جلسة 12 من يونيه سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حامد زكي, بدوي إدريس, كمال عبد الله ومحمد السيد محمد نواب رئيس المحكمة.

(15)
الطعن رقم 4471 لسنة 75 القضائية:

(1) أشخاص اعتبارية "نطاق إعمال القانون 7 لسنة 2000". دعوى "شروط قبول الدعوى: كفاية لجوء أحد المدعين إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات".
اللجوء إلى لجان التوفيق. لازم في بعض المنازعات. المواد 1, 2, 11 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها. علة ذلك. عدم مساسه بحق التقاضي الذي كفله الدستور. مؤداه. اعتباره مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعي به. تعدد أشخاص الطرف الآخر في المنازعات الخاضعة لأحكام ذلك القانون واتفاق مصالحهم أو عدم قابلية موضوعها للتجزئة أو عدم احتمال الفصل فيه سوى حل واحد وسبق أحدهم أو فريق منهم تقديم طلب لعرضها على لجنة التوفيق. مؤداه. تحقق الغاية منه للباقين. استنفاد هذه المرحلة. أثره. انفتاح الطريق أمام جميع هؤلاء الأطراف للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثًا وبعد قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء لتلك اللجنة قبل رفعها. خطأ.
(2) مسئولية "المسئولية الشيئية: ثبوتها ونفيها".
المسئولية المقررة بالمادة 178 مدني. أساسها. خطـأ مفترض وقوعه من حارس الشئ لا يقبل إثبات العكس. ارتفاع مسئوليته. شرطه. إثبات وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. هذا السبب الأجنبي لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. اعتبار الفعل سببًا أجنبيًا. شرطه. أن يكون خارجًا عن الشئ لا يتصل بتكوينه ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه.
(3, 4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: تقدير السبب الأجنبي الذي تنتفي به المسئولية العقدية والشيئية".
(3) لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ما إذا كانت الواقعة تعتبر سببًا أجنبيًا ينقضي به الالتزام وتنتفي معه المسئولية. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين ورفض الدعوى في هذا الشق تأسيسًا على اعتبار سقوط شجرة فجأة على سيارة مورثهم وباقي المجني عليهم سببًا أجنبيًا يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسئوليتهما كحارسين عليها. مخالفة وفساد. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نصوص المواد 1, 2, 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العام طرفًا فيها يدل - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - على أن اللجوء إلى التوفيق الذي تطلبه هذا القانون في بعض المنازعات إنما فرضه المشرع لرغبة قصدها وغاية أرادها تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها من خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونًا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية توفيرًا للجهد والوقت على أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيفًا للعبء على القضاء إلا أن ذلك لا يمس بحق التقاضي الذي يكلفه الدستور في المادة 97 منه ولا ينال منه ذلك أن اشتراط تقديم طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به. وبالتالي فمتى كانت المنازعة الخاضعة لأحكام ذلك القانون قد تعدد أشخاص الطرف الآخر فيها, واتفقت مصالحهم, أو كان موضوعها غير قابل للتجزئة أو لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد, وسبق لأحد أو لفريق منهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق, فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين, واستنفاد هذه المرحلة, سواء بإصدار اللجنة لتوصيتها في تلك المنازعة في الميعاد المقرر لعرضها أو بفوات هذا الميعاد دون عرضها أو إصدار توصية فيها تنقضي سلطة لجنة التوفيق في شأنها بقوة القانون, وينفتح الطريق أمام هؤلاء الأطراف جميعًا للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. لما كان ذلك, وكانت المنازعة محل الدعوى الراهنة خاضعة لأحكام القانون المذكور وقد تعدد أشخاص الطرف الآخر المضرور فيها واتفقت مصالحهم وقد سبق لبعضهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق في المنازعات المختصة قيد برقم 221 لسنة 2002 وإن اللجنة قد نظرت فيه وأصدرت توصية بعدم اختصاصها بنظره, ومن ثم فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثًا وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء إلى تلك اللجنة قبل رفعها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به من قضاء هذه المحكمة - تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ افتراضًا لا يقبل إثبات العكس متى تدخل الشئ تدخلاً إيجابيًا في إحداث الضرر ولا ترتفع عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه, وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. ولا يعتبر الفعل سببًا أجنبيًا إلا إذا كان خارجًا عن الشئ فلا يتصل بذاتيته, ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سببًا أجنبيًا ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر سقوط الشجرة فجأة على السيارة التي كان يستقلها مورث الطاعنين وباقي المجني عليهم سببًا أجنبيًا - حادث مفاجئ - مما يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسؤوليتهما كحارسين عليها, مع أن الثابت مما حصله الحكم من أقوال شاهدي الطاعنين أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق السريع كان بسبب هشاشة جذورها لما أصابها من شيخوخة, وأن سقوطها وإن كان لا يمكن دفعه إلا أنه يمكن توقعه والتحرز من حدوثه, فلا يعتبر من قبيل السبب الأجنبي, وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض لهؤلاء الطاعنين وبرفض الدعوى في هذا الشق فإنه يكون معيبًا (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 137 لسنة 2002 مدني محكمة قنا الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما - وآخرين - بطلب الحكم بإلزامهم على سبيل التضامن والتضامم بأن يؤدوا إليهم مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه تعويضًا عما لحقهم من أضرار جراء إصابة الطاعن بالبند - ثالثًا - ونجله القاصر المشمول بولايته ووفاة مورثي الباقين سقوط شجرة ضخمة على السيارة التي كانوا يستقلونها بطريق القاهرة - أسوان السريع وتحرر عن الحادث المحضر رقم 177 لسنة 2000 عوارض مركز دشنا الذي تم حفظه. إذ كانت تلك الشجرة في حراسة الهيئة التي يمثلها المطعون ضدهما, ومن ثم تكون مسئولة عن التعويض المطالب به طبقًا للمادة 178 من القانون المدني فقد أقاموا الدعوى, ومحكمة أول درجة بعد أن أحالتها للتحقيق واستمعت لأقوال شاهدي الطاعنين حكمت بما قدرته من تعويض استأنف كل من الهيئة المحكوم ضدها والطاعنين المحكوم لهم هذا الحكم بالاستئنافين 510, 512 لسنة 23ق قنا, وبعد أن ضمتها المحكمة قضت في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثًا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وبرفضها بالنسبة للطاعنين بالبند أولاً, وفي الاستنئاف الثاني برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرًا بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين أبانوا في طعنهم أن الطعن أُقيم على ثلاث أسباب يتعلق بالوجه الأول من السبب الأول منها بالطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثًا, والسببين الثاني والثالث والوجه الثاني من السبب الأول تخص نعي الطاعنين بالبند أولاً.
