جلسة 15 من يوليه سنة 2014

برئاسة السيد المستشار/ يحيى عبد العزيز ماضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي تركي نائب رئيس المحكمة وعلاء الدين كمال, محمود عبد الرحمن وناصر عوض.

(62)
الطعن رقم 15729 لسنة 4 القضائية

(1) دعوى مدنية. بطلان. حكم "بطلانه" "بيانات الديباجة".
إغفال الحكم برفض الدعوى المدنية اسم المدعي بالحق المدني في الدعوى المدنية. لا بطلان. علة ذلك؟
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا للتوقيع على الحكم. مادام موقعًا عليه فعلاً ممن أصدره. توقيعه بتوقيع غير مقروء. لا يعيبه. حد ذلك؟
(3) تهريب جمركي. محكمة دستورية. إثبات "قرائن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل فيما تضمنته من افتراض العلم بالتهريب في حق من وجدت في حيازته البضائع الأجنبية بقصد الاتجار إذا لم يقدم المستندات الدالة على سداد الضرائب المقررة. لازمه: إهدار القرينة القانونية على العلم بالتهريب. القضاء ببراءة المطعون ضده من الاتهام القائم على تلك القرينة. النعي عليه. غير مجد. ما لم يدع الطاعن بصفته أن هناك دليلاً آخر يثبت أن البضائع المضبوطة في حوزته مهربة. أساس ذلك؟
(4) دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية. وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعمال المدعي بالحقوق المدنية حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها. غير جائز. علة ذلك؟
التحدث عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) مصاريف. قانون "تطبيقه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "الطعن للمرة الثانية".
عدم استحقاق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضائه بإلزام وزير المالية بصفته بالمصاريف. خطأ في تطبيق القانون. وجوب تصحيحه دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع. ما دام الطعن للمرة الثانية. أساس وعلة ذلك؟
1 - لما كان النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لإغفاله بيان اسم المدعي بالحق المدني في الدعوى المدنية مردودًا بأن هذا البيان لا يكون لازمًا إلا في حالة الحكم في الدعوى المدنية لصالح رافعها, وأما في حالة الحكم برفض الدعوى المدنية - كما هو الحال في الدعوى - فإن هذا البيان لا يكون لازمًا في الحكم لعدم قيام الموجب لإثباته في مدوناته, وبذلك فلا يكون الحكم مشوبًا بالبطلان لإغفاله إيراد ذلك البيان.
2 - من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون الحكم موقعًا عليه بإمضاء رئيس المحكمة إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصًا لهذا التوقيع ما دام موقعًا عليه فعلاً ممن أصدره وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بصفته, وكون الحكم ممهورًا بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا المنحى يضحى لا محل له.
3 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه أن قوام الاتهام المسند إلى المطعون ضده هو القرينة القانونية الواردة في الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 التي افترضت العلم بالتهريب في حق الحائز للبضائع والسلع الأجنبية بقصد الاتجار إذا لم يقدم المستندات الدالة على سداد الضرائب القانونية المقررة لها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها بتاريخ 2/ 2/ 1992 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1992 بعدم دستورية المادة 121 من قانون الجمارك سالف الذكر وذلك فيما تضمنته فقرتها الثانية من افتراض العلم بالتهريب إذا لم يقدم من وجدت في حيازته البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية المقررة. لما كان ذلك, وكانت المادة 49 من القانون 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم, فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص كأن لم تكن...." مما لازمه أن يكون هذا الحكم وهو متعلق بنص جنائي مترتبًا عليه بالضرورة إهدار القرينة القانونية على العلم بالتهريب التي قام اتهام المطعون ضده على أساسها, ومن ثم فإن ما يتمسك به الطاعن بصفته بات لا جدوى منه إذ صار لا ينال من النتيجة التي خلص إليها الحكم بعد صدور حكم المحكمة الدستورية آنف الذكر؛ لأن الطاعن بصفته لا يدعي أن هناك دليلاً آخر قبل المطعون ضده يثبت في حقه بأن البضائع المضبوطة في حوزته مهربة.
4 - من المقرر أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها, وإنما يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التي وقعت طالبًا تعويضًا مدنيًا عن الضرر الذي لحقه؛ إذ إن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها, هذا فضلاً عن أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن بصفته لم يثر شيئًا بخصوص وصف التهمة فلا يجوز له إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض, فإن ما يثيره نعيًا على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.
5 - لما كانت المادة 18 من القانون رقم 93 لسنة 1994 بشأن الرسوم الجنائية قد نصت على تطبيق قانون الرسوم القضائية المتعلقة بالمواد المدنية في الدعاوى المدنية التي ترفع إلى المحاكم الجنائية ونصت المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية على أنه لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة, فإن الطاعن "وزير المالية بصفته" وقد خسر استئنافه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من براءة المطعون ضده لا يدفع رسومًا. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر في قضائه بإلزام وزير المالية بصفته بالمصاريف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيح الحكم بإلغاء المصاريف بها وذلك عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية ما دام العوار لم يرد على البطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية الجنحة ... بوصف أولاً: - هرب البضائع المبينة الوصف والقيمة بالأوراق دون سداد الرسوم الجمركية المستحق عنها وكان ذلك بقصد الاتجار. ثانيًا: - استورد البضائع المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق محل التهمة الأول دون الحصول على إذن من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 5/ 1, 3, 13, 26, 28, 121, 122, 124, 124 مكرر من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980, والمادتين 1, 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975.
ومحكمة ... للجرائم المالية قضت غيابيًا بتاريخ .... بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسون جنيهًا لإيقاف التنفيذ وألزمته بأن يؤدي إلى الجمارك ستة وثلاثون ألف وستة وتسعون جنيهًا وذلك قيمة التعويض الجمركي المستحق بوقع مثلي الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة على المضبوطات شاملة بدل مصادرة باقي المضبوطات.
عارض المتهم وقضى في معارضته بجلسة .... بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ببراءة المتهم.
فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته وقيد استئنافه برقم ... جنح مستأنف .... ومحكمة مستأنف ... الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت غيابيًا بتاريخ .... بقبول ورفض وتأييد.
فطعن وزير المالية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم ... .
ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة جنح النقض - قضت في .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية.
ومحكمة الإعادة قضت بجلسة .... غيابيًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت وزير المالية بصفته بالمصروفات الجنائية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

