدم الخروج في ذلك لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه. اعتبار شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة ووجوب العمل. م 10 ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف.
(6) جعل الواقف مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطًا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر. مؤداه. وقف ذلك النصيب على سبيل القربة والصدقة وليس البر والصلة. اعتبار الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذه الحصة وقفًا أهليًا. قصور وخطأ ومخالفة للثابت في الأوراق.
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الأدلة: مسائل الواقع ". نقض " سلطة محكمة النقض ".
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون لرقابة محكمة النقض. اطراحها للأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون ترديد أسباب هذا الاطراح. قصور.
(8، 9) إثبات " خبرة ". حكم " بطلانه " " عيوب التدليل: ما يُعد قصورًا ". دعوى " الدفاع الجوهري " محكمة الموضوع.
(8) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
(9) أخذ المحكمة بتقرير الخبير الذي انتهى إلى نتيجة لا تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ولا تصلح ردًا على دفاع جوهري. قصور.
(10) وقف. " الاستحقاق الواجب ". دعوى. محكمة الموضوع.
الاستحقاق الواجب في الوقف لورثة الواقف الموجودين وقت وفاته. المادتان 24، 30/ 1 ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف. المحروم من الاستحقاق. حقه في رفع دعوى المطالبة خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف بشرط التمكن من العذر الشرعي. علة ذلك. تقدير قيام العذر. متروك لمحكمة الموضوع.
(11، 12) أموال " أموال عامة ". وقف. حكم " عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون: القصور في التسبيب: الإخلال بحق الدفاع: مخالفة الثابت في الأوراق ".
(11) الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان التي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر. من أملاك الدولة العامة.
(12) تحديد الحكم المطعون فيه حصة الخيرات في الوقف بالثلث وأدخل فيه عقارين أخذًا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الموضوع. عدم تمحيصه دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف على المسجد أو المدرسة وما شرط لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار الأول هو وقف على المدرسة منذ شراء الواقف له وأن العقار الآخر مقام عليه المسجد والمدرسة المُسلمة إلى وزارة التربية والتعليم والتي تديرها وتصرف عليها وهما من الأموال العامة ولا ريع لها. قصور وخطأ وإخلال بحق الدفاع ومخالفة للثابت في الأوراق. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية، وأن الدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين ولا أثر للوفاة بعد ذلك ولا تثبت وفاة الخصم إلا بصورة رسمية من شهادة وفاته أو إعلام وراثته. لما كان ذلك، ولما كانت أوراق الطعن قد خلت من ثمة دليل على وفاة سالف الذكر وأن ما استندت إليه النيابة في رأيها هو ما أورده المحضر بالإعلان المؤرخ 30/ 7/ 2005 بأن المطعون ضده المذكور سلفًا لم يتم إعلانه لوفاته دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك في حين أن البين من محضر إعلان نفس المطعون ضده بتاريخ 27/ 7/ 2005 أن المحضر القائم بالإعلان أثبت إعلان المطعون ضده المذكور إداريًا مخاطبًا مع مأمور قسم الزيتون لغيابه وغلق السكن, فإن الدفع المبدى من النيابة يكون عارٍ عن دليله ومن ثم غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه تختص بنظره المحاكم العادية وأن اختصاص مجلس وكلاء وزارة الأوقاف الذي حل محل لجنة شئون الأوقاف قاصر على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. لما كان، وكان النزاع في الدعوى رقم ...... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية يدور حول تفسير شرط الواقف في إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 لبيان ما إذا كان ما شرطه الواقف على الفقراء من أقاربه هو وقف أهلي ويؤول الاستحقاق إلى مورثه المطعون ضدهم تحت البند رقم (1) من أولاً حتى رابعًا أم أن هذا الوقف لصالح الخيرات كما تتمسك بذلك وزارة الأوقاف، ما يدور النزاع في الدعوى رقم ..... لسنة 1980 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة حول المقدار الذي يستحقه ورثة الواقف في أعيان الوقف وما إذا كانوا يستحقون ثلثي الأعيان الموقوفة استنادًا إلى نص المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وأن الحصة المخصصة للخيرات بما في ذلك حصة أقاربه الفقراء لا تزيد على ثلث الأعيان الموقوفة وبالمخالفة لشروط الواقف في إشهاد التغيير سالف الذكر، وكان الفصل في هذا النزاع يقتضي من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهاد التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف طبقًا للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، كما يقتضي الفصل في هذا النزاع أيضًا التعرض لتفسير المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 سالفة الذكر وهو ما يخرج عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف وتختص به المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات كافة ولا يغير من ذلك صدور القرار رقم 46 لسنة 1992 من مجلس وكلاء وزارة الأوقاف لصدوره من جهة خارج حدود