وحيث إن الطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثا ينعون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعد قبول الدعوى بالنسبة لهم لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم لجوئهم إلى لجنة التوفيق في المنازعات قبل رفع الدعوى, في حين أنهم شاركوا الطاعنين في البند أولاً في تقديم طلب التوفيق إلى تلك اللجنة قبل رفع الدعوى حسبما هو ثابت بملف التوصية التي انتهت فيها اللجنة إلى عدم اختصاصها بنظر المنازعة, إلا أن الشهادة الصادرة من الأخيرة والمقدمة للمحكمة جاءت خلوًا من ذلك البيان خلافًا للواقع, وهو ما لم تتحقق منه المحكمة, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العام طرفًا فيها على أن "ينشأ في كل وزارة أو حافظة هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة" وفي المادة الثانية على أنه "تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة ومن ممثل الجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه فإذا تعدد أشخاص هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد عنهم فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة..." وفي المادة الحادية عشرة منه على أنه "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقدين طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول...." يدل - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - على أن اللجوء إلى التوفيق الذي تطلبه هذا القانون في بعض المنازعات إنما فرضه المشرع لرغبة قصدها وغاية أرادها تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها من خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونًا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية توفيرًا للجهد والوقت على أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيفًا للعبء على القضاء إلا أن ذلك لا يمس بحق التقاضي الذي يكلفه الدستور في المادة 97 منه ولا ينال منه ذلك أن اشتراط تقديم طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به. وبالتالي فمتى كانت المنازعة الخاضعة لأحكام ذلك القانون قد تعدد أشخاص الطرف الآخر فيها, واتفقت مصالحهم, أو كان موضوعها غير قابل للتجزئة أو لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد, وسبق لأحد أو لفريق منهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق, فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين, واستنفاد هذه المرحلة, سواء بإصدار اللجنة لتوصيتها في تلك المنازعة في الميعاد المقرر لعرضها أو بفوات هذا الميعاد دون عرضها أو إصدار توصية فيها تنقضي سلطة لجنة التوفيق في شأنها بقوة القانون, وينفتح الطريق أمام هؤلاء الأطراف جميعًا للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. لما كان ذلك, وكانت المنازعة محل الدعوى الراهنة خاضعة لأحكام القانون المذكور وقد تعدد أشخاص الطرف الآخر المضرور فيها واتفقت مصالحهم وقد سبق لبعضهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق في المنازعات المختصة قيد برقم 221 لسنة 2002 وإن اللجنة قد نظرت فيه وأصدرت توصية بعدم اختصاصها بنظره, ومن ثم فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيًا وثالثًا وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء إلى تلك اللجنة قبل رفعها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - وهو ما يتسع له وجه النعي - بما يوجب نقضه في هذا الخصوص والإحالة إذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع الدعوى في هذا الشق.
وحيث إن الطاعنين بالبند أولاً ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق, إذ أقام قضاءه بقيام السبب الأجنبي على أن سقوط الشجرة على السيارة كان يستقلها مورثهم - وباقي المجني عليهم - بطريق القاهرة - أسوان السريع, وإصابته بالإصابات التي أودت بحياته, كان حادث مفاجئ لا دخل لهيئة الطرق التي يمثلها المطعون ضدهما بصفتيهما في وقوعه, فضلاً عن أن الشجرة في ذاتها ليست من الأشياء الخطرة بطبيعتها, وقد خلت الأوراق من دليل يقيني على أنها كانت بحسب الظروف والملابسات تنذر بالخطر أو أنها كانت في حالة تسمح عادة بحدوثه, في حين أن الثابت من أقوال شاهديهم أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق كان راجعًا لما أصابها من شيخوخة وهشاشة جذورها, مما ينفي عن الحادث صفة القوة القاهرة, ويعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به من قضاء هذه المحكمة - تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ افتراضًا لا يقبل إثبات العكس متى تدخل الشئ تدخلاً إيجابيًا في إحداث الضرر ولا ترتفع عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه, وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. ولا يعتبر الفعل سببًا أجنبيًا إلا إذا كان خارجًا عن الشئ فلا يتصل بذاتيته, ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث, وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سببًا أجنبيًا ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر سقوط الشجرة فجأة على السيارة التي كان يستقلها مورث الطاعنين وباقي المجني عليهم سببًا أجنبيًا - حادث مفاجئ - مما يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسؤوليتهما كحارسين عليها, مع أن الثابت مما حصله الحكم من أقوال شاهدي الطاعنين أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق السريع كان بسبب هشاشة جذورها لما أصابها من شيخوخة, وأن سقوطها وإن كان لا يمكن دفعه إلا أنه يمكن توقعه والتحرز من حدوثه, فلا يعتبر من قبيل السبب الأجنبي, وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض لهؤلاء الطاعنين وبرفض الدعوى في هذا الشق فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه في هذا الخصوص أيضًا.