لما كان ذلك, وكان النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لإغفاله بيان اسم المدعي بالحق المدني في الدعوى المدنية مردودًا بأن هذا البيان لا يكون لازمًا إلا في حالة الحكم في الدعوى المدنية لصالح رافعها, وأما في حالة الحكم برفض الدعوى المدنية - كما هو الحال في الدعوى - فإن هذا البيان لا يكون لازمًا في الحكم لعدم قيام الموجب لإثباته في مدوناته, وبذلك فلا يكون الحكم مشوبًا بالبطلان لإغفاله إيراد ذلك البيان. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون الحكم موقعًا عليه بإمضاء رئيس المحكمة إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصًا لهذا التوقيع ما دام موقعًا عليه فعلاً ممن أصدره وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بصفته, وكون الحكم ممهورًا بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بصفته في هذا المنحى يضحى لا محل له. لما كان ذلك, وكان الثابت من مدونات الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه أن قوام الاتهام المسند إلى المطعون ضده هو القرينة القانونية الواردة في الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 التي افترضت العلم بالتهريب في حق الحائز للبضائع والسلع الأجنبية بقصد الاتجار إذا لم يقدم المستندات الدالة على سداد الضرائب القانونية المقررة لها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها بتاريخ 2/ 2/ 1992 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1992 بعدم دستورية المادة 121 من قانون الجمارك سالف الذكر وذلك فيما تضمنته فقرتها الثانية من افتراض العلم بالتهريب إذا لم يقدم من وجدت في حيازته البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية المقررة. لما كان ذلك, وكانت المادة 49 من القانون 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم, فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص كأن لم تكن...." مما لازمه أن يكون هذا الحكم وهو متعلق بنص جنائي مترتبًا عليه بالضرورة إهدار القرينة القانونية على العلم بالتهريب التي قام اتهام المطعون ضده على أساسها, ومن ثم فإن ما يتمسك به الطاعن بصفته بات لا جدوى منه إذ صار لا ينال من النتيجة التي خلص إليها الحكم بعد صدور حكم المحكمة الدستورية آنف الذكر؛ لأن الطاعن بصفته لا يدعي أن هناك دليلاً آخر قبل المطعون ضده يثبت في حقه بأن البضائع المضبوطة في حوزته مهربة. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها, وإنما يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التي وقعت طالبًا تعويضًا مدنيًا عن الضرر الذي لحقه؛ إذ إن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها, هذا فضلاً عن أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن بصفته لم يثر شيئًا بخصوص وصف التهمة فلا يجوز له إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض, فإن ما يثيره نعيًا على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا. لما كان ذلك, وكانت المادة 18 من القانون رقم 93 لسنة 1994 بشأن الرسوم الجنائية قد نصت على تطبيق قانون الرسوم القضائية المتعلقة بالمواد المدنية في الدعاوى المدنية التي ترفع إلى المحاكم الجنائية ونصت المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية على أنه لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة, فإن الطاعن "وزير المالية بصفته" وقد خسر استئنافه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من براءة المطعون ضده لا يدفع رسومًا. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر في قضائه بإلزام وزير المالية بصفته بالمصاريف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيح الحكم بإلغاء المصاريف بها وذلك عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية ما دام العوار لم يرد على البطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.