ولايتها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى النص في المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليًا أم خيريًا باعتباره منازعة في أصل الاستحقاق وأيضًا طلبات تقدير وفرز حصة الخيرات فيه وإنما تأمر إذا ما أثيرت منازعة في ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهرًا من الأوراق ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة، ويؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون في التعليق على المادة 13 منه والتي تقضي في فقرتها الأخيرة بأن يكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة يكون نهائيًا غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية من أنه " وبديهي أنه إذا كان النزاع على مقدار الاستحقاق فإن لصاحب الشأن أن يرفع بحقه دعوى أمام المحكمة على ما سبقت الإشارة إليه في المادة الرابعة من المشروع " إذ أن مضى اللجنة في إجراء القسمة يكون حسبما تراه ظاهرًا من الأوراق إذا اتصل النزاع بأصل الاستحقاق ذاته أو بمقداره. لما كان ذلك، وكانت المنازعة تدور حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقف أهلي أم وقف الخيرات مما تعتبر من المنازعات التي تخرج عن اختصاص لجان قسمة أعيان المنصوص عليها في القانون رقم 55 لسنة 1960 وتختص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في المسائل المدنية بالفصل فيها رغم صدور حكم من لجنة قسمة أعيان الوقف محل النزاع وقضى بعدم قبول تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) إذ أنه غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة ولا يجوز في هذا الخصوص أية حجية، وإذ التزم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في المادة 1090 من لجنة القسمة بوزارة الأوقاف استنادًا إلى أنه لم يفصل في موضوع النزاع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - المقرر أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذ لم يناط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير، فإن جعل الواقف غلة وقفه مصروفة للفقراء منهم كان على سبيل القربة والصدقة مما يدخل في نطاق الوقف على وجوه الخير.
5 - إن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لم ترسم طريقة خاصة لاستظهار المعنى الذي أراده الواقف من كلامه، وأطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عباراته، إلا أن هذا الحق مقيد في عدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه، وكان المراد من كلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها، بل ينظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة متكاملة ويعمل بما يظهر أنه أراد منه واتجه إليه مقصده، اعتبارًا بأن شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة وفي وجوب العمل.
6 - إذ كان البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18 من سبتمبر سنة 1950 أنه نص فيه على " أن الواقف قسم ريع وقفه إلى قسمين الأول مقداره الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية على ذمة التجديد والتعمير بحيث كلما بلغ المتوفر المودع من ريع هذا القسم (وهو الثلث) من ثمانمائة جنيه إلى ألف جنيه وجب على من له الولاية على هذا الوقف أن يشتري به عينًا تضم وتلحق بهذا الوقف ويكون حكمها كحكمه وشرطها كشرطه ..... والقسم الثاني ومقداره الثلثان ويصرف في الوجوه وبالمقادير المعينة بهذا الإشهاد منها ما يصرف على مسجده الكائن بشارع جسر السويس بمصر الجديدة والمدرسة التي تم إنشاؤها وأطلق عليها اسم مدرسة حسين فهمي النموذجية والتي تولت إدارتها وزارة المعارف، ومنها ما شرطه لكل واحد من أولاده ذكرًا كان أو أنثى للصرف على الطعام والكسوة والسكنى ونفقات التعليم ومكافآت التفوق وما يصرف لبناته وبذات أولاده عند زواجهن لأول مرة وما يصرف لزوجاته سواء كانت على عصمته وقت وفاته أم طلقت منه في حياته، كما جعل لنظار الوقف عُشر ريع القسم الثاني كما نص في هذا الإشهاد على أن ما تبقى من صافي ريع القسم الثاني بعد صرف ما شرط صرفه، يصرف نصفه أي خمسين في المائة لورثته الشرعيين الذين لهم حق الإرث شرعًا طبقًا لأحكام الميراث الشرعية كأن ذلك تركة مخلفة عنه وينتقل نصيب كل وارث إلى فروعه من الطبقة التي تليه فقط والنصف الثاني يصرف للفقراء من أهل قرابته ويقدم الأقرب الأحوج منهم على غيره ويختار أيام المواسم والأعياد والإسلامية ليصرف ذلك لهم بأنها أنسب الأوقات للتوسعة على أن يضم من النصف الأول لهذا النصف ويصرف مصرفه كل نصيب لوارث مات عن غير فرع وارث له من الطبقة الأولى وكذلك كل نصيب لوارث مات من أهل الطبقة الثانية ولو عن فرع له حتى يؤول ذلك الباقي من صافي ريع القسم الثاني كله إلى الفقراء من أهل قرابته كما سلف ". وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف قد جعل مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطًا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر فإن وقف ذلك النصيب يكون على سبيل القربة والصدقة وليس على سبيل البر والصلة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الحصة الموقوفة على الفقراء من أقارب الواقف وقفًا أهليًا فإنه يكون قد عابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق الذي جره إلى الخطأ في تطبيق.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفها هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديمًا صحيحًا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح وإلا كان حكمها قاصرًا.
8 - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذ طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا.
9 - إذ أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيبًا بالقصور.
10 - النص في المادتين 24، 30/ 2 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف يدل على أن المشرع رأي أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق فيما يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقًا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقًا لأحكام القانون، فإذا حرم الواقف أحدًا ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق - عند المنازعة - في رفع دعوى المطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي، فإذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه في خلال الفترة سالفة الذكر فلا يتغير شيء من الاستحقاق.
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر تعتبر من أملاك الدولة العامة.
12 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية الذي ذهب إلى تحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ....... بالثلث وأدخل فيها العقارين 88، 90 شارع جسر السويس أخذًا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة ودون أن يمحص دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف
على المسجد والمدرسة وما شرطه لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار رقم 90 شارع جسر السويس هو وقف خيري على المدرسة منذ شراء الواقف له بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945 وأن العقار 88 شارع جسر السويس مقام عليه المسجد والمدرسة وأن المسجد خارج عن دائرة التعامل بطبيعته فلا يصح أن يكون محلاً للقسمة وكذلك المدرسة فإنها سلمت في حياة المواقف إلى وزارة التربية والتعليم - المعارف سابقًا - وهي التي تتولى إدارتها والصرف عليها وتعد من الأموال العامة ولا ريع لها وهو دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي فيه في الدعوى، فإن الحكم يكون فضلاً عن خطأه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون ضدهم في البند رقم (1) ....... أقامت الدعوى التي قيدت برقم ...... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم باستحقاقها لحصة قدرها 9.54427 ط في وقف المرحوم/ ......، وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب شهادات وقف صادرة عن محكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 22/ 11/ 1942، 22/ 11/ 1945 و26/ 6/ 1945 وقف المرحوم/ ........ للأعيان المبينة بها وبين فيها مصارف الوقف وشروطه، وبموجب إشهاد تغيير مؤرخ 18/ 9/ 1950 أمام المحكمة سالفة الذكر غير الواقف في مصارف الوقف بأن قسم ريعه إلى الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية للصرف على تجديد وتعمير أعيان الوقف وشراء أعيان تضم إلى الوقف والثلثان يبدأ بالصرف من ريعه على المسجد والمدرسة وتعليم أولاد الواقف والإنفاق عليهم وتزويج بنات الواقف وبنات أولاده الذكور والباقي من الريع بعد استيفاء البنود السابقة جعل نصفه لأولاده طبقًا لقواعد الميراث الشرعي والنصف الآخر للفقراء من أقاربه ويقدم منهم الأقرب الأحوج، وإذ توفي الواقف بتاريخ 24/ 8/ 1952 وصدر المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وقضى بأن تؤول ملكية ما انتهى فيه الوقف إلى المستحقين فيه كل بقدر حصته في الاستحقاق فإن ملكية النصف الثاني من البند الثامن من إشهاد التغيير تؤول إليها باعتبار أن وقف الأقارب وقف أهلي وهي تستحقه باعتبارها أخته الفقيرة الوحيدة، ومن ثم فقد أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت الشهود، حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1972 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها وبقبولها وباستحقاق المطعون ضدهم في البند (1) لحصة قدرها 9.54427 ط في الوقف سالف الذكر، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 94 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم في البند (2) لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ....... لسنة 94ق، كما أقام ورثة الواقف الدعوى رقم ...... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بتحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ...... بما في ذلك المسجد والمدرسة وأقاربه الفقراء بثلث الأعيان الموقوفة، وقالوا بيانًا لدعواهم إنه بموجب إشهادات صادرة عن محكمة مصر الشرعية بتاريخ 22/ 11/ 1942، 22/ 11/ 1945 و26/ 6/ 1945 وقف المرحوم/ ....... الأعيان المبينة به وبيّن في الإشهاد الأول شروط ومصاريف الوقف وبموجب إشهاد تغيير مؤرخ 18/ 9/ 1950 غير الواقف في مصارف وقفه على النحو المبين في ذلك الإشهاد، ولما كان الوقف صادرًا قبل صدور القانون رقم 48 لسنة 1946 وكان الواقف لا زال على قيد الحياة وطبقًا لنص المادة 24 من هذا القانون فإن نصيب الخيرات يجب ألا يزيد عن ثلث قيمة الوقف ويؤول الباقي لورثة الواقف، لذا فقد أقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن قدم تقريره أعادت المأمورية لفحص اعتراضات الطاعن بصفته وبعد أن قدم خبير الإعادة تقريره حكمت بتاريخ 31/ 3/ 1990 برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى وباختصاصها، وبرفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها، وبتحديد حصة الخيرات بثلث الوقف سالف الذكر وخصصته في العقارات المبينة الحدود والمعالم بالتقرير والبالغ قيمتها 569000 جنيه، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 107 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاث للارتباط قضت بتاريخ 17 من مايو لسنة 2005 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة/ ....... أحد المطعون ضدهم ورفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة حد المطعون ضدهم وهو/ ....، فإنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية، وأن الدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين ولا أثر للوفاة بعد ذلك، ولا تثبت وفاة الخصم إلا بصورة رسمية من شهادة وفاته أو إعلام وراثته. لما كان ذلك، ولما كانت أوراق الطعن قد خلت من ثمة دليل على وفاة سالف الذكر وأن ما استندت إليه النيابة في رأيها هو ما أورده المحضر بالإعلان المؤرخ 30/ 7/ 2005 بأن المطعون ضده المذكور سلفًا لم يتم إعلانه لوفاته دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك في حين أن البين من محضر إعلان نفس المطعون ضده بتاريخ 27/ 7/ 2005 أن المحضر القائم بالإعلان أثبت إعلان المطعون ضده المذكور إداريًا مخاطبًا مع مأمور قسم الزيتون لغيابه وغلق السكن, فإن الدفع المبدى من النيابة يكون عارٍ عن دليله ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالوجه الثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استنادًا إلى أن النزاع يدور حول تقدير وفرز حصة الخيرات في أعيان الوقف وهو ما يختص به مجلس وكلاء وزارة الأوقاف وقد أصدر ذلك المجلس القرار رقم 46 لسنة 1992 بفرز حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ...... وأصبح هذا القرار نهائيًا إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استنادًا إلى قرار لجنة الاعتراضات بأن على ذوي الشأن اللجوء إلى القضاء لتحديد حصة الخيرات الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه تختص بنظره المحاكم العادية وأن اختصاص مجلس وكلاء وزارة الأوقاف الذي حل محل لجنة شئون الأوقاف قاصر على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. لما كان، وكان النزاع في الدعوى رقم ...... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية يدور حول تفسير شرط الواقف في إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 لبيان ما إذا كان ما شرطه الواقف على الفقراء من أقاربه هو وقف أهلي ويؤول الاستحقاق إلى مورثه المطعون ضدهم تحت البند رقم (1) من أولاً حتى رابعًا أم أن هذا الوقف لصالح الخيرات كما تتمسك بذلك وزارة الأوقاف، كما يدور النزاع في الدعوى رقم ....... لسنة 1980 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة حول المقدار الذي يستحقه ورثة الواقف في أعيان الوقف وما إذا كانوا يستحقون ثلثي الأعيان الموقوفة استنادًا إلى نص المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وأن الحصة المخصصة للخيرات بما في ذلك حصة أقاربه الفقراء لا تزيد على ثلث الأعيان الموقوفة وبالمخالفة لشروط الواقف في إشهاد التغيير سالف الذكر، وكان الفصل في هذا النزاع يقتضي من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهاد التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف طبقًا للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، كما يقتضي الفصل في هذا النزاع أيضًا التعرض لتفسير المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 سالفة الذكر وهو ما يخرج عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف وتختص به المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات كافة ولا يغير من ذلك صدور القرار رقم 46 لسنة 1992 من مجلس وكلاء وزارة الأوقاف لصدوره من جهة خارج حدود ولايتها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الرابع من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان يقول الطاعن بصفته إنه تمسك بعدم جواز نظر الدعوى رقم ...... لسنة 1972 لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من لجنة القسمة في المادة 1090 بتاريخ 8/ 11/ 1965 وقضى برفض تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) استنادًا إلى أن ما شرطه الواقف لصالح أقاربه الفقراء هو وقف على الخيرات وأن الحكم في هذه المسألة يحوز حجية الأمر المقضي ويمنع الخصوم من العودة إلى هذه المسألة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استنادًا إلى أن حكم لجنة القسمة غير قطعي ولا يمنع من نظر دعوى الاستحقاق الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى النص في المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليًا أم خيريًا باعتباره منازعة في أصل الاستحقاق وأيضًا طلبات تقدير وفرز حصة الخيرات فيه وإنما تأمر إذا ما أثيرت منازعة في ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهرًا من الأوراق ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة، ويؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون في التعليق على المادة 13 منه والتي تقضي في فقرتها الأخيرة بأن يكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة يكون نهائيًا غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية من أنه " وبديهي أنه إذا كان النزاع على مقدار الاستحقاق فإن لصاحب الشأن أن يرفع بحقه دعوى أمام المحكمة على ما سبقت الإشارة إليه في المادة الرابعة من المشروع " إذ أن مضي اللجنة في إجراء القسمة يكون حسبما تراه ظاهرًا من الأوراق إذا اتصل النزاع بأصل الاستحقاق ذاته أو بمقداره. لما كان ذلك، وكانت المنازعة تدور حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقف أهلي أم وقف الخيرات مما تعتبر من المنازعات التي تخرج عن اختصاص لجان قسمة أعيان المنصوص عليها في القانون رقم 55 لسنة 1960 وتختص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في المسائل المدنية بالفصل فيها رغم صدور حكم من لجنة قسمة أعيان الوقف محل النزاع وقضى بعدم قبول تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) إذ أنه غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة ولا يجوز في هذا الخصوص أية حجية، وإذ التزم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في المادة 1090 من لجنة القسمة بوزارة الأوقاف استنادًا إلى أنه لم يفصل في موضوع النزاع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق إذ اعتبر الحصة التي أوقفها الواقف على أقاربه من الفقراء وقفًا أهليًا في حين أن الوقف على الأقارب لا يكون أهليًا إلا إذا كان خاليًا من أي وصف يدخله في نطاق الوقف على وجوه الخير، كما أن البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن الواقف لم يجعل وقفه على أقاربه مطلقًا وإنما ناطه بوصف يدخله في نطاق الوقف على أوجه الخير وهم الفقراء من أقاربه إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الأول لا يكون على سبيل القربة والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذ لم يناط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير، فإن جعل الواقف غلة وقفه مصروفة للفقراء منهم كان على سبيل القربة والصدقة مما يدخل في نطاق الواقف على وجوه الخير، وأن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لم ترسم طريقة خاصة لاستظهار المعنى الذي أراده الواقف من كلامه، وأطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عباراته، إلا أن هذا الحق مقيد في عدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه، وكان المراد من كلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها، بل ينظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة متكاملة ويعمل بما يظهر أنه أراد منه واتجه إليه مقصده، اعتبارًا بأن شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة وفي وجوب العمل. لما كان ذلك، وكان البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18 من سبتمبر سنة 1950 أنه نص فيه على " أن الواقف قسم ريع وقفه إلى قسمين الأول مقداره الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية على ذمة التجديد والتعمير بحيث كلما بلغ المتوفر المودع من ريع هذا القسم (وهو الثلث) من ثمانمائة جنيه إلى ألف جنيه وجب على من له الولاية على هذا الوقف أن يشتري به عينًا تضم وتلحق بهذا الوقف ويكون حكمها كحكمه وشرطها كشرطه ...... والقسم الثاني ومقداره الثلثان ويصرف في الوجوه وبالمقادير المعينة بهذا الإشهاد منها ما يصرف على مسجده الكائن بشارع جسر السويس بمصر الجديدة والمدرسة التي تم إنشاؤها وأطلق عليها اسم مدرسة حسين فهمي النموذجية والتي تولت إدارتها وزارة المعارف، ومنها ما شرطه لكل واحد من أولاده ذكرًا كان أو أنثى للصرف على الطعام والكسوة والسكنى ونفقات التعليم ومكافآت التفوق وما يصرف لبناته وبذات أولاده عند زواجهن لأول مرة وما يصرف لزوجاته سواء كانت على عصمته وقف وفاته أم طلقت منه في حياته، كما جعل لنظار الوقف عُشر ريع القسم الثاني كما نص في هذا الإشهاد على أن ما تبقى من صافي ريع القسم الثاني بعد صرف ما شرط صرفه، يصرف نصفه أي خمسين في المائة لورثته الشرعيين الذين لهم حق الإرث شرعًا طبقًا لأحكام الميراث الشرعية كأن ذلك تركة مخلفة عنه وينتقل نصيب كل وارث إلى فروعه من الطبقة التي تليه فقط والنصف الثاني يصرف للفقراء من أهل قرابته ويقدم الأقرب الأحوج منهم على غيره ويختار أيام المواسم والأعياد والإسلامية ليصرف ذلك لهم بأنها أنسب الأوقات للتوسعة على أن يضم من النصف الأول لهذا النصف ويصرف مصرفه كل نصيب لوارث مات عن غير فرع وارث له من الطبقة الأولى وكذلك كل نصيب لوارث مات من أهل الطبقة الثانية ولو عن فرع له حتى يؤول ذلك الباقي من صافي ريع القسم الثاني كله إلى الفقراء من أهل قرابته كما سلف ". وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف قد جعل مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطًا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر فإن وقف ذلك النصيب يكون على سبيل القربة والصدقة وليس على سبيل البر والصلة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الحصة الموقوفة على الفقراء من أقارب الواقف وقفًا أهليًا فإنه يكون قد عابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع وأمام الخبراء المنتدبين بأن العقار رقم 90 شارع جسر السويس موقوف خيريًا على المدرسة منذ أن اشتراه الواقف بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945 وأن العقار رقم 88 شارع جسر السويس مقام عليه المسجد الذي تديره وزارة الأوقاف والمدرسة التي تسلمتها وتديرها وزارة التربية والتعليم وأن حصة الخيرات في الوقف تشمل ما اشترطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وحصة الفقراء من أهلية الواقف. وإذ أغفل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأقام قضاءه على ما انتهى إليه الخبراء بتقدير حصة الخيرات بثلث الوقف وأدخلوا فيه العقارين رقمي 88 و90 شارع جسر السويس دون بيان سندهم في ذلك الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفها هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديمًا صحيحًا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح وإلا كان حكمها قاصرًا. كما أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذ طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذ ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا وإذ أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيبًا بالقصور. وأن النص في المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أنه " مع مراعاة أحكام المادة رقم 29، يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه وأزواجه الموجودين وقت وفاته من استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقًا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقًا لأحكام هذا القانون. ولا يجب هذا الاستحقاق لمن يكون الواقف قد أعطاه بغير عوض ما يساوي نصيبه عن طريق تصرف آخر، فإن كان ما أعطاه أقل مما يجب له استحق في الوقف بقدر ما يكمله "، والنص في الفقرة الثانية من المادة 30 من ذات القانون على أنه " ولا يتغير شيء من الاستحقاق إذ لم يرفع المحروم الدعوى بحقه مع التمكن وعدم العذر الشرعي خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف، أو رضي كتابة بالوقف بعد وفاة الواقف وينفذ رضاه بترك حقه ولا يمس ذلك ما بقى منه " يدل على أن المشرع رأي أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقًا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقًا لأحكام القانون، فإذا حرم الواقف أحدًا ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق - عند المنازعة - في رفع دعوى المطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي، فإذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه في خلال الفترة سالفة الذكر فلا يتغير شيء من الاستحقاق، وأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر تعتبر من أملاك الدولة العامة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم ....... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية الذي ذهب إلى تحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ....... بالثلث وأدخل فيها العقارين 88، 90 شارع جسر السويس أخذًا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة ودون أن يمحص دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وما شرطه لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار رقم 90 شارع جسر السويس هو وقف خيري على المدرسة منذ شراء الواقف له بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945 وأن العقار 88 شارع جسر السويس مقام عليه المسجد والمدرسة وأن المسجد خارج عن دائرة التعامل بطبيعته فلا يصح أن يكون محلاً للقسمة وكذلك المدرسة فإنها سلمت في حياة المواقف إلى وزارة التربية والتعليم - المعارف سابقًا - وهي التي تتولى إدارتها والصرف عليها وتعد من الأموال العامة ولا ريع لها وهو دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون فضلاً عن خطأه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق مما يوجب نقضه.